سر الزواج المقدس

الحلقة رقم 25: سلسلة عن الأسرار للمطران عصام درويش

 

 

سيدني، الجمعة 3 يونيو 2011 (ZENIT.org).

الزواج المسيحي يرتكز على الحب ويتغذى من الحب ويدوم في الحب وهو عطية الله للإنسان وفيه تجد البشرية جذورها. إن أفضل ما تفوه به الإنسان هو كلمات وقصائد وأغان عن الحب، لكن أفضلها ما قاله يوحنا الإنجيلي بأن الله محبة والمحبة من الله (1يو/4)، فالحب هو التعبير الأرقى في سلوكنا اليومي رغم أننا نقف أمامه عاجزين عن شرح معانيه. فقط هؤلاء الذين هاموا بحب الله كانوا قادرين أن يتذوقوا طعمه ويشهدوا لعذوبته فيرددون مع القديس يوحنا الصليبي: "إنَّ كلّ عملي الآن هو أن أحب".

هذا الحب كان منذ بدء الخليقة عندما خلق الله الإنسان وبارك الرجل والمرأة وقال لهما: "أنموا واكثروا واملأوا الأرض" (تك1/28). لقد وصف الكتاب المقدس هذا الارتباط بين الرجل والمرأة بالمقدس "لذلك يترك الرجل أباه وأمه ويلزم امرأته ويصيران جسدا واحدا" (تك2/18-25). هذا القول هو  إشارة واضحة إلى قدسية الزواج ووحدته، فالله وحده يجمع الرجل والمرأة كما يقول يوحنا الذهبي الفم: "عندما يتحد الزوج والزوجة في الزواج، لا يظهران بعد كشيء أرضي، بل كصورة الله نفسه".

في الزواج يصبح الرجل والمرأة متساويين ومُكملين بعضهما لبعض رغم الاختلاف والتمايز بينهما "اثنان في جسد واحد". والكتاب المقدس يوضح أن الله لمّا خلق العائلة الأولى لم يجعل الرجل يتسلط على المرأة ولا المرأة على الرجل ولم يكن هناك تنافس بينهما إلا أن دخلت الخطيئة قلبهما عندما عصيا وصايا الله، بعدها لم يعد آدم يقول "هذه الآن عظم من عظامي ولحم من لحمي" فالخطيئة جعلت "الجسد الواحد" يتمزق وينفصل. هذا ما حدا بالأنبياء أن يتحدثوا مرارا عن تجديد العهد بين الله وشعبه، هذا العهد لن يكون مكتوبا على حجر إنما في قلب الإنسان "وأعطيهم قلبا واحدا وأجعل في داخلهم روحا جديدا وأنزع قلب الحجر من لحمهم وأعطيهم قلب لحم" (حزقيال 11/19).