6- الإيمان

تأمل في قراءات الجمعة 2 مايو 2014 الموافق 7 بشنس 1730

الأب/بولس جرس

نص الإنجيل

          “ولَمّا كانَتْ عَشيَّةُ ذلكَ اليومِ، وهو أوَّلُ الأُسبوعِ، وكانَتِ الأبوابُ مُغَلَّقَةً حَيثُ كانَ التلاميذُ مُجتَمِعينَ لسَبَبِ الخَوْفِ مِنَ اليَهودِ، جاءَ يَسوعُ ووَقَفَ في الوَسطِ، وقالَ لهُمْ: “سلامٌ لكُمْ!”. ولَمّا قالَ هذا أراهُمْ يَدَيهِ وجَنبَهُ، ففَرِحَ التلاميذُ إذ رأَوْا الرَّبَّ. فقالَ لهُمْ يَسوعُ أيضًا: “سلامٌ لكُمْ! كما أرسَلَني الآبُ أُرسِلُكُمْ أنا”. ولَمّا قالَ هذا نَفَخَ وقالَ لهُمُ:”اقبَلوا الرّوحَ القُدُسَ. 23مَنْ غَفَرتُمْ خطاياهُ تُغفَرُ لهُ، ومَنْ أمسَكتُمْ خطاياهُ أُمسِكَتْ”.(يوحنا 20: 19- 23).

نص التامل

الإيمان الكياني هو النوع الأشمل والأصعب من الإيمان حيث يتطلب تدخل الشخصية الإنسانية ككل ليصل إلى المستوى الفعلي والحقيقي للكلمة ولكي يكون الإيمان لائقا بمستوى من نؤمن به ونتبعه.

فليس الإيمان هو ما يمكن ان نشاهده ونسمعه ونبصره ونلمسه

بل الإيمان خبرة حياة تهب قوة متجددة لا تعرف غروياً

إيمان يشمل الكيان كله من الراس إلى إخمص القدمين

إيمان يواكب العمر كلها من الميلاد حتى النفس الأخير

إيمان يلف مجالات الحياة بمجملها من التعاملات اليومية حتى الصلاة الفردية

إيمان ينفتح على الكون وعلى الآخر وعلى التاريخ والجغرافيا بلا قيد او شرط

إيمان يقبل أن يرى ما لا يبصره المؤمن بالعين المجردة

وان يسمع ما لا تستطيع طبة الأذن الطبيعة التقاطه من موجات

وأن يلمس مل لا تقدم خلايا الجسد من ماديات

وان يستشعر ما لا ترصده خلايا المخ من نبضات

إيمان مستعد أن ينفتح على ” الوحي” ويستقبل ” الإلهام” ويستشف ” المشيئة الإلهية”

إيمان يترك مفتوحا والأبواب مشرعة أمام عمل النعمة  الإلهية

إيمان لا يتوقف على حسبة الأرقام والمعادلات والمساومات البشرية

إيمان يعرف كيف يسلم الإرادة ويترك شراع مركبته لأنفاس الله تقودها

إيمان لا يعرف سوى الله ربا وايّاه مخلصا ووحده حارسا

إيمان يثق الثقة كلها به

ويطمئن كامل الإطمئنان إليه

ويعتمد كل الإعتماد عليه وحده

إيمان ليس به من مجال للشك والتردد ولا حتى للتساؤل، فهو يعرف انه في يد أمينة

وخير نموذج لتأمل اليوم في العهد القديم : إبراهيم

الذي : خرج بنداء مجهول إلى مكان مجهول حسب وعد مجهول

لم ير الأرض التي وعده الله بها  إلا بعد طول سنين ،

 ولم تلمسها قدماه لكنه ظل واثقا

لم ير النسل حتى شاخ وزوجته طعنت في ايامها

لكنه بقي واثقا متأكدا ان ما وعده الله به كفيل بام يحققه

أين ومتى وكيف هذا ليس شأنه، هو يعرف فقط ان يؤمن

وحين وُهب الولد بعد طول عناء وطلب منه بغرابة أن يقدمه محرقة

لم يستفهم من الرب حول ذبح ابنه مع أن الرب نفسه وعده به نسلا

بل إعتقد ان الله قادر على ان يقيمه من بين الأموات

مع انه لم تكن عقيدة القيامة قد تطورت أو حتى بزغت بعد!!!!

فهل هناك بيننا اليوم من يحيا هذا الإيمان وهل بعد ابراهيم نجد مثالا حقيقيا للإيمان

نعم والحمد لله، وسنتكلم غذاً  في آخر لقاءاتنا عن الإيمان والقيامة ،

بنموذج الإيمان الكياني في العهد الجديد… مريم العذراء