اعداد
الاب انطونيوس مقار ابراهيم
راعي الاقباط الكاثوليك في لبنان
مقدمة :
أعلن قداسة البابا بندكتوس السادس عشر في التاسع عشر من شهر يونيو (حزيران) من العام 2009 ألى الثامن عشر من نفس الشهر في العام 2010عاماً مكرساً للكهنوت ورسالتة وانطلق قداسته في اعلانه هذا من مناسبة مرور 150سنة على وفاة الكاهن جان ماري فياني المعروف بخوري آرس أبسط الكهنة، أقلهم علماً وثقافةً، أحب حياة الخفية أكثر من العلن والظهور، بحق نقول أنه اكثر الكهنة تواضعاً وانسجاماً مع يسوع في سر القربان بسجوده الدائم والمتواصل ليلاً ونهاراً.
أود اخوتي الاحباء أن نتشارك معاً حول أبرز الأولويات التي يجب على كاهن اليوم أن يعيشها. وأستقي موضوعي هذا من كتيب قراءته ولخصته من أجل الفائدة والمشاركة مع الجماعة تحت عنوان "في سبيل عطاء أوفر" نقله الى اللغة العربية في 2009 لمناسبة الاعلان عن السنة الكهنوتية حضرة الاب جول بغده صاريان كاهن أرمن كاثوليك . وعدد صفحاته 43ورقة من الحجم العادي بقياس15x20 صادر عن مجلس الاساقفة الالماني واشترك في اعداده المطران ويلهيلم برونينغ والمطران كلاوس هيميرلي وهذا الاخير انتقل الى الامجاد السماوية في بداية العام 1994 وكان له التأثير الواضح على الكنيسة في المانية باشعاع حياته الروحية وتماسك بنيناها اللاهوتي.
حث مجلس الاساقفة الالماني في اجتماعهم المنعقد في شهر سبتمبر (ايلول) العام 1981 على مبدأ هام كان همّهم الأأول وهو الاهتمام بالكهنة بطرح العديد من الاسئلة ابرزها :
1- كيف يمكن لكاهن اليوم أن كهنوته من الناحية الروحية؟
2- ماهي الاهداف والمعايير والسبل والامكانيات المتاحة؟
3- ماهي الطرق التي نجدها اليوم للحفاظ على الهوية الكهنوتية؟
وضع الاساقفة هذه التساؤلات مع الجد وحيز التنفيذ وجاءت النتيجة ببعض أولويات ضرورية لحياة الكاهن
1-إنّ حياتي ككاهن أهم بكثير من كل ما أعمله ككاهن:
هذا يعني على الكاهن أن يقتنع بأن طريقة حياته ليست برنامجاً لتحقيق ذاته وإنما هي صلب مع المسيح " صُلبت مع المسيح، لا لأحيا انا بل المسيح هو الذي يحيا فيّ (غلا2/9) وايمان بأن المسيح يعمل في داخله ومن خلاله ، فكُن معه كي يرسلك
الحقيقة الكاهن يحتاج الى وقت لتحقيق ذاته ،والصلاة، والتوبة والاهتداء ، يفكر دائماً بالله ونفسه والآخرين . خارج عن هذه الامور يصير الكاهن مهندس فني أي تقني الرعاية.
2- إن ما يعمله المسيح فيّ أهم بكثير مما أعمله أنا:
هنا تكمن أهمية الايمان الذي يجعل من الكاهن بكل ما يحمله من "محاسن "و"سيئات" إنساناً متفرعاً ،واسع الانفتاح ففي اللحظة التي يتلفظ بها "هذا هو جسدي" تكون له سلطة مطلقة لا يمتلكها أي انسان بذاته فالعمل باسم المسيح هو الذي يقود الى الانفتاح والجهوزية التامة تجاهه والتجدد المستمر بالرغم من الضعف البشري.
3-عيش الوحدة مع الجماعة الكهنوتية أهم بكثير من الانفراد بالعمل:
هذا يعني أن ثمرة الصداقة مع يسوع ونتيجتها هي الصداقة فيما بيننا " من كان صديقاً للمسيح لايمكنه التغاضي عن دور الاخر ومهمته الرسولية التي تعمل دائماً على بناءالجماعة
4-خدمة الصلاة والكلمة أهم بكثير من خدمة الموائد:
عن هذا المبدأ يحدثنا اعمال الرسل 6/1-7 عن ضرورة الاهتمام بكلام الله واختيار رجال ووضع الايادى عليهم " لايليق بنا أن نُهمل كلام الله لنهتم بأمور المعيشة" فمن الضروري أن نخطو نحو الكلمة والصلاة حتى يكون العمل في المسيح وهذا يصير التزام صحيح لشهادة المحبة التي يجب أن تنغرس فيها جذور الخدمة الكهنوتية في حياة مبنية على الكلمة والاتحاد مع الله بصورة متجددة دائماً وابداً.
5- إن مرافقة المساعدين روحياً هي أفضل من القيام بالحد الأقصى من الاعمال الممكنة بشكل منفرد.
ينبغي على الكاهن لابل علينا جميعاً أن نتعلم التفكير حتى نتذوق طعم جديد للخدمة تؤدي الى تغيير في البُنىَ حتى نشعر بسعادة في قلب الدعوة وتحول يؤل بنا الى ممارسة الخدمة الكهنوتية بطريقة عضوية جماعية مشتركة لذا فمن المهم أن لايقوم الكاهن بعمل كل شيء بمفردة بل يشرك الجماعة حتى تبقى قوية ومتجددة في الروح القدس.
6-التواجد في أماكن قليلة والتأثير فيها أآهم بكثير من الرغبة في التواجد بكل مكان بشكل سريع ولا تأثير فيه
لأجل الحفاظ على هبية الكهنوت وسمو الدرجة المقدس على الكاهن أن يكون له برنامجه الخاص في الاولويات ولايسارع بشكل عشوائي في الحضور لكل ما يعرض عليه ويكثر من دخول الاماكن بل من المهم أن يوجه الكاهن نظره باستمرار نحو الجميع ونحو كل واحد . ومن هنا يمكنه أن يكون متواجد بشكل مؤثرلأنه يدعوا الى المشلركة في محبة الميسح الواجبة لكل فرد كما أنه يحمل في نفس الوقت آلام المسيح التي بذلها عن الجميع والمرتبطة بالبعد الافخارستي في خدمة الكاهن.
7- الصليب بصفته أكثر غنى هو أهه بكثير من جدوى العمل
ذكر قداسة البابا يوحنا بولس الثاني في عظاته " إن الانسان الذي يكتشف دعوته ومهمته عليه أن يكلم الله عن ضعفه وتابع القول " إن المسيح قد علمنا أن الإنسان وقبل كل شيء له الحق للسعي الى السمو وسمونا الحقيقي هو هبة من الله بسبب قوة الروح القدس وعمل الله الخلاصي.
8-الانفتاح على الجماعة اهم بكثير من الاهتمام بمصالح خاصة مهما كانت مبررة
إن الانفتاح هو السبيل الوحيد للوصول الى الحقيقة الشاملة ومَ يَقدر أن يتخطى أفقه المحدودة كي ينفتح على الجماعة يتمكن من رؤية الصواب فأنا لست بذاتي قريب ذاتي.والكاهن عليه أن يكون متضامناً مع المشاكل والواجبات والحلول ليتخطى وجهة النظر الشخصية وتكون لديه الشجاعة في تقبل الآخر "وجهة نظر شاملة" وهذا ما ارتبط به الرسل والجماعات الأولي "أؤمن بالكنيسة الجامعة"
9-المجاهرة بالإيمان للجميع أهم من إرضاء كافة الطلبات الاعتيادية
أولوية أساسية لكاهن اليوم أن تكون له الرغبة المستمرة والأكيدة لنقل البشارة للجميع وهذهت تطلب أن يتجند الكاهن وحه حتى في أدق التفاصيل بصفته مدافعاً عن الجميع ولاسيما الذين ابتعدوا والذين يعيشون على هامش الحياة وهذا هو لُب الحياة في حيوة الارسالية والتبشير " أنا أؤمن بالكنيسة الرسولية"
10-العمل مع الجماعة أهم بكثير من العمل وحيداً مهما كان العمل ممتازاً لأن المشاركة بحد ذاتها أهم من العمل
عاش المسيح حياتة منفتاحاً على الجميع بالرغم من الاوقات التي كان يمر فيها بتجربة الوحدة ولكنه عاش من خلال تلك الوحدة أعمق اتحاد مع مشيئة الآب وأوسع اتحاد معنا فاراد أن يحمل على عاتقه عوضاً عنا الخطيئة والمحنة حتى في ابتعادنا عن الله.على الكاهن أن يعتبر اللجوء لكل شخص هو أمر مهم كما لوكان شخصاً لايمكن الاستغناء عنه. هذا ما فعله المسيح مع تلاميذه قادهم الى الوحدة الشاملة وهذه الوحدة بدورها تقودنا الى جوهر الانجيل وقلب الوجود. عندما نفضل المحموعة على كل رغبة شخصية للكمال فاننا نشهد ونجاهر " أؤمن بالكنيسة الواحدة"
ختاماً :
اخوتي المؤمنين في نهاية هذه المبادئ التي يجب على الكاهن أن يعيشها انطلاقاً من خبرته الرعوية اتمنى للجميع التوفيق في حياتهم وعيش عمق الدعوة الكهنوتية فالكهنوت أولاً وقبل كل شيء هو مسؤلية وخدمة كرازية فالكنيسة من طبعها مرسله لتواصل رسالة الرب يسوع المسيح الفادي التي ائتُمنت عليها لتشمل البشرية كافة عاملةً على تقوية حياة الايمان وتنشيط الحياة المسيحية بين ابنائها ومن جهة اخرى تعلن إنجيل المسيح الى جميع الشعوب لغاية واحدة وهي خدمة الانسان باظهار محبة الله في المسيح يسوع الذي اعاد بالصليب الانسان الى كرامته ومعنى وجوده في العالم
الرب يبارككم وصلوا من أجلي
ابونا انطونيوس مقارابراهيم