تحديد الموقف من الله

تحديد الموقف من الله

عظة ومجموعة أفكار للأحد الأول من توت

للأب بولس جرس

أولاً: قراءات القداس
البولس:1 تيموثاوس 1 : 12 – 19

فصل من رسالة القديس بولس الرسول إلى تلميذه تيموثاوس.بركتهما تكون مع جميعنا، آمين.
12    وأنا أشكر المسيح يسوع ربنا الذي قواني ، أنه حسبني أمينا ، إذ جعلني للخدمة
13    أنا الذي كنت قبلا مجدفا ومضطهدا ومفتريا . ولكنني رحمت ، لأني فعلت بجهل في عدم إيمان
14    وتفاضلت نعمة ربنا جدا مع الإيمان والمحبة التي في المسيح يسوع
15    صادقة الكلمة ومستحقة كل قبول:أن المسيح يسوع جاء إلى العالم ليخلص الخطاة الذين أولهم أنا
16    لكنني لهذا رحمت : ليظهر يسوع المسيح في أنا أولا كل أناة ، مثالا للعتيدين أن يؤمنوا به للحياة الأبدية
17    وملك الدهور الذي لا يفنى ولا يرى ، الإله الحكيم وحده ، له الكرامة والمجد إلى دهر الدهور . آمين
18    هذه الوصية أيها الابن تيموثاوس أستودعك إياها حسب النبوات التي سبقت عليك ، لكي تحارب فيها المحاربة الحسنة
19    ولك إيمان وضمير صالح ، الذي إذ رفضه قوم ، انكسرت بهم السفينة من جهة الإيمان أيضا
نعمة ربنا يسوع المسيح فلتكن معكم ومعي يا آبائي وأخوتي، آمين.

الكاثوليكون يعقوب 1 : 22 – 27

الكاثوليكون فصل من رسالة معلمنا يعقوب بركته تكون مع جميعنا،آمين.
22    ولكن كونوا عاملين بالكلمة ، لا سامعين فقط خادعين نفوسكم
23    لأنه إن كان أحد سامعا للكلمة وليس عاملا ، فذاك يشبه رجلا ناظرا وجه خلقته في مرآة
24    فإنه نظر ذاته ومضى ، وللوقت نسي ما هو
25    ولكن من اطلع على الناموس الكامل – ناموس الحرية – وثبت ، وصار ليس سامعا ناسيا بل عاملا بالكلمة ، فهذا يكون مغبوطا في عمله
26    إن كان أحد فيكم يظن أنه دين ، وهو ليس يلجم لسانه ، بل يخدع قلبه ، فديانة هذا باطلة
27    الديانة الطاهرة النقية عند الله الآب هي هذه : افتقاد اليتامى والأرامل في ضيقتهم ، وحفظ الإنسان نفسه بلا دنس من العالم.
لا تحبوا العالم ولا الأشياء التي في العالم؛
لأن العالم يمضي وشهوته. أما الذي يصنع إرادة الله فيثبت إلى الأبد آمين.

الإبركسيس اعمال 13 : 25 – 33

فصل من اعمال آبائنأ الرسل الأطهار الحواريين المشمولين بنعمة الروح القدس،،بركتهم تكون معنا. آمين.
25    ولما صار يوحنا يكمل سعيه جعل يقول : من تظنون أني أنا ؟ لست أنا إياه ، لكن هوذا يأتي بعدي الذي لست مستحقا أن أحل حذاء قدميه
26    أيها الرجال الإخوة بني جنس إبراهيم ، والذين بينكم يتقون الله ، إليكم أرسلت كلمة هذا الخلاص
27    لأن الساكنين في أورشليم ورؤساءهم لم يعرفوا هذا . وأقوال الأنبياء التي تقرأ كل سبت تمموها ، إذ حكموا عليه
28    ومع أنهم لم يجدوا علة واحدة للموت طلبوا من بيلاطس أن يقتل
29    ولما تمموا كل ما كتب عنه ، أنزلوه عن الخشبة ووضعوه في قبر
30    ولكن الله أقامه من الأموات
31    وظهر أياما كثيرة للذين صعدوا معه من الجليل إلى أورشليم ، الذين هم شهوده عند الشعب
32    ونحن نبشركم بالموعد الذي صار لآبائنا
33    إن الله قد أكمل هذا لنا نحن أولادهم ، إذ أقام يسوع كما هو مكتوب أيضا في المزمور الثاني : أنت ابني ، أنا اليوم ولدتك.
لم تزل كلمة الرب تنمو وتعتز وتثبت في كنيسة الله المقدسة.آمين.

المزمور 31 :

من تراتيل مزامير معلمنا داود النبي والملك بركاته على جميعنا آمين
19    ما أعظم جودك الذي ذخرته لخائفيك ، وفعلته للمتكلين عليك تجاه بني البشر. هليلويا
الإنجيل المقدس من بشارة لوقا 7 : 28 – 37
مبارك الآتي باسم ربنا وإلهنا وملكنا يسوع المسيح ابن الله الحي الذي له المجد الدائم . إلى الأبد آمين
28    لأني أقول لكم : إنه بين المولودين من النساء ليس نبي أعظم من يوحنا المعمدان ، ولكن الأصغر في ملكوت الله أعظم منه
29    وجميع الشعب إذ سمعوا والعشارون برروا الله معتمدين بمعمودية يوحنا
30    وأما الفريسيون والناموسيون فرفضوا مشورة الله من جهة أنفسهم ، غير معتمدين منه
31    ثم قال الرب : فبمن أشبه أناس هذا الجيل ؟ وماذا يشبهون
32    يشبهون أولادا جالسين في السوق ينادون بعضهم بعضا ويقولون : زمرنا لكم فلم ترقصوا . نحنا لكم فلم تبكوا
33    لأنه جاء يوحنا المعمدان لا يأكل خبزا ولا يشرب خمرا ، فتقولون : به شيطان
34    جاء ابن الإنسان يأكل ويشرب ، فتقولون : هوذا إنسان أكول وشريب خمر ، محب للعشارين والخطاة
35    والحكمة تبررت من جميع بنيها
36    وسأله واحد من الفريسيين أن يأكل معه ، فدخل بيت الفريسي واتكأ
والمجد لله دائماً أبدياً، آمين.

ثانيًا: موضوع القراءات: دعوة لتحديد موقفنا من الله

تطالعنا قراءات اليوم وهو الأحد الأول من السنة الطقسية القبطية بدعوة صريحة مع بداية مشوار السنة الطقسية أن نحدد موقفنا من الله. هل سنقرر السير معه منذ اليوم الأول مع بداية هذا العام؟ أم سنتخلف عن الموكب ونؤجل القرار الحاسم إلى وقت آخر؟ إلى اللحظات الحرجة؟ الموضوع عاجل والقرار يجب ان يكون حاسما مما يذكرنا بموقف إيليا النبي من الشعب ايام آحاب الملك ” إلى متى تعرجون على ألجانبين إن كان البعل هو الله فأتبعوه وإن كان الرب هو الإله فاعبدوه” (ملوك الأول 18: 21).

في قراءة البولس:

يذكر القديس بولس تلميذه الحبيب بأهمية تحديد موقفه من اتباع الرب يسوع بالصبر والإيمان وتحمل الالآم كجندي صالح هدف حياته إرضاء من جنده… ويقدم بولس نفسه نموذجا للتغير الجذري العميق فقد تحول من مجدف مضطهد لمبشر يقاسي العذاب والسلاسل بفرح في سبيل الرب يسوع الذي رحمه ودعاه إليه فتغيرت حياته تغييراً كاملاً.يركز الرسول بولس كثيراً على الموقف الحاسم في حياته “لحظة الإهتداء”، الذي يتناول بعض أطرافه في هذا المقطع: “اشكر الله الذي أعدني أمينا فنصبني للخدمة…كنت مجدافا ومضطهدا وشتاما،  رحمت ليظهر يسـوع المسيح في أولاً كل أناته.”

في قراءة الكاثوليكون:

     يعلمنا يعقوب الرسول أنه لا يجب ان نكتفي بسماع الكلمة فقط بل يجب ان نفعّلها ونعمل بها في حياتنا لتحدث التغيير المطلوب، فتتحول حياتنا من إيمان لفظي سمعي شفوي فقط إلى إيمان حقيقي حياتي فعال يتجلى في القلوب المرتفعة والنفوس المشتعلة بحبه الذي يترجم في محبة القريب  والعطف على الفقير والبعد عن كل فعل شرير في سبيل تقديس حياتنا ومجتمعنا والآخرين.” كونوا عاملين لا سامعين فقط…المهم عند الله ليس كلام الشفاة بل القلوب:أما الديانة الظاهرة والمقبولة عن الله: فهي إفتقاد اليتامي والأرامل في ضيقتهم وصيانة النفس بلا دنس.”

في قراءة الأعمال:

يتحدث بولس في حضرة رفيق جهاده برنابا في مجمع اليهود بأنطاكية بيسيدية عن تاريخ الخلاص موضحين انه مبني على ” الموقف من الله” مبتدئا بابراهيم ليصل الى يوحنا المعمدان… فابراهيم واسحق ويعقوب ويوسف وموسى وداود وشعب العهد القديم جميعهم تغيرت حياتهم جذريا بعد اللقاء مع الله الذي أبرم معهم عهوداً ابدية غيرت مسيرة حياتهم وتاريخ البشرية.في أنطاكية عن إله هذا الشعب اختار آبائنا…لكنه يتوكأ على موقف يوحنا المعمدان الجذري الذي رفض بنقاء شديد وإباء رهيب أن يوضع حتى في مقارنة مع سيده المسيح” من تظنون أني أنا ؟ لست أنا إياه، لكن هوذا يأتي بعدي الذي لست مستحقا أن أحل حذاء قدميه.”وكان لموقفه هذا تتبعات كثيرة عللى حياته ورسالته وشعبه وتاريخ امته بل وتاريخ البشرية أجمع لذا استحق ما قاله عنه يسوع في انجيل اليوم ” ليس في مواليد النساء اعظم من يوحنا”وختم بولس ختاما تطبيقياً إذ يقول لسامعيه أمس وقارئيه اليوم ” ونحن نبشركم بالموعد الذي صار لآبائنا إن الله قد أكمل هذا لنا نحن أولادهم .. أيها الرجال الإخوة بني جنس إبراهيم ، والذين بينكم يتقون الله ، إليكم أرسلت كلمة هذا الخلاص ” فما هو موقفكم وأي قرار ستتخذون ها نحن أيضا قد سمعنا اليوم كلمة الله فما هو موقفنا وما درجة قبولناوتجاوبنا هل نحدد اليوم موقفنا؟

في قراءة المزمـور 30 :23،19

يؤكد المرنّم في المزمور على هذا التغيير الجذري الذي تم في حياة كل من آمن بالرب وتبعه واتقاه، فالله ينصر الأمناء ويخذل  المتكبرين، لذا يطلب داود من المؤمنين “ان يتشجعوا ويقووا قلوبهم” ما أعظم صلاحك الذي ادخرته لمتقيك … أحبوا الرب يا قديسيه: (24)

في قراءة الإنجيل من لوقا 7: 28 – 35

يقدم الرب يسوع عن يوحنا شهادة لم ينطقها إنسان عن إنسان ولم ينلها بشر من الرب… وتكمن عظمة هذا الرجل في تواضعه وطهارة قلبه وصدقه وبره ونسكه وتجرده…يسمع الجمع هذه الشهادة العظيمة من هذا المعلم العظيم عن ذلك النبي العظيم، ينقسم الحضور إلى موقفين أساسيين يوضح كل منهما الموقف من الله:

موقف الكتبة والفريسـيين وعلماء الناموس وكهنة الهيكل:

حكماء المجتمع وعلماءه وقادته الروحيون ، حكماء بحكمة العالم تنقصهم حكمة الله لذلك اضطهدوا يوحنا والأنبياء ويسوع وكانوا خير العارفين بتعاليم الكتاب ومعلمين بها، لكنهم طبقوها بالحرف لا بالقلب ( هذا الشعب يكرمني بشفتيه أما قلبه فبعيد عني ) وهكذا احتقروا مشيئة الله ولم يقبلوا غلى معمودية التوبة وتغيير الحياة مع يوحنا فهم يجدون في كل نبي يخالفهم علة لقتله والقضاء عليه ، جاءهم يوحنا لا يأكل ولا يشرب قالوا به شيطان ، جاءهم يسوع يعيش كواحد منهم فقالوا هذا رجل أكول شريب خمر..

موقف أبناء المكلوت:

لما سمع جميع الشعب والعشارون مجدوا الله واعتمدوا بمعمودية يوحنا: هم في بحث عن الله لا يعرفون الطريق وعندما يسمعون يسوع  نراهم يغييرون حياتهم جذرياً فيتوبون ويعتمدون ويمجدون الله إنهم “يسمعون ويعملون”.
أمام هذين الموقفين يقدم يسوع مثل الصبيان يلهون في السوق ويقولون لرفاقهم: زمرنا لكم فلم ترقصوا ، نحنا لكم فلم تبكوا.معبراً عن موقف الفريسييين ورفاقهم الرافض لنداء الله بجميع صوره وأشكاله وأنواعه، يرفضون يوحنا بتجرده ويسوع ببساطة حياته

قراءات هذا الأحد دعوة لنا أن نحدد موقفنا في بداية هذه السنة الطقسية، إنه يردنا له كليةً:

*    فكلمة الله وجهت إلي بولس فتاب وصار أعظم رسول.
*    وكلمة الله في رسالة يعقوب تتطلب تحولا حقيقياً إذ لا يجب سماعها فقط بل العمل بها.
*    والكلمة في سفر الأعمال  ليست أقوالا نرددها ولا تاريخاً نرويه بل أعمالا نحققها ونحياها.
*    وأخيراً في إنجيل اليوم  طوبى لمن يقبل الكلمة ويسمعها ويعمل بها فهو سيكون أعظم حتى من يوحنا، اعظم مواليد النساء.
إلينا أرسلت كلمة الله فكيف نقبلها؟ تعالوا نحدد اليوم موقفنا من الله، تعالوا نحن ايضا نحيى معه ونعطي للرب مجداً بحياتنا اليومية.

الأب بولس جرس