تعليق على انجيل الاحد الخامس من بابة

يوحنا 6\\ 1 –  15

معجزة الخبز والسمكتين

للاب هاني باخوم

 

 

"من اين نشتري خبزا ليأكل هؤلاء؟" هذا هو السؤال الذي يطرحه يسوع على فيلُبس عندما راى الجموع الكثيرة التي كانت تستمع اليه. يقول الانجيل ان المسيح سأل هذا السؤال لفيلبس ليمتحنه لانه كان يعرف ماذا سيصنع.

هذا الانجيل غني بالمعاني والتفسيرات ولكن هناك شىء واحد اريد التوقف عنده: هذا الامتحان لفيلُبس.

 كثيرة هي الجموع والمسيح يشعر بانه يجب عليه اطعامهم، اشباع احتياجاتهم. وبدلاً من ان يبدأ المسيح بفعل المعجزة مباشرة كي يطعم الجموع يسأل فيلُبس: "من اين نشتري خبزا ليأكل هؤلاء؟". وفيلُبس يرد على المسيح ويقول: وان اشترينا خبزاً بمائتي دينار فلن يكفيهم. وان فعلنا كل ما نستطيع بل اكثر فلا نقدر ان نسد هذا الاحتياج. مائتي دينار مبلغ كبير، فأجرة العامل اليومية في ذلك الوقت هو دينار. وان فعلنا هذا، فلن يكفي، الواقع اكبر بكثير مما نستطيع ان نفعل، هكذا يقول فيلُبس. يرى الاحتياج، يرى ما يجب ان يتمَّ، ولكنه يرى ايضاً عدم امكانيته هو ومن معه لسد هذا الاحتياج. فيلبس اجاب بالصواب فهو يعي امكانياته ومقدرته هو ومن معه ويرى انه من المستحيل ان يطعم هؤلاء الجموع. فيلٌبس يعرف من هو وما يستطيع ان يفعل؟ لكن ما لا يعرفه من هو مع المسيح؟ ماذا يستطيع ان يفعل مع المسيح؟ نعم هذا لا يعرفه.

انجيل اليوم، هو خبر مفرح، لكل من يجد نفسه امام صعاب الحياة عاجز عن اشباع الاحتياجات التي تطلب منه في رسالته، في عمله، في عائلته، ويجد هذا السؤال باستمرار يوجه له؟ ماذا ستفعل امام كل هذا؟ ماذا ستفعل امام عدم الضمان؟ امام الظلم المستمر؟ امام المرض؟ امام الوحدة والعجز؟ امام الموت؟ امام هذا الواقع الذي كثيراً ما يغمرك؟ اي يسمع نفس سؤال المسيح لفيلُبس: "من اين نشتري خبزا ليأكل هؤلاء؟"

ويجد نفسه مثل فيلُبس غير قادر على فعل اي شىء. هذا الانجيل يُظهر ان الذي سيفعل هو المسيح. ان التلاميذ مع المسيح هم قادرون على صنع المعجزات. ان هذه القدرة، قدرة اشباع الجموع، اعطاء الحياة لغيرهم، ممنوحة ايضاً لهم بقدر التصاقهم بالمسيح. يكفي ان يعطوه ما لديهم وان كان قليلا، خمسة ارغفة وسمكتين. وان كان ليس لهم بل لطفل صغير. يكفي ان لا يتشككوا مما لديهم. يكفي ان يقدموا ما يمتلكه الشعب للمسيح ويتسلموا منه ما يشبع الشعب .

 

علامة للافخارستيا، للقداس، حيث الكاهن يأخذ ما يقدمه الشعب من طلبات من تقدمات، من خبز وخمر، ويقدمه للمسيح، ويأخذ منه جسد ودم قادر على اشباع احتياج الانسان الحقيقي. اشباعه من جوعه للحياة الابدية، لجوعه ولعطشه للحصول على طبيعة جديدة، طبيعة ابناء الله.

فلا نتشكك من واقعنا ومن ضعفنا ومن عدم قدرتنا في اغلب الاوقات، او من واقع ممن يحيط بنا وضعفه، فقوتنا تنبع من مدى التصاقنا وارتباطنا بالمسيح، وعمل ما يقوله هو لنا.

احد مبارك.