هـل يـمكن أن تصنع أنت الأعجـوبـة؟

الشماس نبيل حليم يعقوب

كنيسة السيدة العذراء للأقباط الكاثوليك بلوس انجلوس

 

أنت أيهـا الإنسان الـمسيحي الذى فداك إبن اللـه بدمـه الطاهـر..أنت هيكل للروح القدس ورسول للـمسيح، بـل أنتَ مسيح آخـر على هذه الأرض تـملك أن تشفى وتقيـم وتطرد الشياطين وتصنع العديد من الـمعجزات فالكتاب يعلن ذلك:

– "صلاة الإيـمان تشفى الـمريض والرب يقيـمه"(يعقوب14:5).

– "وإن كان لكم إيـمان ولا تشّكون فلا تفعلون أمر التينة فقط بل إن قلتم أيضاً لهذا الجبل إنتقل وإنطرح فـى البحر فيكون وكل ما تطلبونـه فـى الصلاة مؤمنيـن تنالونـه"(متى20:21).

– "الحق الحق أقول لكم من يؤمن بـي فالأعمال التى أنـا أعملهـا يعملهـا هو أيضاً ويعمل أعظم منهـا"(يوحنا12:14).

ان نعـمة القدرة على صنع الـمعجزات هـى واحدة من نعـم الروح القدس التى يهبهـا للـمؤمنيـن كـما يذكر القديس بولس فـى رسالته الأولـى لأهل كورنثوس:"وآخـر مواهب الشفاء بالروح الواحد وآخـر صُنع القوّات…وهذا كلـه يعمله الروح الواحد بعينه مُوزعـاً على كل واحد كيف شاء"(1كورنثوس9:12-10).

وهـذه القوة الخاصـة يجب أن يـتم تمييزهـا عن تلك الـمواهب السبعة للروح القدس التى ذكرهـا اشعيا النبي:"ويستقر عليه روح الرب روح الحكمة والفهم روح الـمشورة والقوة روح العِلم وتقوى الرب"

(اشعيا2:11)، وأيضا عن ثـمار الروح القدس التى ذكرهـا القديس بولس فى رسالته لأهل غلاطيـة:"أما ثـمر الروح فهو الـمحبة والفرح والسلام والأناة واللطف والصلاح والإيمان والوداعـة والعفاف"(غلاطيو22:5). فالـمواهب السبعة أو الثـمار الإثنى عشر للروح القدس هـى دائـماً نعـمة لتقديس النفوس وهـى متاحـة لكل الـمسيحيين. أمـا قـوة صنع الـمعجزة فهـى نعـمة خاصـة يهبهـا الرب لـمن يختـاره من أجل الفائدة الروحيـة لجسد الـمسيح الذى نحن جميعا أعضاء فيـه، لهذا قال الرسول بولس:"ولآخـر موهبـة الشفاء..ولآخـر صُنع القوّات"

(1كورنثوس9:12-10)، وأيضاً لتثبيت كلـمة الرب كـما جاء على لسان بولس

الرسول:"وشهد بـه الله بآيات وعجائب وقوات متنوعـة وتوزيعات الروح القُدُس على

حسب مشيئتـه"(عبرانيين4:2).

وهـذه القوة الخاصـة قد وعد الرب يسوع بهـا رسله الأطهـار "فكل ما تسألون الآب بإسمي فأنـا أفعلـه ليتمجّد الآب فـى الإبن"(يوحنا12:14) و "وهذه الآيـات تتبع الـمؤمنيـن يُخرجون الشياطين بإسمي ويتكلـمون بألسنة جديدة ويحملون الحيّات وإن شربوا شيئاً مميتاً فلا يضرّهم ويضعون أيديهم على الـمرضى فيتعافـون"(مرقس17:16-18).   

وهـذه القوة فـى صُنع الـمعجزة ممكن أن تكون مؤقتـة فقد حاول الرسل إخراج روح شرير من إنسان فلم يستطيعوا "حينئذ دنا التلاميذ إلـى يسوع على إنفراد وقالوا لـه لـماذا لـم نستطع نحن أن نخرجـه. فقال لهم هذا الجنس لا يخرج إلاّ بالصلاة والصوم"(متى18:17).

واللـه يعطى  أحيـانـاً قوة صنع العجائب عن طريق ملائكته أو اشخاص أو أشياء ماديـة وهـى كالتالـى:

أولاً: الـملائكـة – عند إنقاذ الفتية الثلاث من آتون النار (دانيال93:4) وعند إنقاذ بطرس من السجن (أعمال7:12).

ثانيـاً: أشخاص – عن طريق موسى وهارون (خروج7)، إيليـا النبي (3ملوك17)، أليشع النبي (4ملوك5)، الرسل (أعمال43:2)، القديس بطرس (أعمال3و10)، القديس بولس (أعمال19)، الـمسيحيين الأوائل(غلاطية5:3). 

ثالثـاً: لـمس اشياء تعد كأدوات او وسائل تحمل قوة السماء وليس  هى فى حد ذاتهـا لها القدرة وحدهـا فـى صنع الـمعجزة.والكتاب الـمقدس وتاريخ الكنيسة يذخـر بـأمثلـة عديدة:

1. الذخائر الـمقدسة أورفات لأحد القديسين [رداء ايليا (4ملوك 8:2) –جسم اليشع (4ملوك20:13)-ثوب يسوع (متى21:9)-مناديل القديس بولس (اعمال 12:19)].

2. الصور الـمقدسة [ الحيّة النحاسية (عدد8:21)].

3. الأشياء الـمقدسة [تابوت العهد والأوانـي الـمقدسة للهيكل] (دانيال2:5-6).

4. الأماكن الـمقدسة [هيكل أورشليم (2 أخبار 5:6-42)- مياه  الأردن

(4ملوك14:5) – بركة بيت حسدا(يوحنا2:5-4)].

فلا يجب أن نشُك أن اللـه قد يستخدمنـا لتـمجيد إسـمه القدوس كـما فعل مع استفانوس الذى يذكر سفر الأعـمال عنـه انـه كان "مملوءاً نِعمة وقوة وكان يصنع عجائب وآيـات عظيمة فـى الشعب" (أعمال8:6)، أم سنقول كـما قال جدعون "إن كنت قد وجدت نعمة فى عينيك فإصنع لي علامة على أنَّك أنتَ الذى كلّمنـي" (قضاة17:6). ولكن رغـماً عن ان ذبيحة جدعون قد احترقت(قضاة21:6) فيجب علينا أن نثق من أن صلاتنـا ما دامت بإسم الرب يسوع فستقُبـل لأنـه هـو القائـل: "إن سألتم شيئـاً بإسمي فأنـي أفعلـه"(يوحنا14:14).

والآن يـا أخـي أترك الشك جانبـاً حتى لا تغرق كبطرس السائر على الـماء، وتقدم ليسوع..تقدم لصانع العجائب وإتبعـه وأحبـبـه "لأنـه أحبنـا أولاً"(1يوحنا19:4). اطرح الخوف جانبـاً فهو لا يطلب ان تتبعه لأنـه الإلـه الـمخوف والذى ترتعد منه السموات والأرض حتى ان داود النبي قـال:"أبصرتك الـمياه يـا اللـه ففزعت وإرتعدت أيضاً اللجج" (مزمور16:77).

تعالـوا الـى اللـه لأنـه كـما هو مكتوب: "لأنكم لـم تأتوا ال جبل ملموس مضطرم بالنار والى ضباب وظلام وزوبعة وهتاف بوق وصوت كلمات استعفى على الذين سمعوه من ان تزاد لهم كلمة لأنهم لا يحتملوا ما امر الرب به وإن مسّت الجبل بهيمة تُرجم او ترمى بسهم"(عبرانيين18:12)، ولكنكم ..يقول الرسول: "أتيتم الى يسوع وسيط العهد الجديد"(عبرانيين 24:12).  

أنتَ يـا وارث الـملكوت، يـا من دعاك الرب لا تجرّب اللـه فى قلبك بسؤالك طعامـاً لشهوتك وتقول "هل يقدر أن يعطى الرب خبزاً أو يهيئ لحماً لشعبـه"(مزمور18:77-20)، بـل فلتكن ثقتك عظيـمة فـى الصانع العجائب "فأي إلـه عظيـم مثل الله"(مزمور14:76) وردد دائـماً مع الـمرّنم:"أذكُـر أعـمال الرب فإنـيّ أتذكـر معجزاتك يارب منذ القِدم"(مزمزر12:76).

نبيل حليم يعقوب –لوس انجلوس