"ودَخَلَ أَريحا وأَخَذَ يَجتازُها. فإِذا رَجُلٌ يُدْعى زَكَّا وهو رئيسٌ للعَشَّارينَ غَنِيٌّ قد جاءَ يُحاوِلُ أَن يَرى مَن هُوَ يسوع، فلَم يَستَطِعْ لِكَثَرةِ الزِّحَام، لِأَنَّه كانَ قَصيرَ القامة، فتقدَّمَ مُسرِعاً وصَعِدَ جُمَّيزَةً لِيرَاه، لأَنَّه أَوشكَ أَن يَمُرَّ بِها. فلَمَّا وصَلَ يسوعُ إلى ذلكَ المَكان، رَفَعَ طَرْفَه وقالَ له: ((يا زَكَّا انزِلْ على عَجَل، فيَجِبُ عَلَيَّ أَن أُقيمَ اليَومَ في بَيتِكَ)). فنزَلَ على عَجَل وأَضافَه مَسروراً. فلمَّا رَأوا ذلك قالوا كُلُّهم متذَمِّرين: (( دَخَلَ مَنزِلَ رَجُلٍ خاطِئٍ لِيَبيتَ عِندَه! )) فوَقَفَ زَكَّا فقال لِلرَّبّ: (( يا ربّ، ها إِنِّي أُعْطي الفُقَراءَ نِصفَ أَموْالي، وإِذا كُنتُ ظَلَمتُ أَحداً شَيئاً، أَرُدُّه علَيهِ أَربَعَةَ أَضْعاف )). فقالَ يسوعُ فيه: (( اليَومَ حصَلَ الخَلاصُ لِهذا البَيت، فهوَ أَيضاً ابنُ إِبراهيم. لِأَنَّ ابْنَ الإِنسانِ جاءَ لِيَبحَثَ عن الهالِكِ فيُخَلِّصَه ))" (لو 19: 3- 10)
من الملفت جدا للانتباه، أن قول السيد المسـيح لزكا العشار:((يَجِبُ عَلَيَّ أَن أُقيمَ اليَومَ في بَيتِكَ)) لم يتكرر إلا في حديثه الي يوسف ومريم امع عن بيت الآب: " فقالَ لَهُما: (( ولِمَ بَحثتُما عَنِّي؟ أَلم تَعلَما أَنَّه يَجِبُ عَليَّ أَن أَكونَ عِندَ أَبي ؟)) (لو 2: 49)
فما الذي ميز بيت زكا عن باقي البيوت حتي يذكر المسيح أنه يتوجب عليه أن يقيم في بيته؟
لان في حياة زكا اعلنت ديناميكية الخلاص في مراحل اربعة هي:
أولا، مرحلة الإعداد
حب الكفاح:
· كان رئيسا للعشارين. ومهنة العشار تفترض قدرا كبيرا من الذكاء (الشطارة)! وعلى من يريد ان يكون رئيس العشارين (الشطار) ان يجتهد كثيرا ويكافح اكثر للحفاظ على منصبه. فالفرصة لا تيقظ نائم و النعمة الالهية لن تنشط الكسول. بل تطلب المثابرين والمكافحين.
· كان غني: احيانا يكون المال ثمر الجدّ . فنسمع من يفخر بانه عصامي، اجتهد لتكوين ثررة.
انتباه لاحداث الحياة :
· لقد أصغى للاحداث فسمع عن المسيح واعماله.
· لقد بحث ليعرف من اي مكان سيمر المسيح.
· لقد تابع فأدرك في اي وقت سيعبر المسيح.
تفعيل الارادة:
· رغب ان يرى يسوع.
· قرر ان يرى يسوع .
· تحرّك ليرى يسوع.
مواجهة التحديات :
· تحديات خارجية :
ü المكان: مزدحم وفرص اللقاء ضعيفة جدا.
ü الزمن : "لقد أَوشكَ المسيح أَن يَمُرَّ" ، فتقدَّمَ مُسرِعاً.
ü الجمهور : يراه مجرد خاطئ :"قالوا كُلُّهم متذَمِّرين: (( دَخَلَ مَنزِلَ رَجُلٍ خاطِئٍ لِيَبيتَ عِندَه! )) "
· تحديات داخلية:
ü من الجسد: قصر القامة.
ü من النفس : (الكبرياء) التي عادة ما تصاحب المقام الاجتماعي الرفيع. وقد كان زكا رئيسا وغنيا. داس الكبرياء وتسلق الجميزة كطفل يلهو.
ثانيا، مرحلة اللقاء
1. رآه المسيح : ((وصَلَ يسوعُ إلى ذلكَ المَكان، رَفَعَ طَرْفَه وقالَ له)) طمح زكا في ان يرى يسوع … فرآه المسيح.
2. عرفه المسيح باسمه: (( يا زكا )) بينما (الزحام) ، مجهولين، بلا اسماء . وان كانوا في صحبة المسيح.
3. أمره المسيح ((انزِلْ على عَجَل)) ذاك الذي ((تقدَّمَ مُسرِعاً وصَعِدَ جُمَّيزَةً لِيرَاه)) . صعد مسرعا مريدا ان يراه ونزل مسرعا أسير دعواه.
4. شرفه المسيح وقالَ له: ((فيَجِبُ عَلَيَّ أَن أُقيمَ اليَومَ في بَيتِكَ)).
5. فرحّه المسيح: (( فنزَلَ على عَجَل وأَضافَه مَسرورا)).
ثالثا، مرحلة الاهتداء
1. وقفة للذات مع الله : (( فوَقَفَ زَكَّا فقال لِلرَّب)).
2. التخلي عن العبادة القديمة: (( يا ربّ، ها إِنِّي أُعْطي الفُقَراءَ نِصفَ أَموْالي)) كان زكا عابدا لماله.
3. التوبة و التكفير عن الظلم : ((إِذا كُنتُ ظَلَمتُ أَحداً شَيئاً، أَرُدُّه علَيهِ أَربَعَةَ أَضْعاف )).
رابعا، مرحلة الخلاص
1. استرداد الهوية : ((فهوَ أَيضاً ابنُ إِبراهيم)) ابراهيم الذي تخلّى عن العبادة القديمة آمن بالله وصدق وعده وحفظ العهد.
2. النجاة من الهلاك : ((لِأَنَّ ابْنَ الإِنسانِ جاءَ لِيَبحَثَ عن الهالِكِ فيُخَلِّصَه ))
3. الحصول على الخلاص : (( فقالَ يسوعُ فيه: اليَومَ حصَلَ الخَلاصُ لِهذا البَيت))
الاب متى شفيق
14/09/11