إبليس هو الحَسّود والحسود هو من إبليس
يقول القديس أوغسينوس
«من الحسد يولد البغض والنميمة والافتراء،
والفرح الناتج من مصيبة القريب، والحزن عن وجوده في السراء»
ما هو الحسد؟ ما رأي المسيحية في موضوع الحسد؟ وهل يؤثر على الحاسد أم على المحسود؟ هل يمكن التحرر من الحسد؟ وهل الحسد موجود داخل الكنيسة والأسرة؟… أسئلة إن لم تُطرح علينا من الآخرين نطرحُها نحن على أنفسنا، وكثيرا ما نجد أنفسنا متخبطين بين الإيمان الخزعبلات، بين الاقتناع الشخصي والاقتناع المجتمعي، بين ما نعتقد وما نحي…. ولن أبالغ إن قلت أن الحسد هو واحد من أهم المفاهيم التي تكشف لنا "حقيقة معدننا"، لأننا جميعا نشترك في اعتباره شيئا سلبيا، ولكن الغالبية العظمى منّا يحيياه بدون وعي، وأحيانا بانتقاد شديد للحاسدين، انتقاد يكشف أننا كثيرا ما نرى القذى التي في عين الآخرين ونغفل أو نتغافل عن رؤية الخشبة التي في أعيننا.
والواقع يؤكد أن الكثير من الناس يؤمنون بالحسد، ويخشون على أولادهم وممتلكاتهم ونجاحاتهم أن يراها احد لئلا يحسدهم، وإذا حدث شيء سيء سريعا ما يقولون إن فلان رآهم وحسدهم، ويقولون إن الحسد ذكر في الكتاب مراراً مما يدل على أنه موجود.
فهل ذكر الحسد في الكتاب المقدس؟
لقد ذُكرت كلمة الحسد في الكتاب المقدس حوالي 31 مرة، وإليكم بعض الأمثلة:
الحسد في الكتاب المقدس:
– سفر الأمثال 14: 30 – حَيَاةُ الْجَسَدِ هُدُوءُ الْقَلْبِ، وَنَخْرُ الْعِظَامِ الْحَسَدُ.
– سفر الأمثال 27: 4 – اَلْغَضَبُ قَسَاوَةٌ وَالسَّخَطُ جُرَافٌ، وَمَنْ يَقِفُ قُدَّامَ الْحَسَدِ؟
– رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 13: 13 – لِنَسْلُكْ بِلِيَاقَةٍ كَمَا فِي النَّهَارِ: لاَ بِالْبَطَرِ وَالسُّكْرِ، لاَ بِالْمَضَاجعِ وَالْعَهَرِ، لاَ بِالْخِصَامِ وَالْحَسَدِ.
– رسالة بولس الرسول الأولى إلى تيموثاوس 6: 4 – فَقَدْ تَصَلَّفَ، وَهُوَ لاَ يَفْهَمُ شَيْئًا، بَلْ هُوَ مُتَعَلِّلٌ بِمُبَاحَثَاتٍ وَمُمَاحَكَاتِ الْكَلاَمِ، الَّتِي مِنْهَا يَحْصُلُ الْحَسَدُ وَالْخِصَامُ وَالافْتِرَاءُ وَالظُّنُونُ الرَّدِيَّةُ،
– رسالة بولس الرسول إلى تيطس 3: 3 – لأَنَّنَا كُنَّا نَحْنُ أَيْضًا قَبْلاً أَغْبِيَاءَ، غَيْرَ طَائِعِينَ، ضَالِّينَ، مُسْتَعْبَدِينَ لِشَهَوَاتٍ وَلَذَّاتٍ مُخْتَلِفَةٍ، عَائِشِينَ فِي الْخُبْثِ وَالْحَسَدِ، مَمْقُوتِينَ، مُبْغِضِينَ بَعْضُنَا بَعْضًا.
– رسالة يعقوب 4: 5 – أَمْ تَظُنُّونَ أَنَّ الْكِتَابَ يَقُولُ بَاطِلاً: الرُّوحُ الَّذِي حَلَّ فِينَا يَشْتَاقُ إِلَى الْحَسَدِ؟
– رسالة بطرس الرسول الأولى 2: 1 – فَاطْرَحُوا كُلَّ خُبْثٍ وَكُلَّ مَكْرٍ وَالرِّيَاءَ وَالْحَسَدَ وَكُلَّ مَذَمَّةٍ.
ولا يمكننا ان ننسى أن الوصاية العشرة هي: "لا تشتهي مقتني غيرك" وشهوة ما يقتنيه الغير هي تعبير عن الحسد …
ما هو الحسد؟
الحسد هو شعور رديء، ينبع من قلب الإنسان الخالي من المحبة، وغالبا ما يجعل صاحبه يشعر بعدم الرضا والحزن بسبب ما يناله الآخرون من الخير والنجاح، لدرجة أنه يتمنّي زواله وتحوله للحاسد. وهو من أعمال الجسد الفاسد الذي في الإنسان (1كورنثوس 3:3؛ غلاطية 5: 21). كما أنه من الخطايا التي تُفسد العلاقات بين الإنسان وأخيه وبين الانسان والله.
ويعرف كتاب تعليم الكنيسة الكاثوليكية الحسد بأنه "رذيلة رئيسية. وهو يشير إلى معاناة الحزن حيال مال الغير والرغبة الجامحة في امتلاكه، وإن عن غير وجه حقّ. وعندما يشتهي للقريب شرّاً كبيراً فهو خطيئة مميتة: كان القديس أوغسطينوس يرى في الحسد «خطئية إبليس بامتياز»…. (2539)
ومن ثمّ فالحسد هو أصل كثير من الشرور، فالكتاب المقدس يعلمنا أن الخطيئة دخلت إلى العالم "بحسد إبليس" (حك 2: 24)، وبالتالي يمكننا أن نعرف ابليس بأنه "الحسود الأكبر" وأن كل أعماله الشريرة هي نتيجة : حسده للبشر، المحبوبين من الله، فهو يفعل كل شيء لجعلهم يفقدون أو بالأحرى يرفضون هذه المحبة.
وخطيئة الإنسان الأول هي ثمرة "حسد إبليس" للعلاقة التي كانت تجمع آدم وحوا بالله.
وبالتالي فالإنسان الحسود هو من يسلم نفسه لإبليس، فيرى في خير الآخرين خطرا عليه، وفي نجاحهم تهديدا لوجوده، وفي انجازاتهم تحقيرا له، وغالبا ما يدفعه هذا الشعور إلى السعي الدؤوب لفعل "كل شيء" لمنع الخير عنهم، وللتشكيك في نجاحهم، والتقليل من إنجازاتهم، وفي بعض الأحيان يصل الأمر إلى السعي "لقتلهم" عمليا أو معنوياً. ولهذا فالحسد هو إحدى الخطايا السبع الكبرى (ك.ت.م.ك. 2539).
الحسد داخل الكنيسة:
الكنيسة هي مؤسسة "إلهية بشرية"، تقوم على الدعوة والنعمة الإلهي وعلى الضعف البشري، فالله لا يدعو قديسين بل خطأة إلى الخلاص، والكنيسة هي جماعة البشر الخطأة المدعين للقداسة، والقداسة هي طريق نبدأه في الحياة ولا ينتهي أبدا …
وتاريخ الكنيسة هو أيضاً تاريخ بشر، صنعوه من الخير ومن الشر، من العظائم والجرائم، من الانجازات والفضائح… ومن الطفولي الاعتقاد بأن الكنيسة هي "جماعة من الملائكة" الذين لا يخطئون ولا يفكرون بالشر، ولا يحسدون… لاسيما وأن الكنيسة، ولأنها كنيسة، فهي دائما هدفا للشرير، وتحت التجربة.
ومن النضج الاعتراف بالأخطاء والتوبة عنها وعدم إنكارها أو تكرارها، وأكبر دليل على ذلك ما قامت به الكنيسة الكاثوليكية، عندما طالبت مغفرة الذين أساءت إليهم في التاريخ، وسامحت من أساؤا إليها، مجسدةً هذا الإيمان. لأن الإنسان كلما نضج كلما اعترف بأخطائه واعتذر عنها، وكلما كان "تافها" كلما عاند وتكبر وتحجج… كلما نضج كلما فرّق بين الفعل والفاعل، بين الخطيئة والخاطيء، وكلما كان "صغيرا" كلما عمم أحكامه…إلخ
وبالتالي فكلنا وبلا استثناء معرضون لخطيئة الحسد، والذي قد تدفع بعضنا إلى ما يقوله كتاب التعليم المسيحي الكاثوليكي: "معاناة الحزن حيال مال الغير والرغبة الجامحة في امتلاكه، وإن عن غير وجه حقّ. وعندما يشتهي للقريب شرّاً كبيراً فهو خطيئة مميتة" (2539)
والقديس يوحنا الذهبي الفم، في الرسالة الثانية إلى الكورنثيّين، عظة 27، 3-4 «يحارب بعضُنا بعضاً، والحسد هو الذي يسلحنا لنقاتل بعضُنا بعضاً (…) فإذا استشاط الجميع هكذا على جسد المسيح ليزعزعوه، فإلى أين سنصل؟ إننا نوهِن جسد المسيح (…) نعلن أننا أعضا كيانٍ واحدٍ وننهش بعضنا بعضاً كما تفعل الضّواري (أي الحيوانات المفترسه)» (2538).
ويقول أيضاً يوحنا الذهبي الفم، في الرسالة إلى الرومانيين، عظة 7، 5 «إنك تريد أن ترى الله ممجداً بك؟ إذن إفرح بتقدم أخيك، وبذلك بك يتمجد الله. ويقول الجميع: "تبارك الله" الذي له أمثال هؤلاء العبيد، الأحرار من كل حسد، الذين يفرحون بعضهم لخيرات البعض الآخر…» لأن المحبة لا تحسد أبدا 1 كورنثوس 13 .
وأخطر أنواع الحسد، التي قد تجرب بها الكنيسة، هو الحسد المغلف بالمحبة، وبالخوف على الكنيسة، وعلى تعاليمها وقوانينها وطقوسها… الحسد بين أعضاء الجسد الواحد… وهو نفس الخطيئة التي سقط فيها الكتبة والفريسيين الذين أدانوا رب الشريعة باسم الشريعة، وصلبوا لمخلص باسم حماية الخلاص، وأماتوا البريء غاسلين أياديهم وضمائرهم وظنيين أنهم بذلك قدموا محرقة مقبولة "لله"….
الحسد داخل الأسرة
الأسرة، نواة المجتمع والكنيسة، ليست ببعيدة عن خطر الانزلاق في هوّة الحسد، الذي قد يتسرب بين الأخوة أو حتى بين الأزواج، ليفسد كل شيء ويحول الأسرة إلى مكان صراع وواحة حزن. والكتاب المقدس يشرح لنا كيف أن أخوة يوسف حسدوه وغاروا منه لمحبة أبيه له، لدرجة أنهم خططوا لقتله وانتهى الأمر ببيعه كعبد…
وهنا يجب توضيح أن الغيّرة هي شكل من أشكال الحسد، ودرجة من درجاته، بمعنى أن الإنسان قد يشعر ببعض الغيرة تجاه حتى أقرب الناس له، وهذا أمر طبيعي وأحيانا إيجابي بشرط أن يتحول إلى رغبة تدفع به للأمام وللتقدم، وهو خطيئة إذا ما دفع به للحقد وتمنى الشر لأخيه.
مع ملاحظة أن تلك الغيرة التي يمكننا تسميتها "بالإيجابية" قد تتحول بسهولة "لسلبية" إذا ما تحولت لهاجس وتملكت الشخص، والمقياس هو "فرحا مع الفارحين وحزنا مع الحزاني"، فإذا كنت تسعد عندما يبكي أخاك فأنت حسود، وبعيد عن النور.
نتائج أو ثمار الحسد:
يؤكد كتاب التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية أن "الحسد يمكن أن يقود الإنسان إلى أفظع المآثم" راجع أيضا تك 4: 3-7، 1 مل 21: 1 -29 – مؤكدا أن "الوصية العاشرة تقتضي إقصاء الحسد من القلب البشري" (2538). ونتائج الحسد تصيب الحسود أكثر مما تصيب المحسود، وهي تصيب المحسود بقدر ما تدفع الحاسد إلى إزائه لا فقط بالفكر وإنما أيضا بالأفعال:
– القتل المعنوي والجسدي
* قايين: فهابيل عندما قدّم من أبكار غنمه ومن سمانها للرب، والرب نظر إليه وإلى قربانه، ولكن إلى قايين وقربانه لم ينظر؛ اغتاظ قايين جدًا، وقام على هابيل وقتله. لقد كان قايين من الشرير، وأعماله كانت شريرة، فذبح أخاه بسبب الحسد.
* الفلسطينيون: إسحاق عندما تغرّب في أرض الفلسطينيين، باركه الرب وصار عظيمًا جدًا، فحسده الفسطينيون؛ لذلك طموا الآبار وملأوها ترابًا، وعندما حفر آبارًا أخرى نازعوه وتخاصموا عليها (تكوين 26).
* أخوة يوسف: يوسف الذي كان محبوبًا من أبيه يعقوب وصنع له قميصًا ملونًا، فأبغضه إخوته. وبعد أن أخبرهم بحلميه اللذين يكشفان عن العظمة التي سوف يكون عليها، حسدوه؛ لذلك عندما ذهب ليسأل سلامتهم قالوا: «هلم نقتله»، ثم طرحوه في البئر ليموت، ثم باعوه ليتخلّصوا منه (تكوين 37).
* قورح وداثان وأبيرام وأون: وموسى وهارون حسدهما كل من قورح وداثان وأبيرام وأون مع مئتين وخمسين من رؤساء الجماعة، واتهموهما باتهامات كاذبة بأنهما يرتفعـان ويترأسان على جماعة الرب وأنهما أخرجا الشعب ليميتوهـم في البرية (عدد 16؛ مزمور 106: 16).
– الكراهية
ينبع الحسد من الكراهية ويقود إليها، والكراهية هي غياب المحبة، وبالتالي الدليل على غياب الله. ولهذا فالكتاب المقدس عرّف "الخاطئ" بأنه الإنسان الذي "يعيش في الحسد" (تيطس 3:3)، ومشحون حسدًا (رومية 1: 29). وبالتالي لن يرث ملكوت الله (غلاطية 5: 21).
– الازدواجية والزيف:
يقود الحسد الحسود إلى ارتكاب أفظع الجرائم، وغالبا باسم المحبة أو الغيرة الرسولية، أو المدافعة عن الحقوق والتعاليم الإلهية، ويذكر الكتاب المقدس أن يسوع المسيح عندما أقام لعازر من الأموات، سار الشعب وراءه بسبب هذه الآية العظيمة؛ فاغتاظ الفريسيون لأن العالم قد ذهب وراءه وليس وراءهم، فأسلموه إلى بيلاطس وطلبوا قتله، ولقد علم بيلاطس أنهم أسلموه حسدًا (مرقس 15: 10). فالرغبة في الحصول على الشهرة المتعلّقة بالرياسة الدينية وحب التسلط، تجعل هؤلاء يرفضون أي شخص تتعلق الأنظار به ويحاولون التخلص منه ولو أدى هذا إلى القتل.
– العداوة
ومما سبق نستخلص أن الحسد يولِّد العداوة والبغضة للآخرين، ويفتح أعمال شر ونزاع وخصام، وقد يؤدّي في النهاية إلى القتل. والحسد أقوى من الغضب ومن السخط؛ ويقول الحكيم: «ومن يقف قدام الحسد؟» (أمثال 27: 4).
– المرارة
حسد شاؤول داود لأن روح الرب قد تركه وسكن داود، وقاده حسده إلى الشعور بالمرارة والسعي إلى قتله. والحسد له تأثيره السيء فهو ينخر عظام الحسود، كما يقول الحكيم: «حياة الجسد هدوء القلب ونخر العظام الحسد» (أمثال 14: 30).
– عدم استجابة الصلاة
الله لا يسمع صلاة الحسود لأنها تقوم على الكراهية وتمنى الشر للآخرين، وكأن الحسود يطلب من الله أن بشترك معه وأن يمنع خيره عن الأخرين، والكتاب يؤكد أن الحسد يعطِّل استجابة الصلاة (يعقوب 4: 2).
– الأنانية
بما أن الحسد ينشأ نتيجة عُجب الآخرين بأنفسهم وافتخارهم (غلاطية 5: 26)، وأيضًا من المباحثات العقيمة ومماحكات الكلام (1تيموثاوس 6: 4) فهو دليل على التمركز حول الذات والأنانية، لأنه انغلاق القلب نحوى الله والآخرين.
– الهلاك الأبدي
يقود الحسد إلى الهلاك الأبدي لأنه يظلم القلب ويغلقه أمام محبة الله، والكتاب يقول: لا يجب حسد الأشرار على ما عندهم، لأن نهايتهم الهلاك الأبدي، وما لديهم مصيره حريق النار «لا يحسدن قلبك الخاطئين بل كن في مخافة الرب اليوم كله» (أمثال 23: 17 – انظر مزمور 37: 1؛ أمثال 3: 31؛ 24: 1، 19).
كيف نعالج أنفسنا من الحسد؟
– الاعتراف بكونك حسود: لأن "أخطر الأمراض هي تلك التي تنهش فينا وننكرها"، ويقال أن معرفة المرض هي نص الشفاء… وبالتالي الصدق مع النفس وعدم التخفي خلف أقنعة الطيبة والبشاشة، وإظهار وجهنا الحقيقي لله، حتى ولو كان قبيحا، فهو وحده يستطيع أن يشرق علينا بجماله البهي ويحررنا من خطيئة "الحسد".
– النظر للمسيح : تحرّضنا كلمة الله أن نطرح الحسد «فاطرحوا … الحسد» (1بطرس 2: 1) وتحذّرنا منه «لا بـ… الحسد» (رومية 13:13). ولكي يتمّ ذلك، يجب أن ننظر دائمًا إلى الرب يسوع، مثالنا الكامل، ولا ننظر لبعضنا البعض، بل نحسب بعضنا البعض أفضل من أنفسهم. وإن كان الحسد من أعمال الجسد لكننا بالروح نميت أعمال الجسد (رومية 8: 13).
– التدرب والصبر:
لا يمكن مقاومة الحسد إلى بتعلم فضيلة "التواضع" (أحب الفضائل على قلب الله)، والتدرب اليومي على نبذ "عادة الحسد" والنظر للآخرين، والقاعدة الذهبية في هدا المجال هي: "لا تقارن نفسك بالذين هم أفضل منك لكي لا يتسرب إلى قلبك الحسد؛ ولا تقارن نفسك بالذين هم أقل منك لكي لا يتسرب إلى قلبك الكبرياء"…
وهذا يتم عن طريق التدرب والمثابرة لتطهير النفس شيئا فشيئا من "يد إبليس" التي تعمل في قلوبنا عن طريق الحسد.
ويؤكد كتاب التعليم المسيحي أن "المعمّد يحارب الحسدَ بالمحاسنة، والتواضع والاستسلام لعناية لله" (2554)
– التوبة
يقول كتاب التعليم المسيحي الكاثوليكي: "عندما أراد النبيّ ناثان حثّ الملك داود على الندامة، روى له قصّة الفقير الذي لا يملك غير نعجة وحيدة، كانت كابنته، والغني الذي، على ما كان له من قطعان كثيرة، حسد الأول، وانتهى به الأمر إلى أن يسرق منه نعجته -راجع: 2 صم 12: 1-4" (2538).
ولما صرخ داود: "هذا الرجل موتا يموت، قال له ناثان: "أنت هذا الرجل"… ففهم داود أنه هو الذي زنى وقتل لأنه ترك الشهوة والحسد يتسربان إلى قلبه، ووقع على الأرض طالبا "المغفرة" وعبر عن توبته في المزمور رقم خمسين، أجمل ما كتبه تائب …
واليوم يقول لنا جميعا النبي ناثان: "أنت هذا الرجل"… ويدعونا إلى التوبة لأن التوبة هي الطريق الوحيد للتخلص من خطيئة الحسد ….
بقلم الأب د. يوأنس لحظي جيد