السلام هبة من الله

 

– السبت 15 نوفمبر 2011

يسعى العالم في هذا العصر المضطرب إلى السلام، بكل الطرق وبكل الوسائل المادية والسياسية والدبلوماسية.. ولكن كثيراً ما بلا جدوى ولا ثمرة. وربما "لأن أفكارالإنسان وطرقه ليست أفكار الله ولا طرق الله" كما يقول السيد المسيح أو ربما لأنه لم تجد المساعي الحميدة قبولاً في قلوب "ذوى الإرادة الحسنة".

وفي الحقيقة إن السلام هبة من الله وعطية مجانية منه.. هو صانع السلام ومصدره، فقد قال المسيح: "سلامأ أترك لكم.. سلامي أعطيكم، ليس كما يعطي العالم أعطيكم أنا" (يو14: 27)، فعلينا أن نلتمسه منه بإيمان حار.. ونسعى إليه بكل ثقة ورجاء في الذي قال: "ثقوا فإني قد غلبت العالم" وعلينا أن تكون سيرتنا صالحة مرضية أمام الله.. فقد قال: "وعلى الأرض السلام للذين بهم المسرة". أعنى الذين يحبهم الله لأنهم عباده الأتقياء.. أبناؤه الأبرار وليس عباد المال والتسلط والظلم والكراهية والعنف. لذلك قال المسيح: "طوبى لصانعي السلام لأنهم أبناء الله يدعون" (مت5:9) هكذا فعل القديسون مثل فرنسيس الاسيزي وغيره.. هكذا فعل قداسة البابا يوحنا بولس الثاني منذ عشرين عاماً عندما التقى حوله للصلاة من أجل السلام قادة الأديان والطوائف المختلفة في أسيزي يوم 27 أكتوبر 1986. وهكذا يجب أن يفعل كل مسيحي لكي يكون أبنأ الله حقاً حبيب الله لأنه يسعى إلى السلام.

 

عندما ظهر السيد المسيح لتلاميذه، بعد القيامة، حيّاهم ثلاث مرات قائلاً: "السلام لكم" (يو20) ويعلّق القديس أنطونيوس البدواني على هذا السلام قائلأ: "إن هذا السلام المثلث الذي منحه المسيح للتلاميذ.. ولا يزال يمنحه لنا دائمأ.. يعني أولاً سلام الله للإنسان والذي تم وتحقق بمصالحة الإنسان مع الآب، بعد خطيئة آدم، بواسطة دم المسيح الفادي. أما السلام الثاني فهو الذي تم بين ملاك الرب (جبرائيل) والإنسان (مريم العذراء) بعد سقوط إبليس وتمرده على الله وهذا تحقق عندما أخذ المسيح الطبيعة البشرية حتى يرفع الإنسان فوق طغمات الملائكة.. والسلام الثالث هو السلام بين الإنسان وأخيه الإنسان وهذا تم عندما جمع المسيح في شخصه الواحد الشعب اليهودي والوثني وهو سلام المحبة الأخوية الذي يتطلب منا جهادأ مستمراً والعودة دائمأ إلى حب الله لأن الله محبة.

 

يا ملك السلام، ضع سلامك في قلوب جميع الناس: في قلوب أسرنا وطوائفنا وكنائسنا.. وحّد قلوب المتخاصمين.. عزي الحزانى والتألمين، ضع الوفاق والرحمة والحكمة في قلوب المحاربين.. في فلسطين والبلاد العربية وبلاد العالم.

أنت الذي زرت أرض مصر، ثّبت وحدتها وأغرس فيها حضارة الحب والغفران.. حضارة العلم والثقافة.. حضارة الحرية والعدل.. باركها واملأ أرضها بالخير والسلام..

أنت الذي أحببتها فقلت: "مبارك شعبي مصر".

الأب/ يوسف المصري