المطلوب فتاوى تحرّم استهداف المسيحيين العرب

 الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة-لبنان: الارهاب المتلبس بالدين يحمل بذور تدميره الذاتي

 
إنطلياس / لبنان، الثلاثاء 18 مارس 2008 (zenit.org).

دان الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة – لبنان (أوسيب لبنان) الجريمة التي استهدفت رجل دين عراقي كبير شعاره السلام وخدمة المسنين والمرضى، معتبرا أن هذه الجريمة تشكل شهادة مضادة للايمان ومشوّهة  ثقافة التراحم التي نسجتها الاجيال الاسلامية والمسيحية في الحضارة العربية  المشتركة. وجاء في البيان:

 1- يدين الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة- لبنان الجريمة الجبانة التي أودت بحياة سيادة المطران بولص فرج رحو أسقف الموصل للكلدان، وقد بلغت أبشع أشكال الاجرام بعد اختطافه واحتجازه أياما، دون اعتبار لسنه ولحالته الصحية المتردية،ومن ثم دفنه دون إعلام أهله، إمعانا من الجناة في الاسخفاف  بكل الاعراف والقيم، وهو رجل الدين  المعروف عنه حبه  للسلام  والحوار بين الاديان وخدمته للفقراء والمسنين والمرضى، وشهادته في الثبات وسط المصاعب، تجسيدا لما يؤمن به، حتى لتصح فيه صفة شهيد الايمان والصمود في وجه الاضطهاد الارهابي المعاصر.

 2- أن هذه الجريمة النكراء تستهدف، من جملة ما تستهدفه في خلفياتها وأبعادها، أكثر من مسألة تقف عند التعرض لرجل دين وشيخ جليل وحسب، بل أنها تستهدف  الشعب العراقي الكريم والوطن العراقي العريق  بكاملهما، وذلك سواء بتعميق الهوة بين مكوناته، أو بضرب بعضها، أو بتهجير بعضها الاخر، ولا سيما منها الشعب الاشوري والكلداني، وريث الحضارة  العريقة التي تمتد جذورها عميفا في الاف السنين، والشريك الفاعل في صنع الحضارة العربية في أرض  الرافدين.

 3- إن الإدانة تشمل كل الايديولوجيات والمنظومات العقائدية التي تبيح لأصحابها ممارسة القتل والتصفيات الجسدية واشكال التعذيب والتمييز والاحتقار على أتواعها، وارتكاب مثل هذه الجرائم بدون مسوغ أخلاقي أو مبرر شرعي بشريا كان أو إلهيا. لذلك المطلوب من  جميع أبناء الاديان التوحيدية، وخصوصا في ظل محاولات الحوار الجاري  على أعلى المستويات، كما هو مطلوب بالدرجة الاولى من الحكومات العربية والمؤسسات الاسلامية العالمية والاقليمية، عدم السكوت عن مثل هذه الجرائم  التي ترتكب باسم الدين  والعرق والمذهب، لما تنطوي عليه من تبعات وعواقب  جسام، ولما تحمل في طياتها من بذور للتدمير الذاتي، الذي ترجمته في الواقع التاريخي تقويض الييت العربي على رؤوس أهله.

 4- يشيد أوسيب لبنان بمواقف المرجعيات والقيادات من كل المشارب والمذاهب  التي سارعت إلى ادانة الجريمة والتي اعتبرت المطران رحو شهيد الايمان والصمود والرجاء على مدي المسيحية والاسلام والاسرة البشرية. ويطالب الاتحاد  الجميع، ولا سيما اولئك الين يمسكون بزمام السلطة والقوانين والامن على مستوى الدولة العراقية والمؤسسات العربية  والاسلامية والعالمية، الذهاب إلى ما هو أبعد من الادانة الشفهية والبيانية، وذلك بالملاحقة الجدية  للمجرمين والداعين اليها والمشجعين لثقافة العنف الموجه إلى المدنيين الابرياء والجماعات المستضعفة  والعزلاء  من أي سلاح.

ويتسائل الاتحاد في هذا الصدد: ما الذي يمنع المرجعيات  الدينية الاسلامية،  التي اعتادت اللجوء إلى الفتاوى سلاحا روحياً وأخلاقياً، في الأساس،  لوقف الإجرام والحث على فعل الخير، من ترجمة التوصيات العديدة التي يذخر بها التراث الاسلامي، في القران الكريم والاحاديث الشريفة، من اصدار فتاوى في هذا المنحى، حماية ودفاعا عن  النصاري العرب  الذين تعتبرهم التعاليم الاسلامية " الاقرب مودة " وفي حمايتهم كما جاء:  "  من أذى ذميا فقد اذاني وأنا حجيجه يوم القيامة ". إن تجسيد مثل هذه المبادىء النبيلة في أفعال ملموسة من شأنها أن تخدم السلام وتقدم دليلاً ساطعاً على مصداقية الايمان. وهو من الامور الماسة التي تعوز المؤمنين جميعا ليكونوا جبهة ايمانية واحدة، وليأتوا إلى "كلمة سواء" في التصدي لحضارة  المادة والاستهلاك  وانتهاك كرامة الانسان المشجعة  للالحاد.

 5-يغيب عن بال أصحاب المعتقدات الاصولية أن المسيحيين الشرقيين هم في أرضهم، قبل الاسلام ومع العروبة والاسلام في السراء والضراء، وهم أبناء وشركاء ورموز لحضارة وطنية تستوعب الاديان ولا تختزلها. يحملون في اطارها قضاياهم الوطنية دون تمييز او تفرقة، يقاومون الاحتلال على طريقتهم الفاعلة مع إخوتهم في المواطنية بالسلاح المادي حينا وبالسلاح الفكري والثقافي أكثر الأحيان، مقدمين بذلك الشهادات الرائعة  في إغناء التراث، كما يعرف الجميع. أن تجاهل هذه الحقائق عار على الذين يدعون المقاومة والايمان والمعرفة.

لذلك يرى الاتحاد أن تهجير الجماعات المسيحية في العراق هي شبيهة بمحاولات تهجير الاباء والاجداد  في الاسرة الواسعة الواحدة، وهو ما لا ترضى به، لا الشريعة الالهية ولا الشريعة البشرية.

 6- يخشى الاتحاد من تقاطع  الأهداف، في بعض الجيوب المخفية في الثوب الذي تخيطه السياسات الخارجية، بين قنوات الاصوليات  في العالم العربي من جهة،  وقنوات الصهيوينة ومراكز القرار الاميركي من جهة أخرى، وهي الساعية بتنسيق مباشر او غير مباشر فيما ينها إلى تهجير المسيحيين العرب  من المنطقة، باعتبارهم الحلقة الاضعف في النسيج الشرق اوسطي. وذلك  تمهيدا لقيام أنظمة دينية وعرقية على أنقاض الانظمة شبه  المدنية الحالية ، وخاصة في لبنان والعراق وفلسطين. هذا المخطط الذي بات  يدركه العاقلون والمستنيرون في العالم العربي كان المسيحيون العرب أول من نبهوا له وتصدوا له ولا يزالون. لذلك فان جميع العرب، مسيحيين ومسلمين، مدعوون اليوم إلى وعي هذا الواقع وتدارك السقوط في تحقيق ما يرسم لهم الاخرون من مخططات التهجير التي يصب فيها ضرب الرعاة المسيحيين ومن تم تشتيت  الرعايا والمواطنين.

 7- إذ يتقدم الاتحاد بالتعزية إلى كنائس العراق وشعبه من كل الطوائف، يأمل أن تكون دماء المطران بولص راحو الذي اختطف واستشهد، بعد ادائه رتبة درب الصليب، قبيل أسبوع الآلام، علامة فداء وخلاص عشية  يوم أحد القيامة المجيد، عسى أن تتحقق مواعيد الرب بالتحرر من كل أشكال العبودية والظلام.