البطريرك نجيب: وجود ممثلين عن الديانات الأخرى في السينودس لا يمكن إلا أن يكون بناءً وإيجابياً

مقابلة مع بطريرك الاسكندرية للأقباط والمقرر العام لسينودس الأساقفة

حاوره طوني عساف

الفاتيكان، الأربعاء 13 أكتوبر 2010  (ZENIT.org).

السينودس جار على قدم وساق، وآباء السينودس يناقشون الأمور المطروحة بوضوح وشفافية، على أمل إيجاد الحلول الضرورية لدعم مسيحيي الشرق الأوسط، وخلق الشراكة. بالطبع لا يمكن تفادي التطرق الى مواضيع سياسية واجتماعية لأنها بطبيعة الحال تؤثر على سير الأمور الدينية. في هذا المقابلة مع البطريرك أنطونيوس نجيب، المقرر العام في سينودس أساقفة الشرق الأوسط تطرقنا الى بعض المواضيع الآنية في الجمعية الخاصة.

السينودس بدأ لتوه… هل تبرز أولويات بين المسائل المطروحة؟

بالتأكيد، في مداخلات البارحة واليوم وكذلك في المداخلات الحرة، كانت هناك اتجاهات أساسية تتناول بخاصة الحضور الناشط، الحضور اللامع، وكان هناك أيضاً تشديد على الشركة، الشركة بين الكنائس أولاً، وإنما أيضاً الشركة في الرسالة. في هذا الصباح، تم تسليط الضوء على ذلك بشكل جيد. الرسالة وسط الكنيسة لمواجهة التحديات حيث لا يوجد الكثير من الكهنة والرهبان والراهبات والمرشدين العلمانيين.

كيف ينظر المؤمنون المسيحيون في الشرق الأوسط إلى تنظيم هذا السينودس؟ من الممكن ملاحظة رجاء الأساقفة والبطاركة والرعاة… ولكن هل المؤمنون هم أيضاً في حالة ترقب ورجاء؟

أعتقد أن هذا يعتمد على تحضيرات كل بلد. ففي البلدان التي شهدت تحضيراً جيداً ومشاركة من قبل المؤمنين، هناك ترقب كبير. في مصر، برزت مشاركة تامة من قبل كل الرعايا في كل الأبرشيات، وكل المؤسسات، وكل الحركات، وكل الرهبنات الدينية الرجالية والنسائية، وبالتالي هناك متابعة. فهم يتابعون عن قرب مجريات السينودس وينتظرون أموراً كثيرة. نرجو أن نتمكن من تلبية تطلعاتهم وآمالهم.

يقول بعض المعلقين أن هذا السينودس قد يوقف هجرتهم؟ كيف ذلك؟

أعتقد أن هذا قد يساعد، وإنما توجد أيضاً عناصر كثيرة تدفع مع الأسف مؤمنينا – وليس فقط الكاثوليك، المسيحيين، وإنما أيضاً جميع المواطنين في بلداننا في الشرق الأوسط – إلى المغادرة. هناك العوامل الاقتصادية، العوامل الاجتماعية، هناك مشكلة المستقبل. كل هذا يدفع إلى توجيه أنظار كثيرين إلى الخارج. ولكنني أكيد من أن وعينا بأهمية الوجود المسيحي، وأن شعور الكنيسة بواجب تحسين توعية مسيحيينا بشأن تأدية رسالتهم التاريخية في هذه الحقبة من الزمان، يمكنهما المساعدة. أرجو أن يساعد هذا الأمر البعض على تغيير آرائهم والبقاء.

هل وجود أحد آيات الله الإيرانيين ورجل دين مسلم لبناني وحاخام من القدس، يمكن أن يشكل ورقة رابحة خلال السينودس، ويكون له تأثير بعد السينودس؟

أجل حسبما أعتقد، تماماً كما حصل في كل السينودسات الأخرى، وفي اللقاءات الدولية عامة. لا يمكن لذلك إلا أن يكون إيجابياً. وكما نعبر في ما بيننا عن أفكارنا، فإننا نرجو ذلك. من الجيد جداً أن نتمكن من الإصغاء إلى صوت آخر، فربما هناك مواقف لا نراها نحن بوضوح. فترقب ما ينتظره الآخرون أيضاً، وليس ما ننتظره ونريده نحن فقط، لا يمكن إلا أن يكون بناءً وإيجابياً.

 

هناك انقسامات سياسية في العالم العربي، تلقي بظلالها أيضاً على الإكليرس، وفي بعض البلدان، حتى الإكليرس يتبع الفرق السياسية الأمر الذي يؤدي الى انقسامات أيضاً على هذا الصعيد. هل سيتطرق السينودس الى هذا الموضوع؟ وما هي الحلول؟

لقد تطرق السينودس في هذين اليومين الى هذا الموضوع، وقد تكلم بعض آباء المجتمع عن خطر الانتماءات وخطر اخذ المواقف السياسية بدلاً من تدعيم التوجهات الرعائية، الدينية حسب فكر وتعليم الكنيسة الاجتماعي ومن الجيد جداً أن يوجه آباء المجمع الانتباه الى ضرورة أن يهتم ويتوحد المسيحيون في بلادنا حيث يمكن أن يكون لهم عمل سياسي ووزن سياسي، ان يتوحدوا نحو التوجه الى بناء مجتمع مبني على حقوق الانسان وعلى الديمقراطية وعلى الاحترام المتبادل وليس على اختيارات سياسية.  لقد تحدثنا عن ذلك وأظن ان الآخرون سيناقشون من جديد هذا الموضوع.

ماذا عن وضع المسيحيين في مصر، نتحدث عن حرية دينية وحرية معتقد ولكن يبدو وكأنها تبقى فقط حبراً على ورق وفي عالم النظريات؟ على أرض الواقع كيف هي الأمور؟

الأمور في مصر بالنسبة للكاثوليك او لباقي المسيحيين، نحن في نفس الوضع. بدون شك الدستور يؤكد الحرية والمساواة ويبدأ في البند الأول من الدستور الذي ينص على أن أساس الانتماء هو المواطنة، وهذا كان تجديد جميل جداً في الدستور. التطبيق العملي للمواطنة ولتأكيد الحرية الدينية الواردة أيضاً في بنود اخرى من الدستور، هي اولاً الحرية الكاملة للكنائس والمؤسسات الدينية، لممارسة الحياة الدينية في كنائسها وفي مؤسساتها وفي منظماتها ولا نستطيع أن نشتكي أبداً من هذه الناحية. بدون شك، هناك بعض الصعوبات مثلاً في ما يتعلق ببناء الكنائس في المدن الجديدة، وإعادة بناء كنائس قديمة او مهدمة، ولكن لا بد من القول أنه لا يوجد في الواقع منع أو تحريم وإنما هناك إجراءات تأخذ بعض الوقت أو الكثير من الوقت ولكنها عادة تنتهي بالوصول الى نتيجة. وهنا أريد أن أؤكد على أهمية التعامل المباشر مع المسؤولين المدينيين والسياسيين والأمنيين وعدم الإثارة الإعلامية التي تسيء أكثر مما تنفع.

كيف تلقى سينودس أساقفة الشرق الأوسط خبر ان أسرائيل تطالب بان تكون دولة يهودية وبالتالي تصبح الديمقراطية تيوقراطية؟

قلت انني لم أكن اعرف هذا الخبر لأنني هنا فقط منذ بضعة أيام، وعندما سمعته في قاعة المؤتمر الصحفي كان تعليقي الواضح والمباشر: لا استطيع ان أفهم مثل هذا القرار. دولة تعلن وتنادي أنها الوحيدة في الشرق الأوسط وفي العالم العربي والإسلامي، الوحيدة الديمقراطية والليبيرالية والمدنية، وتأخذ مثل هذا القرار بفرض حلفان الأمانة لدولة يهودية، فأين المنطق.  انا أرى هنا تعارضاً بين إعلان هوية معينة وأخذ قرارات وسن قوانين ضد المبدأ المعلن عنه كهوية لهذه الدولة. هذا رأيي الشخصي.  بالأمس أعلنت الصحف الإيطالية أن السينودس يدين دولة اسرائيل، نحن لا ندين دولة اسرائيل وهذا رأيي الشخصي وقد يكون هناك من هم على رأي مختلف. وانا شخصياً أرى أن هذا غير منطقي ولا يتفق مع هذا التوجه، وهذا الإعلان وهذا الاتجاه وهذه البروباغاندا والدعاية بأن اسرائيل هي الدولة الوحيدة المدنية والديمقراطية والعصرية. وهذا رأيي الشخصي.