ما معنى قيامة المسيح بالنسبة لنا اليوم؟

المسيح مات وقام لكي يكون رب الأحياء والأموات إلى الأبد

بقلم روبير شعيب

الفاتيكان، الأربعاء 5 نوفمبر 2008 (Zenit.org).

بعدما تحدث الأب الأقدس الأسبوع الماضي عن الموقع الرئيس الذي يحتله صليب يسوع المسيح في لاهوت بولس الكريستولوجي، توقف هذا الأسبوع للكلام عن الوجه الآخر الغير منفصل عن الصليب، ألا وهو القيامة.

لفت البابا في المقام الأول إلى أمانة بولس لتعليم الكنيسة الأولى حول قيامة المسيح، مسلطًا الضوء إلى "الأمانة الحرفية" في نقل كريغما القيامة.

وبالحديث عن حدس القيامة، قال الأب الأقدس: "بالنسبة لبولس، كما هو الحال بالنسبة لمؤلفي العهد الجديد الآخرين، ترتبط القيامة بشهادة من قام بخبرة مباشرة للقائم من الموت. ينبغي النظر والاحساس، ليس فقط عبر العيون والحواس، بل أيضًا بواسطة النور الداخلي الذي يدفع إلى الاعتراف بما تشهد له الحواس الخارجية كمعطى موضوعي. لذا يقدم بولس – مثل الأناجيل الأربعة – أهمية كبرى لموضوع الظهورات، التي هي شرط أساسي للإيمان بالقائم الذي ترك القبر فارغًا".

ومن هنا أوضح بندكتس السادس عشر أن التبشير بالقيامة يرتكز على واقعين أساسيين: شهود القيامة، والقبر الفارغ. يشهد هذان الواقعان على أن المسيح الذي مات وشاهده التلاميذ مطعونًا، قد قام وغلب الموت.

أهمية القيامة اللاهوتية

وطرح الأب الأقدس عدة أسئلة داعيًا المؤمنين إلى وعي آنية وأهمية القيامة فقال: "ما هو بالنسبة لبولس المعنى العميق لحدث قيامة يسوع؟ ماذا يقول لنا على بعد 2000 سنة؟ هل إعلان "المسيح قام" هو آني بالنسبة لنا؟ لماذا تشكل القيامة موضوعًا مصيريًا بالنسبة لبولس وبالنسبة لنا اليوم؟"

وانطلق من الجواب الذي يقدمه بولس في الرسالة إلى أهل روما حيث يفتتح الرسالة بالإشارة إلى "إنجيل الله… في شَأنِ ابنِه الَّذي وُلِدَ مِن نَسْلِ داوُدَ بِحَسَبِ الطَّبيعةِ البَشَرِيَّة، وجُعِلَ ابنَ اللهِ في القُدرَةِ، بِحَسَبِ روحِ القَداسة، بِقِيامتِه مِن بَينِ الأَموات ".

وشرح البابا: "جدة القيامة تتألف من أن يسوع، وقد رفع من تواضع وجوده الأرضي، جُعل ابن الله "في القدرة". يسوع المتضع حتى موت الصليب يستطيع أن يقول الآن إلى الأحد عشر: "لقد أُعطيت كل سلطان في السماوات والأرض"".

وبالتالي فأهمية القيامة تكمن في أنها تكشف "بشكل نهائي عن هوية المصلوب الأصيلة ومرتبته السامية. كرامة لا سامية مثيل لها: يسوع هو الله!"

فبالنسبة لبولس، تظهر هوية يسوع السرية، أكثر في سر القيامة منه في سر التجسد. وتابع البابا شارحًا: "بينما يشكل لقب المسيح، أي "الممسوح بالزيت"، في بولس، اسمًا خاصًا بيسوع، ولقب الرب يعبّر عن علاقته الشخصية بالمؤمنين، يضحي لقب ابن الله إيضاحًا لعلاقة يسوع الحميمية مع الله، علاقة تظهر بشكل كامل في الحدث الفصحي. يمكننا أن نقول بالتالي، أن يسوع قام لكي يكون رب الأموات والأحياء".

آنية القيامة في حياة المؤمنين

ثم انتقل البابا إلى الحديث بشكل خاص عن مفاعيل وأهمية القيامة في حياة المؤمنين فقال: "كل هذه الأمور تحمل نتائج مهمة لحياتنا الإيمانية: نحن مدعوون لكي نشترك في عمق وجودنا بكل حدث موت وقيامة المسيح. يقول الرسول: "لقد متنا مع المسيح" ونؤمن بأننا "سنحيا معه، عالمين بأن المسيح قام من بين الأموات ولن يموت أبدًا؛ لقد أبطل سلطان الموت علينا"".

ثم شرح بأن هذا الأم يتترجم بمشاركة المؤمن في آلام المسيح، التي تسبق التماثل معه من خلال القيامة التي نتوق إليها في الرجاء.

وهذا ما حدث أيضًا مع القديس بولس، الذي يصف خبرته الشخصية في رسائله بنبرة محسوسة وواقعية: "لكي أتكمن من معرفته، ومعرفة قوة قيامته، والشركة بآلامه، مطابقًا ذاتي معه في موته، في رجاء الوصول إلى قيامة الأموات".

وبهذا الصدد علق البابا على أن المسيحية ليست دين الرخاء، بل دين الرجاء. فالمسيحي لا ينجو من آلام هذه الحياة، ولكنه يواجهها على نور رجاء قيامة المسيح، مؤمنًا بأنه إذا متنا معه فسنحيا معه: "عبر خبرة الآلام، نستطيع أن نتعرف على الحياة بعمقها، وجمالها، وبالرجاء العظيم الذي يولده المسيح المصلوب والقائم".