مريم أمّ النعمة الإلهية:  تأمل في قراءات الإثنين الأول من سبتمبر الموافق الرابع من توت 1731

مريم أمّ النعمة الإلهية: تأمل في قراءات الإثنين الأول من سبتمبر الموافق الرابع من توت 1731

مريم أمّ النعمة الإلهية

تأمل في قراءات الإثنين الأول من سبتمبر الموافق الرابع من توت 1731

الأب/ بولس جرس

ا

نص التأمل

سألني بعض من الشباب الملتف حولي إبّان إحدى اللقاءات التي حضرتها

ما الأصح أن يُقال: الممتلئة نعمة أم المنعم عليها كما يحلو للبعض ان يترجمها؟

فسألتهم بدوري ما مغزى العبارة؟ هل تتحدث عن شيء آخر غير النعمة التي نالتها مريم؟

قالوا كلا…قلت إذن ما الهدف من الحوار؟ نحن نتكلم عن نعمة فما تعريف النعمة؟

كلمة النعمة في الأصل اليوناني)  x a p i s ” (خاريس) وتعني عطية مجانية”

كإسداء معروف أو إحسان إلى معوز أو محتاج.

وهكذا من إحسانات الله علينا نحن الخطأة أنه أنعم لنا بالخلاص

لهذا يقول بولس الرسول “لأنكم بالنعمة مخلصون بالإيمان وذلك ليس منكم هو عطية الله (أفسس2 :8)

وعن نعمة تبريرنا مجانا قال “متبررين مجاناً بنعمته بالفداء الذي بيسوع المسيح” (رومية 24:3)

وقد علق على ذلك القديس أغسطينوس قائلا “بدون نعمة المسيح لا يمكن لصغير أو كبير أن يخلص،

وهذه النعمة لا تعطى مقابل أي شيء وإنما هي عطية مجانية

النعمة إذن هي عطية مجانية من الله بلا مقابل ولا يشترط حتى ان تكون عن استحقاق

فإذا كانت النعمة هي إشراك الإنسان من قبل الثالوث الأقدس في الحياة الإلهية

فإن هذا الإشراك العجيب في الطبيعة الإلهية لا يتمّ

إلا عن طريق استحقاقات المسيح وعمل الروح القدس؛

فبعمل الروح القدس تجسد ابن الله في أحشاء مريم العذراء

وبعمله يصير الإنسان بسر المعمودية المقدس

ابناً لله بالتبني وأخاً للمسيح وعضواً في جسده السري.

فإذا كانت مريم كما ناداها الملاك منعم عليها فالله هو مصدر النعمة

وحتى إذا وصفت بالممتلئة النعمة يظل الله نفسه

مصدر النعمة من البداية حتى الامتلاء فأين الخلاف؟

والنعمة نوعان:

أولا: النعمة المبررة:

وهي صفة حقيقية يفيضها الله مجاناً بطريقة ثابتة

في النفس المؤمنة فيصبح الإنسان ابناً لله ووارثاً له

ثانياً” النعمة الفعلية:

وهي عضد خاص من الله يهبنا اياه مجانا لنصنع الخير ونجتنب الشر.

اما فيما يخص مريم فهي ابنة الآب أم الابن الكلمة وعروس الروح القدس

فحيث ان مريم هي الابنة البكر لله الأب…

وهي التي لم تتدنس بالخطيئة قط…

وهي التي ملأها تعالى نعمة منذ براها…

وهي من زينها بملء الفضائل وكللها بالقدرة…

وهي من قال لها الملاك قدرة العلي تظللك

لذا يحييها الملاك قائلا: “…يا ممتلئة نعمة.”

كذا من المهم ألا ننسى أن مريم هي أم يسوع الكلمة الأزلية المتجسد منها:

والرب يسوع هو مصدر النعمة الذي من ملئه أخذنا جميعا

فحيث يسوع هناك مريم وحيث مريم هناك يسوع:

“والنعمة والحق بيسوع قد حصلا” (يوحنا1: 17).

وختاما يجب ان نعترف إن مريم هي عروس الروح القدس

ذاك الروح الذي “به أفيضت محبة الله في قلوبنا” (روميه 5: 5)

فأصبحت مريم ربيبة الروح قناة النعم وأم النعمة الإلهية

فلا غرو إذن اننا عن طريق مريم ننال كل نعمة…

فمريم هي أمنا التي وهبنا إياها يسوع من فوق صليبه

في شخص تلميذه الحبيب: “يا يوحنا هذه أمك…”

فمن البديهي أن يكون من حقِّ مريم بل من واجبها كأم أن تسعى لخلاصنا

بما لديها من نفوذ وشفاعة عند الثالوث الأقدس

وهي الأم المثالية التي تجلت فيها الأمومة بكل كمالها…

نستطيع بالتأكيد أن ندعوها بكل ثقة

” يا أم النعمة الإلهية صلي لأجلنا”