كلمة البابا خلال لقائه بالكهنة، الرهبان والراهبات، والشبيبة في كنيسة القديس بيو من بيترلشينا

سان جوفاني روتوندو، الاثنين 22 يونيو 2009  (Zenit.org).

ننشر في ما يلي كلمة البابا بندكتس السادس عشر خلال لقائه بالكهنة، الرهبان والراهبات، والشبيبة في كنيسة القديس بيو من بيترلشينا في سان جوفاني روتوندو بعد ظهر أمس الأحد 21 يونيو 2009.

* * *

الكهنة الأعزاء،

الرهبان والراهبات الأعزاء،

الشباب الأعزاء،

يختتم هذا اللقاء زيارة حجي إلى سان جوفاني روتوندو. أشكر رئيس أساقفة ليتشي، المدبر الرسولي لهذه الأبرشية، المطران دومينيكو أومبرتو دامبروزيو، والأب ماورو يوري، الرئيس العام للأخوة الصغار الكبوشيين، لأجل كلمات الترحيب الودية التي وجهوها إلي باسمكم. يتوجه سلامي الآن إليكم، أيها الكهنة الأعزاء، لأنكم تلتزمون كل يوم بخدمة شعب الله كمرشدين حكماء وفعلة مواظبين على العمل في كرمة الرب. أحيي بعطف أيضًا المكرسين الأعزاء، المدعوين إلى تقديم شهادة تكرس كامل للمسيح من خلال عيش أمين للمشورات الإنجيلية. أوجه تحية خاصة إليكم، أيها الإخوة الكبوشيون، الذين تعتنون بمحبة بواحة الروحانية والتعاضد الإنجيلي هذه، مستقبلين الحجاج والمتعبدين الذين ينجذبون نحو الذكرى الحية لأخيكم القديس الأب بيو من بيترلشينا. أعبر لكم عن الشكر القلبي لأجل هذه الخدمة الثمينة التي تقدمونها للكنيسة وللنفوس التي تكتشف هنا جمال الإيمان وحرارة الحنان الإلهي. أحييكم، أيها الشباب الأعزاء، الذين ينظر إليهم البابا بثقة كمستقبل الكنيسة والمجتمع. هنا، في سان جوفاني روتوندو، كل شيء يتحدث عن قداسة أخ متواضع وكاهن غيور، يدعونا هذه الليلة نحن أيضًا لكي نفتح قلوبنا لرحمة الله؛ يحضنا على أن نكون قديسين، أي أصدقاء صادقين وحقيقيين ليسوع.

أيها الكهنة الأعزاء، منذ يومين بالتحديد، في عيد قلب يسوع الأقدس ويوم القداسة الكهنوتية، بدأنا السنة الكهنوتية التي نذكر فيها بإكرام وعطف الذكرى الخمسين بعد المائة لوفاة القديس جان ماري فياني. في الرسالة التي كتبتها للمناسبة، أردت أن أشدد على أهمية قداسة الكهنة في حياة ورسالة الكنيسة.

مثل خوري آرس، كذلك الأب بيو يذكرنا بكرامة ومسؤولية الخدمة الكهنوتية. من لم يعتريه التأثر لرؤية الحرارة التي كانت ترافق عيشه من جديد لآلام المسيح في كل احتفال بالافخارستيا؟ من حب الافخارستيا كانت تتدفق في داخله، كما في خوري آرس، جهوزية كاملة لقبول المؤمنين، وخصوصًا الخطأة.

ومن ثم، إذا كان القديس جان ماري فياني قد حاول بكل الأشكال، في حقبة صعبة، أن يجعل رعاياه يعاودوا اكتشاف معنى وجمال التوبة الأسرارية، كانت العناية بالنفوس وتوبة الخطأة بالنسبة للأخ القديس الآتي المقيم في منطقة جبال الغرغانو، توقًا أذابه حتى الموت. كم من الأشخاص غيروا حياتهم بفضل خدمته الكهنوتية الصبورة؛ كم من الساعات الطويلة قضاها في كرسي الاعتراف! كما بالنسبة لخوري آرس، كانت خدمة الاعتراف تشكل عنوان المجد الأكبر والطابع المميز لهذا القديس الكبوشي. كيف لنا إذًا ألا ندرك أهمية الاشتراك بتقوى بالاحتفال بالافخارستيا والتقرب بتواتر من سر التوبة؟ يجب تقييم سر التوبة بشكل خاص، ولا يجب على الكهنة أن يستسلموا أبدًا لدى رؤيتهم كراسي الاعتراف مهجورة، ولا أن يكتفوا بملاحظة هجر المؤمنين لمنهل الصفاء والسلام الفائق هذا.

وهناك أيضًا تعليم عظيم يمكننا أن نستقيه من سيرة الأب بيو: قيمة وضرورة الصلاة. فمن كان يسأله رأيه بشخصيته، كانت عادته أن يجيب: "لست إلا أخًا فقيرًا يصلي". وبالواقع، كان يصلي دومًا وفي كل مكان بتواضع وثقة وثبات. هذه إذًا نقطة أساسية ليس فقط في حياة الكاهن الروحية، بل في حياة كل مسيحي، وبشكل خاص في حياتكم أنتم أيها الرهبان والراهبات الأعزاء، المختارون لاتباع المسيح عن قرب من خلال عيش نذور الفقر، العفة والطاعة. قد يعتريكم الجزع أحيانًا أمام ضعف أو حتى هجر الإيمان الذي نراه في مجتمعنا المعلمن. يجب بكل تأكيد إيجاد قنوات جديدة لإيصال الحقيقة الإنجيلية لرجال ونساء زماننا، ولكن بما أن مكنون الإعلان المسيحي يجب أن يبقى دائمًا هو ذاته، من الضروري أن نعود إلى المنبع الأساسي، إلى يسوع المسيح الذي "هو هو الأمس، اليوم وإلى الأبد" (عب 13، 8). إن سيرة الأب بيو البشرية والروحية تعلمنا أن وحدها النفس المتحدة بشكل حميم بالمصلوب تستطيع أن تنقل للبعدين فرح وغنى الإنجيل.

إن حب المسيح هو متحد لا محالة بحب الكنيسة، التي تهديها وتحييها قوة الروح القدس، والتي يلعب كل منا دورًا فيها وتوكل إليه رسالة يجب أن يتمها. أيها الكهنة الأعزاء، والرهبان والراهبات الأحباء، إن المهمات الموكلة إليكم والمواهب التي تحملونها هي عديدة، ولكن فليكن الروح الذي تحققونه بها واحدًا دائمًا، لكي يضحي حضوركم وعملكم في صلب الشعب المسيحي شهادة بليغة لأولية الله في وجودنا. ألم يكن هذا ما كان الجميع يستشفونه في وجود القديس بيوس من بيترلشينا؟

اسمحوا لي الآن أن أوجه كلمة خاصة إلى الشبيبة، الذين أراهم كثرة ومملوئين حماسة. أيها الأصدقاء الأعزاء، أشكركم لأجل استقبالكم الحار ولأجل المشاعر المتقدة التي عبر عنها ممثلكم. لقد لاحظت أن البرنامج الرعوي في أبرشيتكم، يكرس للسنوات الثلاث 2007 – 2010 انتباهًا خاصًا للرسالة نحو الشبيبة والعائلة، وأنا أكيد أنه انطلاقًا من مسيرة الاصغاء، واللقاء، والحوار والتحقق التي تلتزمون بها، ستنتج بعناية أكبر بالعائلات وبإصغاء نبيه لتوقعات الأجيال الصاعدة الحقة. أنا على معرفة بالمشاكل التي تواجهونها، أيها الشباب والشابات الأعزاء، والتي تحاول أن تطفئ الحماسة التي تميز شبابكم. من بين هذه المشاكل أستشهد بظاهرة البطالة، التي يعاني منها عدد غير قليل من الشباب والشابات في جنوب إيطاليا. لا ترتخينّ عزيمتكم! أنتم "شباب ذو القلب الرحب"، كما سمعتم تكرارًا ومرارًا خلال هذا العام انطلاقًا من الرسالة الأبرشية للشباب، التي أدارتها وأحيتها إكليريكية المحافظة في مولفتا في سبتمبر الماضي. الكنيسة لا تتخلى عنكم. وأنتم لا تتخلوا عن الكنيسة! الكنيسة بحاجة لإسهامكم لبناء جماعات مسيحية حية، ومجتمع أكثر عدالة وانفتاحًا على الرجاء. وإذا أردتم أن "قلبكم رحبًا"، تتلمذوا ليسوع. منذ يومين تأملنا بقلبه الكبير المملوء حبًا للبشرية. وهو لن يتخلى عنكم أبدًا ولن يخون ثقتكم، ولن يقودكم أبدًا في سبل خاطئة. مثل الأب بيو، أنتم أيضًا كونوا أصدقاء أمناء للرب يسوع، مقيمين معه علاقة يومية من خلال الصلاة والإصغاء لكلمته، وعيش حياة الأسرار، والانتماء القلبي لعائلته التي هي الكنيسة.

هذا الأمر يجب أن يكون ركيزة برنامج حياة كل منكم، أيها الشباب الأعزاء، وكذلك حياتكم أنتم أيها الكهنة الأعزاء، والرهبان والراهبات الأحباء. أؤكد الذكر في الصلاة لكل واحد منكم بينا أستدعي حماية مريم أم النعم لكم، هي الساهرة عليكم من مزارها الذي تستريح في مغارته ذخائر الأب بيو. أشكركم من كل قلبي، مرة أخرى، لأجل استقبالكم وأبارككم جميعًا مع عائلاتكم وجماعاتكم ورعاياكم وكل أبرشيتكم.

* * *

نقله من الإيطالية إلى العربية روبير شعيب – وكالة زينيت العالمية (Zenit.org)

حقوق الطبع محفوظة لمكتبة النشر الفاتيكانية – 2009.

البابا إلى الشباب: "لا تتخلو عن الكنيسة"

سان جوفاني روتوندو، الاثنين 22 يونيو 2009 (Zenit.org).

التقى الأب الأقدس أمس، في ختام زيارة الحج إلى سان جوفاني روتوندو، الدير الذي قضى فيه الأب بيو من بيترلشينا القسم الأكبر من حياته، بالكهنة والمكرسين والشباب، وفي ختام حديثه وجه البابا كلمة خاصة إلى الأجيال الشابة التي كانت حاضرة بشكل كثيف خلال اللقاء.

وقال البابا للشباب: "أنا على معرفة بالمشاكل التي تواجهونها، أيها الشباب والشابات الأعزاء، والتي تحاول أن تطفئ الحماسة التي تميز شبابكم". لافتًا إلى أن إحدى أصعب هذه المشاكل هي ظاهرة البطالة، التي يعاني منها عدد غير قليل من الشباب والشابات في جنوب إيطاليا. ودعا الشباب إلى عدم الاستسلام واصفًا إياهم بـ "الشباب ذوي القلب الرحب".

ثم قال لهم: "الكنيسة لا تتخلى عنكم. وأنتم لا تتخلوا عن الكنيسة! الكنيسة بحاجة لإسهامكم لبناء جماعات مسيحية حية، ومجتمع أكثر عدالة وانفتاحًا على الرجاء".

وأضاف: "وإذا أردتم أن "قلبكم رحبًا"، تتلمذوا ليسوع. منذ يومين تأملنا بقلبه الكبير المملوء حبًا للبشرية. وهو لن يتخلى عنكم أبدًا ولن يخون ثقتكم، ولن يقودكم أبدًا في سبل خاطئة".

ثم ختم قائلاً: "مثل الأب بيو، أنتم أيضًا كونوا أصدقاء أمناء للرب يسوع، مقيمين معه علاقة يومية من خلال الصلاة والإصغاء لكلمته، وعيش حياة الأسرار، والانتماء القلبي لعائلته التي هي الكنيسة".

الأب بيو: راهب فقير يصلي

بندكتس السادس عشر يلتقي بالكهنة، والرهبان والشبيبة

سان جوفاني روتوندو، الاثنين 22 يونيو 2009  (Zenit.org).

لست إلا راهبًا فقيرًا يصلي: بهذه الكلمات كان الأب بيو من بيترلشينا يعرف عن نفسه ويصف هويته. وعن فضائل هذا الراهب القديس تحدث بندكتس السادس عشر، في معرض اللقاء الأخير في سان جوفاني روتوندو الذي جمعه أمس بالكهنة والمكرسين والشبيبة.

فقد تحدث الأب خلال زيارة الحج إلى ضريح القديس الكبوشي، في سان جوفاني روتوندو، عن انطباعه بأن كل شيء في ذلك المكان "يتحدث عن قداسة أخ متواضع وكاهن غيور، يدعونا هذه الليلة نحن أيضًا لكي نفتح قلوبنا لرحمة الله؛ يحضنا على أن نكون قديسين، أي أصدقاء صادقين وحقيقيين ليسوع".

وأقام البابا ربطًا بين شخصية الأب بيو والقديس خوري آرس فقال: "مثل خوري آرس، كذلك الأب بيو يذكرنا بكرامة ومسؤولية الخدمة الكهنوتية. من لم يعتريه التأثر لرؤية الحرارة التي كانت ترافق عيشه من جديد لآلام المسيح في كل احتفال بالافخارستيا؟"

وأوضح بندكتس السادس عشر أنه "من حب الافخارستيا كانت تتدفق في داخله، كما في خوري آرس، جهوزية كاملة لقبول المؤمنين، وخصوصًا الخطأة".

هذا وذكر البابا انكبابه على خدمة سر الاعتراف فقال: " إذا كان القديس جان ماري فياني قد حاول بكل الأشكال، في حقبة صعبة، أن يجعل رعاياه يعاودوا اكتشاف معنى وجمال التوبة الأسرارية، كانت العناية بالنفوس وتوبة الخطأة بالنسبة للأخ القديس الآتي المقيم في منطقة جبال الغرغانو، توقًا أذابه حتى الموت. كم من الأشخاص غيروا حياتهم بفضل خدمته الكهنوتية الصبورة".

ثم تحدث عن حياة الصلاة التي كانت يعيشها الأب بيو فقال: "هناك أيضًا تعليم عظيم يمكننا أن نستقيه من سيرة الأب بيو: قيمة وضرورة الصلاة. فمن كان يسأله رأيه بشخصيته، كانت عادته أن يجيب: "لست إلا أخًا فقيرًا يصلي"".

وعلق البابا قائلاً: وبالواقع، كان يصلي دومًا وفي كل مكان بتواضع وثقة وثبات. هذه إذًا نقطة أساسية ليس فقط في حياة الكاهن الروحية، بل في حياة كل مسيحي".