كيف نقرأ عودة البابا إلى القداس القديم؟

عن موقع أبونا

قرأت المرسوم أو الرسالة الخاصة التي بعثها البابا الى الاساقفة في كل مكان. حول اعادة الاحتفال بالقداس اللاتيني السابق للمجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني والاصلاح الليترجي عام 1970.

انها رسالة خاصة أو ما يسمى في لغة التعليم الكنسي  Motu Prorpio. بمعنى أنها تناقش موضوعا خاصا بحد ذاته ، وتعطي تعليمات جديدة للرعاة والمؤمنين . وموضوع هذه الرسالة هو طريقة الاحتفال بالقداس الإلهي . وليس مناقشة القداس أو الذبيحة الافخارستية من جانب لاهوتي وروحاني.

الى جانب الرسالة الخاصة هنالك رسالة مرفقة تتوجه إلى الأساقفة وحدهم . تفيدهم في طريقة عرض الرسالة الى المؤمنين ، وتعطي مهلة 3 سنوات ليتم بعد تنفيذ التعليمات الجديدة تقييم الطريقة الجديدة – القديمة في الاحتفال . وبخاصة في المناطق ستواجه صعوبات وعراقيل معيّنة لتطبيق التعليمات الجديدة، مع البحث عن حلول واقعية وعملية لتلك العراقيل.

وقد وصلت الى الموقع استفسارات كثيرة عن الموضوع، ذلك أنّ وسائل الاعلام العربية لا توضح المعنى المقصود، وتسمي الموضوع ترجعا وانحسارا، لذا، ارتأيت أن أقدم النقاط التالية ، علها تخدم كل عائق للحقيقة وكل باحث لها.

 

ماذا يريد قداسة البابا أن يقول للكنيسة ؟

أولا، يؤكد قداسة البابا أن الحس الإيماني العام للمؤمنين، بسهر واعتناء الأساقفة المحليين ، وبالارتباط الوثيق مع كرسي روما، هو الأساس الذي يبني عليه رسالته الحالية . ويقول قداسته في الرسالة أن الاحتفال بالقداس بالطقس اللاتيني في صيغته الحالية ، لم يأخذ أبدا بعدا إجباريا ، لكنّه أصبح موضع التنفيذ بعد الإصلاح الليترجي الذي قام به البابا بولس السادس. وقد اعتاد الناس عليه . لكنّه من العودة الى الاحتفال بالصيغة القديمة ، يريد أن يجد صيغة توافقية مع الفئات التي رفضت بعض تعليمات المجمع المسكوني وبقيت مصرة على الاحتفال بالطريقة القديمة، وبخاصة جماعة المطران المنشق لوفيفر. اذا ما يهم البابا هو الحفاظ على قدسية القداس الالهي كمركز وينبوع وقمة للصلاة في الكنيسة . لكنّه يوجه رسالة الى الذين يركزون على شكليات الاحتفال أكثر من الجهر ، فيقول لهم : هوذا ما تريدون، بإمكانكم الاحتفال بالصيغة القديمة ، المهم هو روحية الاحتفال لا شكله.

ثانيا البابا يضع الكرة في مرمى الاساقفة الساهرين على سلامة العقيدة وعلى تطبيق تعليمات الكنيسة، فيضع العليمات الجديدة تحت حكمهم الرعوي . وعلى كل أسقف أن يرى الناسب لبيئته ومؤمنيه في اختيار الطريقة المناسبة للاحتفال بسر الافخارستيا، وبخاصة أيام الآحاد التي تمثل يوم الرب ويوم العائلة المسيحية الكبيرة الرعية ، بامتياز.

ثالثا : ان التعليمات الجديدة هي ، كما قلنا سابقا، محط تجربة لمدة 3 سنوات. وهي  لا تقلص ولا بأي شكل من ألأشكال من الاهمية البالغة للقداس ولا تناقش لاهوت القداس وجوهره، بل طريقة الاحتفال ، وتقول أنّ القداس بصيغته الأولى قد أسهم بتقديس المؤمنين قبل المجمع، فلن يكون له تأثر سلبي اذا ما أعيد استخدامه من جديد .

رابعا، ان الكنائس المحلية غير ملزمة أوتوماتيكيا، بالعودة بشكل مطلق إلى الصيغة القديمة للاحتفال ، الأمر هو من باب الممكن وليس من باب الإرغام على الاستخدام. ومن يقرأ الرسالة جيدا، يرى أنّ قداسة البابا يضع إمكانية الاحتفال بالصيغة القديمة ممكنا وشرعيا ، فصار بإمكان الكنائس المحلية ، أن تقرر الأنسب لمؤمنيها.

وبعد، فلم أجد في رسالة البابا تراجعا لاهوتيا ، بل هو مبادرة جديدة وجدية من الكنيسة الأم والمعلمة في سبيل توحيد الكنيسة . فلا يهم الشكل . المهم أن يعتبر كل مسيحي يشترك في الذبيحة الإلهية أن أخاه المسيحي ليس عدوّه ، وان اختلف بطريقة احتفاله بذبيحة الرب الواحدة.