من هم الأقباط الكاثوليك؟

من هم الأقباط الكاثوليك؟

الأب إسطفانوس دانيال جرجس

خادم مذبح الله بالقطنة والأغانة – طما

تعالوا يا أحفاد الفراعنة… تعالوا يا أبناء القديس مرقس الإنجيليّ…أجدادكم إكليمنس وأوريجانيوس وديديموس وأثناسيوس وكيرلس… أنطونيوس وبولا وباخميوس ومكاريوس…. تعالوا يا جمهور كنيسة الإسكندرية للأقباط الكاثوليك… لنتعرف على تاريخ كنيستنا…. حين ننبش فيه نجد رجال الله الأمناء على قطيع يسوع المسيح… حين نقرأ سير حياتهم ننتعش روحيا… تلهمنا الغيرة الرسولية…. تتقد حياتنا الروحية… نشتاق للأبديات….

قبل أن أخوض في أعماق التاريخ القبطي الكاثوليكي وفي وثائقه ومصادره، علّني أستطيع أن أظهر صفحة من أنصع صفحات التاريخ إن الأقباط الكاثوليك هم من تراث تراب مصر حتى النخاع، هم من همشهم التاريخ في كل جيل، فالأقباط الكاثوليك هم من أصل هذا الوطن الأصيل والعريق، حين أقرأ مخطوطة أو وثيقة تخص كنيستي الغالية القبطية الكاثوليكية أغوص في عمق أفكاري…. وأشكر الله على نعمة الكثلكة… ولكن يختلف بي الأمر حين تقع بين يديّ صورة قديمة فعينيّ التي كانت تقرأ كلمات على ورق مخطوط أو وثيقة…. تري نجوم سطعت في سماء تاريخ كنيسة الإسكندرية للأقباط الكاثوليك…أشخاص ضحوا بحياتهم من أجل الكاهن الأعظم وكنيسته.

أكثر من رائع أن يكون تاريخ الأقباط الكاثوليك، موثق ببرديات أو وثائق أو مخطوطات أو صور تاريخية. أجمل وأروع تاريخ الأقباط الكاثوليك، في طيه ذخائر لا تقدر بأيّ ثمن، وفيه فحواه شخصيات تركت بصمات لا تمحي، وفي وثائقه حقائق لا يقدر أيّ إنسان يمحيها عبر المحن والأزمات، ما أجمل كنيستي القبطية الكاثوليكية أعشق إيمانها الأصيل، أتلذذ بتاريخها المفرح لكل جيل، حين أكتشف صورة قديمة تجمع رؤسائها الكرام أنحني إجلالا بكل كياني لآخذ بركة هؤلاء الأشخاص الذين أحبوا هذه الكنيسة حتى النفس الأخير من حياتهم. هم يعتزون ويفتخرون بعدة حوادث كقدوم العائلة المقدسة إلى القطر المصري هربًا من اضطهاد ملك اليهود الذي كان يريد قتل الطفل يسوع، تأسيس كرسي الإسكندرية بدم القديس مرقس الإنجيلي تلميذ هامة الرسل بطرس الرسول، النشاط الفكري لمدرسة الإسكندرية، تأسيس الرهبنة التي وجدت في أرض مصر مهدا لنشأتها وترعرعها.

أولا: ما هو جنسهم؟

عرفت مصر منذ العصر اليوناني باسم ايجوبتوس وربما كانت كلمة ايجوبتوس التي أشير بها إلى مصر كلها مشتقة من”حت- كا – بتاح” أي من اسم معبد الإله بتاح، على اعتبار إنه الإله الخالق وإله العاصمة منف في نفس الوقت. وربما تشير إلى الماء الأزلي الذي برزت منه الأرض أو فيضان النيل. وربما تكون ايجوبتوس كلمة لاتينية الأصل أو يونانية الأصل، وقد ذكرت هذه الكلمة في أشعار هوميروس واستعملها الإغريق والرومان إشارة إلى مصر. ومن هذه الكلمة اشتقت اللغات الأوربية الكلمات التي تستخدمها إشارة إلى مصر مثل Egypt، Egitto، Agypten…وقد ظهرت كلمة ايجوبتوس قبل مولد المسيح بعدة قرون مما يرجح أن كلمة القبط اشتقت لغويا من ايجوبتوس، أو من حت- كا- بتاح. أي أن الهيروغليفية حي-كأ-بتاح(حي كوبتاح) كوبتاح كوبط قبط، ومن الهيروغليفية حي كوبتاح يُشتق أيضًا في اللغة اليونانية “أيجيبتوس”أي مصر” والصفة منه أي “مصري”.

وقد خفّفها الأقباط إلى جيبتيوس، قبطيوس في السلالم البحرية والصعيدية. ومنذ الفتح العربي لمصر في سنة 641 استخدمت كلمة “قبط” تسمية لأهل مصر الأصليين وكلّهم من المسيحيين. وفي كتاب:«تاريخ الشيخ أبي صلح الأرمني تذكر فيه أخبار من نواحي مصر وأقطاعها»، طبع في المطبعة المدرسية في مدينة أوكسفرد، 1893، يسرد الآتي:«واسم مصر باليوناني جبت وبالرومي الفرنجي بابليون القلعة». ويقول المتنيح مثلث الرحمات الأنبا كيرلس الثاني مقار بطريرك كنيسة الإسكندرية للأقباط الكاثوليك في محاضرة ألقاها يوم السبت الموافق 27 يناير لسنة 1900، الساعة الثالثة بعد الظهر، بالجمعية الجغرافية، بسراي المحكمة المختلطة بالقاهرة، وسبب إلقاء هذه المحاضرات بشأن السيزاريوم الذي عثرت على أثاره الأمة القبطية الكاثوليكية لدى حفر أساسات كنيستنا البطريركية الجديدة بثغر الإسكندرية: «إن علماء أوربا يتساءلون من عهد طويل عن معنى كلمة قبطي وعن الصلة التي بين الأقباط وبين أعصر مصر الحالية وقد ذهب البعض إلى أنها مشتقة من كوبتوس وهو اسم لمدينة في الوجه القبلي لجأت إليها أسلافنا في عهد الانشقاقات الدينية التي حدثت بعد ديسقورس ويرى فريق آخر أنها مشتقة من كلمة كوبتو باللغة اليونانية ومعناها قطع زاعمين أن أسلافنا لم يدعوا بهذا الاسم إلا من تاريخ الهرطقة الأتيوخية التي في عهدها انفصلوا عن المجمع الخلقدوني وهذان التعريفان أيها السادة فضلاً عما فيهما من الأحجاف بحقوقنا الجنسية والعبث بشرف الأمة فإنهما لا ينطبقان على الحقيقة لأنهما مبنيان على لفظ محرف في أصل الاسم وسبب ذلك هو أن الأوروبيين اعتادوا على أن كوبت مع أن صحة اللفظ جيبت وهو ايجيبتوس وقد كان سكان مصر في عهد الفتح الإسلامي مختلفي الأجناس فبعضهم وهم جالية اليونانيين كانوا يتكلمون اليونانية والبعض الآخر القبطية وهم سلالة المصريين القدماء فرجال هذا الفتح أرادوا لداع سياسي إبقاء هذا الاسم جيبتيس أو مصريين للدلالة على الأقباط ودعوا اليونانيين بالأجانب أو أبناء المملكة يعنون بذلك المملكة اليونانية التي كانت الحرب لم تزل قائمة وقتئذ بينها وبين المسلمين وقد دام هذا الإمتياذ للأقباط على ممر الأيام بل زاده مرور الزمن شأنا وتأبيدًا.

هذه هي حقيقة اسم قبطي أو جيبت (مصري) وهو الاسم الذي دعيت به الفراعنة الذين شادوا الأهرام وأول من أسسوا دعائم الحضارة والعمران ووضعوا الشرائع والأحكام وهذا الاسم قديم يتصل منشأه بأوائل زمن التاريخ ولم ينشأ من عهد حديث ولا علاقة قط بهرطقة ديسقورس. وإذا كانت رجال الفتح الإسلامي قد جردوا النزلاء اليونانيين من حق التسمي باسم جيبت مصري فما ذلك، ولا ريب لسبب ديني وإنما هو لغرض سياسي محض. فنحن معشر الأقباط أيها السادة نفاخر اليوم بهذا الاسم الجليل ولكن من موجبات الأسف وبواعث الكدر لم يبق لنا من مجد أسلافنا سواه فالأمة إذا نظرنا لتعدادها نجده نقص نقصًا هائلاً حتى صار عددها لا يذكر إذ أمسى نصف مليون فقطفي جميع أقطار أبائنا فلا عجب إذا أزرفنا الدمع بذهننا هذا الفكر الأليم وكيف لا ينقبض الفؤاد أسى لما نرى أن عظمة أسلافنا لم يبق منها ولا الأثر ونتصور أن مجد البطاركة قد زال وأن علوم الحكماء قد اندثرت وفضيلة النساك صارت أوهامًا أو أضغاث أحلام».

والأقباط هم شعب أبيض من شعوب البحر الأبيض المتوسط من النوع الذي يميل لون البشرة للناس فيه إلى الاسمرار قليلاً. ويقول الدكتور الأب جورج شحاته قنواتي الدومنيكاني:«إن لمصر أقدم تاريخ في العالم الحضاري. وقد ترتقي فيها الحضارة إلى أيام الفراعنة بناة الأهرامات والهياكل وقد تلاحقت عليها سلسلة من الحضارات، فرعونية، ويونانية، ورومانية، وفارسية بدون أن تفقدها نزعتها الدينية العميقة».

ثانيًّا: بمن لقبهم التاريخ الكنسي؟

إن أبناء القديس مرقس الإنجيلي لقبوا على مدار التاريخ الكنسي بعدة ألقاب قبل انعقاد مجمع خلقدونيا المنعقد سنة 451 لقبوا بكنيسة مار مرقس أو كنيسة الإسكندرية أو كنيسة مصر أو الكنيسة القبطية وقبل أن أخوض في أعماق التاريخ وفي وثائقه ومصادره، علني أستطيع أن أظهر صفحة من أنصع صفحات التاريخ إن الأقباط الكاثوليك هم من تراث تراب مصر حتى النخاع، هم من همشهم التاريخ في كل جيل، فالأقباط الكاثوليك والملكيين البيزنطيين دعيوا ملكيون ومن هنا نستلهم من شهادة المؤرخ إيفاغرس, ومن أهل القرن السادس, أن أصل تسمية الملكيين الخاص بالمصريين (الأقباط الكاثوليك) أو الملكيين البيزنطيين وتم وضعه سنة 460 من خلال الملك ليون (457-474), سميت الكنيسة الرومانية بمصر بالكنيسة الملكية ومعناه الذين ينحازون إلى الملك (راجع, بتشر, «تاريخ الأمة القبطية وكنيستها», المجلد الثاني, تعريب, القاهرة,1901، ص94). ومن هنا جاءت تسمية الملكيين, واستمروا يحافظون علي قرارات المجمع المسكوني الخلقدوني 451, وأصبح البطريرك الملكاني ممثل لمذهب الطبيعتين (راجع، نيفين عبد الجواد، «أديرة وادي النطرون دراسة أثرية وسياحية»، القاهرة، 2007، ص 47), فلذلك جعلوهم خلقدونيين وملكيين أي أتباع الملك احتقارا وازدراء (راجع، ميشيل عساف(الأرشمندريت)، «السنكسار المشمل على سير القديسين الذين تكرمهم كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك على مدار السنة»، الجزء11، يوم 11 آذار، المطبعة البولسية، لبنان، 1947، ص20), وقد دعيوا المصريون الخاضعون لبابا رومية(راجع، بردية تحمل رقم 26/A، مساحتها 7و17سم × 2و18سم مكتوبة باللغتين اليونانية والعربية، بدار الوثائق والكتب القومية بالقاهرة)، وأيضًا بالأقباط الكاثوليكيين التابعين لكرسي القديس بطرس الرسول القائل عن المسيح انه إله تام وإنسان تام معا بلا اختلاط و بلا امتزاج وبلا استحالة و بلا افتراق (راجع، الميكروفيلم رقم 48171، « المصباح اللامع في ترجمة المجامع»، مخطوط 463 لاهوت، بنفس الدار)، وأيضًا دعيوا قوم من الإسكندرية قبلوا قرارات المجمع الخلقدونيّ (راجع، الميكروفيلم رقم 46657، «أخبار المجامع»، مخطوط 222 لاهوت، بنفس الدار) وأيضًا المصريون الملكيون(راجع، المخطوط الفاتيكاني اليوناني رقم 2282(1207)). نصارة الكاثوليكيين الخاضعون للكرسي الرسوليّ(راجع، الميكروفيلم رقم 41562، «أبى محمد عبد الله بن القاضي»، شروط النصارى، مخطوط 4313تاريخ، بنفس الدار) وأيضًا الكنيسة القبطية الملكية(راجع، مخطوط في المكتبة الأهلية بباريس رقم 200-201) وأيضًا الأقباط المتحدون بالكرسي الرسوليّ (أستريون أرجيريو، «المسيحيون في العصر العثماني الأول، المسيحية عبر تاريخها في المشرق»، مجلس كنائس الشرق الأوسط، بيروت، 2001، ص623) وأيضًا الأقباط التابعون لبابا روما وهو كبير الملة العيسوية في الدين(راجع، جريدة الوقائع مصرية، الصادرة بتاريخ يوم الأربعاء الموافق 15رمضان 1245هجرية (1828)).

وقد ذكر القلقشنديّ أيضًا أن الملكانيين: « منسوبون إلى مركان قيصر أحد قياصرة الروم، وإن الملكانية هم أتباع ملكان الذي ظهر ببلاد الرومان وكان يدعو إلي مذهب الطبيعتين وقيل أنهم سموا بذلك نسبة إلي مركان أحد قياصرة الرومان لأنه كان يقوم بنصرة مذهبهم فقيل لهم مركانية ثم عرب الاسم إلي ملكانية ومن ثم عرف أتباع الكنيسة البيزنطية باسم الملكانيين وذلك بعد الفتح العربي لمصر ويقال إن العرب أطلقوا عليهم هذا الاسم لأتباع أصحاب مذهب الإمبراطور وفي هذا الاسم مشتق من كلمة ملك العربية» ( راجع، أحمد بن علي القلقشنديّ، «صبح الأعشى في صناعة الإنشا»، الجزء13، تحقيق يوسف علي طويل، دار الفكر، دمشق، 1987، ص279) وسمّاهم القاضي عبد الجبار بن أحمد بن عبد الجبار الهمذاني الأسد أبادي:«أهل دين الملك» (راجع، القاضي عبد الجبّار، «المغني في أبواب التوحيد والعدل»، تحقيق محمد الخضيري، الجزء الخامس، الدار المصرية للتأليف والترجمة، د. ت، القاهرة، ص81).

وقال الخوارزمي: «هم المنسوبون إلى ملكاء، وهم أقدم النصاري»( راجع، عبد الله الخوارزمي، «مفاتيح العلوم»، إدارة الطباعة المنيريّة، القاهرة، 1921، ص23). وسمّاهم ابن خلدون في كتاب العبر«أهل الأمانة» (راجع، عبد الرحمن عبد الرحمان ابن خلدون، «العبر وديوان المبتدإ والخبر في أيام العرب والعجم»، دار الكتاب اللبناني، بيروت، د. ت، الجزء الثالث، ص444-445). وقيل «إن الملكانيين منسوبون إلى “ملكا”، ومعناه الملك بالسريانية والمراد بهم أتباع مذهب قياصرة الروم الذي يُسمّي أيضًا المذهب الخلقدوني الذي أقرّه المجمع المعقود في خلقدونية سنة451»(راجع، أبو عثمان عمر بن بحر الجاحظ، «رسائل الجاحظ في الرد على النصاري»، المجلد الثاني، الجزء الثالث، تحقيق عبد السلام محمد هارون، دار الجيل، بيروت، 1991، هامش ص310) ولذلك عرف مذهب الطبيعيتين بالمذهب الملكي أو المرقياني نسبة إلى الإمبراطور مرقيان(محمود محمد الحويرين(دكتور)، «مصر في العصور الوسطي، من العصر المسيحي حتى الفتح العثماني»، الطبعة الثانية، القاهرة، 2002، ص38). وأيضًا يقول موفق الدين أبي العباس:« مذهب الروم المعروفين بالملكية»(راجع، موفق الدين أبي العباس أحمد بن القاسم بن خليفة بن يونس السعدي الخزرجي، « عيون الأنباء في طبقات الأطباء»، شرح وتحقيق الدكتور نزار رضا، منشورات دار مكتبة الحياة – بيروت، د.ت، ص153). ويسميهم أيضًا: «هم المسيحيون الذي خضعوا للمجمع الخلقدوني الذي انحاز إليه الملك مرتيانوس ولغتهم الطقسية اليونانية والعربية» (راجع، «المرجع السابق»، ص540). وقد لقبوا بالملكيين القائلين بالطبيعتين والمشيئتين (راجع، اسكندر صيفي، «المنارة التاريخية في مصر الوثنية والمسيحية»، القاهرة، 1924، ص205).

وعرف أتباع الكنيسة البيزنطية في مصر بعد الفتح العربي باسم الملكيين أو الملكانيين من الكلمة العربية ملك وذلك لإتباعهم مذهب الإمبراطور (راجع، سيدة إسماعيل كاشف(الدكتورة)، «مصر الإسلامية وأهل الذمة»، تاريخ المصريين=57، القاهرة، 1993، ص51و52). وفي سنة 1089 يكتب بطريرك أنطاكيا يوحنا السابع أن الملكيين هم الذين يدينون بالمشيئتين والطبيعتبن (راجع، أسد رستم (الدكتور)، «كنيسة مدينة الله أنطاكية العظمي»، مجموعة الدكتور أسد رستم=21، الجزء الثاني، منشورات المكتبة البولسية، لبنان، 1988، ص60و61). أما أتباع الكنيسة البيزنطية فقد عرفوا بعد الفتح العربي باسم الملكانيين نسبة إلى كلمة “ملك” وذلك لاتباعهم مذهب الإمبراطور القائل بالطبيعتين(راجع، هويدا عبد العظيم رمضان، «المجتمع في مصر الإسلامية من الفتح العربي إلى العصر الفاطمي»، الجزء الأول، القاهرة، 1994، ص54).

 ويقول الخوري جرجس فرج صفير: «وقد روت التواريخ أن عمر ابن الخطاب عندما افتتح مصر وجد فيها زهاء 7 ملايين من المسيحيين منهم300000 ألف ملكيون وهم الكاثوليكيون وقد سموا ملكيين بسبب تمسكهم بدين الملوك الكاثوليكيين»(راجع، جرجس فرج صفير(الخوري)، «الكنيسة الجامعة ألفه أحد أبناء الكنيسة الكاثوليكية ردًّا على كتاب صخرة الشك وجواب الكنيسة الأرثوذكسية»، طبع بأورشليم في دير الآباء الفرنسيسكانيين، 1888، ص157). ويكتب يحي بن سعيد بن يحي الأنطاكي: «من النصارى الملكية أو الملكانية وهو المتواتر في الكتب بإحدى الفرقتين الدينتين اللتين نشأتا في مصر المسيحية قبل الإسلام. وكان قيامهما نتيجة الخلاف المذهبي الذي قام بها سائر وبسائر بلاد الدولة الرومانية الشرقية حول طبيعة المسيح وجوهره ومشيئته وأقنومه. وتسمّي الفرقة الثانية باليعقوبية نسبة إلى أحد زعمائها وهو يعقوب البرادعي الراهب»(راجع، يحي بن سعيد بن يحي الأنطاكي، «تاريخ الأنطاكي المعروف بصلة تاريخ أوتيخا»، وحققه وصنع فهارسه أستاذ دكتور عمر عبد السلام تدمري، طرابلس – لبنان، ص1990، ص24) ، ويكتب أيضًا: «والملكية على مذهب الكاثوليك وهو المذهب الذي اعتنقته روما وقرّره مجمع خلقدونيا سنة 451 الذي حضره الملك فسمّي المذهب الملكاني» (راجع، «المرجع السابق»، حاشية4، ص253).

ويكتب المؤرخ البيزنطي الشهير بروكوبيوس: أن بعد سنة 451 انقسمت الكنيسة في مصر إلى فريقين أصحاب الطبيعة الواحدة وعرفوا باليعاقبة، وأصحاب الطبيعتين وعرفوا بالملكانيين(راجع، بروكوبيوس، «التاريخ السري القرن السادس الميلادي»، ترجمة صبري أبو الخير سليم، عين للدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية، القاهرة، 2001، ص47). وأيضًا يسرد الدكتور السيد عبد العزيز سالم: «وينقسم المسيحيون في الإسكندرية إلى طائفتين: اليعاقبة والملكيين»(راجع، السيد عبد العزيز سالم(الدكتور)، «تاريخ الإسكندرية وحضارتها في العصر الإسلامي»، الإسكندرية، 1982، ص44). وكان في مصر زمن الفتح العربي طائفة الروم الملكانيين وطائفة اليهود. وكذلك عدد من الأقباط يدينون بالمذهب الملكاني أو الخلقدوني(راجع، سيدة إسماعيل كاشف(الدكتورة)، «مصر الإسلامية وأهل الذمة»، تاريخ المصريين=57، القاهرة، 1993، ص52).

وفي الربع الأخير من القرن السادس أطلقوا على الكنيسة الأم الكاثوليكية اسمًا جديدًا شاع في هذه الفترة هو الكنيسة الملكية أيّ أنها كنيسة الملك(راجع، أسد رستم(الدكتور)، «كنيسة مدينة الله أنطاكية العظمي»، مجموعة الدكتور أسد رستم=20، الجزء الأول، منشورات المكتبة البولسية، لبنان، 1988، ص389). وقد سميوا في اللغة العربية الملكانيين نسبة إلى ملك بيزنطة. وأيضا سميوا بالملكيين الكاثوليكيين(راجع، فيليب فارج ويوسف كارباج، «المسيحيون واليهود في التاريخ الإسلامي العربي والتركي»، ترجمة، سينا للنشر=3، القاهرة، 1994، ص20)

 ونستنتج من كل هذا التأريخ هو انقسام كنيسة الإسكندرية إلى قسمين: القسم الأول وهم الملكيون وهم مصريين وأروام واليعاقبة وهم أقباط وأحباش، بالإضافة إلى ذلك كان يوجد في الديار المصرية اليهود والسريان والأحباش والأرمن والنوبيين(راجع، «المرجع السابق»، ص53) وأيضًا دعيوا بالأقباط الكاثوليك المرتبطين بروما (راجع، ادوارد ويكن، «أقلية معزولة»، ترجمة، القاهرة، 1999، ص27) وأيضًا دعيوا كنيسة مسيحي مصر الملكانية(راجع، فاطمة مصطفي عامر(دكتورة)، «تاريخ أهل الذمة في مصر الإسلامية من الفتح العربي إلي نهاية العصر الفاطمي»، الجزء الثاني، القاهرة، 2000، ص307) وأيضًا دعيوا المصريون الخلقدونيون دعوا ذاتهم مسيحيين قبطيين ودعوا بالإيمان القويم ملكيين(راجع، الكسندروس(المطران)، «تاريخ الكنيسة المسيحية»،طرابلس، لبنان، 1964، ص276) وأيضًا دعيوا طايفة الأقباط الكاثوليك(راجع، «3/ج الطوائف والجاليات الأجنبية، الكود الأرشيفي 008192- 0075» رقم المحفظة 4، الوثائق 8، بنفس الدار) الكنيسة القبطية الكاثوليكية(راجع، «3/د مجلس الوزراء، الطوائف والجاليات الأجنبية»، المجموعة 155، الكود الأرشيفي 008257- 0075، بنفس الدار) .

وفي دار المحفوظات القومية بالقاهرة نجد عدة وثائق قبطية كاثوليكية تحت بند طوائف وجاليات، وأخذ الكتّاب المسلمون وأيضًا المؤرخون وبالأخص الرحالة حين يسطرون تاريخ الأقباط الكاثوليك يربطون تاريخهم ومعتقداتهم بمعتقد الكرسي الرسولي الروماني وبسب ارتباط الأقباط الكاثوليك بروما أخذ الكتّاب يضعون الأقباط الكاثوليك كجالية أجنبية حتى لقبت الأقباط الكاثوليك في ذلك الحين بالأقباط الفرنجة، وكنائسهم بكنائس الفرنجة، ومازالت هذه الألقاب في أذهان الكبار في السن في قري الصعيد. وقد قدر بعض الكتّاب حتى قال البلوي المغربي الذي زار مصر سنة 1336 أنه رأي بها أناسًا كثيرين من مختلف الأجناس حتى قدر بعض الكتّاب في مدينة الإسكندرية في أوائل القرن الرابع عشر ثلاثة آلاف تاجر مسيحي يدينون أغلبهم بالمذهب الكاثوليكي(سعيد عبد الفتاح عاشور(الدكتور)، «المجتمع المصري في عصر سلاطين المماليك»، القاهرة، الطبعة الثانية، 1992، ص61و62)

 ولكن في قرون متأخرة بدأت الحكومة المصرية تلقب المصريين الخلقدونيين بالأقباط الكاثوليك وهذا ما وقع بين أيدينا في دار الوثائق القومية بالقاهرة فمثلا وجدنا هذه الأسماء في مخطوطات هذه الدار فالاسم يحمل ملّة كمثال:«المعلّم جرجس شحاتة النجار ميخائيل النصراني القبطي الكاثوليكي والمعلم أيوب أنطونيوس شحات سمعان النصراني القبطي الكاثوليكي والساكن بدرب الجنينة» الشيخ علي الخطيب يميز بين القبطي الكاثوليكي والروم الكاثوليكي كمثال«جرجس قطاع ناحوم النصراني الرومي الكاثوليكي»( راجع، ميكروفيلم، شهادات مصر الشرعية، فيلم رقم1، بدار الكتب والوثائق القومية، القاهرة، ص4). والمدهش في ذلك أن في ذلك وجدت أسماء تحمل ملّة الأقباط اليعاقبة (حاليا الأقباط الأرثوذكس) وهذا يدل أن الأقباط الكاثوليك حملوا هذا اللقب منذ زمن بعيد. ويقال إن كلمة كثلكة عرفت في مصر بعد الحملة الفرنسية 1798 حيث كتبها الشيخ عبد الله الشرقاوي شيخ الأزهر ورئيس ديوان القاهرة، على أثر التأثير الثقافي للحملة (راجع، أحمد حسين الصاوي، «فجر الصحافة في مصر»، القاهرة، 1975، ص261).

ولكن يرقي أول ذكر للأقباط الكاثوليك في عام 1722 في صعيد مصر، وعلى وجه الخصوص في أخميم وطهطا والشيخ زين الدين والهماص حيث تركزت إلى جانب جرجا ونقاده وفرشوط.

وبدأ لقب بطريركية الإسكندرية للأقباط الكاثوليك وسائر الكرازة المرقسية ينتشر في الوثائق الكنسية والحكومية في أيام المعلم غالى سرجيوس الذي طلب من قداسة البابا يبوس السابع أن يعين بطريركا للأمة القبطية الكاثوليكية وذلك بتاريخ 4 من شهر أغسطس لسنة 1824(يوحنّا كابس ( الأنبا )، «لمحات تاريخية عن النواب الرسوليين لطائفة الأقباط الكاثوليك في القرن التاسع عشر»، القاهرة، 1987، ص28) وأيضًا طلب هذا البابا من المعلم غالى أن يبذل جهده في سبيل الحوار بين الكنيسة الكاثوليكية والأرثوذكسية واغتيل المعلم غالى في مايو 1822 وأثناء ذلك عين الأب مكسيموس كيرلس جرجس عبد القدوس جويد أسقفًا ببراءة بابوية صادرة من الكرسي البطرسى يوم 9 من شهر مايو لسنة 1824 (راجع، مقالنا، «الأقباط الكاثوليك تاريخ في ذاكرة مصر»، 10 مارس 2013، إصدار أول: السنة 55، العدد 2672، إصدار ثان: السنة 13، العدد 638، ص7) وأخفقت محاولة قام بها قداسة البابا لاون الثاني عشر لتكريس النائب البابوي الأنبا مكسيموس جويد بطريركا على السدة المرقصية للأقباط الكاثوليك وذلك فى عيد انتقال أمنا مريم العذراء بالنفس والجسد إلى السماء يوم 15 من شهر أغسطس لسنة 1824 (مجموعة من المؤلفين، «دليل إلي قراءة تاريخ الكنيسة، المجلد الثاني: الكنائس الشرقية الكاثوليكية»، دار المشرق، بيروت، 1997، ص181)، وعندما أقيم الأب جرجس مقار أسقفا نائبا رسوليا على الطائفة بتاريخ 15 مارس 1895 واتخذ اسم كيرلس وصار لقبه كيرلس مقار أسقف قيصيرية فيلبس ونائب رسولي على الكنيسة المرقصية الإسكندرية (راجع، مجموعة من المؤلفين، « تاريخ الكنيسة القبطية الكاثوليكية»، أعمال المجمع السكندري الثاني، القاهرة، 2001، ص73) ولكن انتخاب الحبر الأعظم البابا لاون الثالث عشر في يوم 20 من شهر فبراير لسنة1878 وبعد ذلك عين الأنبا كيرلس مقار مديرا رسوليا لبطريركية الإسكندرية في ذات البراءة التي بها أعاد البابا لاون 13(1878- 1903) البطريركية السكندرية للأقباط الكاثوليك الصادرة بتاريخ 26 من شهر نوفمبر لسنة1895(يوحنّا كابس (الأنبا)، «تاريخ حياة الأنبا كيرلس مقار بطريرك الإسكندرية للأقباط الكاثوليك 1899-1921»، القاهرة، 1979، ص40)، وقد عينه قداسة البابا لاون الثالث عشر بطريركا على الكرسي الاسكندرى في 19 يونيو 1899.

تم تجليسه بالإسكندرية في الكاتدرائية الجديدة 31 يوليو 1899. واعترفت به الحكومة المصرية بهذا التعيين بأمر عال 29 يناير 1900 (راجع جريدة الوقائع المصرية، العدد16، العدد الصادر يوم السبت 10/2/1900، السنة التاسعة والستون، ص 1) وحسب رأي سبب انتشار لقب بطريركية كنيسة الإسكندرية للأقباط الكاثوليك وسائر الكرازة المرقسية في صفحات الوثائق الكنسية والمدنية وأيضًا انتشر في صفحات الموسوعات والمخطوطات والقوانين المدنية وأيضًا بدأ المؤرخون يسطرون هذا اللقب في كتبهم، علاوة على صفحات الدوريات كجريدة الوقائع المصرية أسسها الوالي محمد علي في القاهرة عام 1828، وصدر العدد الأول في 3ديسمبر عام 1828، جريدة المقطم تأسست سنة 1888 وصدر العدد الأول في 18 أبريل، وجريدة الأهرام صدر العدد الأول يوم5 أغسطس 1876، وجريدة مصر تأسست 1877، وجريدة الوطن تأسست سنة 1877هو الآتي:

1- اختيار المعلّم غالي سرجيوس فلتاؤوس وزيرًا لمحمد علي باشا.

2- قيام قداسة البابا لاون الثاني عشر لتكريس النائب البابوي الأنبا مكسيموس جويد بطريركا على السدة المرقصية للأقباط الكاثوليك وذلك في عيد انتقال أمنا مريم العذراء بالنفس والجسد إلى السماء يوم 15 من شهر أغسطس لسنة 1824

3-عندما عين الكرسي الرسولي الأنبا أغابيوس بشاي المدير الرسولي لبطريركية الأقباط الكاثوليك فضّل قداسة الحبر الأعظم البابا بيوس السابع فصل شئون البطريركية عن ولاية النيابة الرسولية الفرنسيسكانية ومنحها الحكم الذاتي منذ سنة1814. وعلى أثر ذلك وقع كل من الآباء الفرنسيسكان والأنبا أغابيوس بشاي المدير الرسولي لبطريركية الأقباط الكاثوليك اتفاقية أيدها مجمع البروباغندة – تنص على إعطاء الإكليروس القبطي الكاثوليكي الكنائس والبيوت الآتية: في القاهرة الكنيسة وجزء من الدير، وفي طهطا الكنيسة مع الدير والمدرسة، ثم الكنائس مع السكن التابع لها، بكل من الهماص، والشيخ زين الدين، وأخميم، وجرجا، وفرشوط، ونقادة، وقمولا، وجراجوس، وطما، وسوهاج.

4- في يوم 10يونيو 1867أول قرار ملكي يعتبر دينيا يصدر لبطريركيَّة الأقباط الكاثوليك(أتمنى من أعضاء السينودس البطريركي أن يأخذ قرار بتغيير تاريخ ختم البطريركية المنقوش عليه سنة 1893 وينقش عليه تاريخ سنة هذا القرار لسنة 1867 بدلا من سنة 1893)

5- موقف طلبة الإكليريكية من الخدمة العسكرية وقد نشرت جريدة الوقائع المصرية الصادرة في يوم الاثنين الموافق 29مارس لسنة1886، نمرة الجريدة 38، السنة الخامسة والخمسون، القاهرة، ص 313و 314 هذه القرارات بشأن ذلك.

6- تشييد كاتدرائية القيامة بالإسكندرية على هيكل السيزاريوم وهو مقر بطاركة كنيسة الإسكندرية وعلي أثر الحفريات هذه، نشرت جريدة الأهرام الصادرة في يوم الأربعاء الموافق أول ديسمبر 1899، العدد 6599، صفحة 3، وهنا ما جاء نصه بالحرف الواحد:«بينما كان العمال يحفرون أساسات الكنيسة الجديدة للأقباط الكاثوليك في الإسكندرية، عثروا علي بناية قديمة، فواصلوا الحفر، فواصلوا إلي حجرة كبيرة فيها الأواني الكنيسة وتمثال العذراء علي صفيحة من الخزف وبعض المعاصر وسواها ويؤكدون أن هناك كانت الكنيسة المرقصية الكبيرة وان ما عثروا علية من الجدران ينطبق علي ما قاله مريت باشا عن كنيسة المرقصية».

7- تشييد عدة كنائس في بقاع مصر وكانت الجرائد المصرية تنشر هذا التشيد على صفحاتها وبالأخص جريدة المقطم.

8- شراء عدة أراضي على مستوى القطر المصري وتسجيلها في شهادات مصر الشرعية.

9- اختيار الكرسي الرسولي للأنبا كيرلس مقار بطريركًا للسدة المرقسية وتم تجلسيه في كاتدرائية القيامة بالإسكندرية بتاريخ  31يوليو1899 واعتراف الحكومة المصرية به بأمر عال في يوم 29 يناير 1900.

10- تشييد مدرسة القدّيس لاون الكبير الإكليريكية الملية للأقباط الكاثوليك بطهطا وافتتاحها يوم 14 نوفمبر1899.

الأب إسطفانوس دانيال جرجس

خادم مذبح الله بالقطنة والأغانة – طما