ندوة بعنوان: وثيقة أداة العمل لجمعية سينودس الأساقفة الخاصة بالشرق الاوسط

جل الديب، الثلاثاء 13 يوليو 2010 (Zenit.org)

عقدت ظهر اليوم ندوة صحفية في المركز الكاثوليكي للإعلام بدعوة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام بعنوان: وثيقة "أداة العمل" لجمعية سينودس الأساقفة الخاصة بالشرق الاوسط، مواكبة للحدث التاريخي الذي سيعقد في روما  من 10 إلى 24 تشرين الأول المقبل  2010،  تحت عنوان: "الكنيسة الكاثوليكية في الشرق الأوسط: شركة وشهادة"، برئاسة رئيس اللجنة، المطران بشارة الراعي وشارك فيها: رئيس اللجنة التحضيرية للسينودس، المطران بولس منجد الهاشم، رئيس أساقفة أبرشية قبرص المارونيّة وأمين السرّ الخاص للجمعية، المطران يوسف سويف، وأمين عام اللجنة الوطنية الإسلامية المسيحية للحوار، وعضو اللجنة البطريركية التحضيرية للسينودس، المير حارث شهاب ومدير المركز الكاثوليكي للإعلام، الخوري عبده أبو كسم، وحضرها أمين سرّ اللجنة، الأب يوسف مونس، والمسؤول عن الفرع السمعي البصري في المركز، الأب سامي بو شلهوب، وعدد كبير من المهتمين والإعلاميين.  قدّم الندوة وأدارها المحامي.

كلمة المحامي وليد غياض:                                                                                                    

          في غمرة الضبابية الشرق اوسطية المزمنة، وفي خضم التساؤلات عن مستقبل المنطقة الغامض، وعمّا يحاك لها في مصانع القرار، وامام القلق على الحضور المسيحي الذي بات يراد له ان يكون مهدداً باستمرار، ومع ازدياد خطر التنكّر للهويّة والرسالة والشهادة، القائمة على فعل الخميرة في العجين والملح في الطعام، تطلّ علينا جمعية سينودس الاساقفة الخاصة بالشرق الاوسط، عنصرةً جديدة في الكنيسة، لتؤكد من خلال موضوعها : " الكنيسة الكاثوليكية في الشرق الاوسط : شركة وشهادة "، " وكانت جماعة المؤمنين قلباً واحداً وروحاً واحدة".

          مواكبة لهذا الحدث التاريخي، الذي سينعقد في روما في تشرين الاول المقبل، تقّدم اللجنة الاسقفية لوسائل الاعلام سلسلة ندوات في اطار برنامج "قضايا" الذي يعرض على شاشتي تيليلوميار ونورسات الفضائية، وعبر اثير اذاعة صوت المحبة، وكذلك من خلال وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة والالكترونية الحاضرة معنا، وخاصة تلفزيون لبنان الذي خصّص مشكوراً مساحة لهذه الندوات.

          ويسرنا ان نستمع في هذه الندوة التي تشكل قاعدة انطلاق في مسيرتنا، ان نستمع الى كل من سيادة المطران بولس منجد الهاشم، رئيس اللجنة التحضيرية، والى سيادة المطران يوسف سويف، امين السر الخاص للجمعية، والى حضرة الامير حارث شهاب، عضو اللجنة التحضيرية، واترك كلمة الافتتاح والترحيب الى سيادة رئيس اللجنة الاسقفية لوسائل الاعلام المطران بشارة الراعي.

 

ثم رحب المطران الراعي بالمنتدين وقال:

يسعدنا باسم اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام والمركز الكاثوليكي للإعلام أن نرحب بالمنتدين الذين يتمتعون بخبرة واسعة في موضوع السينودس الخاص بمنطقة الشرق الأوسط، وهذه الندوة تشكل افتتاحية لسلسلة ندواتنا الأسبوعية التي ستستمر حتى تشرين الأول المقبل، لمساعدة الرأي العام للإطلاع على مضمون هذه الحدث الكبير الذي نسمية عنصرة جديدة لكنيسة الكاثوليكية في الشرق الأوسط.

 وشكر رئيس اللجنة البطريركية التحضيرية للسينودس المطران بولس منجد الهاشم الذي سيعرض آلية تحضير مشاركة الكنيسة المارونية  في هذا السينودس، ويوسف سويف الذي يتناول الهيكيلة العملية لإعمال السينودس، والمير حارث شهاب الذي سيتحدث عن دور العلمانيين فيه.

 

ثم كانت مداخلة للمطران بولس منجد الهاشم عن الخطة التحضيرية للسينودس  فقال:

حدث مهمّ للغاية دعا اليه البابا بندكتوس السادس عشر من 10 الى 24 تشرين الأول المقبل سيحدث تأثيراً كبيراً ، سلباً أم ايجاباً على أبناء الشرق الأوسط ، لا بل على العالم بأسره ؛ نوعية هذا التأثير مرتبطة بتحضيره ، بمداخلات الآباء أثناء انعقاده ، بتناول وسائل الاعلام هذا الحدث وطريقة عرضه على الرأي العام . أما المنتفعون أو المتضررون فهم مسيحيو  الشرق الأسط ، لا بل جميع سكانه .

          ومما لا شك فيه ان جميع مسيحي الشرق الأوسط ( الاقباط ، الكلدان ، الملكيين ، السريان ، الأرمن ، اللاتين .. ) ، ان الداوئر الفاتيكانية المعنية ( أمانة سر السينودس ، مجمع الكنائس الشرقية ، المجلس البابوي لوحدة المسيحين ، المجلس البابوي للحوار بين الاديان ) مسؤولية عن تحضير السينودس ونجاحه ولكن ، مما لا شك فيه ، ان المسؤولية الأولى تقع على الموارنة لأسباب عدة أذكر منها :

–        عددهم وانتشارهم في الشرق الأوسط وفي العالم بأسره .

–        – مؤسساتهم : رهبنات ، جامعات ، مدارس ، مستشفيات .

–    تاريخهم : دورهم في النهضة وفي القومية العربية : هم الجسر وهمزة الوصل بين الشرق والغرب بين المسيحين والمسلمين .

–        ارتباطهم بوطن وبأرض يتمتعون عليهما ، مع مواطنين ينتمون الى ديانات ومذاهب أخرى بالحرية والسيادة .

اللجنة البطريركية المارونية لتحضير السينودس :

          تلبية لرغبة المطارنة الموارنة في اجتماعهم الشهري ، في آذار الماضي ، أنشأ غبطة البطريرك مار نصرالله بطرس صفير لجنة بطريركية لتحضير السينودس تضم المطارنة بولس منجد الهاشم ، وغي بولس نجيم وسمير مظلوم وأميناً للسر الأب مروان تابت ، المرسل اللبناني وممثلين عن الرهبنات والجامعات المارونية وبعض العلمانيين الاكفاء وهم :

–        الأباتي سمعان أبو عبدو أو الأب روجيه راجحة : الرهبنة المريمية وجامعة سيدة اللويزة .

–        الأب جورج حبيقة : الرهبنة اللبنانية وجامعة الكسليك .

–        الأب جوزيف بو رعد : الرهبنة الانطونية والجامعة الانطونية .

–        الخوري كميل مبارك : جامعة الحكمة .

–        الأب خليل علوان : جمعية المرسلين اللبنانيين .

–        الأمير حارس شهاب : أمين سر اللجنة الوطنية للحوار الاسلامي المسيحي .

–        الأستاذ طانوس شهوان : مجلس العلمانيين .

ويطلب من كل مطران أبرشية في لبنان ، في اطار البطريركية وفي بلدان الانتشار ان يعين ممثلاً لينقل الى اللجنة البطريركية ما يتم من أعمال تحضيرية في أبرشيته ويُطلع الابرشية على نشاط اللجنة البطريركية .

عقدت اللجنة عدة اجتماعات في مقرّ لجنة الشؤون الطقسية أو في مقر الرئاسة العامة لجمعية المرسلين اللبنانيين كما عقدت اجتماعاً في قبرس شارك فيه سيادة المطران عريغوري منصور وشكلت ثلاث لجان فرعية هي :

1-       اللحنة الفكرية ومهامها :

–        طباعة وثيقة العمل وتوزيعها .

–    وضع دليل لقراءة وثيقة العمل وتوزيع أهم مواضيعها والعمل على دراستها من الناحيتين النظرية والعملية والاستعانة بخبراء للتعمق بدراستها بغية تزويد آباء السينودس الموارنة بالافكار الاساسية الممكن أن تساعدهم على تحضير مداخلاتهم .

–    تحضير مواد ومواضيع للاعلاميين قبل السينودس وأثناء انعقاده وبعده لمقالات أو ندوات أو حلقات أو مؤتمرات صحفية تتناول المواضيع المهمة .

–    اعداد مؤتمر ، طيلة يوم كامل ، يشارك فيه الآباء والخبراء والمفكرون والاعلاميون بغية توزيع المداخلات على المطارنة الموارنة .

2-       اللجنة الروحية :

–        اعداد صلاة خاصة بالسينودس وطباعتها وتوزيعها .

–        تحضير برامج روحية ( رياضات ، لقاءات ، ندوات ) ووضعها بتصرف الفاعليات الكنسية المارونية .

–        تحضير ملف راعوي في شأن السينودس يوزّع على الرعايا والمدارس والرهبانيات المارونية .

3-       اللجنة الاعلامية :

–        اعداد خطة اعلامية متكاملة .

–        الاتصال بوسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة ، اللبنانية والعربية بهدف تغطية أعمال اللجنة والسينودس .

–        تحضير برامج اعلامية مركزة تعالج مضامين وثيقة العمل .

–        الطلب من اعلاميين ومفكرين وكتاب موارنة مقالات ونشرها في الصحف والمجلات الواسعة الانتشار .

ورقــة الـعــمــل :

أصبح النص النهائي الذي ستناقشه الجمعية الخاصة بسينودس الاساقفة للشرق الأوسط :

الكنيسة الكاثوليكية في الشرق الأوسط : شركة وشهادة  " وكان جماعة المؤمنين قلباً واحداً وروحاً واحدة " (أعمال 4/32) .

         في التـقديـم يذكر سيادة المطران نيكولا ايتيروفيتش ، امين عام سينودس الاساقـفة ، ان الروح القدس الذي أعطاه الرب يسوع الى تلاميذه هو محرّك مسيرة الكنيسة في العالم وفي تاريخ الكنيسة ، ان الشركة بين المؤمنين والشهادة لغير المؤمنين تسيران معاً . وتجدر الملاحظة ان الصعوبات والمعارضات والاضطهادات رافقت المسيحية منذ نشأتها : فالمسيح اضطهد وصلب والرسل سجنوا واستشهدوا : يجب على المسيحين " ان يحبّوا أعداءهم ويكونوا صانعي سلام حتى في وسط الاضطهادات " .

         ان الوضع الراهن في الشرق الأوسط يماثل في كثير من الأوجه الوضع الذي عاشته الجماعة المسيحية الأولى وكتب العهد الجديد تدعو الى الشهادة المسيحية ، الفردية والجماعيـة ، وسط الصعوبات والاضطهادات .

وفـي الـمقـدمــة ، تذكّـر ورقة العمل باهتمام قداسة البابا بنديكتوس السادس عشر بالحضور المسيحي في بلدان الشرق الأوسط التي تمتد من مصر حتى ايران وتعرض هدف السينودس المزدوج وهو :

أ‌-        تثبيت وتقوية المؤمنين في هويتهم المسيحية بواسطة كلمة الله والاسرار .

ب‌-  " احياء الشركة الكنسية بين الكنائس الكاثوليكية الشرقية حتى تستطيع أن تقدم شهادة حياة مسيحية حقيقية فرحة وجذّابة دون اهمال الحسّ المسكوني وضرورة تنفيذ طلب المسيح الى الآب السماوي ليكونوا واحداً فيؤمن العالم" (يوحنا 17) .

جاء في الفقرة السادسة : " وبالتالي فآباء السينودس مدعوون ليس فقط لتقديم أحوال بلدانهم فحسب وتحليل جوانبها الايجابية والسلبية ، وإنما بالاكثر لتزويد المسيحيين بأسباب وجودهم في مجتمعهم ذي الاغلبية المسلمة ، سواء كان عربياً أم تركياً أم ايرانياً أم عبرياً في دولة اسرائيل . وينتظر المؤمنون أن يعرفوا الاسباب الواضحة من رعاتهم ليكتشفوا رسالتهم في كل بلد أو يعاودوا اكتشافها . ولا يمكن ان تكون هذه الرسالة سوى أن يكونوا " شهوداً حقيقيين " للمسيح القائم من بين الاموات والحاضر في كنيسته بقوة الروح القدس ، في البلاد

التي ولدوا ويعيشون فيها ، والتي تتميّـز ليس فقط بتطوّر اجتماعي وسياسي ، وانما للاسف أيضاً بالصراعات وعدم الاستقرار ".

وتبيّن المقدمـة أيضاً من الفقرة 7 حتى الفقرة 12 دور الكتاب المقدس الذي
يقـود فكرنا.

بالاضافة الى المقدمة والخاتمة ، تتكون ورقة العمل من ثلاثة أقسام :
–  الكنيسة الكاثوليكية في الشرق الأوسط.

–        الشركة الكنسية .

–        الشهادة المسيحية .

أولاً     : الكنيسة الكاثوليكية في الشرق الأوسط ( الفقرة 13 – 53 ) :

1-      لمحة تاريخية موجزة : وحدة في التعدّد ( 13-18)

حدثت انقسامات وانشقاقات تعود في أغلب الاحيان الى أسباب سياسية – ثقافية أكثر منها عقائدية " وكل هذه الانقسامات ما زالت موجودة حتى اليوم في الشرق الأوسط كثمرة مرّة للماضي . لكن الروج يعمل في الكنائس ليقرّب بينها ويزيل ما يعيق الوحدة المنظورة التي يريدها المسيح ، فتصير واحداً في تعددها على صورة الثالوت وتتبادل تقاليدها الخاصة : "اجعلهم كلهم واحداً ، ليكونوا واحداً فينا ، ايها الأب ، مثلما انت في وانا فيك فيؤمن العالم انك ارسلتني " (يوحنا 17/21).

2-      الأصل الرسولي والدعوة الارسالية ( 19 – 23) :

3-       دور المسيحيين في المجتمع بالرغم من قلّة عددهم ( 24- 31) :

المسيحيون " مواطنون أصليون " في بلدان الشرق الأوسط وهم ينتمون حتماً وقانوناً الى النسيج الاجتماعي والى الهوية ذاتها لبلادهم الخاصة . وفي اختفائهم خسارة للتعددية التي ميّزت دائماً بلاد الشرق الأوسط وغياب الصوت المسيحي يسّبب افقار المجتمعات الشرق أوسطية " ( 24) .

ت‌-    التحديات التي تواجه المسيحيين ( 32- 50 )

1-                        الصراعات السياسية في المنطقة ( 32 – 35)

–        الاحتلال الاسرائيلي للاراضي الفلسطينية يجعل الحياة اليومية صعبة (32)

–        في العراق كان المسيحيون من الضحابا الرئيسيين لأنهم يمثلون أصعر وأضعف الجماعات العراقية ( 33)

–    في لبنان المسيحيون منقسون على الصعيدين السياسي والطائفي ولا أحد عنده مشروع مقبول من الجميع ( 34) .

" ازاء هذه الوقائع المختلفة ، يظل البعض راسخين في ايمانهم المسيحي والتزامهم في المجتمع ، متقاسمين كافة التضحيات ومساهمين في المشروع الاجتماعي المشترك. وبعكس ذلك ييأس البعض الآخر ويفقدون الثقة في مجتمعهم وفي قدرته على أن يؤفر لهم المساواة مع كل المواطنين .. ولهذا يتخلون عن كل التزام ، وينسحبون الى كنيستهم ومؤسساتها ويعيشون في جزر منعزلة ، بدون تفاعل مع الكيان الاجتماعي " ( 35) .

2- الحرية الدينية وحرية المعتقد ( 36 – 40 ) :

3- المسيحيون وتطور الاسلام المعاصر ( 41 – 42 ) .

4- الهجرة ( 43 – 48) : بدأت قرب نهاية القرن التاسع عشر وكان السببان الرئيسيان السياسة والاقتصاد .

          " ان تقييد الحرية الثقافية والدينية وعدم تكافؤ الفرص والحقوق ، والامكانية المحدودة للمشاركة بفاعلية في الحياة السياسية هي من الاسباب الهامة لهجرة المسيحيين " ( 44) .

          للحد من الهجرة ، ان يصير المسيحون ، ابتداء من الرعاة ، اكثر وعياً بمعنى حضورهم وبضرورة التزامهم بالحياة العامة ، هنا والآن . فكل واحد في وطنه هو حامل رسالة المسيح لمجتمعه ولا بد من حمل هذه الرسالة أيضاً في الضيقات وفي الاضطهاد " ( 46) .

4-       الهجرة المسيحية الدولية الوافدة في الشرق الأوسط ( 39 – 50) .

ج- تجاوب المسيحيين في حياتهم اليومية ( 51- 53) .

ثانياً    : الشركة الكنسية ( 54) : وحدة في المحبة مثل الثالوت .

أ‌-              شركة داحل الكنيسة الكاثوليكية وبين الكنائس المختلفة ( 55- 56)

ب‌-           الشركة بين الاساقفة والاكليروس والمؤمنين ( 57- 61) .

ثالثاً    : الشهادة المسيحية ( 62 – 117 )

أ‌-        الشهادة في الكنيسة : التعليم المسيحي ( 62 – 69 )

1-       تعليم مسيحي لوقتنا الحاضر ، بواسطة مؤمنين مؤهلين جيداً ( 62 – 64)

2-       طرق التعليم المسيحي ( 65 – 69 )

ب‌-    ليتورجيا مجدّدة وأمينة على التقليد ( 70- 75 )

ج – المسكونية ( 76 – 84)

د- العلاقات مع اليهودية ( 85-94)

1- المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني : الاساس اللاهوتي للعلاقات باليهودية ( 85-89)

2- تعليم الكنيسة الراهن  ( 88 – 89)

3- الرغبة في الحوار مع اليهودية والصعوبات التي تعترضه ( 90 – 94)

هـ العلاقة مع المسلمين ( 95 – 99)

و- الشهادة في المجتمع ( 100 – 102)

1- التباس الحداثة ( 103 – 105)

2- المسلمون والمسيحيون معاً على الطريق المشتركة ( 106 – 110)

ز- اسهام المسيحيين اسهام نوعي لا غنى عنه ( 111 – 117)

خاتمة : ما هو مستقبل مسيحي الشرق الاوسط ؟ لا تخف أيها القطيع الصغير "

أ‌-                                    أي مستقبل لمسيحي الشرق الأوسط ؟ ( 118 – 119 )

ب‌-                 الرجاء ( 120 – 123) .

ثم كانت كلمة الأمير حارث شها ب عن دور العلمانيين في التحضير لجمعية سينودس الأساقفة الخاصة بالشرق الاوسط فقال:  

          يُشكِّل العلمانيون القسم الأكبر من شعب الله وينتمون إلى كنيسته وهم أعضاء في جسد واحد في المسيح، مدعوون إلى القداسة، وشركاء مع السلطة الكَنسيّة في وظيفة المسيح كلٌّ حسب طريقته.

          ودور العلمانيين أساسي لإنجاح أي عمل تقوم به هذه السلطة لا سيّما إذا كان بحجم  سينودس الأساقفة الذي دعا إليه قداسة البابا بندكتوس السادس عشر لمعالجة موضوع الكنيسة الكاثوليكيّة في الشرق الأوسط  من حيث أنّها  شركة وشهادة. ودورهم هذا نابع من التزامهم المسيحي، والالتزام هو فعل إرادة حرّة يُخضع الذات لنظام ضابط يتمّ اختياره للقيام بعمل في سبيل هدف نبيل يجري السعي لتحقيقه. والالتزام ليس أمراً ظرفيّاً،  بل مسيرة طويلة مستمرّة، متطوّرة، وعملٌ متراكم ركيزته الإيمان والشهادة للإنجيل.

          وما إن صدرت ورقة "الخطوط العريضة" أواخر عام 2009 وتمّ التداول بها، حتى تكثّفت اللقاءات على مستوى الأبرشيات وبين الكنائس الكاثوليكيّة، وتمّت دراستها وجرى تدوين الملاحظات حولها وأُرسِلت إلى الفاتيكان. وسادت قناعة بأنّ شيئاً جديداً يحدث ويقتضي التعاطي معه بجديّة وإيجابيّة، رغم أنّ الانطباع السائد في تلك المرحلة كان يوحي بأنّ مساهمة العلمانيين أتت محدودة ومتواضعة. إنّما تماسك الفِكر العقائدي وصلابته في الوثيقة، وهو يُعبِّر عن توجّهات الحبر الأعظم البابا بنديكتوس السادس عشر، طغى وغطّى على بعض الثغرات، فأضحى النصّ مقبولاً كتوطئة لإطلاق النقاش.

          وفي 19 نيسان 2010 صدر مرسوم عن غبطة البطريرك الماروني قضى بإنشاء وتأليف اللجنة البطريركيّة لسينودس الشرق الأوسط، لتتولّى التحضير للسينودس والتنسيق مع الجهات المعنيّة، وضمّت هذه اللجنة المُصغَّرة اثنين من العلمانيين، وقد عملت فوراً على تحديد المواضيع الواجب دراستها، وقامت بتبويبِها واتّصلت بالعديد من الخبراء في المجالات الدينيّة والاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية وغيرها، ونسبة العلمانيين بينهم مرتفعة جداً، لإعداد الدراسات بشأنها. وهؤلاء الخبراء ينتمون إلى طوائف مختلفة انطلاقاً من مبدأ الشركة الذي ذكرته ورقة العمل.

          ومن المعلوم أنّ أعمال السينودس التي تشمل مروحة واسعة من المواضيع، إنّما  تنكبّ بشكل أساس على معالجة أزمة الحضور المسيحي في منطقتنا، بعد أن زاد تفاقم هذه الأزمة منذ منتصف القرن الفائت وأضحى علامة قلق على مستقبل المسيحيين ورسالتهم في منطقة هم أصيلون فيها وهي مهد المسيحية ونقطة انطلاقها.

          لقد استشعر آباؤنا هذا الخطر وثابر بطاركة الشرق على مدى عقود على توجيه النداء تلو الآخر بغية معالجة هذا الوضع وذلك من خلال رسائلهم الرعوية العشر، دون أن تلقى نداءاتهم الصدى المطلوب، فلم نلمس أيّ تحسّنٍ في موضوع الهجرة مثلاً بل على العكس. والأمل معقود الآن  على السينودس إذ أرخت الكنيسة الجامعة بثقلها  لمساعدتنا، دون أن يفوتنا أنّ خلاصنا رهن بإرادتنا أولاً، فنُفعِّل وِرَش العمل لتحقيق أهداف السينودس المُتمثلة بالتزام المسيحيين بحضورهم وشركتهم وشهادتهم في هذا الشرق.

          إن أفضل النصوص الكنسيّة تبقى غير ذي قيمة عمليّة إذا لم يواكبها عمل جدّي على الأرض من قِبل العلمانيين، ينطلق من إيمانهم أوّلاً بالله وسرّ الفداء وتعاليم الكنيسة، ومن الرسالة الملقاة على عاتقهم كشهود للمسيح، وترتدي هذه الشهادة تجاه الغير أهميّة قصوى في المجتمعات التعدديّة مثل لبنان. والانتماء الديني إمّا يكون كاملاً أو لا يكون. ليس في المسيحيّة أنصاف مؤمنين، فهم إمّا مؤمنون، وإمّا غير مؤمنين، إمّا ملتزمون وإمّا غير ملتزمين. وقد لحظ السينودس دوراً هاماً للعلمانيين منذ المراحل الأولى للتحضير وطلب مشاركتهم في لجان مختلفة. وغنيّ عن التذكير أن مسؤولية العلمانيين وهم يُشكِّلون السواد الأعظم للكنيسة لا تكمن فقط في التحضير، إنّما في خلق مناخٍ عام ينسحب إيجاباً على الدور الذي يلعبونه في مجتمعاتهم، فيتبدّل من دور المُراقِب الناقِد إلى دور المُشارِك البنّاء.

          مبادئ مواكبة العلمانيين للسينودس

ينطلق العلمانيون في مواكبتهم لأعمال السينودس من جملة حقائق، منها ما يقع  ضمن الدائرة الشخصية،  ومنها ما يتعلّق بالشأن العام، آخذين بالحسبان التطورات الحاصلة التي فرضتها الأحداث.

           فالعلمانيون الملتزمون بالكنيسة معنيّون أيضاً بالالتزام الوطني الذي لا يقل أهمية عن الالتزام الديني. وإنّ تحقيق خير المجتمع هو مسؤوليّة مشتركة بين الحكام وبين الشعب من خلال المواطنين، فالمواطن يجب أن ينخرط في الحياة العامة ويناضل في سبيل معتقداته وخياراته وهذا حق له وواجب عليه لا يمكن الانكفاء عنه حتى ولو اعتبر أنّ الظروف المحيطة به غير مناسبة، إنّ عليه أن يعمل باتجاه التغيير بروح المحبة المسيحية، آخذاً بعين الاعتبار حاجات غيره من المواطنين، محترماً الموجبات الأخلاقية فتخضع مصالحه الشخصية أمام الصالح العام الذي هو أساس سلطة الشرعية السياسية. والعلمانيون يأخذون على عاتقهم كذلك في تحضيرهم لأعمال السينودس الالتزام بمبدأ الحوار الذي دعت الكنيسة إليه منذ زمن، والذي يعني في منطقتنا قبل أيّ أمر آخر، الحوار مع المسلمين دون أن نُغفِل أنّ هذه المنطقة  قد شهدت ولادة الديانات التوحيدية الثلاث، اليهودية والمسيحية والإسلامية. لقد أضحى واجباً على المسيحيين والمسلمين أن يُبلوروا مواقف موحَّدة وأكثر فعالية تعنى بمعالجة معضلاتهم.

          ولترجمة هذه المسؤوليّة على أرض الواقع لا بدّ لها من أن تتمّ عبر الحوار الذي برز كوسيلة فُضلى لإيجاد حلول لنـزاعات قائمة في بقع التوتر المختلفة، والتي تأخذ من الدين ستاراً لها، أو على الأقل لمنع امتداد هذه البقع ودرء مخاطر انعكاسها على غيرها من المناطق، ومن هنا تأتي مشاركة عدد من المفكِّرين المسلمين في الأعمال التحضيرية للجمعيّة. 

         علينا في لبنان أولاً وهو المنارة والرسالة والمختبر في هذا الصدد ، أن نغتنم فرصة انعقاد السينودس لنُشجِّع الحوار المسيحي – الإسلامي على مُستَويَين، الأوّل يتعلّق بحوار المعرفة الدينية المؤدّي إلى احترام الواحد لخصائص إيمان الآخر، والثاني من خلال قيام مؤسسات مُختلطة تعمل لخير المجتمع وتُحَضِّر لبناء المستقبل.

          أيّ أسلوب خطاب في السينودس ؟

         يُردِّد غبطة البطريرك مار نصر الله بطرس صفير في مجالسه الخاصة"من خبّأ عِلّته مات بها". ولهذه المقولة بُعدٌ خاص في مجتمعنا الشرقي حيث يغلب الخطاب المُنمّق في التعاطي بين الناس، وحيث أصبح تدوير الزوايا نمطاً مميزاً من أنماط حياتنا، لكنّ الحقيقة وحدها هي التي تُخلِّص وتُحرِّر وتحول دون السقوط في الهاوية شرط أن يجري التعامل معها بمحبّة هدفها التفهُّم وبناء الجسور ومن ثم الإصلاح .

         كذلك فالحاجة كبيرة لنـزاهةٍ فكريّة في معالجة معضلاتنا وهي تؤسِّس لصدقيّة حوارنا، مع استعداد للتحرّر من بعض الصُور النَمَطيّة المُتكوِّنة لدى كلٍّ منّا عن الآخر. يبحث السينودس العلاقة المسيحية – الإسلامية والمستقبل الذي ينتظر المسيحيين في منطقة أصبحوا فيها أقليّة من الزاوية  الديمغرافيّة، مع العلم أنّ فعالية  دورهم لم تكن ولن تكون مرهونة بعمليّة تعداد مبسّطة. على خبراء الجمعيّة اعتماد الصراحة الصادقة المُنفَتِحة إذا أردنا الوصول إلى خلاصة تؤسّس لحلول إيجابيّة، ومن هنا يقتضي اعتماد لغة واحدة في مقاربة المسائل لا لُغَتين، تتوجّه الأولى إلى الجماعة التي تنتمي إليها بينما تتوجّه الثانية إلى الجماعة الأخرى. لقد أضحى واجباً علينا اعتماد نمطٍ جديد من التخاطب في حوارنا مع الغير، ولا خوف من ذلك، لأنّ الهدف منه هو الإصلاح وبناء علاقة مستقبليّة متينة قائمة على المحبّة والرؤية المُشترَكة.

لا بدّ لي هنا وعلى هامش دور العلمانيين، من أن أُذكِّر أنّه لا مستقبل للمسيحيين في لبنان خارج الدولة،  على أن يعيدوا النظر في دورٍ متجدد لهم فيها، ولا متنفس لهم إذا أداروا الظهر للمحيط العربي الذي ينتمون إليه، أو أشاحوا بوجههم عنه. ولا مستقبل لهم إلا من خلال اعتماد لغة الصدق مع شركائهم في الوطن والمواطنية لتعزيز ثقافة العيش الواحد، لأنها من مقومات بناء الذات وتحقيقها. ومثل هذه الصرخة- الدعوة نوجهها إلى اللبناني المسلم داعينه إلى الوقوف بعمق، والتعاطـي بتنوّر، مع كل ما يبديه المسيحيون من مشاعر قلق وهواجس لكي نحمل سوياً مشعل الحوار بين الحضارات، فكلنا مسؤول عن هذه الرسالة أمام الله والتاريخ.

         إن الحوار المنشود ينبع من واقع الحياة المشتركة ومن دعوة الكنيسة إلى الانفتاح على جميع الأديان وبصورة خاصة على الأديان الموحدة، وقد توجه المجمع الفاتيكاني الثاني إلى المسيحيين والمسلمين معاً يحضهم على أن يتناسوا الماضي، وينصرفوا بإخلاص إلى التفاهم المتبادل وبصونوا ويعززوا سوية العدالة الاجتماعية والقيم الأخلاقية، والسلام والحرية لفائدة جميع الناس في عالمٍ يُشكّلون معاً نِصفَ سكانه.

         مسؤولية العلمانيين في تحضير السينودس كبيرة، فعليهم أن يتفهموا أولاً ما رمى إليه نصّ ورقة العمل وهو يهدف إلى تجذيرهم حيث هم وإلى تمكينهم من تحقيق الشراكة في ما بين كنائسهم أولاً وفي ما بينهم وبين المسلمين ثانياً من خلال خريطة طريق رسمها لهم. هذا النص القابل للتطوير يشكّل بارقة أمل لنا وباباً علينا ولوجه بمحبّة ورجاء وانفتاح والتزام.

 ثم تحدث المطران يوسف سويف عن المنهجية المجمعيّة للسينودس فقال:

أولاً: روحيّة ولاهوت السينودُس

سينودُس مجمع الأساقفة هو مؤسسة دائمة في الكنيسة الكاثوليكيّة أسّسها البابا بولس السادس في 15 أيلول 1965 تجاوباً مع رغبة آباء المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني ويهدف الى الحفاظ على الروح المجمعيّة المنبثقة من اختبار المجمعي.

المعنى اللفظي لِكلمة "سينودُس" Synode اليونانيّة الأصل، والمركّبة من Syn = معاً و hodos = طريق، تشير الى "أن نسير معاً". فالسينودُس هو عمل كنسيّ بإمتياز؛ هو جمعيّة ذات طابع ديني، يلتقي فيه الأساقفة حول الأب الأقدس ليتحاوروا فيما بينهم ويتشاركوا الإختبارات والمعرفة، في روحيّة بحثٍ مُشتَرَك لإيجاد حلولٍ رعويّة تنطبق على مستوى الكنيسة الجامعة. إنّه جمعيّة تمثّل الجسم الأسقفي في الكنيسة الكاثوليكيّة ومهمّتها معاونة البابا بصفته أسقف روما ورأس المجمع الأسقفي لإدارة الكنيسة الجامعة، مقدّمين لقداسته إقتراحاتهم وتطلّعاتهم. إذاً فالسينودُس هو "التعبير والآليّة الخصبة للروح المجمعيّة بين الأساقفة" كما عرّف عنه البابا يوحنّا بولس الثاني. الميزة الأساسيّة لسينودُس الأساقفة هي خدمة الشركة وإظهار الروح المجمعيّة بين أساقفة العالم مع الأب الأقدس.

يوجد في سينودُس الأساقفة أمانة عامّة تعكس هيكليّته وعمله الدائم وترتبط مباشرة بالأب الأقدس إذ تعاونه في إدارة الكنيسة. ينعقد السينودُس كلّ مرّة يرى فيها قداسة البابا انعقاده ضروريّاً ومناسباً، مستشيراً بذلك الجسم الأسقفي في الكنيسة خلال جمعيّة سينودُسيّة "تعبّر عن آرائها حول مواضيع هامّة وجدّيّة" (البابا بولس السادس، خطاب الى الكرادلة، 24 حزيران 1967).

تحدّد قوانين الكنيسة طبيعة ومهام سينودُس الأساقفة، ومنها قوانين 342- 343- 344 في القانون الغربي؛ وقانون 46 في مجموعة قوانين الكنائس الشرقيّة.

الإرادة الرسوليّة

يرسم البابا بولس السادس في الإرادة الرسولية التي أصدرها في 15 أيلول 1965 روحيّة وطبيعة سينودُس الأساقفة. إنّه مجمع يدعى إليه بعض الأساقفة المختارين من بلدان متعدّدة من العالم، كي يساعدوا بطريقة فعّالة راعي الكنيسة الأكبر عبر هذه المؤسسة الكنسية المركزيّة والتي تمثّل الجسم الأسقفي الكاثوليكي؛ فهي ذات صفة دائمة وتتّبع في الوقت عينه منهجيّة عمل مؤقّتة وظرفيّة؛  فالسينودُس هو ذات طبيعة إستشاريّة.

يهدف الى:

–          المحافظة على الوحدة بروح التعاون والتنسيق الشديدَين بين الحبر الأعظم وأساقفة العالم أجمع.

–          السهر على تقديم المعلومات المباشرة والصحيحة حول أوضاع الحياة الكنسيّة من الداخل وحول شهادتها في عالم اليوم.

–          تسهيل تقارب وجهات النظر أقلّه في الطروحات الجوهريّة حول العقيدة وأنماط الحياة الكنسيّة.

–          خلق مناخ ملائم لتبادل المعرفة.

–          تقديم إقتراحات حول المواضيع التي من أجلها يُعقَد السينودُس.

–          يخضع سينودُس الأساقفة مباشرة لسلطة الحبر الروماني الذي يعود إليه:

* أن يعقد السينودُس كلّ مرّة يرى فيها الأمر مناسباً محدّداً مكان الإجتماع.

* التصديق على انتخاب الأعضاء.

* تثبيت المواضيع التي سَتُعالَج، قبل ستّة أشهر من انعقاد الجمعية السينودُسيّة.

* إرسال المواضيع التي سَتُطرَح الى الأشخاص الذين سيشاركون في معالجتها.

* تثبيت برنامج المواضيع التي سَتُطرَح.

* يترأس قداسته شخصيّاً السينودُس أو ينتدب أشخاصاً لهذه المهمّة.

يهدف العمل المجمعي الى البحث عن الحقيقة متوخّياً خير الكنيسة العام؛ فالتوافق الكنسي حول موضوع ما لا يأتي من خلال عدد التصويت على كوّنه آليّة ثابتة، ولكنّه ثمرة عمل الروح القدس في كنيسة المسيح.

          يُعقَد السينودُس إمّا في جمعيّة عموميّة، إما في جمعيّة إستثنائيّة، إمّا في جمعيّة خاصّة.

عندما يُعقَد السينودُس في جمعيّة خاصّة، يشارك فيه البطاركة ورؤساء الأساقفة الكبار والمتروبوليّتيّين الذين هم خارج بطريركيّات الكنائس الكاثوليكيّة الشرقيّة، ومندوبو المجالس الأسقفيّة لبلدٍ ما أو لمجموعة بلدان، وايضاً مندوبو المؤسسات الرهبانيّة. أما معايير إنتخاب الأعضاء المشاركين فهي تأخذ بعين الإعتبار ليس فقط الكفاءة العلميّة والفطنة البشريّة بل أيضاً المعرفة النظريّة والعمليّة في الطروحات التي يعالجها السينودُس. يعود للحبر الروماني أن يزيد عدد أعضاء السينودُس من أساقفة ورهبان وخبراء كنسيّين. وعند ختام أعمال السينودُس تنتهي مهام الجمعيّة المكوِّنة لأعضاء السينودُس ومهام الأشخاص المحدّدة في هيكليته الإدارية.

يوجَد أمين عام ودائم لمجمع الأساقفة يعاونه عدد من المساعدين وكلّ جمعية من السينودُس لها أمين سر خاصّ بها يواصل عمله الى حين انتهاء أعمال المجمع. يعيّن الحبر الأعظم الأمين العام والأمناء الخاصّين.

ثانياً: المنهجيّة

تؤسَّس المنهجيّة الأساسيّة لرسالة سينودُس الأساقفة على مبدأ الروح المجمعيّة التي تواكب هذا الحدث الكنسي في كلّ مراحله من حقبة التحضيرات الى ختام الأعمال.

المرحلة التمهيديّة لانعقاد جمعيّة سينودُسيّة تقوم على استشارة البطاركة والمجالس الأسقفيّة ورؤساء دوائر الكوريا الرومانيّة واتحاد الآباء العامّين، لاقتراح موضوع السينودُس. أما معايير إختيار الموضوع فهي التالية:

أ‌.        أن يكون ذات طابع عالمي وشامل أي أنّه يعني الكنيسة بكاملها.

ب‌.    أن يطال مسألة حياتيّة معاصرة وملحّة فيعالجها المجمع ببعدِها الإيجابي حيث تساهم في تنمية الكنيسة ورسالتها.

ج‌.     أن يجمع الموضوع بين القاعدة اللاهوتية الثابتة والتطبيق الرعوي والحياتي فيمكن بذلك تحقيقه على أرض الواقع.

بعد إجراء كلّ ما يلزم تقدّم الأمانة العامّة الى الأب الأقدس التوصيات الواردة وهو بدوره يحدّد الموضوع الذي سيعالج في الجمعيّة السينودُسيّة. يهيّئ مجلس الأمانة العامّة وثيقة ال   Lineamenta   أي الخطوط العريضة من أجل التعمّق بالموضوع المطروح. عن انتهاء صياغة النص، يُقدَّم الى قداسة البابا للموافقة عليه. تُرسَل الخطوط العريضة الى الكنائس والأسقفيّات المعنيّة من أجل الدرس والتفكير والصلاة واستمزاج آراء الناس وانتظار عدد كبير من الملاحظات وردّات الفعل. يُشرِك الأساقفة المعنيّون بدراسة الخطوط العريضة شريحة كبيرة من الناس للإستشارة وتقديم الإقتراحات حتّى تُرسَل كلّها الى الأمانة العامّة التي تستعين هي أيضاً بخبراء في المواد المطروحة حتى ينبثق عن نتيجة الدراسات ال Instrumrntum Laboris أي وثيقة العمل التي ستكون المنطَلَق للنقاش خلال انعقاد المجمع. لا يهدف هذا النص الى إطلاق الإستنتاجات بل هو إصدار مؤقّت، مسوّدة تساعد في إجراء النقاش حول الموضوع المطروح. يُرفَع النص الى الأب الأقدس للموافقة عليه ويُسَلّم الى الأساقفة المشاركين في الجمعيّة السينودُسيّة.

إستناداً الى نتائج الخطوط العريضة ووثيقة العمل، يقدّم آباء المجمع إختباراتهم وآرائهم رافعين بذلك حصيلة النقاشات الأوليّة التي جرت في المجالس الأسقفيّة.

ثالثاً: النظام الداخلي

سنكتفي في هذه الفقرة بعرض هيكليّة النظام الداخلي لسينودُس الأساقفة شارحين فقط وبإيجازٍ ما يتعلّق بإجراءات إنعقاد الجلسات المجمعيّة.

القسم الأوّل: السلطة العليا والأشخاص المشاركون في السينودُس

          الفصل الأول: الحبر الروماني

          الفصل الثاني: الرئيس المنتَدَب

          الفصل الثالث: الجمعيّات السينودُسيّة

          الفصل الرابع: المشاركون في السينودُس

أ‌.  أعضاء وآباء المجمع

ب. إنتخاب الأعضاء

ج. مشاركون آخرون

الفصل الخامس: لجان الدراسات المجمعيّة

الفصل السادس: لجنة تحديد المواضيع

الفصل السابع: الأمانة العامّة لِسينودُس الأساقفة

الفصل الثامن: المقرّر العام وأمين السرّ الخاص

الفصل التاسع: لجنة الإعلام

القسم الثاني:  يتناول المواضيع التالية

          الفصل الأول: الدعوة الى عقد مجمع الأساقفة

          الفصل الثاني: الثياب الرسميّة

          الفصل الثالث: قواعد الأسبقيّة

          الفصل الرابع: مراعاة السريّة

الفصل الخامس: اللغة المُستَخدَمة

الفصل السادس: جمع وتوزيع الأعمال والوثائق

الفصل السابع: إستشارة الهيئات المعنيّة

الفصل الثامن: الإستطلاعات

الفصل التاسع: الأعضاء الغائبون

          الفصل العاشر: الإقامة والمشاركة

القسم الثالث: الإجراءات

الفصل الأوّل: الطقوس المقدّسة (مادّة 29)

تُفتَتح الجمعيّة السينودُسيّة باحتفال إفخارستيّ وباستدعاء الروح القُدس، وتُتختَتم بالقدّاس.

الفصل الثاني: مهمّة الرئيس المندوب (مادّة 30)

في بداية الجمعيّة يقرأ الأمين العام الوثيقة الحبريّة التي تسمّي الرئيس المندوب وعندها يبدأ مباشرة مهامَه.

الفصل الثالث: تقرير المقَرِّر العام (مادّة 31- 32)

·         تقرير يمهّد للنقاش (مادّة 31): يتضمّن هذا التقرير عرض وتوسيع للمواد التي ستُعالَج في السينودُس لا سيّما النقاط التي حولَها سيدور النقاش، يعاون المقرّر العام أمين السرّ الخاص، ويقدَّم نص التقرير الى الأمين العام للسينودُس أقلّه ثلاثون يوماً قبل افتتاح الجمعيّة ليتسنّى له توزيع النسخ على الأعضاء.

·         تقرير ختامي للنقاش (مادّة 32): يقدّم المقرّر العام تقريراً يلخّص فيه مداخلات آباء المجمع ويُبرِز النقاط التي حولها ستدور النقاشات في حلقات الحوار أو في أشكالٍ أخرى.

الفصل الرابع: إجراءات الجمعيّات السينودُسيّة (مادّة 33 الى 39)

·         عرض المواضيع (مادّة 33): يعلِن الرئيس المُنتَدَب الموضوع الذي سَيُطرَح ويدعو المقرِّر العام أن يعرض للخطوط العريضة الواردة في تقريره شارحاً لها، ويمكنه الإستعانة في ذلك بأمين السرّ الخاصّ.

·         مناقشة الموضوع (مادّة 34): يدعو الرئيس المُنتَدَب أعضاء المجمع لإجراء المداخلات، بِحسبِ الجداول الموجودة في حوزة الأمين العام، آخذين بالإعتبار عدم التكرار.

يمكن للرئيس المُنتَدَب أن يكلّف أحد الآباء بإجراء مداخلة باسم مجموعة من الأعضاء، محترماً بذلك حريّة الجميع وتعدّد آرائهم. ويمكن أيضاً للآباء الذين طلبوا إجراء المداخلة إرسالها خطيّاً الى الأمين العام فتؤخَذ بكل جديّة كأيّة مداخلة تجري علناً في قاعة السينودُس. تجدر الإشارة أن وقت المداخلة يحدّده الرئيس المُنتَدَب. وإذا تعلّق الأمر بالضرورة القُصوى وبعد موافقة الحبر الروماني يمكن إجراء نقاش حرّ في أوقات خاصّة يحدّدها الأمين العام بالتنسيق مع الرئيس المُنتَدَب.

·         حلقات نقاش مصغرة (مادّة 35): بعد انتهاء مداخلات الآباء، يدعو الرئيس المُنتَدَب إذا رأى ذلك ملائماً لمتابعة نقاش الموضوع في حلقات مصغّرة وفق اللغات. لكلّ حلقة منسِّق ومقرِّر يتكلّم باسم الحلقة في الإجتماع العام.

·         الردود والإجابات (مادة 36): يحدّد الرئيس المُنتَدَب الوقت الذي تُقَدَّم فيه الإعتراضات والإجابات من الأعضاء الذين يطلبون ذلك. تُرفَع كلّها خطيّاً الى الأمين العام.

·         أنشطة لجان الدراسات (مادّة 37): إذا أظهر نقاش موضوع ما حاجة للتعمّق، يمكن للرئيس المُنتَدَب بعد موافقة الحبر الروماني إنشاء لجنة متخصّصة لإجراء البحث. تقدّم اللجنة خلاصاتها التي يمكن أن تُناقَش بإيجاز بين آباء السينودُس.

·         التعبير عن الآراء (مادّة 38): بعد انتهاء النقاش، يبدي كلّ أب من آباء السينودُس رأيه عبر التصويت الذي يُنقَل خطيّاً الى الأمين العام.

·         دراسة وتصويت الإقتراحات والوثائق (مادّة 39): بعد إجراء التعديلات يتولّى المقرِّر العام وأمين السرّ الخاص وأمين السرّ العام صياغة ونشر الإقتراحات أو الوثائق الأخرى المتوقّعة. بعد الإستماع الى النص، يقوم الآباء يالتصويت ويعبَّر عنه بصيغة : Placet  أو Non Placet بما معناه: موافقة أو عدم موافقة. تُرفَع الإقتراحات والوثائق الأخرى التي صُوِّت عليها الى الحبر الروماني.

 الفصل الخامس: تقرير حول الأعمال المُنجزَة (مادّة 40- 41)

·         كتابة التقرير : في ختام أعمال الجمعيّة، يهيّئ الأمين العام تقريراً يصف به الأعمال المُنجَزَة حول الموضوع أو المواضيع التي دُرِسَت مشيراً الى الخلاصات التي توصّل إليها الآباء. يُقَدّم الأمين العام التقرير الى الحبر الروماني.

ينتج عن أعمال الجمعيّة السينودُسيّة الإرشاد الرسواي الذي يصدره الأب الأقدس ويوجّهه الى جميع أبناء الكنيسة الكاثوليكيّة إكليرُساً وعلمانيّين والى جميع ذوي الإرادات الصالحة.

يولَد تعليم الأب الأقدس الذي يوجَّه الى الكنيسة الجامعة من رَحم المجمع أي من هذا الإختبار اللاهوتيّ والكنسيّ والإيمانيّ الذي تعيشه الكنيسة بهدي الروح القدس ساعيةً لاكتشاف علامات الأزمنة وعاملةً على تحقيق رسالتها في عالم اليوم وأداء الشهادة للمسيح الحيّ والقائم. ملاحظة: نستقي المصادر في عرضنا هذا من الموقع الإلكترونيّ التابع للكرسي الرسولي والخاص في باب "سينودُس الأساقفة" (www.vatican.va)

ثم كلمة الخوري عبده أبو كسم فقال:

نعرض اليوم "أداة العمل" لجمعية سينودس الأساقفة الخاص بالشرق الأوسط وفي بالنا الكثير من التساؤلات ربما تمّت الإجابة عليها، وربما ما زالت الأجوبة مرتبطة بآلية العمل، والنتائج التي تلي عملية انعقاد المجمع.

كثيرون تسألوا لماذا السينودس من أجل الشرق الأوسط، هل هذا يعني أن المسيحيين في هذا الشرق هم في خطر؟

هل هذا السينودس هو لتعزيز الوجود المسيحي في هذه المنطقة؟

هل يهدف إلى تعزيز الحوار والتلاقي بين شعوبها؟ أم أن من أهدافه دفع عملية الحوار المسيحي الاسلامي نحو الأمام في ظل الكلام المتنامي على وضع خريطة لما يسمى بمشروع الشرق الأوسط الجديد؟

هل تفريغ هذه المنطقة من المسيحيين، خاصةُ من العراق والأراضي المقدسة وبعض الدول العربية يشكّل هاجساً لدى الكنيسة وبنوعٍ خاص لدى الفاتيكان. يجب العمل على معالجته بما يضمن المحافظة على الإرث المسيحي الذي كان الشرارة الأولى في إنطلاق المسيحية إلى كل العالم.

والسؤال الكبير المطروح اليوم، هل المسيحية في هذا الشرق، حقاً هي في خطر؟

الجواب: أنا لا أخاف على المسيحية في هذا الشرق، إلاّ من المسيحيين أخاف عليها إذا تخلّوا عن أصالتهم، عن إنجيلهم، عن روح الجماعة المتضامنة. إذا ما ابتعدوا عن القيم الإنجيلية، عن المحبة، عن روح الشهادة، أخاف عليها إذا ما اندثرت الحياة الرهبانية وتغلبت السلطة على الخدمة، والمال على الفقر، والتفلّت على العفة والطاعة،  أخاف عليها إذا لم يعد كل مسيحي  إلى جذوره، إلى الكرمةٍٍ، إلى يسوع المسيح، الذي قال: "لا تخافوا أنا معكم".

ونغتنمها مناسبةً لندعو من على هذا المنبر، كل المسيحيين في لبنان والشرق الأوسط، إلى الإفادة من نعمة هذا السينودس لينفتحوا على مجيطهم، ويجسّدوا المحبة بكل أبعادها في تعاطيهم مع مجتمعاتهم العربية، ليظهروا وجه المسيح المتألم لكن المفعم بالرجاء على ضوء القيامة.