زواج من الجنّة

إرتباط يتخطّى الـ"أنا" ويملأ الفراغات والفروقات بالحب والإيمان

 

 

بقلم ريتا قرقماز

روما، الأربعاء 13 يونيو 2012 (ZENIT.org)

ما هو الزواج وما هي العائلة؟ هل الزواج السعيد هو مرادف للزواج الكامل المثالي الخالي من المشاكل؟ أو هل يمكننا أن نكون سعداء حتى في نقص خبراتنا البشرية والزوجية؟ كيف يمكننا أن نختبر حب الله في الزواج؟ على هذه الأسئلة وغيرها أجابت بريدا أوبراين انطلاقاً من شهادتها الشخصية المؤثرة في المؤتمر الإفخارستي الدولي حيث داخلت نهار الثلاثاء 12 يونيو.

أتت بريدا أوبراين بشهادتها الشخصية لتبيّن الفوضى والنقص في عائلتها والفرح الذي يطغى على الرغم من كلّ ذلك. شرحت أوّلاً أنّ الزواج ليس الدعوة الوحيدة في الحياة فالشخص الأعزب تكون له دعوة مميّزة أيضاً، ولكن فيما يخصّها، شعرت بأن دعوتها هي أن تكون زوجة وأمّاً.

استهلّت حديثها ذاكرة موقفاً عاشته عندما رأت امرأة تركب الدرّاجة الهوائيّة مع أولادها مواكبة إيّاهم لتحاول حمايتهم ومعرّضة حياتها لخطر أن تدهسها سيّارة. هذه القصّة بيّنت لبريدا أهميّة استعداد الشخص للتضحية بنفسه من أجل الآخر وأسمت هذه التضحية "حبّاً" شبيهاً بحبّ الله. وباشرت بالحديث عن العائلة قائلة أنّ العائلة الجيّدة ليست تلك الخالية من المشاكل، إنّما هي العائلة القادرة على حلّ مشاكلها بطريقة جيّدة خصوصاً عندما يمدّ أفرادها أيديهم كأطفال لطلب نعمة الله. علاوة على ذلك، بيّنت أهميّة المائدة في العائلة، إذ عند المائدة يجتمع جميع الأفراد لتناول الطعام وتبادل الأحاديث وبالتالي فللمائدة أهميّة في تغذية الجسد والروح ولها قيمة إفخارستيّة.

أمّا في الموضوع المتعلّق بماهيّة الزواج فأجابت بريدا بأنّه ليس لحظةً إنّما هو حياة بطولها، حياة يكون الله حاضراً فيها حتى في أوقات الشدّة. هو وعد نقطعه يجعلنا نرجع إلى نعمة الله من خلال الصلاة ونكفّ عن الاعتماد على طاقاتنا الخاصّة. وعندما نتوحّد في الزواج، نكون قد توحّدنا مع الله لنضحي طرفاً في طاقته الخلّاقة والمُحبّة. لكن هل يتطلّب ذلك أن نكون كاملين؟ بالتأكيد لا! فالله وحده كامل، والزواج سيجعلنا نرى بوضوح أكثر مدى النقص الذي نعيشه.

وتابعت بريدا حديثها قائلة أنّ الشغف والرومنسية أمرين رائعين إنّما الحب هو الذي يساعد الزواج على الاستمرار والازدهار وبأنّه لا وجود لـ"فارس الأحلام"، ذاك الشخص الذي يتطابق وتوقعاتنا والذي نلتقي به لنعيش بسعادة وكأننا في قصّة خياليّة، فواقع الزواج مختلف إذ يتطلّب الكثير من الجهد وإن نجح فهو قادر على جعلنا نتخطّى أنانيتنا.

في سياق حديثها، سلّطت بريدا الضوء على موضوع هامّ وهو كسر القربان إلى اثنين خلال القدّاس كرمز للمشاركة والتضحية التي نعيشها في العالم والتي تسمح لنعمة الله بالدخول لتفتح أعيننا على ضعفنا ونقصنا وتجعلنا قادرين على المغفرة لأنفسنا ولغيرنا.

بالإضافة إلى ذلك، تطرّقت بريدا إلى موضوع الأطفال مستشهدة بموقف عاشته عندما نسيت اسمها من شدّة تعبها وانهماكها وقالت "صحيح أنّ الأطفال يفقدوننا ذاكرتنا إنّما يساعدوننا على النضوج" ومعهم نكتشف معنى الحب غير المشروط.

وأخيراً، تحدّثت عن فشل ونجاح الزواج وعن كون الزواج خياراً، عارضةً احتمالين مختلفين: إمّا الانسحاب عند مواجهة المشاكل فيكون زواجنا فاشلاً أو البقاء وبذل الجهد والصلاة فيكون زواجنا من صنع الجنّة. واختتمت قائلة أنّ الحب الحقيقي الأقرب إلى حبّ الله هو الذي يمكّننا من قول كلمة "أحبّك" إلى الشريك الذي نعرفه أشدّ المعرفة والذي تشاحنّا معه مراراً وتكراراً والذي نعرفه في أسوأ حالاته ونعرف أسوأ ميزاته.