مرحلة جديدة من الحوار بين الأديان في بنغلادش

خلاصات المؤتمر بين الممثلين المسيحيين والمسلمين

 بقلم غرة معيط

 روما/ دكا، الثلاثاء 20 مايو 2008 (ZENIT.org)

 عقد مؤتمر في دكا، عاصمة بنغلادش، بين خمسة وثلاثين ممثلاً مسيحياً وممثلين مسلمين لمناقشة الرسالة التي بعثت سنة 2007 إلى بندكتس السادس عشر وإلى قادة مسيحيين آخرين من قبل 138 عالماً مسلماً ولمناقشة الإجابة التي أعطتهم إياها كنيسة روما.

وبحسب الوقائع الأخيرة للأوسيرفاتوري رومانو، فقد أدار المؤتمر الأستاذ كازي نورول إسلام، مؤسس قسم الأديان العالمية في جامعة دكا، والأب جايمس كروزي، أمين سر لجنة الأساقفة للحوار بين الأديان.

 في كلمة ترحيبه بالمشاركين، أجاب الأستاذ كازي عن أربعة أسئلة كان قد صاغها مسبقاً الممثلون عن الديانتين في لقاءي تحضير منفصلين: يوم السابع من مارس للمسلمين، واليوم التالي للمسيحيين.

 وكان السؤال الأول عن سبب الحوار بين العقيدتين. فأجاب الأستاذ كازي بأنه ليس هناك أي بديل عن الحوار وبأن السلام يستدام إن تم الوصول إليه عبر الحوار.

 وأشار السؤال الثاني إلى سبب الحوار بين المسيحيين والمسلمين. فكان الرد بأن نصف سكان العالم هم من المؤمنين من هاتين الديانتين الكبيرتين، وأن هؤلاء المؤمنين ينتمون جميعاً إلى عائلة إبراهيم الكبيرة. ومن المؤسف أنه لا توجد ثقة تامة حتى الآن بين بعضهم البعض إذ أدت أزمة الثقة المتبادلة على مر التاريخ إلى حروب واعتداءات متبادلة. لذلك يجب حل هذه المشكلة بالتخلص من الأعمال العدوانية التي تنشأ عن الإرث التاريخي من أجل بلوغ هدف السلام الحقيقي.

 أما السؤال الثالث، فكان عن سبب اختيار بنغلادش كمقر للحوار بين الأديان. فأشار الأستاذ كازي إلى أن المسلمين والمسيحيين في بنغلادش لطالما تشاركوا العيش بسلام، وإلى أن هذا التناغم بين المؤمنين من مختلف الأديان بإمكانه التحول إلى مثال للبلدان الأخرى التي بالمقابل يسود فيها التعصب.

 أما السؤال الأخير فطرح إمكانية تغيير تاريخ العلاقات بين المسيحيين والمسلمين. فأكد الأستاذ كازي على أن التغيير ممكن بالاعتماد على موقف كل طرف من الأحداث التاريخية وأن الطريقة الأفضل للوصول إلى هذا الهدف تكمن في تعميق المعرفة من خلال اللقاءات المباشرة.

 وتلا هذه الكلمات تقرير السيدة إيفا ساديا سعد، رئيسة قسم الأديان العالمية. فدعت الأستاذة الجامعية المشاركين إلى التعمق في الروابط المتعددة بين المسلمين والمسيحيين، كما تحدثت باختصار عن تاريخ القسم الذي ترأسه والذي يشكل حالةً فريدة في جامعات العالم الإسلامي.

 أما الأب فرانكو راباكيولي، مرسل المعهد الحبري للإرساليات الأجنبية، فقد عرض لمجريات الحوار بين الأديان بين المسلمين والمسيحيين في الفترة الأخيرة. وتذكر المجموعة المؤلفة من خمسمئة طالب مسلم التي قامت سنة 2004، بتنسيق من أمير الأردن غازي بن محمد بن طلال، بكتابة وثيقة حول القيم المشتركة بين الشيعة، والسنة، وغيرهما من الحركات الإسلامية.

بالمقابل، وبالاطلاع على الرسالة التي بعثها 138 عالماً مسلماً إلى بندكتس السادس عشر سنة 2007، أشار الأب راباكيولي إلى القسم المعقد "الخلاصة والملخص". في هذا القسم، يؤكد الخبراء المسلمون على أن "قاعدة السلام والتسامح موجودة: محبة الله الواحد ومحبة القريب. هذان المبدأين واضحان في جميع النصوص المقدسة المسلمة والمسيحية. وتشكل وحدة الله وضرورة محبة القريب القاعدة المشتركة بين الإسلام والمسيحية".

 وذكر الأب راباكيولي برد كنيسة روما. فالوثيقة التي صدرت في 19 نوفمبر 2007 بتوقيع أمين سر الدولة، الكردينال ترشيزيو برتوني، تؤكد على أن القاعدة المشتركة بين الديانتين الكبيرتين "تمكننا من تأسيس حوار باحترام فعال لكرامة كل شخص بشري، وبالمعرفة الموضوعية لديانة الآخر، وبمشاركة التجربة الدينية، وأخيراً بالالتزام المشترك بتعزيز الاحترام والقبول المتبادلين بين الشباب".

 وحول الحوار، تعاقبت مداخلات خبيرين مسلمين وآخرين مسيحيين: الأستاذ عبدول منان، الأسقف ثيوتينيوس غوميس، الأستاذ سعيد أنور حساي، والمحترم بيربال هالدر.

وبعد التقارير، توزع المشاركون في المؤتمر على ثماني مجموعات مختلطة. وقد ظهرت العلاقات بين هذه المجموعات في الجلسة المنعقدة بكامل هيئتها.

وفي وثيقة تلخيص أعمال المؤتمر، برز القلق من محاولات تسييس الديانات واستعمالها، بالإشارة إلى أن هذه المحاولات تتضاعف في عدة بلدان في العالم، الأمر الذي يسبب مواجهات متكررة بين المؤمنين من مختلف العقائد يمكن تجنبها أو حلها من خلال الحوار الذي يتيح التعارف المتبادل.

 وخلال اللقاء بين الأديان الذي عقد في دكا، عبر المشاركون عن الإرادة لمباشرة أعمال ملموسة تشرك الأجيال الفتية.

 وعلى ما أفادت جريدة  "أوسيرفاتوري رومانو"، فإن الوثيقة تقدم اقتراحاً "مهماً بنوع خاص" موجهاً مباشرةً إلى السلطات التربوية في بنغلادش، طالباً منها تقديم معلومات عن الديانات العالمية الكبرى في نصوص المدارس الابتدائية والمتوسطة. وبحسب الوثيقة، "فإن هذه الخطوة ستخول أبناءنا اكتساب معرفة أساسية عن جميع الديانات الكبرى وليس فقط عن ديانتهم".

 وفي النقطة الأخيرة، تم الإعلان عن تأسيس لجنة بين الأديان يتم انتخاب أعضائها من قبل قسم الديانات العالمية في جامعة دكا ومن قبل لجنة الأساقفة للحوار بين الأديان. ويقوم عمل اللجنة على وضع قرارات المؤتمر قيد التنفيذ.