اشتقت إليك يا الهي نعم اشتقت إليك رغم انك لم تفارقني لحظة .. بل أنا كنت كالنعامة التي استلذ لها أن تطمر رأسها في الرمل متحاشية النظر لفوق .. كنت كيعقوب الذي ظل يدير رأسه ونظره شرقا وغربا وجنوبا ولم يراك .. حتى ذاك الحجر الذي وضعه تحت رأسه لم يعي انه ليس بحجر فقط لو انه رفع عيناه وقلبه إلى الأعلى إلى الإيمان لعلم إن رأسه ليس على ذاك الحجر بل كان رأسه مسنودا على صدر الله …
كان يالهي يغلي في داخلي براكين من الحيرة .. والتساؤلات .. ولا راحة ولا إجابة كم كبت مشاعر الغضب التي كانت في داخلي .. وفراغ أحاطني من كل صوب وحدب .. وكم كان هذا الإحساس مخيفا لقد كانت من أكثر الأيام خوفا لدي .. آه … يا سيدي الحبيب .. أنت تعلم ذالك اليوم المثلج العاصف الذي اخترت فيه أن اخرج من منزلي فور توقف تلك العاصفة غير عابىء إن كان خروجي سيجعل من يشاهدني من منزله أن يقول انظروا هذا المجنون .. يسير في هذا الطقس ..؟ ! ليس هذا فقط فقد اخترت طريقا فرعيا يصل إلى هضبة ثم إلى الغابة الصغيرة خلف منزلي التي أردت أن انفجر بها صارخا .. وباكيا .. وشاكيا .. لم ارغب أن يسمعني أي من بني البشر .. ورغم كل هذا لم تجد قدمي موطئا على ذاك السطح الثلجي الذي أصبح كلوح جليدي زلق .. لا مجال للسير عليه ! ازداد الغضب في داخلي .. لن أعود الآن هاهي غابتي الصغيرة أمامي فقط هذه الأربعين مترا على سطح الثلج الممتد هذا واصل .. وفجأة رأيت أثار أقدام شخص قد سار قبلي على سطح هذا الثلج .. وامتد نظري ملاحقا تلك الآثار لأجدها وصلت إلى الطرف الأخر .. قررت أن اجعل هذه الآثار موطىء لقدمي قائلا في نفسي طالما وصل هذا الشخص إلى الطرف الأخر سأصل إن سرت فوق أثاره … كنت في ذالك اليوم شبه مخدر أو بالأصح مغيب .. وبالفعل كنت انقل خطواتي متتبعا تلك الآثار … وهكذا وصلت إلى نهاية الهضبة وعندما وطأت أخر خطوة رفعت رأسي إلى أعلى و إلى تلك الخطوات التي سرتها .. إلى الغابة التي كنت أريد أن اخرج كل قهري وغضبي . . ياه .. وفجأة وجدت نفسي اردد قائلا : ماذا فعلت؟؟ ما هذا ؟؟ ! وببطء غريب استدرت وقررت العودة إلى منزلي وشعرت إني استعدت القدرة على التفكير .. قلت لنفسي ساخرا : وثقت بخطوات شخص مجهول لتوصلك إلى الغابة التي ستعود منها مرتاحا .. وتجاهلت وأدرت وجهك عن تتبع خطواته ؟ ! لم اعد اعرف أين أدير وجهي خجلا من نفسي .. ومن نظرات الرب التي شعرت أنها تنفذ إلى داخل عظامي وتحرقني لم اعد اعلم أين سأذهب بوجهي ….. يا له من درس تعلمته ذاك اليوم كان درسا عمليا اذ طالما كنت اعلم هذه الحقيقة لكن يبدو إنني كنت رافضا أن أعيش تلك الحقيقة المقدسة .. نعم أن ارفض يا الهي الحبيب أن أتبارك بجراحات هذا العالم التي لابد لها أن تكون كثيرة ولابد لأبناء النور أن ينالون ذاك النصيب لأنهم اختاروا السير وراء خطواتك .. التي مشت بها محتملا الغدر والرفض والنكران والجلد والاستهزاء والصفع والجلد والطعن وإكليل شوك والصلب والموت ورغم هذا كله قدمت يا الهي .. الحب والصفح و الغفران والخير .. والحب في الأول كان حبا لهذا الإنسان الذي كان في وجدانك وقلبك يالهي .. وفي الأخير كان حبا لهذا الإنسان الذي أغرقته الخطيئة وأضاع طريق منزل أبيه … اليوم ارفع عينأي إليك يا مليكي ويسوعي وأقول لك .. يوم سألقاك وسأستقبل زراعاتك الممدودة لاستقبالي بعد أن ألج باب الموت مجيبا على سؤالك أين هي جراحاتك يا جابز؟؟؟؟ التي تلقيتها أثناء أقامتك على الأرض ؟؟ سأكشف لك عن كل جزء من جسدي سعيدا وأقول لك هاهي يا سيدي .. هاهي يا الهي.. هذه هي هويتي .. الويل لمن يلقاه من غير ان يحمل أثار لجراحه .. يكون قد اختار طريق معبد و سهل لكنه لا يتلاقى مع درب و خطوات الرب صلوا من اجل ضعفي أنا العبد الخاطي جابز التراب