معنى رتبة الرماد

بندكتس السادس عشر يترأس رتبة تبريك الرماد في روما

 

 

بقلم روبير شعيب
الفاتيكان، الأربعاء 22 فبراير 2012 (ZENIT.org).

احتفل البابا بندكتس السادس عشر مساء أمس الأربعاء بقداس إلهي تخللته رتبة تبريك الرماد المسح به في بازيليك القديسة سابينا على هضبة الأفنتينو في روما.
ألقى البابا عظة في المناسبة شرح فيها المعنى الليتورجي لرتبة المسح بالرماد الذي يأخذ معنى يذهب أبعد من العلامة المادية لكي يضحي "رمزًا مقدسًا".
شرح بندكتس السادس عشر أنه في التقليد اليهودي القديم كان رش الرماد ولبس المسح والخرق أمرًا معتادًا يعبّر عن التوبة. أما بالنسبة لنا نحن المسيحيين فهناك هذه المحطة الفريدة والتي  تأخذ طابعًا طقسيًا وروحيًا بارزًا.
وميّز الأب الأقدس بين العلامات الأسرارية مثل الزيت، الماء، الخمر، الخبز، وبين رمز الرماد الذي لا يندرج في إطار العلامات الأسرارية. ولكن بالرغم من ذلك فالرماد يرتبط بصلاة وتقديس الشعب المسيحي.
فقبل المسح بالرماد يتم تبريكه ويضحي أيضًا عنصر تبريك ترافقه كلمات سفر التكوين (3، 19): "اذكر أنك تراب وإلى التراب تعود".
وتوقف الأب الأقدس على قصة الخطيئة الأصلية في الفصل الثالث من سفر التكوين حيث يلعن الله الحية التي أوقعت الرجل والمرأة، ويعاقب الرجل والمرأة، إلا أنه لا يلعنهما بل يقول: "ملعونة الأرض بسببك"، أي بسبب خطيئة الإنسان.
وعليه فالرجل والمرأة ليسا ملعونان.
ولكن الأرض لم تكن ملعونة قبل الخطيئة، بل كما يقول لنا نص سفر التكوين، الله يخلق الإنسان من تراب الأرض: " وجبل الرب الإله الإنسان ترابا من الأرض ونفخ في أنفه نسمة حياة، فصار الإنسان نفسا حية. وغرس الرب الإله جنة في عدن شرقا وجعل هناك الإنسان الذي جبله" (تك 2، 7 – 8).
هذا النص يبين أن الأرض هي موضع بركة. وهنا يندرج معنى رتبة تبريك الرماد الذي "يحملنا إلى أيقونة الخلق العظيمة، التي تقول لنا أن الإنسان هو اتحاد فريد بين المادة والنفحة الإلهية، من خلال صورة تراب الأرض الذي يصوغه الله ويحييه بنسمة ينفخها الله في أنف الخليقة الجديدة".
يبدو واضحًا في النص أن الأرض تشارك في مصير الإنسان. إن لعنة الأرض هي، بحسب شرح القديس يوحنا فم الذهب، وسيلة علاجية لوضح الإنسان، فمن خلال "مقاومة" الأرض يستطيع الإنسان أن يحافظ على حدوده ويتعرف على طبيعته.
إن الله، في القصاص الذي يفرضه على الإنسان، يعلن عن طريق الخلاص الذي سيمر من خلال الأرض، من خلال ذلك "التراب"، من خلال "الجسد" الذي سيأخذه "الكلمة".