تحقيق: مايكل فيكتور
* الأنبا موسي: البابا شنودة نشر الكنيسة في قارات العالم… والكنيسة تدعو للتمسك بالوطن.
* الأنبا كيرلس وليم: الكنيسة الكاثوليكية تري الهجرة قضية خطيرة تهدد الشرق الأوسط.
* الأب رفيق جريش: مصر في حاجة إلي أبنائها وعليهم ألا يتخلوا عنها.
* الأب د. يوأنس لحظي: الهجرة حق لكل إنسان… لكنها الاختيار المر للذي يلجأ له.
أحلام الهجرة تداعب هذه الأيام الكثيرين.. البعض يراها طوق النجاة من معاناة الحياة في بلد يسأل فيه كل واحد الآخر… إلي أين نحن ذاهبون؟!… ولا أحد يعرف إجابة وإلا ما ظل السؤال يتنقل من هذا إلي ذاك… ولكن هل الهجرة حقا هي طوق النجاة؟!… المعروف أن المصري المسيحي أكثر الناس ارتباطا ببلاده، إذ يرفع الدعوات من أجلها في كل صلواته… ومن جهة أخري فالواقع يحكي أيضا أن أعدادا كبيرة هاجرت إلي أمريكا وكندا وأستراليا وأوربا وكثير من دول العالم منذ الحقبة الناصرية في الخمسينيات وما تلاها حتي اليوم مما هو أصعب وأشد أحيانا وأهدأ وأخف أحيانا أخري… وكانت الهجرة بالنسبة لهم هي فعلا طوق النجاة… ومع هذا فإن أحدا لا يستطيع أن يجزم أنها قاعدة… لهذا وإلي كل الذين يتطلعون بكل الأمل أن يحذوا حذوهم ندعوهم لقراءة هذا التحقيق قبل أن يستغرقهم حلم الهجرة.
* في حوار خاص لنيافة الأنبا موسي أسقف عام الشباب قال:
** سواء قبل أو بعد ثورة 25 يناير، السبب الجوهري للهجرة هو الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد، ومستوي المعيشة اليومية، ولا شك أن الحالة الاقتصادية تأثرت بعد ثورة 25 يناير بالانفلات الأمني، وهروب رؤوس الأموال، مما جعل معدل طلب الهجرة يزداد… وطلب المسيحيين للهجرة- خاصة- يأتي من بعض المخاوف من الفتن الطائفية والتشدد الديني الذي ازداد كثيرا بعد 25 يناير، وكثيرا ما يحدثني الشباب عما يعانونه من التمييز الديني كالشباب المتفوقين بالجامعات… وغيرهم، ولكننا ننصحهم دائما بالبقاء في أرض الوطن التي رواها شهداء كنيستنا القبطية بدمائهم.
* وعن التفكير في الهجرة تخوفا من مستقبل مصر المجهول قال لي نيافة الأنبا موسي: المستقبل مجهول لدينا، ولكن معلوم لدي الله فمكتوب يسوع المسيح هو هو، أمسا، واليوم، وإلي الأبد (عب 13:8)، لذلك نضع بلادنا وحياتنا وظروفنا بين يدي الله، صانع المعجزات دون خوف أو قلق وأيضا مكتوب أنا معكم كل الأيام إلي انقضاء الدهر (مت28:20).
* الكنيسة دائما تدعو إلي الأمل والرجاء والتمسك بالوطن، وهي أمور تبعد عن التفكير العقلي للساعين للهجرة؟! قال نيافته معلقا:
** ربما يتصور المهاجرون أن الجانب العقلي معهم، إذ يفكرون بعقلانية في مستقبلهم، ولكن أدعو الجميع إلي الجانب الإيماني أيضا، فعلينا أن نسلم حياتنا لله. فالله سيعطينا حياة دون قلق ودون خوف من مستقبل.
* أضاف نيافة الأنبا موسي:
** من يفكر في الهجرة عليه أن يصلي في تسليم، طالبا مشيئة الله ثم يفكر ويطرق الباب فإذا ما أتته الهجرة يخطرنالكي نسلمه إلي أحد آبائنا الكهنة بالمهجر ليرعاه وأسرته، فنحن نشكر الله أن قداسة البابا شنودة الثالث فد نشر الكنيسة والرعاية في قارات العالم كلها.
* وعن مشاكل الهجرة قال الأنبا موسي:
** مشكلة المهاجرين ربما تكمن في أهمية تربية أبنائهم بطريقة سليمة-كنسيا واجتماعيا- ونشكر الله أن هناك آباء أساقفة وكهنة وخداما بالمهجرة يقومون بجهد خارق في رعاية أجيال المهاجرين، ولا شك أيضا أن الجيل الأول له صلة وثيقة بالوطن الأم والكنيسة الأم ويقومون بدورهم في التدعيم، أما الأجيال الجديدة نحن بحاجة إلي تواصل معهم دائما… وأيضا هذا أما تبذله كنيستنا الأم عن طريق وسائل الإعلام المختلفة.
* في ختام الحوار قال الأنبا موسي لمن يفكرون في الهجرة؟
** لا تقلقوا علينا… فنحن في يد الله، ولا تقلقوا علي مصر… لأن الوعد صادق وأمين مبارك شعبي مصر (أش 19:25).
خسارة كبيرة
* في حديث مع نيافة الأنبا كيرلس وليم مطران أسيوط للأقباط الكاثوليك قال:
** المسيحيون الذين يفكرون في الهجرة يأتي تفكيرهم من تخوفهم من مستقبل غير واضح، ولكن الكنيسة تري أنها خسارة كبيرة، لأن من يفكر في ذلك في أغلب الحالات من بين الشباب والمثقفين وبهجرتهم يحرمون الكنيسة وبلادهم من الطاقات الثمينة، لذلك تحرص الكنيسة علي تشجيع أبنائها علي البقاء كبناة سلام لوطنهم… فعلينا أن ندعو دائما إلي البقاء وتحمل الظروف الصعبة.
* وعن دعوة الكنيسة إلي الأمل والرجاء قال نيافته:
** إنها أمور تبعد بالفعل عن الجانب العقلي ولكن الكنيسة كالأب لا يتخلي عن أبنائه، علينا أن نقوي فيهم الرجاء والثقة بعناية الله الذي لا يتخلي عنهم.
* وعن موقف الكنيسة من المسيحيين الذين يفكرون في الهجرة قال نيافة الأنبا كيرلس:
** الكنيسة الكاثوليكية تراها قضية تمثل خطورة كبيرة جدا، وليس بمصر فقط، بل في سائر الشرق الأوسط، ودائما يدعو قداسة البابا بنديكت السادس عشر- بابا الفاتيكان- إلي التمسك مسيحيين بأوطانهم في مختلف دول الشرق الأوسط، وقد خصصنا حلقات نقاش كثيرة في سينودس الشرق الأوسط بالفاتيكان- أكتوبر العام الماضي- وناقشنا هجرة المسيحيين من العراق ولبنان وفلسطين ومصر… لأنها قضية تمثل خطورة بالكنيسة الكاثوليكية.
* واختتم نيافة الأنبا كيرلس وليم حديثه قائلا: نصيحتي التي أوجهها إلي كل من يطلب مشورتي بخصوص الهجرة هي التشجيع علي البقاء والتمسك بالرجاء والإيمان بأن الله قادر أن يحميه.
ليست كلمات
* في حوار مع الأب رفيق جريش رئيس المكتب الصحفي للكنيسة الكاثوليكية وراعي كنيسة القديس كيرلس بالكوربة قال:
** الكنيسة لا تشجع الهجرة ونسعي دائما أن ندعو الشعب بالرجاء والأمل في مستقبل أفضل… والتمسك بمصر ليس مجرد كلمات نعزي بها بعض، ولكن أرض مصر مباركة فهي التي زارها السيد المسيح والكثير من الأنبياء، فيجب أن تكون مصر بلدا حاضنا وليس بلدا طاردا… وأضاف الأب رفيق أن هناك نوعا من الهجرة فيوجد بعض الأشخاص يهاجرون من أجل الهجرة وهم لا يعرفون أين يستقرون هناك، لا يعلمون ماذا يعلمون، معتقدين أن الهجرة أمر سهل… وهذا النوع ترفضه الكنيسة بشدة، ولكن هناك أشخاصا يهاجرون متخذين القرار بأسلوب علمي ومقدمين مشيئة الله في حياتهم وهذه النوعية تصلي الكنيسة من أجلهم أن يوفقهم ولكن تعتبرهم الكنيسة أيضا خسارة لبلادهم وللكنيسة.
* في ختام حديثه قال الأب رفيق جريش إلي كل من يفكر في الهجرة:
** إن مصر الآن في أشد الحاجة إلي عملكم بها وصوتكم ومساعدتكم في نهضتها فلا تتخلوا عنها، فالرب لا يتركك والوعد مكتوب مبارك شعبي مصر.
رسالة النور
* وفي حوار مع الأب د. يوأنس لحظي جيد رئيس تحرر موقع كنيسة الإسكندرية الكاثوليكي… قال
** الهجرة هي الاختيار المر الذي يلجأ له الإنسان عندما يشعر بأن كل الأبواب مغلقة في وجهه وأن الإحباط يحيط بواقعه من كل جهة، وبالتالي يرغب في أن يترك كل شئ عله يجد فرصة أفضل، وهجرة المسيحيين هي التعبير الأوضح عن شعورهم بالضيق ويأسهم من الانتظار وخوفهم من المستقبل ورغبتهم في العيش بكرامة وحرية ومساواة، وبعد ثورة 25 يناير سرعان ما تبدد الأحلام التي جاءت بها الثورة أمام هدم الكنائس وحرق دور العبادة ومهاجمة أماكن الصلاة كل هذا جعل الخوف يسيطر علي الكثيرين، والخوف هو الدافع الأول والأهم لظاهرة الهجرة.
** ومما لا شك فيه أن نسبة الذين يفكرون في الهجرة قد ازدادت بشكل ملحوظ نظرا لتفشي الخوف… الخوف من الغد… الخوف من الأسوأ… وهنا يستوي الأقباط مع غير الأقباط، سواء في الخوف أو في البحث عن الهجرة، والحل يكمن في تغير الأوضاع بشكل سريع وعودة الأمن والشعور بأن المستقبل أفضل بأفعال ملموسة وليس بكلمات.
* وعن دور الكنيسة قال:
** سيظل دور الكنيسة هو دور روحي يشبه دور الخمير في العجين، ففي عالم تزداد فيه الصرخات اليائسة والإحباطات ستظل رسالة الكنيسة هي رسالة النور في الظلام، الرجاء في اليأس، العزاء في الألم، رسالة الأم والمعلمة، ولا يمكن أن ننسي أن رجاء المسيحيين لا يبني علي الضمانات البشرية بل علي الوعود الإلهية التي لا يمكن أن تخيب.
* وفي نصيحة وجهها الأب يوأنس إلي الذين يفكرون في الهجرة قال:
** لا تظنوا أن الهجرة هي الاختيار الأسهل، إنها الاختيار المر والذي لا يجب التفكير فيه كهروب من الفشل، لأن الفشل والسلبية يصطحبان الإنسان الخائف والسلبي أينما ذهب… ضعوا ثقتكم في الله لأنه وحده لا يخون عهوده واعلموا أنه إن لم يحرس الرب المدينة فباطل سهر الحراس، وأنه ليس تلميذ أفضل من معلمه فإن كانوا قد اضطهدوا المسيح فسيضطهدوننا، ولكن من يثبت إلي المنتهي يخلص. ومن ناحية أخري أود أن أقول إن الهجرة هي أيضا حق لكل إنسان فإن توفرت ظروفها المناسبة فلكل شخص حق اتخاذ القرار وتحمل تبعاته ونتائجه.
عن موقع جريدة وطني
