البابا يسلم إلى الشباب الجامعي: أحد أهم نصوص الثقافة في كل العصور

متمنيًا أن يساعدهم القديس بولس على الإيمان أكثر وبشكل أفضل

بقلم روبير شعيب

الفاتيكان، الجمعة 12 ديسمبر 2008 (Zenit.org).

 – هذا ما قاله قداسة البابا بندكتس السادس عشر لدى لقائه بالشباب الجامعي في روما في ختام القداس التقليدي الذي احتفل به النائب الرسولي في روما الكاردينال أغسطينو فاليني استعدادًا لعيد الميلاد المجيد.

ذكر البابا بترابط المسيرة الجامعية في هذا العام مع السنة البولسية، لافتًا إلى أن الذكرى الألفية الثانية لميلاد رسول الأمم "تساعد الكنيسة على إعادة اكتشاف دعوتها الإرسالية الأساسية، وفي الوقت عينه، تعينها على أن تغرف من المعين اللاهوتي والروحي الذي لا ينضب الذي تزخر به الرسائل البولسية".

وديعة بولس

وسلم الأب الأقدس للتلاميذ الرسالة إلى أهل روما معتبرًا إياها دون أدنى شك "أحد أهم نصوص الثقافة في كل العصور" متمنيًا أن يضحي هذا النص "الذي اندفق من قلب الرسول"، قوتًا مغذيًا لإيمان التلاميذ، يحملهم على الإيمان أكثر وبشكل أفضل، ويساعدهم على التفكير حول ذواتهم، لكي "يتوصلوا إلى إيمان "عقلاني"، وفي الوقت عينه، لكي يعيشوا هذا الإيمان عمليًا بحسب حقيقة وصية المسيح". فهذا هو السبيل الوحيد لكي يكون الإيمان الذي يعترف به المرء إيمانًا مقنعًا للآخرين، بحيث تجذبهم "بلاغة شهادة الأعمال".

هذا وأشار بندكتس السادس عشر إلى أن الإعلان المسيحي كان "ثوريًا" في إطار بولس التاريخي والثقافي، وتمكن من تدمير "السور الفاصل" بين اليهود والأمم موضحًا للحضور أن هذا الإعلان عينه ما زال يحافظ على "قوة جدة دائمة، تستطيع أن تهدم الأسوار التي تعود لترتفع في كل إطار وفي كل حقبة".

ثم أوضح قداسة البابا أن منهل هذه القوة هو روح المسيح، وأن بولس كان واعيًا لهذا الأمر بحيث يقول لمسيحي كورنثوس بأن وعظه لا يرتكز "على الخطابات المقنعة، بل على تجلي الروح وقوته" (1 كور 2، 4).

نواة بشارة رسول الأمم

ثم تحدث الأب الأقدس عن نواة بشارة بولس، فقال: "هي جدة الخلاص الذي حمله المسيح إلى البشرية: في موت المسيح وقيامته أعطي الخلاص للبشر دون تمييز".

هذا الخلاص هو معروض وليس مفروضًا فرضًا. "الخلاص – تابع البابا – هو هبة تتطلب أن يتلقاها المرء شخصيًا. وهذا هو المكنون الأساسي للمعمودية التي يعرض عليكم إكتشافه كسر في هذه السنة".

واستشهد البابا ببولس لكي يبين مفهومه للمعمودية: "ألا تعلمون أنكم أنتم الذين اعتمدتم بالمسيح قد اعتمدتم بموته" (روم 6، 3). فأن يعتمد الإنسان في المسيح "يعني أن يغوص روحيًا في ذلك الموت الذي هو فعل الحب اللامتناهي والشامل الذي يقدمه الله للبشرية، وهو قادر أن يعتق كل شخص وكل خليقة من عبودية الخطيئة والموت". فالقديس بولس يقول: "دفنا معه في موته بالمعمودية لنحيا نحن أيضا حياة جديدة كما أقيم المسيح من بين الأموات بمجد الآب" (روم 6، 4).

وينقل رسول الأمم إلى المؤمنين فرحه بهذا السر عندما يكتب: "من يفصلنا عن محبة المسيح… إني واثق بأنه لا موت ولا حياة، ولا ملائكة ولا أصحاب رئاسة، ولا حاضر ولا مستقبل، ولا قوات، ولا علو ولا عمق، ولا خليقة أخرى، بوسعها أن تفصلنا عن محبة الله التي في المسيح يسوع ربنا" (روم 8، 35 . 38 – 39).

وهذا الحب هو جوهر الحياة الجديدة التي يعيشها المسيحي، فالقديس بولس يقدم خلاصة باهرة عندما يلخص خبرته الشخصية كاتبًا: "من يحب فقد أتمّ الشريعة… لأن ملء الشريعة هو المحبة" (روم 13، 8 .  10).

وفي الختام، لفت الأب الأقدس أن جوهر بشارة بولس هو أيضًا سر الميلاد. وختم طالبًا شفاعة العذراء مريم والقديس بولس لكي يساعدا الشباب الجامعي في السجود للمسيح بإيمان عميق وفرح حميم.