أحلم بكنيسة

كابي يوسف – موقع ابونا

احلم بكنيسة الخبز والدم، خبزها معجون بخميرة الحب والعطاء حتى الموت. ودمها مُبارك، مُعتق سُكب لأجل خلاص الإنسانية.

 

احلم بكنيسة صغيرة في بنائها، كبيرة في أبنائها. متواضعة في أثاثها، عظيمة في ناسها.

 

احلم بكنيسة تنبذ الماديات وتتنزه عن الدنيويات، تمهد الطريق بالحكمة وتزرعه ببذار النعمة، وتسقيه بماء الحياة الأبدية. كنيسة تعمل بجد لكنها تؤمن بأن الله هو الذي ينمي.

 

احلم بكنيسة أمينة في القليل لكي تنال الكثير. كنيسة تُدرك ان كرم المسيح إذا داهمه اللصوص يسقطون عند عتباته.

 

احلم بكنيسة الرسل فهي لا تهتز عند الشدة، ولا تتكبر عند الفرج، تقدم خبزاتها وسمكاتها، ويركع جسدها الواحد للصلاة، فيُبارك ويُكثر، ويُشبع الجياع والعطاش إلى البر، يكسي العريانين، يشفي المرضى، يعزي الحزانى، ويفك أسر المظلومين.

 

احلم بكنيسة راعيها عادل، هو حقاً راع بصمته وكلامه، يحترم الآخر ويعترف بإنسانيته، ويشاركه في آلام وصعاب الطريق. راع متسلح بالرجاء، فطريقه طريق خلاص، وسلام يعطي الحياة الأفضل.

 

احلم بكنيسة لا تخجل من إنجيلها، بل تُبشر به كل الأمم، ولا تحني رأسها في التراب بداعي التسامح بل تشع كالمنارة فتنير لكل العابرين في الطريق. كنيسة لا تُنكر قديسيها، ولا تتنكر لدماء شهدائها، ولا تتباهى بالتقليل من قيمة العذراء أمها. ولا تنسى في زحمة ممارساتها أن الرب يسوع هو فقط عريسها ومخلصها الوحيد، والروح القدس مُعزيها. احلم بكنيسة تسير الميلين، وتُعطي ردائها لواحد واثنين.

 

كنيسة من سألها تعطيه ولا ترد، من طلبها يجدها بدون ممانعة أو صد. كنيسة تدعو لعشائها الفقراء والمعوزين، المرضى والمتعبين، المرذولين والمنبوذين.

 

كنيسة تهتم بأغنيائها لكنها تتذكر قول حجر الزاوية فيها: "من أراد أن يكون فيكم عظيماً فليكن خادماً، ومن أراد أن يكون أولاً فليكن للجميع عبداً".

 

احلم بكنيسة تبكي موت لعازر وتفرح لقيامته، لنجاحه، لتفوقه.

 

كنيسة جدرانها بسيطة تحمل أيقونات العمل، وقاعاتها لا تصدح منها أصوات العالم الصاخب. احلم بكنيسة واحدة بالحب والصلاة والعيد أيضاً.

 

جامعة للكل كأم حنون لا تميز بين أولادها. كنيسة مُقدسة بأعمالها ونواياها وأهدافها.

 

كنيسة رسولية كل عضو فيها صاحب رسالة نحو نفسه وعائلته ومجتمعه ووطنه. نحو كل الانسانية.

 

احلم بكنيسة رخامها الجمال وسيراميكها النظام، وديكورها قوت الفقراء.

 

احلم بكنيسة تنهض من كبوتها، تدافع فعلاً لا بالكلام عن حضارتها وارثها ولغتها، عن الروح التي زرعها فيها رأسها.

 

احلم بها كنيسة تحملني، تنقذني من ضياعي، آلامي، انعزاليتي، أحقادي وآثامي، وتسير بي على إتانها نحو أورشليم السماوية، وتسكنني في فندق الرحمة والبركة، ولا بأس أن يدفع عني قريبي وأخي أتعابي، يمسحني بمسحة الحب الشافية، يحمل الصليب معي ونسير معاً نحو منزل السيد. نتعشى عنده أو معه، لا فرق فالمكان واحد يتسع لجميعنا، وكلنا من أهل البيت ندخله مرتدين رداء الروح، يقدسنا ويمجدنا فنكون رعية واحدة لراع واحد.

 

احلم ان اقف مع أخوتي في أي مكان، شارع، تلة، على سفح جبل، في الشرق أو الغرب، في السر والعلانية: نقف لنردد نشيد الكنيسة بصوت صاف جميل: الله أسسها الله راعيها على صفاة الهدى الله بانيها كنيسة أثمرت بالحق دوحتها قد شُيدت في العلى حقاً مبانيها يسوع مرشدها والحق علمها بالروح والنار والماء ينقيها على الصليب دماً أجرى لتطهيرها هو المسيح إله الحق فاديها يا بيعة الله ياعروس المسيح افرحي تأتي الشعوب إليك من أقاصيها الله طهرها والله قدسها والله شرفها والله يحميها.