التعليم الاجتماعي للكنيسة ما هو ولماذا؟

 

للأب هاني باخوم

روما، الجمعة 08 يوليو 2011 (Zenit.org)

امام الظروف والاحداث التي تمر بها بلادنا ومجتماعاتنا في هذه الاوقات؛ من ثورة، ودفاع عن النفس، ومظاهرات، وطلب الحق، واضرابات، وتكوين احزاب ومحاكمة من اخطأ ومن شارك في الفساد، نجد العديد من التفسيرات والآراء. نجد من يقول هذا ممكن وهذا غير ممكن، هذا حلال وهذا حرام. نجد من يسمح ببعض الافعال وبأخَر يحرّمها، نجد من يقول نعم ومن يقول لا. كلٌٌ يحاول إعطاء رأيه، وبالصواب يفعل. ولكن ما هو رأي التعليم الكنسي في كل هذا؟ ماذا تقول الكنيسة؟ ولا أقصد بالكنيسة الآراء التي يقولها البعض في الكنيسة، ولكن رأي التعليم الكنسي المعترف به.

وهنا نجد انفسنا امام فرع من التعليم الكنسي يسمى بالتعليم الاجتماعي للكنيسة. وهو التعليم الذي نمى وتطور مع مرور الوقت، وبتطورالعلوم المختلفة. التعليم الاجتماعي هو العلم والتعليم الناتج عن مرور العصور والنابع من الادراك لماهية الانسان ووجوده وغايته ودعوته، على نور الالهام الالهي والتقليد الكنسي.

هذا العلم ينتمي الى الفرع الاخلاقي من اللاهوت ويساعد الانسان عن طريق قيادته تجاه حياة انسانية حسب المشروع الالهي.

هناك جناحين لهذا التعليم الاجتماعي العقل والايمان لأنه يشمل الانسان بكل ابعاده، ومصدره في نفس الوقت هو الالهام الالهي وطبيعة الانسان.

هذا التعليم هو في حوار مستمر مع جميع العلوم الاخرى كالفلسفة وعلم الانسان والاجتماع والعلوم السياسية والحقوق والاقتصاد وغيرها. فهو يستمد منهم الكثير وينيرهم ايضا بالكثير.

هدف هذا التعليم هو الانسان المدعو الى الخلاص، فهذه هي الرسالة التي يمنحها المسيح لكنيسته كل يوم؛ دعوة لخلاص كل انسان. وبهذا التعليم تهتم الكنيسة بحياة الانسان في المجتمع. لانه في المجتمع يمكن حماية حقوق الانسان وكرامته. في المجتمع تؤسس العلاقات. وهنا يأتي التعليم الاجتماعي كي يعلن ما تمتلكه الكنيسة من معرفة كي تحمي هذا الانسان وبالتالي المجتمع، او هذا المجتمع وبالتالي الانسان. وفي نفس الوقت تنفي وتجحد بعض الافعال والتصرفات والانظمة الموجودة التي تهين هذا الانسان وتجعله يحيد عن هدف وجوده، وهذا حق وواجب.

هذا التعليم موجه اولا وبدون شك الى ابناء الكنيسة. موجه لهم في كل مكان، أي مكان. ولكن في نفس الوقت هو نور موجه لكل انسان، فرسالة الكنيسة هي كاثوليكية، جامعة، أي لا تقف عند اي حد او شخص معين. رسالة تبحث عن الانسان اينما كان.

فبعيدا عن الحلول المسبقة، والمخططات المبرمجة، يستطيع كل انسان ان يُبحر في هذا التعليم كي يجد طريق الحياة حسب العدالة والسلام والمحبة.

هذا التعليم هو دليل أخر بأن الكنيسة ام ومعلمة، وبالاحرى دليل بأن الله أبٌ، وقد دبّر لما نحياه الان بالفعل. فماذا دبّر؟ وماذا يعطينا ان نحيا؟ ما هو هذا الخبز اليومي، هذا التعليم الذي من خلاله نستطيع ان نحيا؟…هذا ما سنتناوله في المقالات القادمة عن التعليم الاجتماعي للكنيسة.

أيام مباركة.