كيف تعامل المسيح مع المتهكّم (9)

كيف تعامل السيد المسيح مع المختلفين معه؟

دراسة في انجيل متى

 

 

الحلقة التاسعة (9)

 

 (كيف تعامل المسيح مع المتهكّم)

 

ورأى بعضُ الفَرَّيسيـِّينَ ذلِكَ، فقالوا لتلاميذِهِ: لِماذا يأكُلُ مُعلِّمُكُم معَ جُباةِ الضَّرائبِ والخاطِئينَ؟ فسَمِعَ يَسوعُ كلامَهُم، فأجابَ: لا يَحتاجُ الأصِحَّاءُ إلى طَبـيبٍ، بل المَرضى فاَذهَبوا وتَعلَّموا مَعنى هذِهِ الآيةِ: أُريدُ رَحمةً لا ذبـيحةً. وما جِئتُ لأدعُوَ الصَّالحينَ، بَلِ الخاطِئينَ. مت 9: 11 – 13

 

لدينا ثلاث شخصيات رئيسية: الفريسيون – التلاميذ – المعلم

 

الفريسيون

" فقالوا لتلاميذِهِ"   وجه الفريسيون سؤالهم إلى تلاميذ المسيح لا الى المسيح نفسه!!

" لِماذا يأكُلُ مُعلِّمُكُم" بمعنى ان المسيح معلمكم انتم، لا يعد عندنا كمعلم فنحن لنا معلم واحد هو موسى! واذا كان الامر كذلك فلم طرحوا السؤال؟

انهم اضعف من ان يوجهوا هذا النقد للمعلم، هم على يقين من ان سهم النقد هذا لن يصيبه ، ولكنهم يأملون أصابة بعض من تلاميذه وزرع الشك في قلوبهم. انه سؤال من صنف التساؤلات الخبيثة، او النابعة من جمود المعرفة الغرض منها وهو اظهار المعلم او خادم الكلمة في مقام لايليق  به!! ورصد سلوك له غير متوقع منه. وهذا حدث مع عبيد الله في العهد القديم ووحدث مع ابن الله في العهد الجديد ويحدث مع كثير من خدام الكلمة في عهد الروح القدس، الذي هو زمن الكنيسة.

 نسمع عادة: المفروض ان تكون الكنيسة كذا.. والمفروض ان يكون الخادم… والمفروض والمفروض…الخ

 لقد حطم المسيح أوثان المفروضات التي نحتها بمهارة حكماء هذا العالم. ووهبنا حرية ابناء الله، واعطانا الروح القدس ليذكرنا على الدوام ان ما يريده الله هو رحمة بالقريب وعدالة في المجتمع. ألم يقل المسيح مؤنبا الفريسيين والكتبة : تعشرون النعنع والشبث والكمون وتركتم اثقل ما في الناموس العدل والرحمة والايمان .

 

 

التلاميذ

" فقالوا لتلاميذِهِ" 

اين التلاميذ في هذا الموقف ؟ الفريسيون يسألونهم وما من اجابة صدرت عنهم! ربما لان المسيح سارع وأجاب عنهم؟ لكن لنتصور الحدث في شكل معاصر وقد التزم المسيح بالصمت لبرهة وخاصة ان السؤال موجه الي تلاميذه.

ماذا دار في خلد كل منهم؟

بعضهم غضب من المعلم لآنه كان ينبغي عليه ان يحفظ مهابته ولا يخالط هذه الفئة المنبوذة.

بعضهم غضب من المعلم لآنه كان ينبغي عليه ان يعطي الفرصة لاعدائه كي يهاجموه.

بعضهم جال يبحث عن مبرر لأفعال المعلم الذي يحبه وان كان لايتقبل فكرة مخالطة الخاطئين.

بعضهم فكر ان يأخذ يسوع ويفهمّه كيف نشأت حوله سمعة غير طيبة

بعضهم على وشك المبادرة بالكلام : يا يسوع احترمنا نحن اخترنا ان نكون تلاميذك ويجب عليك الا تضعنا في موقف سخيف كهذا.

بعضهم تشاوروا مع البعض الآخر : نحن نكون جماعة صغيرة وان اردنا لها النمو وازدياد الاتباع وجب علينا نصح يسوع ان ينتبه لأفعاله في المرات القادمة فالاطار الاجتماعي مهم ومؤثر.

والبعض الاخر قال يسوع هو المعلم ونحن تلاميذه هلموا نسمع ما يعلمنا بشأن ذلك الموضوع … فسَمِعَ يَسوعُ كلامَهُم، فأجابَ: لا يَحتاجُ الأصِحَّاءُ إلى طَبـيبٍ، بل المَرضى فاَذهَبوا وتَعلَّموا مَعنى هذِهِ الآيةِ: أُريدُ رَحمةً لا ذبـيحةً. وما جِئتُ لأدعُوَ الصَّالحينَ، بَلِ الخاطِئينَ

 

 

المعلم

كيف تعامل المسيح معهم؟

اعطاهم قياسا مقبولا من العقل… فحقا المرضى هم من في اشد الحاجة الي طبيب في حين ان الاصحاء لا حاجة لهم به.

أشار إلى نقص معرفتهم الكتابية :" فاَذهَبوا وتَعلَّموا مَعنى هذِهِ الآيةِ" وعادة قليل المعارف كثير الاحكام . وكأن المسيح يقول لهم : انتم تعلنون انني لست معلمكم ، وانت في ذلك احرار ، ولكن ان كنتم تلاميذ موسى والانبياء، فالاحرى بكم ان تذهبوا من مجلس معلم لا تقبلونه كمعلم!! لا تهدروا حياتكم انها ثمينة في نظري: :" فاَذهَبوا وتَعلَّموا مَعنى هذِهِ الآيةِ" عندها ستدركون  كم انتم عائشين في ضلال عدم فهم الشريعة والانبياء .