مداخلات الجلسة الثالثة من سينودس الأساقفة

الفاتيكان، الخميس 14 أكتوبر 2010 (ZENIT.org).

ننشر في ما يلي نصوص مداخلات الآباء السينودسيين في معرض الجلسة الثالثة من سينودس الأساقفة. وقد عممتها اليوم دار الصحافة التابعة للكرسي الرسولي باللغة العربية.

* * *

عند الساعة 09:00 من صباح الثلاثاء 12 تشرين الأوّل/أكتوبر 2010، وبحضور الأب الأقدس، مع ترتيلة "الساعة الثالثة"، عُقِدَت الجمعيّة العامّة الثالثة، للتصويت على لجنة صياغة الرسالة الختاميّة ولمتابعة مداخلات آباء السينودس في القاعة حول الموضوع: الكنيسة الكاثوليكيّة في الشرق الأوسط: شركة وشهادة. "وكان جماعة الذين آمنوا قلبًا واحدًا ونفسًا واحدةً" (أع 4: 32).

 الرئيس الدوريّ المنتدب كان صاحب الغبطة إغناطيوس يوسف الثالث يونان، بطريرك أنطاكية للسريان الكلّيّ الطوبى (لبنان).

 حَضَرَ هذه الجمعيّة العامّة التي اختتمت عند الساعة 12:30، بصلاة التبشير الملائكيّ، 165 أبًا.

 التصويت على لجنة صياغة الرسالة الختاميّة

 بعد الاستراحة تمّ التصويت الأوّل لانتخاب أعضاء لجنة صياغة الرسالة الختاميّة، وبتعيين حبريّ كانت برئاسة سيادة المطران كيريلّس سليم بسترس، بولسيّ، رئيس أساقفة نيوتن للروم الملكيّين السامي الاحترام (الولايات المتحدة الأمريكيّة) ونائب الرئيس سيادة المطران وليم حنّا شومَلي، أسقف ليدّا شرفًا، أسقف القدس المساعد للاّتين السامي الاحترام (القدس).

 الرسالة إلى شعب الله

 لقد جرت العادة في الجمعيّات السينودسيّة أن تُنشر رسالة (Nuntius) موّجهة إلى شعب الله، مع إشارة خاصّة إلى الفئات المعنيّة بشكل مباشر بموضوع السينودس. وهدف الرسالة، ذات الطابع الرعويّ، تشجيع شعب الله للاستجابة بأمانة لدعوته الخاصّة، وتهنئته على الجهود التي قام بها في نهاية الأسبوع الأوّل، يجب تقديم مشروع أوليّ للرسالة إلى الجمعيّة من أجل مناقشة عامّة. بعد جمع ملاحظات الجمعيّة، تُعِّد اللجنة مشروعًا نهائيًّا يُقدم للموافقة عليه من قبل الجمعيّة. سيتمّ نشر النصّ النهائيّ عند اختتام أعمال السينودس. يجب أن يُعَّد النصّان باللغات العربيّة والفرنسيّة والإنجليزيّة والإيطاليّة.

تشكيل لجنة تحرير الرسالة الختاميّة

 ستتشكّل لجنة صياغة الرسالة التي ستُنشر عند اختتام أعمال السينودس، وبعد حصولها على تصويت مسبق من قبل الآباء، من 12 عضوًا، ثمانية منهم منتخبون من قِبَل الجمعيّة (واحد لكلٍّ من الكنائس الممثّلة في مجلس بطاركة الشرق الأوسط وواحد من إتحاد الرؤساء العامّين) وأربعة، بمن فيهم الرئيس ونائب الرئيس، معيّنون من الأب الأقدس.

 لتشكيل اللجنة، المكوّنة من آباء السينودس بشكل حصريّ، ستؤخذ بعين الاعتبار المعايير التالية: الإنتماء الكنسيّ (تنوّع الجنسيّة واللغة)؛ الحس الكنسيّ والثقافيّ؛ الكفاءة الخاصّة المطلوبة؛ القدرة على التصوّر والصياغة؛ القدرة على العمل ضمن فريق.

 إنّ وظائف رئيس هذه اللجنة هي: دعوة وترؤّس اجتماعات اللجنة عند الضرورة؛ تقديم مشروع أوّليّ لصياغة الرسالة في الجلسة العامّة من أجل مناقشته من قِبَل آباء السينودس؛ تشكيل لجانٍ فرعيّة أو فرق عمل لصقل النسخة الأولى من الرسالة؛ التأكّد من أنّ النصّ متوفرٌ باللغات المختلفة التي اعتمدتها الجمعيّة الخاصّة من أجل الشرق الأوسط، سواء بالنسبة للمشروع الأوليّ أو بالنسبة للنسخة النهائيّة؛ تقديم النصّ النهائيّ للرسالة للجمعيّة من أجل التصويت عليها. كلّ هذا يمكن أن يقوم به مباشرة رئيس اللجنة أو نائب الرئيس أو أي عضو من الأعضاء يعَيّنه الرئيس؛ تقديم الرسالة الختاميّة خلال مؤتمر صحفيّ.

التصويت الإلكترونيّ

 تمّ تصويت اللجنة على الرسالة الختاميّة بشكل إلكترونيّ.

 للتصويت بشكل إلكترونيّ، سيستخدم آباء السينودس جهازًا -يستعمل أيضًا لحساب الحضور- يمكن من خلاله إجراء نوعين من التصويت: التصويت البسيط والتصويت المُتعدّد.

التصويت البسيط: عند التصويت على اقتراح واحد يُطلب من خلاله الموافقة، تُستَعمل المفاتيح (PLACET)، (NON PLACET)، (ABSTINEO) أو (PLACET IUXTA MODUM). عندما يتمّ الاختيار، يتمّ التأكيد عليه بالضغط على المفتاح الأخضر (CONFIRMO).

التصويت المتعدّد: عندما يتطلّب التصويت التعبير عن إختيار بين اقتراحات عديدة، تُستعمل المفاتيح الرقميّة بالضغط على المفتاح الرقميّ المطابق للاختيار ويُؤكد عليه بالضغط على المفتاح (CONFIRMO). في حال الخطأ في الضغط، تظهر على الشاشة الكتابة (No Valido).

في حال الخطأ في الضغط، أو إن أُريد تغيير الاختيار، يُضغط على المفتاح الأحمر (DELEO)، قبل إدخال الإختيار من جديد والتأكيد عليه بواسطة المفتاح الأخضر (CONFIRMO). يمكن إعادة هذه العمليّة حتّى يُقرّر الرئيس بأنّ الوقت المُتاح قد انتهى.

 المداخلات في القاعة (متابعة)

 قام بمداخلات الآباء التالية أسماؤهم:

  – نيافة الكاردينال أنجلو سودانو، عميد مجمع الكرادلة السامي الاحترام (حاضرة الفاتيكان)

 – نيافة الكاردينال زينون غروكولفسكي، رئيس مجمع التربية الكاثوليكيّة السامي الاحترام (حاضرةالفاتيكان)

 – سيادة المطران عاد أبي كرم، أسقف أبرشيّة مار مارون للموارنة في سيدني السامي الاحترام(أستراليا)

 – حضرة الأب ديفيد نويهاوس، يسوعيّ، النائب البطريركيّ الأورشليميّ للاتين لرعويّة الكاثوليك الناطقين بالعبريّة الجزيل الاحترام (القدس)

 – سيادة المطران لويس ساكو، رئيس أساقفة كركوك للكلدان، المدبّر البطريركيّ في السليمانيّة للكلدان السامي الاحترام (العراق)

 – سيادة المطران شليمون وردوني، أسقف الأنبار للكلدان شرفًا، أسقف كوريا بابل للكلدان السامي الاحترام (العراق)

 – سيادة المطران أنطونيوس عزيز مينا، أسقف الجيزة للأقباط السامي الاحترام (مصر)

 – سيادة المطران مارون الياس لحّام، أسقف تونس السامي الاحترام (تونس)

 – سيادة المطران سمير نصّار، رئيس أساقفة دمشق للموارنة السامي الاحترام (سوريا)

 – سيادة المطران يوسف بشاره، رئيس أساقفة أنطلياس للموارنة السامي الاحترام (لبنان)

 – سيادة المطران رافايل فرنسوا ميناسيان، الإكسرخوس البطريركيّ لبطريركيّة كيليكيا للأرمن السامي الاحترام (القدس)

 – سيادة المطران سليم صايغ، أسقف أكوي دي بروكونسولاري شرفًا، أسقف مساعد للاتين في القدس، النائب البطريركيّ الأورشليمي للاتين في الأردن السامي الاحترام (القدس)

 – سيادة المطران جورج بقعوني، رئيس أساقفة صور للروم الملكيّين السامي الاحترام (لبنان)

 – حضرة الأب المحترم ماورو جوري، كبّوشيّ، الأب العامّ لرهبانيّة الفرنسيسكان للإخوة الصغارالكبّوشيّين السامي الاحترام (اتحاد الرؤساء العامّين) (إيطاليا)

 – سيادة المطران جان بنجامين سليمان، كرمليّ، رئيس أساقفة بابل للاتين السامي الاحترام(العراق)

 – سيادة المطران فنسان لاندل، كهنة بيتارّام، أسقف الرباط السامي الاحترام (المغرب)

 – سيادة المطران جورجيو بيرْتين، فرنسيسكانيّ، أسقف جيبوتي السامي الاحترام (جيبوتّي)

 – قدس الأرشمندريت روبرت ل. شترن، الأمين العامّ للجمعيّة الخيريّة الكاثوليكيّة للشرق الأوسط الجزيل الاحترام (الولايات المتحدة الأمريكيّة)

 – سيادة المطران فارتان فالدير بوغوصيان، سالزيانيّ، أسقف القدّيس غريغوريوس دي نارك في بوينوس أيرس للأرمن، الإكسرخوس الرسوليّ للإكسرخوسيّة الرسوليّة لمؤمنيّ الطقس الأرمنيّ المقيمين فيأمريكا اللاتينيّة والمكسيك السامي الاحترام (أمريكا اللاتينيّة والمكسيك)

 – سيادة المطران بولس يوسف مطر، رئيس أساقفة بيروت للموارنة السامي الاحترام (لبنان)

 – نيافة الكاردينال ستانيسلاو ريلكو، رئيس المجلس الحبريّ لشؤون العلمانييّن السامي الاحترام(حاضرة الفاتيكان)

 – قدس الآباتي سمعان أبو عبدو، مريميّ، الرئيس العامّ للرهبانيّة المريميّة المارونيّة السامي الاحترام(لبنان)

 سننشر في ما يلي ملخّص المداخلات

– نيافة الكاردينال أنجلو سودانو، عميد مجمع الكرادلة السامي الاحترام (حاضرة الفاتيكان)

 مطلب أوّل

بالنظر إلى الجمعيّة الحاليّة، أودّ أن أؤكّد لكم مباشرةً أنّي أتوافق في الرأي تمامًا مع ما خُطّ في ورقة عملنا، أي أنّ الشركة الكنسيّة هي المطلب الأوّل الذي يجب على المسيحيّين تحسّسه في الواقع الحاليّ المعقّد للشرق الأوسط. أضف إلى أنّ هذه الوحدة هي الشهادة الأولى التي يمكن أن يقدّمها الرعاة والمؤمنون إلى المجتمعات التي يعيشون فيها، أكانوا في قبرص أو الكويت، في تركيا أو مصر، في مجتمع حيث الحضور المسيحيّ ضعيف جدًا كما في بعض بلدان شبه الجزيرة العربيّة، أو مهمّ للغاية كما في لبنان.

إنّ التجارب الحاليّة الصعبة يمكن حتّى أن تتحوّل إلى محفّزٍ لتلاحم أكبر بين الجماعات المسيحيّة المختلفة، ما يتيح أيضًا تخطّي الطائفيّة بمحدوديّتها. إنّ المسيحيّين هم، قبل كلّ شيء، أعضاء الجسد السرّيّ الواحد للمسيح. والانتماء إلى كنيسة المسيح الواحدة، وبالتالي واجب التعاون الوثيق وطريقة عيش مُحبّة وأخوّيّة، يأتي قبل فوارق اللغة والوطن والانتماء إلى طقوس مختلفة.

إزاء انتشار المسيحيّة في الشرق الأوسط، يصف المؤلّف المجهول للرسالة إلى ديوغنيتس هويّة المسيحيّين كـ"هؤلاء الذين لم يكونوا يفرّقون أنفسهم عن الآخرين، لا بالأرض ولا باللغة أو بالملبس… الذين لم يكونوا يتكلّمون لغة غير عاديّة… وكانوا يظهرون طابع نظام حياتهم الجميل والاستثنائيّ" ("رسالة إلى ديوغنيتس"، رقم 5).

أذكّر بأنّ البابا الراحل يوحنّا بولس الثاني كان قد شدّد خلال السينودس من أجل لبنان عام 1995 على موضوع وحدة المسيحيّين وانفتاحهم المتضامن نحو الآخرين. بعد ذلك، كرّس له توجيهات عديدة مهمّة في الإرشاد الرسوليّ ما بعد السينودس سنة 1997، فذكّرنا بأنّ الجماعات المسيحيّة تشكّل على اختلافها كنيسة كاثوليكيّة واحدة موحّدة حول خليفة بطرس، ومكرّسة لخدمة الإنسانيّة (إرشاد ما بعد السينودس، "رجاء جديد"، رقم 8).

الوحدة الكنسيّة.

تنشأ أحياناً المناقشات داخل جماعاتنا من التصرّفات الراعويّة المختلفة، بين من يعطي الأّولويّة للمحافظة على إرث الماضي ومن يكرّر الدعوة إلى ضرورة التجدّد. غير أنّنا نعي أنّه ينبغي دائمًا في النهاية الأخذ بالمعيار الذي أعطانا إيّاه يسوع، معيار "كلّ جديدٍ وقديم" (مت 13: 52)، أي الجديد والقديم الذي يجب استخلاصه من كنـز الكنيسة.

ذكّر بذلك مؤخّرًا المحبوب قداسة البابا بندكتوس السادس عشر، متوجّهًا إلى مجموعة من الأساقفة المعيّنين حديثًا، قائلاً لهم: "لا يقتصر مفهوم الحفظ على المحافظة على ما سبق وأُسِّس فحسب، على الرغم من أنّ هذا العنصر لا يمكن أن يغيب أبدًا، بل يتطلّب أيضًا، وفي جوهره، المنحى الديناميكيّ، أي توجّه عمليّ ملموس نحو الكمال، بتناغم تامّ وتلاؤم مستمرّ مع المتطلّبات الجديدة المتّصلة بتطوّر وتقدّم هذا النظام الحيّ الذي هو الجماعة" (صحيفة "أوسيرفاتوري رومانو"، 13-14 أيلول/سبتمبر 2010).

غنيّ عن القول إنّ الوحدة بين الرعاة والمؤمنين في الشرق الأوسط تشمل كذلك وحدة وثيقة مع كنيسة روما، حيث قادت العناية الإلهيّة الرسول بطرس إلى تأسيس مقرّه. في هذا الصدد، من ينسى ما كان يكتبه القدّيس إغناطيوس، بطرك إنطاكيا الكبير، إلى كنيسة روما؟

هو اتحاد عاطفيّ ينبغي أن يؤدّي في ما بعد إلى اتحاد فعليّ مع الكرسيّ الرسوليّ، من خلال القنوات العديدة المتوفّرة اليوم. أودّ أن أذكّر أيضًا في هذا السياق بفرصة الاتحاد الوثيق مع الممثّلين البابويّين الموجودين في بلدان الشرق الأوسط. هم ثمانية موفدين من البابا موقّرين يسعون إلى التعاون مع الرعاة المحلّيّين في هذه المرحلة الشائكة من رسالتهم، في القدس وبيروت، في دمشق وأنقرة، في بغداد وطهران، في القاهرة ومدينة الصفاة في الكويت.

رجاؤنا

ختامًا، يتعيّن علينا أن نتكاتف جميعًا في العمل للتحضير من أجل فجر جديد للشرق الأوسط، بتعويلنا على المواهب التي أنعم بها الله علينا. من الملحّ بالطبع تعزيز إيجاد حلّ للنـزاع الإسرائيليّ-الفلسطينيّ المأساويّ. ولا شك أنّه من الملّح السعي لتتوقّف التيّارات الإسلاميّة العدوانيّة. وعلينا دائمًا، بالطبع، أن نسأل احترام الحرّيّة الدينيّة لجميع المؤمنين.

لا شكّ في أنّ المهمّة التي تضطلعون بها في هذه اللحظة التاريخيّة البالغة الخطورة، أنتم، رعاة كنيسة الشرق الأوسط الموقّرين، مهمّة صعبة. لكن إعلموا أنّكم لستم وحدكم في عنايتكم اليوميّة لإعداد مستقبل أفضل لجماعاتكم.

صحيح أنّه في بعض الأحيان، وفي وجه محن الزمن الحاليّ، يشعر البعض بالرغبة العفويّة في تكرار النداء مع كاتب المزامير: "قم يا ربّ خلّصني يا إله " (مز 3: 8).

غير أنّ الإيمان يؤكّد لنا بسرعة أنّ الربّ ساهر متنبّه بقربنا، وأنّ الوعد الذي قطعه المسيح للرسل ما زال ساريًّا حتّى اليوم: "وهاءنذا معكم طوال الأيّام إلى نهاية العالم" (مت 28: 20). أخوتي الأعزّاء، إنّ هذا اليقين دعمٌ لنا في الوقت الصعب الذي نعيش فيه!

 

– نيافة الكاردينال زينون غروكولفسكي، رئيس مجمع التربية الكاثوليكيّة السامي الاحترام (حاضرةالفاتيكان)

إنّ الكنسية في الشرق الأوسط لَها تقاليدها التربويّة العريقة. نجد اليوم ما يقارب ألف مؤسّسة تربويّة كاثوليكيّة، تضمّ حوالى 600.000 تلميذًا. هذه المؤسّسات تلقى تقديرًا كبيرًا بشكل عامّ وتقدّم تربية مدرسيّة بدون أي تمييزٍ، وتجعلها خصوصًا بِمتناول الأكثر فقرًا. وفي المنطقة أيضًا، تعمل أربع جامعاتٍ كاثوليكيّة مع فروع مختلفة خارج مركزها الأساسيّ، ثماني مؤسّساتٍ للدراسات الكنسيّة العليا وعلى الأقلّ عشر إكليريكيّات من مختلف الطقوس. في كلّ حال، في بلدان الشرق الأوسط، تنعم المؤسّسات التربويّة الكاثوليكيّة بشروط مختلفة في ما يتعلّق بإمكانيّة مواصلة نشاطاتِها ورسالتها. ولذلك فإنّ وجودها في بعض المناطق أكثر كثافة، بينما يتقلّص في مناطق أخرى.

أودّ ان أشير إلى الفقرة رقم 3 من ورقة العمل، التي تحدّد بشكلٍ عامّ الهدف الخاصّ لهذه الجمعيّة، لأنّ المؤسّسات التربويّة الكاثوليكيّة يمكن أن يكون لها وزنٌ هام في تحقيق كلّ المسلّمات الموجودة تقريبًا في الأماكن المختلفة من الورقة والتي هي:

– تعزيز حقّ الحضور في الشرق الأوسط للمسيحيّين ورسالتهم في كلّ بلد؛ تنشئة شهود أصيلين للإيمان على كافة الصعد وأشخاصٍ كفوئين لنقل الإيمان.

–      إحياء الشركة الكنسيّة والتعاون بين العناصر المختلفة التي تؤلّف الواقع الكنسيّ للشرق الأوسط؛ الإلتزام المسكونيّ والحوار ما بين الأديان؛ التعاون مع اليهود والمسلمين على الصعيد الدينيّ، الإجتماعيّ والثقافيّ من أجل الخير العام؛

–      تعزيز الإلتزام المسيحيّ الضروريّ في الحياة العامّة؛ في النشاط المدنيّ والسياسيّ؛ في وسائل الإعلام؛  الإسهام في مواجهة تحدّيات السلام و التحدّيات التي تنشأ من إلتباسات الحداثة، بطريقة ملائمة؛ تكوين مجتمعٍ أكثر عدالةً وأكثر تضامنًا وإنسانيّةً؛ الإسهام في التنمية الكاملة لبلدان الشرق الأوسط على كافة الصعد وإغناؤها بالقيَم المسيحيّة.

لكي يستطيع المسيحيّون أن يكونوا محترمين ولكي يستطيعوا أن يلَبّوا رسالتهم الخيريّة ومن ضمنها الرسالة التربويّة، لا بد من تعزيز نوعيّ لمفاهيم "العلمنة الإيجابيّة" وكرامة الشخص البشريّ، وحقوقه، وللحرّيّة الدينيّة الحقيقيّة، واحترام حرّيّة الآخر. كما تستطيع المؤسّسات التربويّة الكاثوليكيّة ويجب عليها أن تساهم أيضًا في هذا التعزيز.

 إلى ذلك، أعتقد أنّه من الصعب أن نجد بين المسلّمات التي تبرزها ورقة العمل شخصًا لا تهمّه المؤسّسات التربويّة. طبعًا، على كلّ من هذه المؤسّسات أن تساهم في مجال عملها الخاصّ وفق إمكاناتِها الملموسة.

أريد فقط أن أسلّطَ الضوء على أربعة ملاحظات:  

1)              إنّ مؤسّساتنا هي مفتوحة للجميع وتحترم أولئك الذين لا يشاركون في الإيمان المسيحيّ، فلا يشعر أحد بأنّه غريب أو ضيف. ولكن هذا لا يعني الصمت على القيَم المسيحيّة التي هي أساس النهج التربويّ الكاثوليكيّ أو إضعاف هويّته الخاصّة والرسالة المسيحيّة؛

2)              لكي تكون من أنصار السلام واحترام حقوق الإنسان، والتقدّم، والإلتزام المدنيّ والدينيّ، ولكي تكون ملتزمةً بالحركة المسكونيّة، في الحوار بين الأديان، إلخ.، من الضروريّ أن يكون لمؤسّسات التعليم العاليّ صِلاتٌ وحوارٌ مع سائر المؤسّسات المثيلة الموجودة على الأرض.

3)              يببقى من الأساسيّ التعزيز الاصيل للدعوات الكهنوتيّة والتحضير المتين الفلسفيّ واللاهوتيّ، والروحيّ والثقافيّ لكهنة المستقبل المتناسب مع الحاجات الخاصّة بالمكان. في الواقع، يرتبط إلى حدٍّ كبير بنوعيّتهم والتزامهم، تثبيت الكنيسة وتطويرها في الشرق الأوسط.

4)              من المهمّ للغاية أن يرافق الأساقفة/الأبرشيّون هذه المؤسّسات التربويّة الكاثوليكيّة بطريقة مستمرّة بحضورهم، وتشجيعهم، ودعمهم وإرشاداتِهم البنّاءة.

 

 – سيادة المطران عاد أبي كرم، أسقف أبرشيّة مار مارون للموارنة في سيدني السامي الاحترام(أستراليا)

 كيف يمكن لمسيحييّ الشرق في بلاد الإنتشار أن يساعدوا مسيحيّي الشرق الأوسط؟

 نحن مقتنعون بأنّ تثبيت مسيحيّي الشرق في بلاد الانتشار في هويّتهم وتراثهم الشرقيّ، قد يولّد ديناميّةً قد تعيدهم إلى جذورهم، وتحرّك فيهم روحانيّة آبائهم وإيمانهم فيصبحون نبعًا أساسيًّا "للدعم الروحيّ والتضامن" مع إخوتهم المسيحيّين في بلدانهم الأصليّة.

إنّ عملي الراعويّ ليجسّد هذه الرؤية. وفي ضوء هذه المبادئ، أوجدنا العديد من المبادرات واللجان في جميع رعايانا: منها من تسعى إلى إرساء علاقات مع الموارنة في استراليا وخلق تواصل بينهم وبين لبنان؛ ومنها من تسعى إلى تربيتهم وتنشيط مارونيّتهم، بهدف حثّهم على تقديم العون الماديّ للموجودين في الشرق الأوسط؛ ومنها كذلك من تسعى إلى تعزيز العلاقات مع الأساقفة الكاثوليك والأرثوذكس الأستراليّين ومع المسلمين أيضًا من أجل أعمال مستقبليّة.

المسيحيّون في العالم كلّه، وعلى كلّ المستويات، مدعوون إلى المشاركة في تقديم أيّة مساعدة، للكنائس الشرقيّة.

وعلينا نحن في الإنتشار، أن نعمل على تربية شعبنا، على تثبيته في هويّته الشرقيّة وتوعيته عليها، بالإرتكاز على الإيمان والتراث. ممّا سيدفعهم إلى مدّ يد العون لأخوتهم المسيحيّين في الشرق، وإلى الإتحاد في كنيسة واحدة، في جذورها وانتشارها. كنيسة الآفاق الجديدة للأزمنة جديدة.

 

 – حضرة الأب ديفيد نويهاوس، يسوعيّ، النائب البطريركيّ الأورشليميّ للاتين لرعويّة الكاثوليك الناطقين بالعبريّة الجزيل الاحترام (القدس)

 إنّ العبريّة هي أيضًا لغةٌ من لغات الكنيسة الكاثوليكيّة في الشرق الأوسط. المئات من الإسرائيليّين الكاثوليك يعبّرون عن جميع جوانب حياتهم بالعبريّة مثاقفين إيمانهم داخل مجتمع محدّد بالتقليد اليهوديّ.

ومع ذلك، اليوم، هناك أيضًا الآلاف من الأطفال، كاثوليكيّو الإيمان، ينتمون إلى عائلات عمّالٍ أجانب أو لاجئين، وعرب، يرتادون مدارس باللغة العبريّة ويحتاجون إلى التعليم المسيحيّ بالعبريّة، ما يشكّل اليوم تحدّيًا عميقًا للنيابة البطريركيّة للمتحدّثين في اللغة العبريّة. أخيرًا، إنّ النيابة الكاثوليكيّة للمتكلّمين في اللغة العبريّة تبحث عن طرقٍ تقوم مقام جسرٍ بين الكنيسةِ، المتكلّمة بأغلبيّتها باللغة العربيّة، والمجتمع الإسرائيليّ اليهوديّ لتعزيز التعليم على احترام شعوب العهد القديم، معًا مع تحسّس الصرخة من أجل العدالة والسلام من قبل الإسرائيليّين والفلسطينيّين. على الكاثوليك المتكلّمين باللغة العربيّة وأولئك المتكلّمين باللغة العبريّة أن يشهدوا ويعملوا في شركةٍ معًا من أجل الكنيسة التي هي في أرض مولدها.

 

 – سيادة المطران لويس ساكو، رئيس أساقفة كركوك للكلدان، المدبّر البطريركيّ في السليمانيّة للكلدان السامي الاحترام (العراق)

الاصلاح الليتورجيّ المبني على الكتاب المقدّس، وعلى تعليم آباء الكنيسة، وعلى المتطلّبات الرعويّة لأيّامنا الحالية. فلنواجه هذا الموضوع وإلاّ، فسيمضي مؤمنونا باحثين عن كنائس أخرى، كما حدث في بعض الحالات. وهنا نتحدث عن أولويّة تنشئة المربّين. تفتقر بعض الكنائس إلى العاملين في عديدها. وعلى الكنيسة الجامعة أن تساعد في تحضير رجال الإكليروس ليكونوا على مستوى رسالتهم.

العلاقات بين الكنائس المختلفة في كلّ بلد في الشرق الاوسط والعلاقات مع الكرسيّ الرسوليّ. كيف نعيش في الوقت عينه الشركة ضمن الخصوصيّة؟ سنبقى منقسمين إذا بقينا ننظر إلى الوراء، ولم نبحث عمّا يوحّدنا اليوم. الكنائس الشرقيّة هي جزء من الكنيسة الجامعة، وكلّ دراسة تقوم بها الكنيسة الجامعة، يجب أن تأخذ بعين الإعتبار أوضاع الكنائس الخاصّة. وفي بعض الأحيان نحن خائبو الأمل.

إلتزام جدّيٌّ في سبيل الحوار مع المسلمين. لا سلام ولا إستقرار بدون حوار مع المسلمين. معًا نستطيع أن نمحوَ الحروب وكلّ أشكال العنف. وعلينا أن نوحِّد أصواتنا لنشجب معًا الصفقة الإقتصاديّة الكبيرة لتجارة الأسلحة. إنّها تهديد حقيقيّ بحرب في منطقتنا، حيث تحقّقت كلمات البابا يوحنّا بولس الثاني بشكلٍ مأساويّ: "الحرب هي مغامرة بدون رجعة". بدون الحوار وإلتزام حقيقيّ وواقعيّ لن يكون هناك سلام.

لا يمكن تجّنب الهجرة المميتة التي تصيب كنائسنا، فالهجرة هي التحدّي الأكبر الذي يهدّد حضورنا. وأرقام الإحصائيات مقلقة. وعلى الكنائس الشرقيّة، والكنيسة الجامعة أيضًا، أن تتحمّل مسؤولياتها وأن تجد مع الجماعة الدوليّة، ومع السلطات المحلّيّة، خيارات مشتركة تحترم كرامة الشخص البشريّ. خيارات مبنيّة على مبادئ المساواة والمواطنة الكاملة، مع إلتزامات بالشراكة وبالحماية. يجب أن ترتكز قوّة كلّ دولة على مصداقيّتها في تطبيق القوانين لخدمة المواطنين، بدون تمييز بين أكثريّة وأقليّة. نريد أن نعيش بسلام وحريّة، لا أن نبقى فقط على قيد الحياة.

 

 – سيادة المطران شليمون وردوني، أسقف الأنبار للكلدان شرفًا، أسقف كوريا بابل للكلدان السامي الاحترام (العراق)

نشكر قداسة الحبر الأعظم بندكتس السادس عشر الذي دعانا إلى هذا اللقاء وهو يعمل معنا ويُرافقنا لكي نخرج بنتائج إيجابيّة وبنّاءة. إنها لَخطوة مباركة وجريئة وضرورية هذه التي خطوناها لكي معًا ندرس القضايا الشائكة التي تهمّنا جميعًا ولا يمكننا التنصل عنها، لا بل إن هذه الخطوة أتت متأخّرة لأنه كان يجب أن نقوم بها منذ مدة طويلة لأهميتها وخطورة المواضيع التي نتباحث بها وهي تتعلق بالوجود أو عدم الموجود، بالبناء أو الهدم، بالثبات أو الهزيمة، بالالتزام أو عدمِه، بالمُضيّ قُدُمًا أو بالرجوع إلى الوراء، هذا كُلهُ بالنظر إلى الماضي والحاضر والمستقبل. علينها أن نضع أُسسًا قويّةً ونُصلح التالفة منها والمُتَردِّية لكي نكون شهودًا للمسيح القائم ونعيش وصاياه السماوية التي أعطانا إياها لتُصبح حياةً لنا، وتُنعش كل تصرّفاتنا وهكذا تتحقق الشركة بيننا. هذه التي لا أحد يستطيع أن يُضعفها بيننا: لا المصلحة ولا الطائفية ولا الأنانية، إنّما علينا أن نعيش كلنا من أجلِ الكل وإلاّ فإن إنقساماتنا ستدمّرنا؛ أن ننادي ونعيش المحبة المتبادلة وهي توصلنا إلى الوحدة وفيها نجد القوة. ما العمل إذًا؟

1. المحبةُ فوق كل شيء: تأسيس لجنة شرق أوسطية من كل الكنائس، متعلقة بمجلس البطاركة، تكون مسؤولة عن الحوار بين الكنائس الكاثوليكية والتقارب الحقيقي بينها لهدم بعض الحواجز العملية ولبناء العلاقات الحميمة وتشجيع التبادل في الخدمات ودرس نقاط الضعف في الكنائس الشقيقة.

2. ليكونوا قلبًا واحدًا: تأسيس لجنة مسؤولة عن المسكونية والعلاقات بين الكنائس الأرثذكسية الشقيقة ومع الجماعات البروتستانتية، وتأسيس لجنة تهتم بالحوار بين الأديان في الشرق الأوسط، تُنظم اللقاءات البنّاءة بين الديانات الكبرى الثلاث والديانات الأخرى. تأليف لجنة قوية للدفاع عن المظلومين وعن الذين تُهدر حقوقهم، للوقوف بكل شجاعة وجرأة ضد الفئات السياسية المتعصبة والمنحازة.

3. التأكيد على الشهادة للايمان في الحياة، وتشجيع مؤمنينا ليعملوا في الميدان السياسي، إنهم سكان أصليون لهم حقوقهم وواجباتهم وعليهم أن يأخذوا المسؤولية لتمشية أمور الدولة حسب مبادئ حقوق الإنسان. التوعية وذلك بالدفاع عن الحرية وخاصة الدينية منها وحرية الضمير وحرية الكلمة، وهنا نذكرُ خاصةً قضية القاصرين التي تُنغّص حياة العوائل المسيحية، إذ لا توجد حرية في هذا المضمار.

4. علينا أن نزرع السلام والاستقرار في بلداننا وأن نصرخ جميعًا لا للحرب… نعم للسلام، لا للأسلحة الفتّاكة.. نعم لنزع السلاح، لا للإرهاب.. نعم للأخوة الشاملة، لا للإنقسامات والفتن والتعصب.. نعم للوحدة والتسامح والحوار. وأن نركّز بقوة بأن مسيحي الشرق الأوسط هم أصليون ولهم بموجب المواثيق الدولية امتيازان: الاول، حق المواطنة والثاني، المحافظة عليهم لئلا تفرغ دول الشرق الأوسط منهم.

5. الاهتمام بالعلمانيين واعطاؤهم دورهم الحقيقي في الكنيسة، وتكوين لجنة للاهتمام بالعائلة والشباب. هذا كله نضعه تحت حماية أمنا مريم، أُم الشرق، هي التي رافقت الكنيسة الأولى ترافقنا اليوم آمين.

 

 – سيادة المطران أنطونيوس عزيز مينا، أسقف الجيزة للأقباط السامي الاحترام (مصر)

 إنتخاب الأساقفة:

لا تهدف مداخلتي إلى طلب تبديلٍ للقاعدة السارية، بل إلى طلب إيجاد مسارٍ يستطيع تبسيط ممارسات التعيينات، بالحفاظ على القاعدة السارية والحفاظ على التقليد الشرقيّ في نفس الوقت.

أقترح طريقتين بديلتين تبعًا للأفضليّة:

– اعتبار الحبر الرومانيّ حاضرًا بالقوّة  في كلّ إجتماعات السينودس، وموافقًا ضمنيًّا على كلّ انتخابٍ تمّ. هكذا، على البطريرك أن يطلب من الأب الأقدس أن يمنح بركته، بعد إتمام الإنتخاب، ولكن قبل إعلان التعيين.

– ينقل البطريرك نتيجة الإنتخابات مباشرةً إلى الأب الأقدس، في مقابلةٍ خاصّةٍ أو بواسطة الممثّل البابويّ، طالبًا موافقته.

سلطة البطاركة على مؤمني الطقس نفسه خارج الأراضي البطريركيّة:

حافظت المجامع المسكونيّة كلّها بحزمٍ على مبدأ امتداد السلطة على الأرض.

من ناحيةٍ أخرى، إنّ الـ 60/70 سنة الأخيرة قد وَسَمت التاريخ البشريّ بإيقاعٍ جنونيّ.

إثر الهجرة الكثيفة لعائلاتٍ بكاملها، من قسم من العالم إلى آخر، غادر الكثير من الشرقيّين أرضهم للإقامة في مكانٍ آخر. وفي الحالة القصوى المؤمنون المنتمون إلى كنيسة ذات حقٍّ خاصّ هم أكثرُ عددًا في خارج الأرض ممن هم في داخلها.

ليس من المنطق أبدًا ألاّ يكون بعض مؤمني كنيسةٍ "ذات حقٍّ خاصّ" على علاقاتٍ أخرى مع الكنيسة التي ينتمون إليها غير تلك الليتورجيّة.

إنّ طلبي هو إمكان إعطاء البطريرك السلطة الشخصيّة على مؤمني كنيسته حيثما كانوا.

إكسرخيّات للشرقيّين خاليةٍ من إكسرخوسٍ خاصّ:

إنّ هذه البنية القانونيّة السابقة للمجمع، والتي صدرت بعد الممارسة الرعويّة للشرقيّين القاطنين خارج أراضي المنشأ، تبدو وكأنّه تمّ تجاوزها كليًّا، وأجرؤ على القول بأنّها تناهض أحكام القانون المعمول بها.

لذلك أقترح أن ندرس من جديد الوضع القانونيّ لإكسرخيّات الشرقيّين الحاليّة الخالية من إكسرخوسٍ خاصّ من أجل إلغائها.

رسالة الكهنة المتزوّجين خارج الأراضي البطريركيّة:

منذ الثلاثينيّات دخل حيّز التنفيذ منع الرسامة وممارسة خدمة الكهنة المتزوّجين خارج الأراضي البطريركيّة والـ"مناطق الشرقيّة تاريخيًّا". وأنا ملتزمٌ بما سيقرّره الأب الأقدس، أعتقد أنّ الوقت قد حان لأن نخطو هذه الخطوة لصالح رعائيّة المؤمنين الشرقيّين في بلدان الاغتراب.

 

 – سيادة المطران سمير نصّار، رئيس أساقفة دمشق للموارنة السامي الاحترام (سوريا)

 ليس الكلام عن العلاقات بين الشرق الأوسط وبلاد المغرب كلامًا عن العلاقات بين الغرب والشرق. تشكّل بلدان المغرب أيضًا جزءًا من العالم العربيّ والإسلاميّ. ويجب أن نعرف أنّ هناك مسلمين في شمال أفريقيا أكثر ممّا هم في الشرق الأوسط. صحيح أنّ منطقة الشرق الأوسط تنعم بوجود أقلّيّات مسيحيّة عربيّة، في حين أنّ مسيحيّة القرون الأولى قد اختفت تمامًا من بلدان المغرب. حاليًّا، إنّها كنائس محلّيّة حقيقيّة أُنشئت في بلدان كلٍّ منها، ولكنّ مؤمنيها أجانب.

إنطلاقًا من هاتين النقطتين أقوم بمداخلتي:

– إنّ بلدان المغرب هي جزء من العالم العربيّ-الإسلاميّ. وبصرف النظر عن بعض الخصوصيّات في بلد أو في آخر، إنّ الحياة في الرباط، والجزائر، وتونس، أو في طرابلس، هي مشابِهة للحياة في عمّان، وبغداد، ودمشق، أو في القاهرة. هذا ينطبق بشكل خاصّ على العلاقات مع الإسلام، وعلى واقع عيش الإيمان المسيحيّ ضمن محيط مختلف جدًّا. إنّ لكنائس بلدان المغرب مصلحة في أن تكون على علاقة مع الكنائس الشقيقة في الشرق الأوسط في هذا المجال، وفي أن تقدّم خصوصيّتها لحوار حياة وفكر مع الإسلام، حوار مُعاش انطلاقًا من حالة أجانب وليس من حالة مواطنين.

– إنّ كنائس بلاد المغرب هي كنائسُ مؤمنوها هم أجانب. نجد ما لا يقلّ عن 60 جنسيّة في كلّ كنيسة من بلاد المغرب؛ هم أوروبّيّون (رجال أعمال، دبلوماسيّون، مقيمون، متقاعدون، نساء مسيحيّات من زيجات مختلطة، إلخ)، وأفارقة (طلاّب، مستخدَمون في البنك الأفريقيّ للتنمية، عسكريّون في التدريب، عائلات، مهاجرون، إلخ)، بعض العرب المسيحيّين من الشرق الأوسط (مصر، سوريا، لبنان، فلسطين، الأردن)، وحفنة من المعمّدين المحلّيّين في الكنيسة الكاثوليكيّة (في تونس والجزائر).

إنّ التعاون المطلوب هنا هو تبادل كهنة، وراهبات، وعلمانيّين مكرّسين أو متطوّعين للعمل فيالأبرشيّات وفي المؤسّسات المختلفة التابعة لكنيسة شمال أفريقيا. حتّى الآن، كانت أوروبّا هي التي تؤمّن كلّ ذلك. حاليًّا، لم يعد هذا ممكنًا، نظرًا لانخفاض عدد الدعوات الكهنوتيّة والرهبانيّة. وبما أنّه ليس لكنائسنا عائلات مسيحيّة محلّيّة أو مقيمة منذ أجيال، فإنّ لديها اتّجاهَين لطلب المساعدة: أفريقيا والشرق الأوسط.

صحيح أنّ حياة كاهن في الشرق الأوسط لا تُشبه حياة كاهن في وسط بلاد المغرب (أقول ذلك عن خبرة، لأنّي أنا بنفسي، كما أخي الذي من الجزائر، شرق-أوسطيّان)، لكن، بنعمة الله، وبعمل جدّيّ من أجل التأقلم، هذا ممكن وهو أيضًا مغنٍ. بالنسبة إلى الراهبات، الانخراط أسهل، لأنّ هناك دعم الجماعة.

"إسألوا تُعطَوا"، قال السيّد. سأَلنا، ونحن ننتظر أن نتلقّى.

 

 – سيادة المطران الياس نصّار، أسقف صيدا للموارنة السامي الاحترام (لبنان)

 تتعايش الكنائس الشرقيّة مع الإسلام منذ أربعة عشر قرنًا، بالرغم من الصعوبات والتحدّيات، مع مدٍّ وجزرٍ مرتبطَين في الغالب بالمشاكل السياسيّة وبالصراع بين الشرق والغرب، خصوصًا منذ الحملات الصليبيّة (ما بين القرنَين الحادي عشر والثالث عشر).

في هذه الحياة المشتركة المديدة، لننظر قليلاً إلى النصف الملآن من الكأس:

إنّ هناك اغتناء متبادلاً يتمّ كلّ يوم: يحضُّ تمسّك المسلمين بالصلاة والصيام والصدقة والحجّ الجيرانَ المسيحيّين على أن يصبحوا أكثر ممارسةً.

كذلك يدفع قربُ المسيحيّينَ من الإنجيل المسلمينَ إلى التفكير في قراءة نقديّة للقرآن، على سبيل المثال.

بالطبع، إنّ الحوار العقائديّ غير وارد، ولكنّ حوار الحياة يضمن تعايشًا يستمرّ منذ 14 قرنًا.

هناك مبادرات نستطيع القيام بها في نظام علمانيّ، كما في الحالة السوريّة. لقد استطعنا أن نفعل أشياء مشتركة مع المسلمين خلال سنة القدّيس بولس، 2008-2009، من خلال الفنّ والمسرح والثقافة والرياضة:

– حفلات ترانيم دينيّة مختلطة؛

– معارض لوحات وأيقونات؛

– مسابقات رياضيّة وماراثونات؛

– محاضرات وندوات وروايات في صور؛

– إبراز قيمة مواقع القرن الأوّل الأثريّة؛

– فيلم ومسرحيّة أدّاهما ممثّلون مسيحيّون ومسلمون؛

إنّ الذي لعب دور القدّيس بولس هو مسلم.

 

 – سيادة المطران يوسف بشاره، رئيس أساقفة أنطلياس للموارنة السامي الاحترام (لبنان)

 تتوقّف مداخلتي عند الفقرتين رقم 25  و39 من ورقة العمل حيث يتعلّق الأمر بالعلمانيّة الإيجابيّة. في مكان آخَر، وبالتحديد في الرقم 109، يتمّ التأكيد على أن لا علمانيّة في البلدان الإسلاميّة.وبالنظر إلى أنّ الأغلبيّة الساحقة من بلدان الشرق الأوسط هي مسلمة، وترفض بالتالي العلمانيّة، قد يكون من الأفضل لسينودسنا أن يستعمل، بدلاً من ذلك ، مصطلح المُواطَنَة أو دولة المواطَنَة، لأنّ هذا المصطلح هو أكثر قبولاً، ولأنّه يتضمّن الحقائق ذاتها. وبالإضافة إلى ذلك، تمّ استخدامه من قِبَل رجالِ دينٍ وكتّابٍ مسلمين في لبنان وفي أماكن أخرى.وبالإضافة إلى ذلك، استعمل بطاركةُ الشرق الكاثوليك، وعلى نطاق واسع، في رسائلهم الرعويّة، بخاصّة في تلك التي تناولت العلاقات بين المسيحيّين والمسلمين، موضوع المواطَنَة (الرقم 32). ولكن، من أجل أن تكون حقيقة المواطَنَة مقبولة، ومعمَّمَة، ومُدرَجَة في الدساتير، وخصوصًّا في العقليّات، ينبغي القيام بعمل مزدوج:- على صعيد المجتمع الشعبيّ، يمكن وسائل الإتصال الإجتماعيّ أن تقدّم عونًا كبيرًا، لأنّه يجب أن تُرَسَّخ في الجماهير المفاهيم التي تتضمّنها المواطَنَة، ولا سيّما مساواة الجميع، وقبول التنوّع الدينيّ والثقافيّ.

– على الصعيد التربويّ، يمكن تغذية المواطَنَة على مدى سنوات التنشئة في المدارس والجامعات. لا بدّ من العمل على تنقيةِ البرامجِ من أجل حذف التمييز منها.

يفرض هذا العمل المزدوج ذاتَه، إذا كنّا نريد أن نتجاوز مستوى النخب التي تتقبّل المواطَنَة، والحوار، وحتّى الحرّيّة، من أجل التمكّن من الوصول إلى الجماهير التي يمكن التلاعب بها، والوقوع في كلّ أنواع التطرّف.

 

 – سيادة المطران رافايل فرنسوا ميناسيان، الإكسرخوس البطريركيّ لبطريركيّة كيليكيا للأرمن السامي الاحترام (القدس)

 ليست الشركة علاقة صداقة إجتماعيّة، بل هي تكريس الذات من أجل خدمة الآخر. هذا هو تعليم السيّد المسيح.

إنّ الكنيسة المحلّيّة للأرض المقدّسة تعي المشاكل الحادّة الإجتماعيّة والإقتصاديّة التي تواجه المسيحيّين في الشرق الأوسط، وهي واثقة بالأهمّيّة القصوى لوسائل الإعلام التي باستطاعتها أن تلعب دورًا إيجابيًّا في إقتراح حلول.

تكمن تقنية وسائل الإعلام في استخدام الصوت والصورة والنصّ كوسائل للتواصل، تقودنا إلى حل "تشاركيّ" يجد أساسه في وحدة الكنائس الكاثوليكيّة في الشرق. وهي وحدة مثاليّة لشهادة مسيحيّة تُسرّع الشركة والتعاون بدون أن تسيء  إلى هويّة الكنائس المسيحيّة الكاثوليكيّة المتنوّعة، وبدون أن تمسّ بثقافتها التقليديّة.

ولقد بقيت الكنيسة الكاثوليكيّة في الشرق الأوسط أمينة للتقليد الرسوليّ، الذي كان يكمن في التبشير والزيارة والكتابة. لكنّ التعاون، في حقل وسائل الإعلام، بين الكاثوليك في الشرق الوسط، ما يزال ضعيفًا، بسبب التنوّعات الموجودة بين الثقافات والتقاليد الكنسيّة.

وفي الفترة الأخيرة، أصبح استخدام وسائل الإعلام ووسائل التواصل الإجتماعيّ أكثر تواترًا، لكنّه ما زال حكرًا على مستوى بعض الأشخاص والمبادرة الفرديّة. تبقى هذه الوسائل أيضًا، على رغم التطوّر السريع في عالم الإعلام، في مرحلتها البدائيّة بسبب شحّ الموارد الإقتصاديّة وبالتالي تبعاتها المهنيّة.

بإمكان وسائل الإعلام أن تلعب دورًا هامًّا، وأن تكون إحدى أنسب الوسائل لخلق شركةٍ حقيقيّة بين الكنائس الكاثوليكيّة المتنوّعة، إنطلاقًا من تعاونٍ ناشط بينها، بطريقة تُصبح فيها تلك الوسائل، فعليًّا مكانًا للشهادة ليسوع وللقيم المسيحيّة.

 

 – سيادة المطران سليم صايغ، أسقف أكوي دي بروكونسولاري شرفًا، أسقف مساعد للاتين في القدس، النائب البطريركيّ الأورشليمي للاتين في الأردن السامي الاحترام (القدس)

 من بين المشاكل التي تواجهها الكنيسة في الشرق الأوسط، لا بدّ من ذكر قضية البدع، التي تحدث إلتباسًا عقائديًّا كبيرًا. وان عصرنا لمليء بنزواتهم اللاهوتيّة. في الاردن، على سبيل المثال، هنالك ما يقارب الخمسين بدعة، ومنها خمس بدع لديها قسس فاعلون أكثر من جميع ما لدى الكنائس الكاثوليكيّة والارثوذكسيّة. فماذا نعمل لكي نحافظ على وديعة الإيمان، ونحدّ من تأثير البدع المتزايد؟

زيارة العائلات: يُرجى من كهنة الرعايا ورعاة النفوس بإلحاح زيارة العائلات، وأن ياخذوا دورهم ومسؤولياتهم لشرح الإيمان الكاثوليكيّ والدفاع عنه وزرعه وعيشه والمساعدة على عيشه.

الإهتمام الجدّيّ بالتنشئة المسيحيّة للبالغين: العديد من مؤمنينا الممارسين، قد تلقّوا تعليمهم الدينيّ الإخلاقيّ والأسراريّ بطريقة مبهمة، ولم تصلهم البشارة الإنجيليّة، لذلك يشكلون مرعى خصيبًا للبدع.

توعية المدارس الكاثوليكيّة على رسالتها كمدارس كاثوليكيّة. غالبًا ما لا يعطي مسؤولو المدارس الإهتمام لدروس التعليم المسيحيّ، كما يعطونه للمواد الأخرى، ونادرًا ما يتلقّى مربو التعليم المسيحيّ الاعداد اللازم. ويتمّ اختيارهم بعشوائية، ولسدّ الفراغ.

امتلاك الشجاعة لمراجعة كتب التعليم المسيحيّ: لكي تعبّر بوضوح عن الإيمان وعقيدة الكنيسة الكاثوليكيّة، التي تثبتها وتنيرها الكتب المقدّسة، والتقليد الرسوليّ وتعليم الكنيسة.

الختام : بعيدًا عن  الاختلافات الطقسيّة، والخلافات السياسيّة، يبقى الحفاظ على وديعة الإيمان هو الرسالة الرئيسيّة لرعاة الكنيسة الكاثوليكيّة.

 

 – سيادة المطران جورج بقعوني، رئيس أساقفة صور للروم الملكيّين السامي الاحترام (لبنان)

 صحيح أنّ الآباء هم المربّون الأولّون للإيمان، بمساعدة المدارس والرعايا. ولكن في أعقاب المجمع الفاتيكانيّ الثاني، نشأت مبادرة جديدة في التعليم المسيحيّ من الحركات الكنسيّة الجديدة بِمباركة وتشجيع الباباوات بولس السادس، يوحنّا بولس الثاني وبندكتوس السادس عشر. فإنّه من المهمّ أن تتعلّم الكنائس الشرقيّة من تجربتها وأن تستفيد من مبادرتها.

إنّ غالبيّة الحركات الكنسيّة تتبع مقاربةً معيّنةً في التعليم المسيحيّ، وأنا سوف أشير إلى واحدة منها -الجماعة مثل "سيف الروح" داخل حركة التجدّد بالروح القدس- وسوف أشرح نَهجها التربويّ. فهي تتّبع نموذج التربية المسيحيّة التي إتّبعها الربّ مع تلميذَي عمّاوس في طريقهما كما نقرأ في الفصل الرابع والعشرين من إنجيل لوقا، ولا يهدف هذا النموذج فقط إلى تربية العقل بل إلى خلق علاقة شخصيّة للمؤمنين مع يسوع، كإكتشافٍ لدعوتهم ورسالتهم، وإلى شركةٍ أعمق مع الكنيسة. إنّها تربية موجّهة للمسيحيّين الذين-مثل تلميذي عمّاوس- كانوا قد اعتنقوا الإيمان المسيحيّ لكنهّم فقدوا الأمل "على أنّ أعينهما حُجِبت عن معرفته" (لو 24: 16). ولمّا كان عددٌ من هؤلاء المسيحييّن لا يتردّدون إلى الكنيسة، يستعدّ أعضاء من الحركة للسير معهم في الطريق كما فعل الربّ (آ 15)، يصغون إليهم (آ 17)، يُعيدون تبشيرهم (آ 25-27)، ويعيدونهم إلى الشركة مع الربّ (آ 30)، وإلى الرغبة في الجماعة (آ 29). وعندما تنفتح عيونهم (آ 31) يقرّرون البقاء أو العودة إلى بلدهم وكنيستهم (آ 33) فيصبحون بدورهم مرسلين جددًا (آ 35). ولكن من أجل أن يدوم هذا الإرتداد، هم مدعوّون إلى حياة الجماعة (33: 36-43) حيث يستمرّون في تلقّي تعليمٍ (آ 44-47) ليصبحوا شهودًا أو حتّى شهداء (آ 48) بقوّة الروح القدس (آ 49)  وبحياة ملؤها التقوى والصلاح (آ 52-53).

ما نستطيع أن نشهدَ له ونراه في وسط هذه الحركات ليس فقط حيويّة جديدة للصلاة والحياة الإنجيليّة بل أيضًا وأهمّ من ذلك المقدرة على إلهام عددٍ من الرجال والنساء، الشبّان والكبار، لكي يبقوا كمرسلين في بلدهم ويخدموا كنائسهم المحليّة بغيرةٍ وطاعة. لذلك من الضروريّ وحتّى الحيويّ للأساقفة والإكليروس أن يتحقّقوا بأنّ هذه الحركات الكنسيّة إنّما هي تعمل في الكنيسة ومن أجل الكنيسة وأنّ إسهاماتها لا تمثّل تهديدًا، بل هي إغناء لجهود الكنيسة في تعليم أبنائها وفي الحفاظ على حضورٍ مسيحيّ في الشرق الأوسط. لذلك أيضًا يجب على الأساقفة بوجهٍ خاصّ تشجيع وتنمية مثل هذه المبادرات بحسب الحاجة وأن يزوّدوا هذه الحركات الكنسيّة بالعون الروحيّ واللاهوتيّ التي تفتقده.

عاد تلميذا عمّاوس مفعَمَين بالرجاء، هذا الرجاء الذي عليه بُنيَت الكنيسة. فلنعد كلّنا إلى بيوتنا وإلى مواقعنا المحليّة مليئين أيضًا بالرجاء في هذا الوقت الذي يعمل فيه الروح القدس ويخلق طريقًا جديدة لتجديد الكنيسة تمامًا كما وصفها البابا بندكتوس في مقالته حول الحركات الكنسيّة في الكنيسة قبل 12 سنة وفي دعوته النبويّة لعقد هذا السينودس الخاصّ. فالمسيح هو هو، بالأمس، اليوم وللأبد. 

 

 – حضرة الأب المحترم ماورو جوري، كبّوشيّ، الأب العامّ لرهبانيّة الفرنسيسكان للإخوة الصغارالكبّوشيّين السامي الاحترام (اتحاد الرؤساء العامّين) (إيطاليا)

 في مداخلتي ذكّرت بما ميّز حضور الكبّوشيّين في الشرق الأوسط على مدى العصور، في إطار التقليد الفرنسيسكانيّ الواسع. كذلك، ركّزت بشكل خاصّ على الوضع في تركيا. وبالتطرّق إلى الالتزام الثقافيّ والتكرّس الرعويّ للأسقف الكبّوشيّ المطران لويجي بادوفيزي، النائب الرسوليّ في الأناضول الذي اغتيل بوحشيّة في 3 حزيران/يونيو الماضي، ذكّرت بالصعوبات الجسيمة التي يواجهها المسيحيّون في ذلك البلد.

من بين التزامات الكبّوشيّين العديدة، في ما عدا الخدمة الرعويّة للمسيحيّين المنتشرين على أرض واسعة للغاية، والأعمال الخيريّة والشهادة الإنجيليّة، تطرّقت إلى الالتزام بتعزيز مؤتمرَي طرسوس حول القدّيس بولس وأفسس حول القدّيس يوحنّا، بالتعاون مع معهد أنتونيانوم الروحانيّ، في سبيل تعزيز الاهتمام بأماكن منشأ المسيحيّة، مكتشفين أهمّيّتها الثقافيّة ليس حصرًا للمسيحيّين. إضافةً إلى ذلك، لقد ذكّرت بالالتزام بتعزيز اللقاء والحوار مع المسلمين بتنظيم مؤتمرات حول حوار الأديان. مُجملُ القول، يتجلّى التزام الكبّوشيّين مع التزام وقائع كنسيّةٍ أخرى في الإرادة بأن نكون شهودًا في شركة المسيح الكنسيّة ، رجاء سلامٍ للجميع.

ذكّرت أخيرًا، مستشهدًا بكلمات أخينا المقتول، بأنّه يمكننا دائمًا عيش هذه المسؤوليّة الرسوليّة، حتّى حيث المهمّة الوحيدة الممكنة، بسبب الصعوبات والتمييزات، "أن نكون حضورًا. شهادةً. مع نشاطٍ رعائيٍّ محدودٍ جدًا […] الرسالة، هي الحضور"؛ هكذا فقط نستطيع إنصاف شهادة الشهداء الذين بذلوا دمهم على هذه الأراضي من أجل إنجيل المسيح.

 

 – سيادة المطران جان بنجامين سليمان، كرمليّ، رئيس أساقفة بابل للاتين السامي الاحترام(العراق)

مداخلتي متعلقة بالفقرة 55 من وثيقة العمل، وتقول: "على مستوى العلاقات بين الكنائس الكاثوليكيّة، تتجلّى هذه الشركة في كلّ بلد من خلال هيئات البطاركة والأساقفة الكاثوليك، لكي تكون الشهادة المسيحيّة، أكثر صدقًا، وأكثر مصداقيّةً، وتأتي بثمر أكثر. ولتنمية الوحدة في التنوّع، يجب تخطّي الطائفيّة، فيما قد تحمله من ضيق الأفق والمبالغة، كما يلزم تشجيع روح التعاون بين مختلف الجماعات، وتنسيق العمل الرعويّ، وتحفيز المنافسة في الروحيّات لا التناحر، ويمكن أن نقترح أن يتمّ من حين لآخر (كلّ 5 سنوات مثلاً)، جمعيّة تجمع كلّ أساقفة الشرق الأوسط".

تأتي الوثيقة على ذكر "الشركة" أكثر من ثلاثين مرّة. لأنّها في قلب هويّتنا الكنسيّة، والمحرّك لوحدتنا ولكثرة كنائسنا. عليها يعتمد حاضرنا ومستقبلنا، شهادتنا والتزامنا، وجهودنا من أجل إيقاف الهجرة التي تضعفنا، وإبعاد اليأس الذي يهدّدنا.

 والشركة تعاكسها خصوصًا الروح الطائفيّة. تحوّلت الطقوس إلى مذاهب. لذلك، لا استغناء لكنائسنا ذات الحقّ الخاصّ عن أن تكتشف من جديد جذور هذه الظاهرة، التي تمتدّ في البنى العربيّة الإسلاميّة الأوليّة. وهي مدعوّة إلى التخلّص من هذا الأرث التاريخيّ، لكي "تستعيد مثال الجماعة المسيحيّة في القدس".

 -يادة المطران فنسان لاندل، كهنة بيتارّام، أسقف الرباط السامي الاحترام     

    إنطلاقًا من الخبرة في المغرب (خمسٌ وعشرون ألفًا من الكاثوليك من تسعين جنسيّة: على عدد السكان الذي يبلغ ثلاث وثلاثين مليونًا من المسلمين)، إنّ المسيحيّبن هم جميعهم أجانب، ولا يمكنهم أن يكونوا مواطنين مغاربة حتّى لو كانت هناك "حرّيّة المعتقد". ذلك يجعلهم يشاركون في الحياة الإقتصاديّة والثقافيّة والإجتماعيّة في البلاد، ولكنّ ليس لديهم أيّ حقّ في التدخّل بالتحضيرات المتشعبّة للقرارات السياسيّة الوطنيّة أو العالميّة.

      مسؤوليّتنا الكنسيّة هي أن نساعد هؤلاء الأجانب العابرون على أن يفهموا بدرجةٍ أولى أنّهم في صلب حوار الحياة مع المسلمين. في الشركات حيث يعملون، في الجامعات أو في المدارس، إنهّم وحدات في وسط هذا المجتمع الإسلاميّ.

إنّهم شهود للحبّ الذي يتخطّاهم؛

إنّهم شهودٌ لهذا الإله الذي يحمل "نظرة حبّ" للبشر مهما كانت ثقافتهم أو دينهم.

إنّ شهادة حياتهم هي أساسيّة لحياة الكنيسة. قال لي صديق مسلم يومًا: "حضوركم، مهما كان قليلاً، هو مهمٌّ جدًا لكي نفهم أنّه يوجد عدّة طرق للوصول إلى الله".

مسؤوليّتنا الكنسيّة هي أن نساعد هؤلاء المسيحيّين على أن يقبلوا بالدخول مع أصدقائهم المسلمين في مسيرة قبول إختلاف الآخر، واللقاء معه بروح مجّانيّة مطلقة، والدخول إلى موقف ثقة وديع مع الآخر المختلف. هذا ليس بالأمر السهل الذي يمكن قبوله في عالم الفعاليّة، لكنّ هذا الموقف هو الذي يساعدنا على الإستمرار في الحياة في هذا البلد بسلام وطمأنينة، حتّى وإن كانت هناك بعض الضغوطات التي تظهر أحيانًا. والمسيحيّيون يلاحظون بفرحٍ أنّه بالتواصل مع الإسلام، يتنقّى الإيمان المسيحيّ ويتعمّق.

مسؤوليّتنا الكنسيّة هي أن نساعد هؤلاء الأجانب العابرين على أن يفهموا فهمًا أفضل بأنّه يمكن عيش الإيمان المسيحيّ بفرحٍ وشغف، في مجتمع غالبيّته مسلم. هذا سوف يساعدهم على عودتهم إلى ديارهم بنظرة جديدة نحو المسلمين الذين يقابلونهم، وتدمير المسلَّمات التي تحاول إفساد العالم.

مسؤوليتنا الكنسيّة هي أن نساعد هؤلاء المسيحيّين على أن يفهموا أنّهم "علامات" كما يذكّرنا البابا يوحنّا بولس الثاني لدى زيارة للأعتاب الرسوليّة "لا نطلب من العلامة أن تكون عددًا، ولكن أن تعني شيئًا       كنيستنا هي "علامة" من خلال الشراكة التي نسعى إلى عيشها، بالرغم من الإختلاف في ثقافاتنا وقوميّاتنا. ولئن كان عدد المسيحيّين الذين أصلهم من الشرق الأوسط قليلاً، فإنّ "علامتنا" سوف تكون أقوى لو كان لدينا بين كهنتنا كاهنٌ أو اثنان عربًا. هذا النوع من الحضور بعيدًا عن الإستقطاب، سوف يكون غنىً كبيرًا للكنيسة.

 

 – سيادة المطران جورجيو بيرْتين، فرنسيسكانيّ، أسقف جيبوتي السامي الاحترام (جيبوتّي)

 إنّ "الخيرات التي هي للمشاركة" والتي أتكلّم عنها من أجل تقوية شهادتنا للإنجيل وإعلانه للمسلمين هم "الكهنة". يمكن أن تُوجد أوضاعٌ ملّحةٌ، كما في الكنيسة التي أمثّل، حيث ليس عندنا كهنة "خاصّون" أو حيث يصبح فجأةً عدد أولئك غير كافٍ. لماذا إذًا لا تتمّ "المشاركة" بالكهنة الذين عندنا على مستوى الشرق الأوسط أو الكنيسة برمّتها؟ قد يمكن لذلك أن يكون نموًّا، وتأقلمًا مع الأوضاع الحاليّة، لـ"هبة الإيمان" "فيديي دونُم" (Fidei donum)، ويمكنه أن يعطينا "نفحة أوكسجين" لكنائس الشرق الأوسط كما للكنائس الأخرى، في سبيل عيش البعد الرساليّ وتنميته.

أقترح إذن ابتكار "مصرف للكهنة الجاهزين"؛ أعني بذلك أن يكون عددٌ معيّن من الكهنة، آتيًا من جميع الكنائس والجمعيات الدينيّة، جاهزًا لوقتٍ معيّن: 3 أشهر، 6 أشهر، 9 أشهر… يمكنهم تقديم خدمتهم معتبرينها كفترة راحة أو كتضحية تُقدَّم بسخاءٍ في سبيل كنيسةٍ أو مجموعةٍ من الكاثوليك الذين يطلبون حضور كهنةٍ من أجل الحفاظ على الإيمان والشهادة له بتواضعٍ وشجاعة. ستكون هنا وسيلةً ملموسة لعيش الـ"الشركة" بين كنائسنا. يمكننا أيضًا تسمية هذا الـ"المصرف للكهنة الجاهزين"، "كهنةً بلا حدود" لأنّهم سيكونون مستعدّين لأن يُرسَلوا وأن يُستَقبَلوا في مهلةٍ وجيزة. من أجل تحقيق ذلك يجب إنشاء مكتب تنسيق.

 

 – قدس الأرشمندريت روبرت ل. شترن، الأمين العامّ للجمعيّة الخيريّة الكاثوليكيّة للشرق الأوسط الجزيل الاحترام (الولايات المتحدة الأمريكيّة)

 لمصطلح "الكنيسة" معانٍ كثيرة. فيمكن وصف سرّ الكنيسة باستخدام "نماذج" تبقى كلّها غير مناسبة لوصفه. نحن نعوّل على "النماذج"، عن وعي أو عن غير وعي. كانت الكنيسة الأولى تعتبر الوحدة على أساس "السلام والشركة". وتدين الكنيسة بتماسكها للروح القدس وللعلاقات الشخصيّة بين أعضائها، والتي يغذّيها التواصل. ويجد هذا النموذج له صدىً في شبكة الإنترنت. الكنيسة، كـ"شركة"، هي شبكة تواصل شخصيّة في الروح. النماذج تؤثّر على القرارات: إنّ محدوديّة سلطة رؤساء الكنائس الشرقيّة خارج أوطانهم تفترض نموذجًا جغرافيًّا. إن تعلّق الأمر بشبكة شخصيّة، فذلك غير ملائم. على مستوى نموذج الشبكة، إنّ وجود كنائس عديدة على الأراضي عينها لطبيعيّ، لكنّ التنافس ومحاولات الهداية والسيطرة فغير ملائمة. إنّ الحقّ القانونيّ يكرّس الأولويّة لمفهوم الكنيسة الجغرافيّ، حتّى عندما يختار أشخاص يعيشون "في" رعيّة ما بأنفسهم رعيّتهم المدينيّة. والهجرة مشابهة: من منظار جغرافيّ، نشهد تناقص المجموعات السكّانية المسيحيّة تقليديًًّا، لكن، ومن منظار شخصيّ، نحتفل بالمسيحيّين أينما اختاروا أن يكونوا. "الشركة" تزداد من خلال تواصل شخصيّ متزايد وأعمق، تمامًا كالعلاقات ما بين الأديان.

 

 – سيادة المطران فارتان فالدير بوغوصيان، سالزيانيّ، أسقف القدّيس غريغوريوس دي نارك في بوينوس أيرس للأرمن، الإكسرخوس الرسوليّ للإكسرخوسيّة الرسوليّة لمؤمنيّ الطقس الأرمنيّ المقيمين فيأمريكا اللاتينيّة 

والمكسيك السامي الاحترام (أمريكا اللاتينيّة والمكسيك)

 إنّ الحركة البشريّة بأسبابها المتعدّدة قد حرّكت بأعداد كبيرة من المؤمنين خارج أراضي بطريركيّتهم. وفي كثير من الأحيان،لم تُرافَق دائمًا جماعات كثيرة في بلاد الانتشار من الناحية الرعويّة. واليوم كذلك، إنّ توجيه الإهتمام "نحو الأمم" ضروريّ: هناك كنائس اليوم تجد غالبيّة مؤمنيها في بلدان الانتشار. ولا يخلو الأمر من الصعوبات لجعل هذا الاهتمام واقعيًّا. وتنشأ الصعوبات، وبخاصّة في الماضي، من صعوبة تقبّل الكنيسة اللاتينيّة ("ذات الحقّ الخاصّ") على أراضيها السلطة الدينيّة الكاملة لأسقف شرقيّ.

أشير هنا إلى مفهوم الأراضي المعرّف بها كحدود لنشاطات الكنائس الكاثوليكيّة الشرقيّة، والموجود في كافة القوانين الكنسيّة الشرقيّة.

من الصعوبة بمكان أن نفهم لماذا نشاطات البطريرك والأساقفة وسينودسات الكنيسة الشرقيّة هي محدودة بمناطقهم. ومن بين ثلاث وعشرين كنيسة ذات الحقّ الخاصّ، تشكّل اليوم معًا الكنيسة الكاثوليكيّة، وحدها الكنيسة اللاتينيّة لا تخضع لهذا التحديد. أمّا الكنائس الإثنتا وعشرون الباقية، فتنجح بصعوبة في الحفاظ على هويّتها ونموّها، وبخاصّة في الغرب، في الوقت الذي عبّر المجمع المسكونيّ الفاتيكانيّ الثاني فيه عن رغبته تجاه الكنائس الكاثوليكيّة الشرقيّة، بأن "تزدهر وتتمّم رسالتها الموكولة إليها باندفاع رسوليّ جديد". ويؤكد الحقّ القانونيّ الخاصّ بالكنائس الشرقيّة أنّ "البطاركة هم آباء ورؤساء كنائسهم" (قانون 55). ولا يمكن لهذه الأبوّة والرعاية أن تكونا محدودتين بمنطقة جغرافيّة. فتحديدهما بالنسبة للمؤمنين أكثر من منطقيّ، ولكن ذلك ليس بتحديدهما في منطقة حتّى عندما لم يعد ممكنًا وجود أعضاء لهذه الكنيسة فيها!

ومن وجهة نظر مسكونيّة أيضًا، إنّ السلطة الدينيّة الكاملة على المؤمنين في جميع القارّات، تشكّل بالنسبة للإخوة المنشقّين، استباقًا ملموسًا لحالة شركة كاملة.

أخيرًا، إنّ بطاركة الكنائس الشرقيّة الكاثوليكيّة، وبحكم هويّتهم كآباء ورؤساء لكنائسهم ذات الحقّ الخاصّ والتي تشكّل كاثوليكيّة الكنيسة الكاثوليكيّة، ينبغي عليهم أن يكونوا أعضاء في المجمع الذي ينتخب الحبر الأعظم، من دون ضرورة الحصول على لقب كاردينال اللاتينيّ. وللغاية عينها، يجب أن يملكوا حقّ الأسبقيّة بالنسبة لهم.

 

 – سيادة المطران بولس يوسف مطر، رئيس أساقفة بيروت للموارنة السامي الاحترام (لبنان)

بالإشارة، في ورقة العمل، إلى التحدّيات التي يواجهها مسيحيّيو الشرق الأوسط، وإلى علاقاتهم مع المسلمين، وفي سبيل فتح أفقٍ للمستقبل حول الوضع الراهن، يجب تحديد أربع مسؤوليّات ينبغي أن تساهم جميعها في إنجاح هذا العمل التاريخيّ، من أجل الشرق الأوسط والعالم.

– مسؤوليّة مسيحيّي الشرق أنفسهم: هم أبناء هذه الأرض منذ القدم، وعلى هؤلاء المسيحيّين أن يشعروا بأنّه ليس عليهم أن يصنعوا مصيراً خاصًّا بهم، بل مصيرًا مشتركًًا مع شركائهم. إنّ انخراطهم في العالم العربيّ، كما أوصى به البابا يوحنا بولس الثاني في الإرشاد الرسوليّ من أجل لبنان، لا يجب أن يفقدهم حقوقهم ولا حرّياتهم، بل أن يثبّتهم معاً في حقوق وحريّات سائر المواطنين.

– مسؤوليّة المسلمين في المنطقة: ينبغي على هؤلاء الشركاء المسلمون الذين يشكّلون أكثريّة أن يعطوا إخوتهم المواطنين المسيحيّين فسحتهم الخاصّة. لا يقتصر الأمر على حضور في المجتمع فحسب، إنّما يعني كذلك إعداد مشروع هذا المجتمع وحكمه الجيّد. وهكذا، إنّ المسيحيّين الذين ساهموا في الماضي في نهضة الثقافة والمجتمعات العربيّة، سوف يساهمون أيضًا فيها في المستقبل، ويعيشون جميعهم المشاركة، المساواة والحرّية المطلقة معاً ومع شركائهم.

–       مسؤوليّة القوى الغربيّة: لقد ارتكبت الأخطاء التاريخيّة والمظالم بحقّ الشرق الأوسط. يجب أن تصحّح هذه الأخطاء برفع الظلم عن الشعوب المتألّمة كافّةً، وخصوصًا الشعب الفلسطينيّ. إنّ مسيحيّي هذه المنطقة الذين نُسبوا إليهم بشكل غير عادل سوف يستفيدون من هذه الإصلاحات بفضل التماسك مع إخوتهم، تماسك أصبح بلا أي عراقيل.

مسؤوليّة مسيحيّي الغرب والعالم: متضامنون مع إخوتهم في الشرق الأوسط، على مسيحيّي الغرب والعالم أن يتعرّفوا عن كثب على إخوتهم في الشرق الأوسط ليكونوا متّحدين معهم في قضاياهم على نحو أفضل. يجب أن يضغطوا على الرأي العام لديهم كما على حكوماتهم من أجل إعادة تأسيس العدل في العلاقات مع الشرق الأوسط والإسلام، ومن أجل تحرير العالم من الأصوليّة ودفعه نحو الاعتدال.

 

 – نيافة الكاردينال ستانيسلاو ريلكو، رئيس المجلس الحبريّ لشؤون العلمانييّن السامي الاحترام(حاضرة الفاتيكان)

 إنّ التحدّي الأكبر الذي على الكنيسة أن تواجهه اليوم هو تنشئة جماعة علمانيّين ناضجين في الإيمان، واعين دعوتهم الخاصّة ورسالتهم في الكنيسة والعالم. من الضروريّ أن تُنَشَّأ هوّيّات مسيحيّة قويّة ومقتنعة، أن تُوقَظ عند المؤمنين العلمانيّين جرأة الحضور المرئيّ والواضح المعالم في الحياة العامّة، حضور يعمل بحسب مبادئ تعليم الكنيسة الإجتماعيّ.

في مجال تنشئة جماعة العلمانيّين تنفتحُ للأبرشيّات والرعايا فسحةٌ واسعةٌ للعمل، ولكنها تنفتح أيضًا للمدارس والجامعات الكاثوليكيّة المدعوّة إلى البحث عن الطرق والمناهج التربويّة القادرة  على الإستجابة دائمًا إلى احتياجات المؤمنين، تابعةً تعاليم "العلمانيّون المؤمنون بالمسيح"، الوثيقة الرئيسيّة لجماعة العلمانيّين الكاثوليك. في عالمٍ موسوم بعلمنةٍ مكتسحة، لا يستطيع الإيمان أن يكون مكتسبًا حتّى بين المعمّدين. يجب الانطلاق إذًا من الأسس، أعني التعزيز العاجل لمساراتٍ واقعيّة بهدف تنشئة حقيقيّة مسيحيّة ما بعد العماد معتبرين -كما كتب البابا- "أنْ يَكُونَ المرء مسيحيًّا، هذا لا يأتي نتيجةَ خيارٍ أخلاقيٍّ أَو فكرةٍ سامية، بل كنتيجةٍ للّقاءِ بحدثٍ، بشخصٍ، بمن يُعطي الحياة أفقًا جديدًا واتّجاهًا حاسمًا" ("الله محبّة"، 1).

إحدى أعظم علامات الرجاء للكنيسة في عصرنا هي "الموسم الجديد لتجمّع المؤمنين العلمانيّين" ("العلمانيّون المؤمنون بالمسيح"، 29) الذي يرى بعد المجمع الفاتيكانيّ الثاني ولادة العديد من الحركات الكنسيّة والجماعات الجديدة. هبةٌ حقيقيّة من الروح القدس! إنّ هذه المواهب الجديدة تُعطي مسارات تربويّة ذات فاعليّة استثنائيّة للتنشئة الإنسانيّة والمسيحيّة للشباب والبالغين وتخلق فيهم اندفاعًا رسوليًّا مدهشًا، اندفاعًا تحتاج إليه الكنيسة اليوم. بالطبع لا تشكّل هذه الحركات بديلاً عن الرعيّة ولكنّها بالأحرى تكون دعمًا ثمينًا لا غنى عنه في رسالتها. في روح الشركة الكنسيّة، إنّها تساعد وتحفّز الجماعات المسيحيّة على العبور من منطقٍ بسيطٍ للمحافظة على الذات إلى منطق رسوليّ. في استمراريّة مع المكرّم يوحنّا بولس الثاني، لا يتعب البابا بندكتوس السادس عشر من أن يطلب بإلحاحٍ من الرعاة انفتاحًا دائمًا نحو هذه الوقائع الكنسيّة الجديدة. سنة 2006، خلال زيارة أساقفةٍ إلى الأعتاب الرسوليّة، أكّد البابا: "أطلب منكم أن تذهبوا نحو الحركات مع الكثير من المحبّة. يجب تصحيحها أحيانًا وإدماجها في مجمل الرعيّة أو الأبرشيّة. إنّما علينا احترام الميزة الخاصّة لمواهبها وأن نكون سعيدين بأنّ أنماط إيمانٍ جماعيّة تُولد تصبح فيها كلمة الله حياةً" (الأوسّرفاتوري رومانو، 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2006).

إنّه إذًا لمحبَّذٌ حقًّا أن تنفتح كنائس الشرق الأوسط بثقةٍ متزايدة على هذه الوقائع الجديدة الجامعة. يجب ألاّ نخاف من طرق الإعلان ومناهجه الجديدة التي تنقلها: إنّها "استفزازٌ" خلاصيّ يساعد على الخروج من الروتين الرعائيّ الذي هو دائمًا بالمرصاد ويمكن أن يعرّض رسالتنا للخطر (رج "وثيقة عمل"، رقم 61). إنّ مستقبل الكنيسة في هذه المنطقة من العالم يخضع على وجه التحديد لمقدرتنا على أن نصغي بطواعيّة إلى ما يقوله الروح للكنيسة اليوم، بما في ذلك ما يقوله من خلال هذه الوقائع الجديدة الجامعة.

 

 – قدس الآباتي سمعان أبو عبدو، مريميّ، الرئيس العامّ للرهبانيّة المريميّة المارونيّة السامي الاحترام(لبنان)

 إنّ أسباب الهجرة هي سياسية واقتصاديّة ويتفرّع منها أيضًا الحالة الأمنيّة وعدم الاستقرار، ثمّ كل ذلك ينعكس على الناحية الاجتماعيّة. كل ذلك مُتأتي بسبب الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في الأراضي المقدسة والوضع الاجتماعي المهدّد في العراق، وعدم الاستقرار السياسي في لبنان، وهنا في أغلب الأحيان تكون الضحيّة الوضع المسيحي.

إن الأهمية الكبيرة أن نعمل لإحلال السلام والديمقراطيّة والتركيز على المواطنة بما تفرضه من واجبات وتكفله من حقوق.

لتثبيت المسيحيين في أرضهم هو عمل كل الفرقاء: الكنيسة ورجال السياسة في المشرق العربي وما يجمعنا هو: مسيحيين ومسلمين.

1. العائلة: حاملة القيّم وحاميتها، تفعيل دورها وحماية الحياة فيها، لأنّ العائلة هي النواة الأولى للمجتمع والكنيسة، والمستقبل يتوقف عليها.

2. شخصيّة مريم العذراء مذكورة في القرآن الكريم والكتاب المقدّس وهي التي اختارها الله على نساء العالمين. هي امرأة المصالحة والوحدة، وهي ملكة السلام وهناك عيد لجميع اللبنانيين في 25 آذار عيد البشارة، للمسيحيين والمسلمين.

3. القيّم الإنسانيّة والوطنيّة والدينيّة، مرتكزًا للحوار وعدم إلغاء الآخر.

4. العمل التربوي في المدارس والجامعات، تنشئة جيل المستقبل على الديمقراطية وعدم العنف وإحلال ثقافة السلام.

أخيرًا نحن بحاجة في هذا السينودس إلى نداء "الأبطال"، وإلى نداء القداسة والقدّيسين، وتقديم شهادة مسيحيّة فرحة وجذّابة.

حقوق الطبع والنشر محفوظة لدار النشر الفاتيكانية