صبر مريم تأمل في قراءات الثلاثاء الموافق 26 أغسطس الموافق اليوم الثالث من النسيء 1730

صبر مريم تأمل في قراءات الثلاثاء الموافق 26 أغسطس الموافق اليوم الثالث من النسيء 1730

صبر مريم

تأمل في قراءات الثلاثاء الموافق 26 أغسطس الموافق اليوم الثالث من النسيء 1730

الأب/ بولس جرس

نص التأمل

حقا كم صبرت يا مريم وكم تحملت في صمت رهيب آلام الوحدة

وكم حاولت ان تتوارين امام نظرات المعيّرين والمحتقرين والمتربصين والمنتقدين

كيف وانت ابنة داود تحملت بصبر أن يرفضك سكان مدينة داود

وكيف وانت الملكة ابنة الملك وأم الملك قبلت ان تحتويك مغارة حيث تأوي الحيوانات

وكيف وانت خير من يعرف قيمة المولود منك قبلت

ان تقمطين بأسمال طفلك السرمدي الجمال وان تضجعيه في مذود بقر

كيف صبرت يا مريم على تحمل هذه الألآم القاسية وحدك

كيف كنت ترتعشين من البرد القارس ساعة الميلاد الرهيبة

فتركت للحيوانات ان تقترب لتدفئكما بأنفاسها اللاهفة وقد استوعبت ما غفل عنه البشر

كيف استقبلت الرعاة بملابسهم الرثة وايديهم الخشنة يتلمسون وليدك الإلهي

كيف قابلت المجوس الغرباء واستقبلت هداياهم ذات المغزى العميق

بينما تجاهلك شعبك ومدينتك وعشيرتك وأهل بيتك

كيف ختنت الصبي وسال الدم الإلهي مبكرا لإتمام الناموس وانت تعرفين انه سيد الناموس

وكيف استمعت بعد بشارة الملاك السارة إلى بشارة الشيخ سمعان:

” وانت سيجوز سيف الأوجاع في قلبك”، كم بكيت لطفال بيت لحم اول الشهداء باسم ابنك

كيف سرت مع يوسف نحو أرض العبودية في مصر وصبرت على تطاول المصريات عليك

وكيف قبلت اصلا ان تفري وانت ام القادر ان يستدعي جندا من السماء ليدافعوا عنه

وكيف جلت يا مريم في أرجاء ارضنا المصرية التي بابنك وبك بوركت إلى الأبد

تهربين من العريش إلى اقاصي الصعيد بجبل درنكة محتملة الغربة ومشاق السفر

ثم كيف صبرت على عيش الفقر والفاقة في الناصرة وانت ام صانع الخيرات

وكيف استسغت ان يكون دور ابنك المعظم دور الذبيحة وهو الإله وحده

وكيف صبرت عليهم وهم يعرونه من ثيابه وبالشوك يكللونه وبالسوط يجلدون صانعهم

وما صبرك يا اماه على وقع المسامير القاسية تدق في يديه وقدميه وانت واقفة تنظرين

لقد صبرت بقوة وشمم وإباء ليس لهم في التاريخ لهم نظير يا مريم

حقا إنك لقوية الشكيمة ماضية العزيمة فائقة القدرة على الصبر والتحمل

ما لم تحتمله للحظة يا مريم هو رؤية بنيك في عوز وحرج في عرس قانا الحليل

لحظتها سارعت بالتدخل يا ام :” ليس عندهم خمر”

وما كان لوليد بطنك وابن احشائك البتولي غير الدنس ان يرد لك طلبا

حتى لو لم تكن ساعته حينها قد جاءت

ها قد جاءت الساعة يا مريم بشفاعتك يا شفيعة صبورة

فعلمينا صبرك كي ننال من شفاعتك.