شباب الكنيسة الكاثوليكية في مصر يناقش

"القديس بولس نموذجاً لتسليم الحياة والرجاء في المسيح"

 

 

كتب – ناجح سمعـان :

في ساحة القديس بطرس الفسيحة بالفاتيكان ، وبين جموع الكرادلة والاساقفة وجمهور المؤمنين المحتفلين بعيد القديسين بطرس وبولس ، انتصب بحكمة الشيوخ قداسة البابا بنديكتوس السادس عشر خليفة مار بطرس الرسول ، ليعلن افتتاح السنة البولسية احتفالاً بمرور 2000 سنة على ميلاد القديس بولس الرسول ، وإيذاناً بإلقاء الضوء الكثيف على وجه بولس وسيرته ورحلاته . ومن الكرسى الرسولى انطلقت الدعوة إلى شتى أرجاء المسكونة ، وعلى أرض مصر الخصيبة كان الجواب بليغاً حيث كان شباب الكنيسة الكاثوليكية يناقش ويتأمل ، يصلى ويرسم ، يركض ويغنى ، فى محاولة صادقة إلى قراءة الذات والواقع على خطى القديس بولس كنموذج لتسليم الحياة والرجاء فى المسيح . جاء ذلك خلال المؤتمر العام للشباب الذى نظمته اللجنة الاسقفية للشباب بدير الاباء الفرنسيسكان بالمقطم فى الفترة من 3 إلى 6 سبتمبر 2008 وشارك فيه قرابة ( 250 ) شاب وشابة من مختلف الايبارشيات الكاثوليكية بمصر . وتضمن فى طياته العديد من الكلمات والأنشطة إلى جانب الكثير من الأحلام .

(1)– أنتم شهود المسيح :

فى افتتاح المؤتمر تحدث غبطة البطريرك الأنبا أنطونيوس نجيب بطريرك الاقباط الكاثوليك بمصر وبلاد الانتشار ورئيس مجلس البطاركة والاساقفة الكاثوليك بمصر وقال للشباب الحضور .. أبنائي الشباب ، انتم تلاميذ يسوع المسيح ورسله في الحياة فكونوا ممتلئين بالروح القدس لأن الروح يعطى الجرأة للشهادة . وإن أساليب الشهادة متنوعة وغنية فهناك الشهادة بالكلمة والشهادة بالأعمال والشهادة بالرسالة وحتى ان الصمت ذاته احياناً يكون شهادة ، لذا تسلحوا بالصلاة والتأمل في كلمة الله وعيشوا حياة التواضع على مثال يسوع المسيح الذى اخلى ذاته من أجل الرسالة . واختتم غبطة البطريرك كلمته قائلاً ليعطينا الروح القدس أن نكون شهوداً أمناء فى حياتنا ، فنحيا للمسيح يسوع ونتمم مشيئته بشفاعة أمنا العذراء مريم فهى خير شاهد على عمل الروح القدس بمقولتها الخالدة للملاك " أنا آمة الرب " . من جانبه قام القاصد الرسولى بمصر رئيس الاساقفة المطران مايكل فيتزجيرالد بزيارة إلى الشباب في اليوم التالى وقال كلمة جاء فيها .. أنقل إليكم أيها الشباب تحيات الأب الأقدس البابا بنديكتوس السادس عشر ، واطلب منكم أن تسعوا إلى نوال مواهب الروح القدس في حياتكم حتى تنقادوا للروح القدس وتكونوا شهوداً حقيقيين للمحبة . اقبلوا ثقافة الاختلاف فى المجتمع المصرى وصلوا بعضكم من أجل بعض وصلوا بالأخص من أجل اخوتنا المسلمين فى شهر رمضان الكريم حتى يتقربوا إلى لله لأن تقربهم إلى الله يقربهم منا لأن الله واحد وهو أب للجميع ، وفى الختام أدعوكم أن تتعلموا من حياة القديس بولس ما يجعلكم تعيشوا الحياة الأفضل متسلحين بالإيمان والرجاء والمحبة .

(2)– شخصية بولس كنموذج لحياة التسليم والرجاء :

فى محاضرته أكد نيافة الانبا كيرلس وليم مطران أسيوط أهمية الرجاء فى حياة القديس بولس رسول الأمم واوضح سيادته إن الرجاء مركزى فى تدبير الخلاص وإنه يولد من الوعد الإلهى تجاه الإنسان ، وعلى الإنسان أن يستحث الله حتى يتمم وعده . وحول البعد المسيحانى للرجاء أشار الانبا كيرلس وليم إلى أهمية الرجاء في المسيح يسوع لأن يسوع الناصرى هو مشروع البشرية الجديدة لهذا فالرجاء المسيحى يتأسس على الإيمان بشخص يسوع المسيح ، لذا فإن رجاؤنا لا يخيب واختتم مطران اسيوط المحاضرة بقوله انه هكذا علم القديس بولس الكنائس وبهذا عاش حياة التسليم والرجاء فى المسيح يسوع .

(3)– الشخصية المسيحية فى الدراما :

حول صورة المسيحى فى الدراما قدم الأب يوسف صبرى عدد من المشاهد السينمائية المأخوذة عن فيلمى " بحب السيما " و "أسرار القلوب " . وتناول الشباب المشاهد بالتحليل والمناقشة خلال ورش العمل كما عرضوا افكار المجموعات على الشباب الحضور واجمع الشباب على أهمية أن يقوم الاعلام المسيحى بدور حيوى فى غرس القيم الانجيلية . وفى الختام أكد الأب يوسف صبرى على أهمية دور العائلة فى التربية الإيمانية وحث سيادته الشباب على أهمية أن يعيشوا ايمانهم المسيحى بصورة عملية وصادقة لخير الكنيسة والمجتمع .

(4) – اللقاء العالمى للشبية :

اللقاء العالمى للشباب الكاثوليكى مع قداسة البابا حلم يرواد الكثير من الشباب المصرى لذا قدم الأب رفيق جريش رئيس المكتب الصحفى للكنيسة الكاثوليكية فى مصر وأبرز أعضاء البعثة المصرية المشاركة فى اللقاء العالمى باستراليا 2008 ، قدم سيادته عرضاً مختصراً إلى معنى اللقاء العالمى للشباب مع قداسة البابا ، واعتبر الأب رفيق جريش إن اللقاء بمثابة عنصرة جديدة للشباب لأن الكنيسة تهتم بالشباب وحياتهم ورسالتهم . وفى ختام حديثه اجاب المحاضر على العديد من تساؤلات الشباب حول إمكانية مشاركة الشباب خلال الأعوام القادمة فى مثل هذه اللقاءات الروحية التاريخية .

(5)– الشخصية من منظور اجتماعى :

للبعد الاجتماعى دور هام فى التعبير عن شخصية الفرد ومن الأهمية بمكان أن يعرف الإنسان خصائص شخصيته فى المجال الاجتماعى ، من هذا المنطلق تحدث الطبيب النفسى الدكتور علاء سبيع إلى الشباب عن الشخصية من منظور اجتماعى . وتناول الطبيب التعريف بأهم معالم الشخصية المفتوحة والشخصية الذاتية وسمات كل واحدة وضرورة أن يحدد الشاب موقعه على الخريطة النفسية حتى يتسنى له التوافق مع ذاته ومن ثم الخروج من ذاته والتواصل مع الأخر بل والتأثير فيه .

(6) – الشخصية المسيحية بحسب القديس بولس :

عن أهم ملامح الشخصية المسيحية فى تعاليم بولس الرسول ألقى صاحب النيافة الأنبا بطرس فهيم المعاون البطريركى محاضرة للشباب المشارك قال فيها ان المسيحى هو من يقتدى بالمسيح كقول بولس الرسول " اقتدوا بي كما أنا أقتدي بالرب " . وحول علاقة القديس بولس بالسيد المسيح قال سيادة المطران لقد كان بولس بمثابة التلميذ العاشق لمعلمه الرب حيث عبر القديس بولس فى اكثر من موضع عن تعلقه الوجدانى بالرب يسوع أبرزها قوله الشهير " أحيا لا أنا بل المسيح يحيا فى " . وشدد الانبا بطرس فهيم على أن أهم سمات الشخصية المسيحية هى أن يعيش المسيحى البنوة للآب فى المسيح وأن يكون هيكلاً حياً للروح القدس ومن ثم يعيش رسالته حتى النهاية بأمانة كاملة .

 

(7) – الشخصية المسيحية بين الواقع والتحديات :

من التساؤل الرئيسى من هو المسيحى ؟ انطلق الاب هنرى بولاد اليسوعى فى الحوار مع الشباب عن معنى أن أكون مسيحياً . واكد أن المسيحى هو من يتماهى فى المسيح ، أى يتجرد من ذاته ويستبدل بها ذات المسيح لأن ذات المسيح ليس غريبة عن الإنسان ، بل هى ذاتية الانسان الأعلى الكاملة التى يحلم بها كل مسيحى ، كما ان المسيح يريد ان يستمر فى التاريخ من خلال أناس تجسد حضوره الحى . وذكر الأب هنرى بولاد عدد من المجالات التى يمكن للشباب ان يتحدوا فيها بالمسيح كل حسب قدراته وهى المسيح الفقير ، المسيح الرحيم ، المسيح الثورى ، المسيح المعلم ، واخيراً المسيح المتألم أو المصلوب . وفى ختامه كلمته أكد أن الاقتداء بالمسيح ليس تقليد يسوع فى افعاله ، بل العمل بروح المسيح حسب قدرات الفرد وابداعاته فى الخدمة و الرسالة .

(8) – خبرات حياتية :

على طريق تبادل الخبرات الروحية والانسانية استمع الشباب إلى الاستاذة مارى اسحاق حيث تحدثت عن خبرتها فى خدمة الأحداث من الشباب والفتيات من خلال عملها فى التربية ولاجتماعية وكذلك دورها فى اللجنة المسكونية لمكافحة محو الامية ومحاولة تمكين النساء فى التعبير عن حقوقهن والخروج بهن من ثقافة الصمت الهجائى والتهميش الاجتماعى إلى الدمج والتواصل مع المجتمع . كذلك تحدث الاستاذ ماجد ماهر عن فكرة خدمة البوابين التى بدات منذ سبع سنوات بكنيسة القديسة هيلانة بشبرا وتقوم الخدمة على عقد اجتماع دورى للبوابين والحرفيين من ابناء المنطقة والاهتمام بعائلاتهم . واكد ماجد ماهر ان تجاوب هؤلاء الناس البسطاء مع الخدام لم يتم الإ عندما شعروا أن هناك أحد يحبهم ويسأل عنهم فتغيرت حياتهم ونظرتهم للحياة والناس .

(9) – أنشطة متنوعة :

إلى جانب اللقاءات التكوينية فى المحاضرات ومجموعات العمل نظمت اللجنة الاسقفية عدد من التأملات الروحية في الفترة الصباحية كما ترأس نيافة الأنبا مكاريوس توفيق مطران الاسماعيلية ورئيس اللجنة الاسقفية للشباب قداساً حبرياً حسب الطقس القبطى . كذلك ترأس الأب رفيق جريش راعى كنيسة القديس كيرلس للروم الكاثوليك بمصر الجديدة قداساً مهيباً حسب الطقس البيزنطى . وفى مجال نشاط الايبارشيات تم عرض أوبريت " حب ينتصر " من كورال ايبارشية سوهاج للاقباط الكاثوليك . كذلك نظم فريق " صوت السلام " بايبارشية الاسماعيلية للاقباط الكاثوليك رتبة توبة جماعية تخللها باقة بديعة من الترانيم الروحية .

(10) – كلمة ختامية :

خلال حفلة السمر آخر فعاليات المؤتمر ، ألقى الانبا مكاريوس توفيق كلمة ختامية قال فيها .. نشكر الله لأنه يعمل فى حياتنا ويعطينا أن نلتقى لنكون واحد فى المسيح . وبعد هذه الفترة الروحية علينا أن ننطلق حاملين الفرح إلى كل إنسان لأن رسالتنا هى البشرى السارة والخدمة الصادقة للجميع . ونتمنى لكم ان تحملوا فى قلوبكم الإيمان الحى والرجاء الثابت مقتدين بالرسول بولس فى حياتكم وخدمتكم لمجد اسم الله وخير الكنيسة والعالم . إلى هنا انتهت كلمة سيادة المطران . والجدير ذكره ان المؤتمر شهد حضور لفيف رفيع من الأباء الكهنة من مختلف الايبارشيات الكاثوليكية فى مصر كذلك مشاركة عدد من الراهبات وكان قد قام بتنظيم العمل خلال أيام المؤتمر صاحب النيافة الانبا مكاريوس توفيق مطران الاسماعيلية ورئيس اللجنة الاسقفية للشباب وبمعاونة الأب يوسف صبرى والأب كيرلس نظيم والاكليريكى رشاد رشدى كما تم تكريم المهندس كميل يعقوب لاسهاماته الرائدة فىخدمة مؤتمرات الشباب الكاثوليكى على مدى ( 14 ) عام .