مضطهدين نعم لكن فرحين مهللين

مضطهدين نعم لكن فرحين مهللين

تأمل في إنجيل اليوم

لوقا 21 : 12 – 19:

الإثنين 2  سبتمبر

الأب بولس جرس

“وقبل هذا كله يلقون أيديهم عليكم ويطردونكم ، ويسلمونكم إلى مجامع وسجون ، وتساقون أمام ملوك وولاة لأجل اسمي فيؤول ذلك لكم شهادة فضعوا في قلوبكم أن لا تهتموا من قبل لكي تحتجوا لأني أنا أعطيكم فما وحكمة لا يقدر جميع معانديكم أن يقاوموها أو يناقضوها  وسوف تسلمون من الوالدين والإخوة والأقرباء والأصدقاء ، ويقتلون منكم  وتكونون مبغضين من الجميع من أجل اسمي  ولكن شعرة من رؤوسكم لا تهلك ، بصبركم اقتنوا أنفسكم “

أعتقد أنه النص المناسب والمتناسق مع ما نعيشه في هذه الأيام التى:

يطلق الرصاص فيها بالهوية،

تهجر فيها عائلات كاملة من قراها ومدنها،

يُصلًب على البيوت والمتاجر ومقار الأعمال الخاصة تمهيدا لسلبها وحرقها وتدميرها

يخطف الأولاد وتغتصب البنات،

تحرق فيها الكنائس وتسلب وتقتحم حرمات المنازل .

إنه واقع مرير يعيشه أهلنا من بسطاء القوم في قرى الصعيد ومدنه ونجوعه، واقع يومي لعديد من الأسر التي باتت وأصبحت لا تعرف الأمن وتفتقد إلى الراحة والسلام بل إلى الطعام والشراب، ونحن عنهم (كنيسة ومؤسسات) غافلون متخاذلون صامتون عاجزون قابعون في أمان مواقعنا الحصينة ورخاء عيشنا المؤمّن وطراوة تكيفات مكاتبنا الفخمة لا نجرؤ حتى على مجرد الكلام والإعلان، ناهيك عن الإدانة والتنديد بما يحدث تحت نظر ورؤية جهات الأمن والشرطة والجيش … بدعوى مصالح الدولة العليا.لكنهم في ضعفهم ومزلتهم مازالوا صامدين، يعلموننا معنى الحب الحقيقي لشخص يسوع، ويلقنونا أعمق الدروس في ماهية التمسك الفعلى وليس اللفظي.  إنهم يسطرون استشهادا يوميا لا ينقصه الألم ولا يغيب عنه الدمع ولا يقل في شيء عن سفك الدم

وما هذا كله بكثير على المسيح ولا جديد على الكنيسة عبر عصورها المديدة…

الجديد هو صمتنا وسكوتنا وخنوعنا بل تهربنا من المسؤولية،  مسئولية رعاة سلمهم الرب رعاية قطيع فتركوه للمذلة والهوان وسلموه ليد الذئاب تفترسه وتبدده . وهو واقع إن آلمنا وأدمع عيوننا وأدمى قلوبنا فلن يهزنا ولن يضعف إيماننا ولن يزعزع ثقتنا “لأننا نعرف بمن نؤمن”. فالمسيح لم يخدعنا ولم يزيف ولم يعد بغير الحقيقة، إنه لم يدعو اتباعه إلى جنات تجري من تحتها المياه بين الحدائق والزهور…  لقد سبق فحذرنا قبل أن يدعونا “ستأتي ساعة يظن فيها من يقتلكم أنه يقدم لله قرباماً”  أفلا يكبرون وهم يسلبون ويحرقون ويقتلون!!!

 وبرغم علمنا المسبق بما سنلقى وبرغم تحذيراته  العديدة والمتكررة، فمازلنا نتبعه ونؤمن به ونصدقه ونسلمه حياتنا ونترك كل شيء ونتبعه،  بل نقول مع بولس ” أعد كل شيء خسراناً لأربح المسيح” حقا إن كل ما نلقى من عنت وتعسف واضطهاد  لا يعني لنا شيئا بل يزيدنا حباً للمسيح  وإيمانا به واتباعا له بكامل الحرية وملء الاقتناع  نسير خلفه  في صمت حاملين الصليب  حبنا له  ونعلنها للعالم أجمع من تحت ثقل الصليب ومن بين ألسنة لهب الكنائس المشتعلة ومن أطلال منازلنا المقتحمة والمسلوبة: نحن على حبك قائمون وبإيماننا متمسكون وعلى عهدنا ثابيون وعلى كل ما يصيبنا صابرون. و في أمل ورجاء لا يزول  نمضي في طريق الجلثلة  فرحين مهللين.

الصلاة اليوم موجهة إلى كل من يتألم في سبيل المسيح لاسيما أبناء الكنيسة في الصعيد