لنتأمل مع بندكتس 11 الحادي عشر من فبراير

روما، الاثنين 11 فبراير 2008 (zenit.org).

ننشر في ما يلي تأمل اليوم الحادي عشر من فبراير للبابا بندكتس السادس عشر، من كتاب "بندكتس".

 
محاولة تخليص أنفسنا

 
من الواضح أن البشر غير قادرين على تخليص أنفسهم بأنفسهم. وخطأهم الأصلي يكمن تحديداً في رغبتهم في تحقيق ذلك من خلال الإتكال على أنفسهم. فإنّا نخلص فقط –أي نكون أحراراً وأبرار- حينما نكفّ عن سعينا لنصبح الله ونتخلى عن جنون الإستقلالية والإكتفاء المغرور بالذات. وإنّا نخلص فقط –أي نصبح أنفسنا- عندما ندخل في العلاقة المناسبة والصحيحة. بيد أن علاقاتنا الشخصية تتبلور في إطار حدود طبيعتنا المخلوقة البحتة، وهناك يكمن الضرر. فلمّا كانت العلاقة بالخليقة قد تشوّهت، وحده الخالق نفسه يمكنه أن يكون مصدر خلاصنا. فنُخلَّص فقط عندما يأخذ هو الذي نأينا بأنفسنا عنه المبادرة تجاهنا ويمدّ لنا يد الخلاص. ولا يكون خلاص الإنسان إلا بأن يكون الإنسان محبوباً، ووحده حبّ الله لنا قادر على تنقية الحبّ البشري المشوَّه وإعادة بناء شبكة العلاقات التي تعرّضت للتحوير والتشويه… فمن كان حقيقةً على صورة الله لا يحدوه الطمع إلى التمسك العنيد باستقلاليته، وبقدرته وإرادته اللتين لا حدّ لهما… بل العكس تماماً: إذ يصبح بكليّته في حالة من التبعية، ويصير عبداً. ولأنه لا يسلك طريق القوة والسلطة وإنما درب المحبة، يكون قادراً على النزول إلى ظلمات كذبة آدم، إلى دياجير الموت، وهناك يقيم الحق والحياة. وعليه، فالمسيح هو آدم الجديد الذي به تعود الإنسانية إلى الحياة. فالإبن الذي هو بطبيعته علاقة وقرابة يعيد بناء أواصر التواصل. وما ذراعاه المفتوحان على الصليب إلا دعوة مفتوحة إلى التواصل، دعوة توجَّه إلينا باستمرار. أما الصليب، مكان طاعته الحقيقي، فشجرة الحياة الحقة.