بعد أن أُختُتِمَتْ أعمالُه

السينودس… رجاء جديد وأرض جديدة

                                                            (اش 22:66)

بقلم المونسنيور بيوس قاشا 

يقول المطران نيكولا أتروفيتش (الأمين العام لسينودس الأساقفة): إن فكرة الدعوة إلى جمعية سينودسية أتت بناءً على طلب عدة أساقفة _ وبحرارة من مناطق الشرق الأوسط كالعراق مثلاً _ من الأب الأقدس أن يجمع أساقفة المنطقة ليستمع إليهم مباشرة وإلى وضعهم المأسوي الذي يعيشه المؤمنون الموكَلين إلى عنايتهم الرعائية من أجل تحسين الوضع بنعمة ونفحة الروح القدس… ومن هنا وصف قداسته هذا السينودس في عِظَته في قداس الافتتاح، 10 تشرين الأول 2010، بأنه رعائي وبامتياز.

نعم، إنها نعمة بأن نرى أساقفة منطقتنا الشرق أوسطية مجتمعين لأول مرة في جمعية سينودسية حول أسقف روما، وكأن التاريخ لا يزال يعمل ويعيد نفسه، إذ أعادنا إلى مجامع الكنيسة في الماضي القريب والبعيد… وما أسقف روما إلا راعي القطيع، قطيع المسيح، خليفة الصخرة، بطرس الرسول، وفي هذا قال قداسته:"إن هذا الحدث الفريد يبيّن اهتمام الكنيسة جمعاء بهذه الشريحة الغالية من شعب الله التي تعيش في الأرض المقدسة وفي الشرق الأوسط بكامله" (في قداس الافتتاح).

   نعم، نحن المؤمنون البسطاء _ وأنا واحد منهم _ استقبلنا هذا النبأ بمزيد من الفرح والحماس، ونما حينها فينا شعور لا يضاهيه شعور، فحوّل ألمنا إلى حياة، ويأسنا إلى شجاعة. وبقدر ما كانت تخيفنا الصعاب، بقدر ذلك أحسسنا أن الله معنا، معنا بصوت قداسة البابا بندكتس السادس عشر، وامتلأنا حرارة، وبدأنا نلوم أنفسنا إذا ما ابتعدنا عن روح السينودس بسبب هموم الدنيا، كما فعلت مرتا (لو 40:10).

   وابتدأتْ أعمال السينودس، ومعها صلواتنا وبخورنا ودعاؤنا، بعد أن تقاسم كلهم عشاء المحبة حول مائدة الرب. وتابعنا الحدث الخمسيني، حيث هبّ الروح على الجالسين في عليّة الفاتيكان، وملأ العليّة كلها، وظهرت لهم ألسنة نار، وامتلأوا روحاً مقدساً، وأخذوا يقرأون ويكتبون ويخاطبون وبلغات مختلفة، وكأنني ببطرس بشخص قداسة البابا واقفاً بينهم، رافعاً صوته وقائلاً: أيها الرجال الأخوة، إن "كل مَن يدعو باسم الرب يخلص" (أع 21:2). فكنيسة يسوع المسيح ليست كاثوليكية ولا لاتينية ولا أرثوذكسية ولا كلدانية ولا سريانية ولا يونانية، بل هي كنيسة واحدة في المسيح، ملؤها القداسة والشهادة والشركة… إنها لا تفرق بين أبنائها من جميع الأمم، وهي على قدم المساواة في نظر قداسته.

   شاركنا آباء السينودس أولاً بصلاتنا، فكنا من المشاركين المجهولين بأدعيتنا لنجاحه، وشهدنا شركة السينودس وعلى حقيقة الحياة التي كُتبت لهم، فكانت الشهادة عنواناً كما هي الشركة… "وأُعطينا قلباً جديداً" (أع 32:4)، ووضع الرب في داخلنا روحاً جديداً لسماع كلمة الله وعيشها… وأصبحت الكنيسة بهم وبنا مشروع الله الخلاصي الشامل والوحيد، إذ أصبحنا وسط البشر نعلن تلك الشركة وتلك الشهادة، فنكون بذلك _ وتكون المسيحية _ متجذرة في أرضنا الشرق أوسطية، كما قال في مطلع الألفية الثالثة البابا يوحنا بولس الثاني خادم الله ونبي الرجاء.

   واليوم، انتهت الخطابات والأحاديث، وأُغلقت الملفات والكتابات، وأُسدل الستار عن الجلسات والأعمال اليومية والمداخلات… وهاهو السينودس يعلن الخبر الحقيقي لخلاص العالم، وفتح الأبواب لتنتصر الحقيقة، ويوجه أنظار الرسل إلى الرب أن ينهض ويأخذ الأرض بين يديه ليحمي كنيسته قائلاً:"احمِ البشرية واحمِ الأرض" (البابا في قداس الافتتاح).

   كلنا شعرنا في هذا السينودس أن كنيستنا الشرق أوسطية ليست لوحدها، بل إن كل الكنيسة الكاثوليكية في العالم تهتم بها لأنها عضو حيّ ومقدس في جسم الكنيسة جمعاء… "كما انتظرنا كلنا _ كما قال غبطة أبينا البطريرك مار أغناطيوس يوسف الثالث يونان _ الكثير من هذا السينودس. علينا أن نعطي المؤمنين أسباب إيمانهم غير المفصول عن الرجاء بمخلّصنا الحبيب الذي أكّد لنا:"لا تخف أيها القطيع الصغير"، وهكذا نعيش الإيمان بقلب واحد ونفس واحدة، ويمكننا أن نقدم شهادة معاً وبشجاعة".

   ولكي نفهم لماذا كان السينودس، وما واقعه علينا، يجب أولاً الرجوع إلى المسيح مركز حياتنا، لندرك أنه:

   ** علينا أن نعيش المسيح كأساس للجماعة في كنائسنا وفي علاقاتنا فيما بينها مع مسيحيين آخرين ومع الأديان الأخرى، وشهادة الحياة اليومية ضرورية من خلال العيش مع مواطنين من أديان أخرى رغم كوننا قطيعاً صغيراً. فالمسيحيون قبل كل شيء ما هم إلا أعضاء في الجسد السري للمسيح، والانتماء إلى كنيسة المسيح الواحدة، بالتالي واجب التعاون الوثيق في عيش المحبة والأخوّة.

   ** "من أجل وجود روح جماعية _ كما يقول الكاردينال ساندري، 15/10/2010 _ داخل الكنائس الشرقية ومع مثيلاتها في ذات المنطقة، ومن ثم مع الكنيسة اللاتينية الحاضرة في أنحاء الشرق، وهذا يجعلنا ننفتح على الجماعة العالمية بالشركة مع أسقف روما وباقي كنائس الغرب". كما يجب على المسيحيين التحسس في الواقع الحالي في أن الشركة هي المطلب الأول، وأن الوحدة هي الشهادة الأولى التي يمكن أن يقدمها الرعاة والمؤمنون إلى المجتمعات التي يعيشون فيها، (كما يقول الكاردينال أنجلو سودانو، 12/1)… واتحادنا يجب أن يكون اتحاداً فعلياً مع الكرسي الرسولي… نعم، فعلياً ليس إلا.

   ** اليوم لنا قضية، وقضيتنا هي قضية حياة… إنها مصيبة. ففي بلدي، ليست فقط قضية حياة بل قضية إفراغ وانقراض مدروس ومخطط ضمن برنامج منظَّم. انقراضنا من جذورنا وإبعادنا حتى عن قبورنا _ ولا أعلم إن كانت لأمور سياسية أم اقتصادية أم اضطهادية أم حزبية أم طائفية أم تكفيرية… أم… أم…، وإن كنتُ لا أقول أنه يوجد في بلدي اضطهاد بمعنى الكلمة، بل ربما هناك تضييق على المؤمنين وعلى حريتهم ومهنهم، وأعمالهم، وعيشهم!.

   ** كلنا نعلم جيداً أن المسيحيين تقاسموا مصيراً واحداً مع المسلمين في بلدان الشرق الأوسط كونهم أدركوا إنهم مدعوون أن يبنوا مع المسلمين مستقبل عيش مشترك وتعاون يهدف إلى تطوير الشعوب تطويراً إنسانياً وأخلاقياً مع حفظهم وحدة الهوية والمصير المشترك. فالدعوات إلى المواطنة والمساواة والعروبة لم تكن سوى دعوات إلى إيجاد قاعدة مشتركة تجمع المسلمين والمسيحيين على قدم المساواة في دول ومجتمعات تُصان بها كرامة الجميع من دون استثناء وتُحفَظ حقوق الإنسان في عيش الحقيقة وإبداء حرية الرأي والعبادة تحت خيمة الإنسانية، والحوار في حوار من أجل الحياة ليس إلا.

   ** إن تواصلنا مع بعضنا ما زال تواصلاً سطحياً، والتعاون بين كنائسنا لا زال تعاوناً ضئيلاً. فلا شيء يجمعنا، حتى القاسم المشترك قد ضاعت قواعده، ولا نملك مشروعاً مشتركاً أو رسالة اجتماعية رسولية، وكل كنيسة تبدو وكأنها مهتمة بتحقيق مكاسب هنا وهناك لها وحدها أكثر من غيرها، بينما علينا أن نتطلّع إلى الخير المسيحي العام، خير الكنيسة الأمّ، خير الكنيسة الواحدة في الوطن الواحد. ووجودنا هكذا ما هو إلا علامة ضعفنا وعدم وحدتنا. واهتمامنا في هدر الكثير من الوقت في الخوض في مسائل دنيوية زائلة، نحن الذين اؤتمنا على رعاية النفوس، وأُعطينا نعمة بأن نبشر بكلمة الله وإنجيل الخلاص، ونوجّه طاقاتنا بل كلها لنقدم الغذاء الروحي والتثقيفي لشعبنا الذي لا تهمّه بعدُ الكلمات أو المرادفات اللاهوتية أو التعابير الفلسفية، بل تبسيط الواقع والحياة المسيحية لتكون في متناوله، متناول كل فرد من أفراد الرعية، فيساهم في نهاية المطاف مساهمة قيّمة لا مثيل لها في دعم الاحترام المتبادل والتعايش الأخوي والالتزام بإيمان الحقيقة.

   ** أنْ نعمل جاهدين على عدم إنماء التعصب الواضح في شرقنا بين الكنائس الكاثوليكية والكنائس الأرثوذكسية، أو بين الكنائس الكاثوليكية الشرقية نفسها والكنيسة اللاتينية، وفي نفوس الإكليروس وغيرهم من العاملين في الإدارات الكنسية أو رعايتها، فهذا التعصب يزرع الشكوك ويؤثر بوضوح على مواقف العلمانيين وحياتهم، وربما يبعدهم عن رسالتهم ويشوّه صورة إيمانهم، كما يؤثر ذلك على وجودهم وحضورهم ودورهم. بل نعمل جاهدين على أن إكليروسنا وشعبنا وكل كاثوليكي يقرأ ويسمع ويعمل بما يقوله قداسة البابا بندكتس السادس عشر في مناسبات دينية وكنسية واجتماعية، وما أقواله إلا تعليم الكنيسة من أجل السموّ بحياة الإنسان في طريق الروح والخلاص بالمسيح يسوع، ومن أجل إدخال حضارة الإنجيل في ثقافتنا المسيحية اليومية ليكن بعدها رجاؤنا في الرب، وكما يقول رئيس أساقفة واشنطن (14/10/2010)، في مداخلته:"إن الطريق الحقيقي هو المسيح وإنجيله، وكلنا مدعوون لإتّباع يسوع في جميع الأوقات والأزمنة، ونعمل على تذكير أنفسنا دائماً بهذا النور الذي أشرق علينا من العلى"… وما تضافر الكنائس ووحدتها إلا قوة أمام السلطات الحاكمة للعمل من أجل النهوض بالمجتمع وكرامة الإنسان.

     ما حصـل…

   كان التقصير واضحاً في وطني للقنوات الفضائية المسيحية ذات الأسماء المعروفة في التفاعل مع السينودس ومسيرة أعماله واجتماعاتهم، وصوّرتهم كغرباء عن هذا الحدث المقدس والعالمي، ولم يسمحوا لأنفسهم _ ولو بدلائل خاصة _  من مناقشات وإيضاحات للمستمعين من شعبنا المسيحي، ولولا قناة نور سات وتيلي لومير لكنا حقيقة نقولها وكأن الأمر لا يعنينا. ولكن لنعلم جيداً أن السينودس كان أولاً بناءً على طلب أساقفة العراق الذين نقلوا إلى قداسته ما يقاسيه الشعب من اضطهاد وتهجير، وجعله خروفاً مطيعاً وحَمَلاً صامتاً لغايات سياسية كانت أم غيرها، لتبديل خارطة طوبوغرافية، وهذا من المؤسف. وقد ظهر لي أن القائمين على إدارة القنوات يبتعدون عن الحقيقة ليعبدوا حقيقة الدنيا خوفاً على الموافقات العولمية التي مُنحت لهم في عمل فضائياتهم، بينما دورها يكمن اليوم _ وليس غداً _ في إيصال خبر السينودس والتفاعل معه ومع أعماله لأجل المؤمنين ومعهم، فيكونوا بذلك دافعاً إيمانياً وزخماً واقعياً، إنسانياً ووجودياً، لهذا الحدث.



     ما نبتغيـه…

   أن نعمل جاهدين على إيصال التوصيات إلى عامة الشعب كما هي بأيدي أساقفتنا الأجلاء وكهنتنا. فشعبنا في الشرق عامة شعب بسيط ومسالم، وما يحتاجه منا أن ننزل إليه وإلى مستواه كي لا يشعر بأنه لوحده، ولكن كل الكنيسة الكاثوليكية في العالم معه وتهتم به، لأنه عضو حيّ ومقدس في جسم الكنيسة الجمعاء… لنعمل جاهدين وسوية من أجل فجر جديد بتعويلنا على المواهب التي أنعم بها الله علينا، لإعداد مستقبل أفضل لجماعتنا. فالعناية الإلهية ترافقنا كل يوم كما ترافقنا الكنيسة الجامعة، ويرافقنا قداسة البابا بندكتس السادس عشر بصلاته وببركاته، كما يرافقنا الأساقفة في العالم أجمع.

   ** نعم، مسيحيو الشرق يحتاجون إلى المؤازرة والدعم من كنائسنا كما من إخوتنا المسلمين، كما يجب أن يفهم المسلمون أننا عرب وكنّا عرب قبل الفتح الإسلامي العربي وقبل ظهور الإسلام، ويستحيل على المسيحيين حمل قضاياهم العربية إذا كانت حقوقهم ناقصة في أوطانهم، أو كانوا مضطهدين في بلدانهم، أو معتَبَرين من درجات بعد الثالثة أو الرابعة… فالتاريخ يعلّم الإنسان من أخطائه من أجل إيجاد فجر جديد ورؤية حقيقية وعملية، وفي ذلك تُفَعَّل مسألة التعايش والتعددية والمساواة وحرية الضمير، وبذلك نرسم خارطة طريق ولكل بلد حسب معطياته وأبنائه، بعد أن تكون الدولة تعمل جاهدة على حماية حقوق المواطنين وإلغاء الطائفية والانتقائية.

   ** كلنا نؤمن بحكمة الفاتيكان، كلنا نؤمن ونعترف بأننا أولاد الكنيسة الجامعة، وبأن قداسة البابا بندكتس السادس عشر، نائب مسيحنا، وبطرسنا الرسول، وصخرة إيماننا التي تستمد قوتها من بركته الأبوية… من المؤكد ستصل توصيات وقرارات هذا السينودس المقدس إلى طاولات الجامعة العربية، وتوضع أمام منظمة المؤتمر الإسلامي ورؤساء الحكومات المحترمين والأزهر الشريف… أتمنى أن تعمل هذه المؤسسات على دراستها ومناقشتها، ويدركوا جيداً أن عليهم توعية شعور مؤمنيهم ومواطنيهم بحق المسيحيين بالوجود والبقاء على أرضهم، فهم سوية يواجهون التحديات مشتركاً، وقضيتهم في فلسطين مصيرية، وإحلال السلام ضرورة حضارية وإنمائية، والقبول بالمشاركة في صناعة مستقبل مشترك من أجل مساعدة المسيحيين على البقاء، وليس فقط تشجيعهم للبقاء، فكلنا أولاد لإبراهيم، وما ذلك إلا من ثوابت الإيمان، والعمل سوية على دعم الاتجاهات الإيجابية الرئيسة من أجل صناعة دولة تتطور باستمرار عبر حفظ حقوق الإنسان والأديان، وكما يقول الأستاذ محمد السماك:"على المسلمين أن يساهموا في تعزيز الوجود المسيحي وفي استعادة صدقيته ودوره كما كان على مرّ التاريخ". والعمل سوية، وفي كل بلد،  على إنشاء لجنة مشتركة، مسلمة _ مسيحية، لدراسة الأحداث الطارئة واستيعابها قبل أن تكون نهايتها، كي لا تأخذنا نيرانها في عالم المجهول…!!.

               ** إن للكاريتاس في وطني دور كبير في خدمة الإنسان العراقي، المسلم والمسيحي. وللسينودس كما للكنيسة المحلية عليهما العمل من أجل تفعيل هذه المنظمة الإنسانية التابعة للكرسي الرسولي، وتكون علامة محبة ووحدة وقبول الآخر والتعايش المشترك بين أبناء الوطن الواحد.

   ** إنشاء مجالس مشتركة بين المسلمين والمسيحيين في كل بلد عربي والعمل سوية لدراسة القضايا الحساسة التي تمسّ الرموز الدينية والعيش المشترك وحرية الرأي والفكر والدين ، لتعزيز الحوار وقبول الآخر ، وإحياء مجلس مطارنة العراق ليساهم في إنعاش الحس الايماني  لدى الشعب  وحبه لأرضه وتفعيل دوره من أجل حمل قضايا المسيحيين بكل محبة دون خوف ولا فزع . فالرب عوني فممن أخاف والرب حصن حياتي فممن أفزع ( مز 1:27) .   

     الخاتمــة

   نصلّي بل علينا أن نكون رجال صلاة  نعم ..نعم .. رجال يؤمنون بعمل الله ، كون الروح يرفّ ، والسينودس دعوة صلاة وعمل كان وعشناه وسنعيشه ،  صلّوا ولا تملّوا ، والصلاة هي الرفيق الأمين لكي يبقى سراجنا يُنير دروبنا ودروب الأخرين  ، ونترجّى كي لا ينطفئ السراج. فعقد السينودس بحدّ ذاته، وتواجد الأساقفة الأجلاء في خيمة روما الصخرة _ قداسة البابا بندكتس السادس عشر _ نجاح بامتياز. لذا علينا الحفاظ على وديعة الإيمان بعيداً عن الخلافات… وكما يقول الكاردينال أنجلو سودانو:"صحيح أنه في بعض الأحيان، وفي وجه محن الزمن الحالي، يشعر البعض بالرغبة العفوية في تكرار نداء المزامير "قم يا رب، خلّصني يا الله" (مز 8:3). غير أن الإيمان يؤكد لنا بسرعة أن الرب ساهر متنبّه بقربنا، وإن الوعد الذي قطعه المسيح للرسل ما زال سارياً حتى اليوم "وهاأنذا معكم طوال الأيام إلى نهاية العالم"" (متى 20:28). إن هذا اليقين دعم لنا في الوقت الصعب الذي نعيش فيه، وفي عيشنا هذا تبقى كنائسنا حاملة رسالة نبوية، ولابدّ من عيشها… إنها رسالة إعداد وخلق مناخ أكثر صفاء لليوم وللغد، وحينها قوتنا لا تكمن في العدد بل في قوة الله التي فينا، ويبقى الصبر والغفران والمسامحة شهداء كل يوم ومستعدون لسماع كلمة الله وحاجات واقع قريبنا (ساندري، 15/10/2010)، وبأنه علينا دائماً العودة إلى المسيح مركز حياتنا والتي ما هي إلا المفتاح لفهم هذا السينودس وتجاوز كل الصراعات، وبذلك نحافظ على هويتنا والتي هي علامة المحبة ليسوع، والوطن أرض آبائنا وأجدادنا، فيه وُلِدْنا وفيه عشنا وفيه نموت، وما على الوطن إلا أن يكون ترابه وفيّاً تجاه أبنائه المخلصين… فوطني كنيستي، وكنيستي وطني… وما أجملها من ترتيلة… وبذلك نخلق رجاءً جديداً لأبناء وطننا، ونعيش على أرض جديدة (اش 22:66) مُنحت لنا هبة من ربّ السماء….