الاحد الثالث من كيهك

عنوان قراءات اليوم: ميلاد يوحنا بزوغ فجر الامل وإشراقة الرجاء

 

إعداد ناجي كامل – مراسل الموقع – القاهرة

طالعتنا القراءات فى هذا الشهر بسلسلة من الاخبار السعيدة فمن البشارة بيوحنا إلى البشارة بيسوع ولقاء الاثنين الذى اخرج من قلب مريم نشيد القلب و الخلاص وحرك الجنين فى احشاء اليصابات . تعالوا نتأمل اليوم فى قراءات الاحد لاخير من كيهك وما اجملها من قراءات انها تمثل بزوغ فجر الامل وإشراقة الرجاء

* القراءة الاولى : البولس من رسالة رومية 9/6-33

يتناول القديس بولس فى رسالته إلى رومية موضوعا حيويا مازال إلى اليوم يشكل جدلا بين الطوائف البروتستانتية و الكنائس الكنائس الكاثوليكية و الارثوذكسية ألا وهو هل تبرر الانسان بالايمان بالله و التسليم الكامل له ام يتبرر بالاعمال الصالحة ، ويعود فيتناول شخصية ابراهيم ليدعم موقفه ثم يتطرق إلى بنى ابراهيم إسحق و يعقوب وعيسو ليثبت ان مواعيد الله و محبته واعماله المجيدة لا تتوقف على صلاح الانسان وبره بل على اختيار الله "فليس الامر اذن لمن يشاء ولا لمن يسعى، بل الله الذى يرحم " إلى ان ايماننا الكاثوليكى ليس عن إستحقاق او جدارة ولا لآجل اعمالنا الصالحة بل هو دعوة و اختيار و بركة.

 

* القراءة الثانية : الكاثوليكون من رسالة القديس يوحنا الاولى 2/27 إلى 3/3

يؤكد ما جاء بالرسالة  عن مسالة الدعوة و المسحة المقدسة التى نلناها كمسيحيين حتى صرنا ابناء الله وذلك يجب ان نؤكده باعمال البر لتظهر محبتنا لمن احبنا لان مصيرنا سيكون مثله فى المجد شكلا و موضوعا.

 

* القراءة الثالثة : الابركسيس  من سفر اعمال الرسل 7/8-17

يحدثنا سفر الاعمال فى هذه القراءة عن ابراهيم و اسحق ويعقوب ويوسف واخوته الذين حسدوه وباعوه فاقامه الله مدبرا وكان الله معه وخلصه من جميع مضايقيه وكلما كان يقترب زمان الوعد كان الشعب يكثر ،هذا يؤكد وعود الله الصادقة التى لا تنسى من جيل إلى جيل عبر ابراهيم واسحق ويعقوب ويوسف والشعب . كما يؤكد ارتباط ابناء الله بمواعيده و انتظارهم الملتهف لتحقيقها.

* القراءة الرابعة : المزمور 76/2-3 

"يا جالسا على الكاروبيم (الشاروبيم)  : معنى الكاروب :كيروب ،اى الفرس المجنح بستة اجنحة

تجل: اى إظهر بمجدك

قدام إفرائيم وبنيامين ومنسى : اجيال من إسرئيل إخوة يوسف واولاده

هلم لخلاصنا ياالله : صرخة الشعب عبر كل الاجيال إلى اليوم

انر بوجهك فنخلص"  : يكفى ان نراه كى تطمئن قلوبنا .

* القراءة الخامسة  : الانجيل من لوقا 1/57- 80   

تابعنا سيرة لوقا الذى تتبع بتدقيق كل شئ من اصوله حسب الترتيب الصحيح تاملنا فى الاحد الاول من كيهك بشارة الملاك لزكريا واتبعناه ببشارة الملاك جبرائيل لعذراء الناصرة وعشنا فى الاحد الماضى زيارة مريم لاليصابات ولقاء غير منظور بين يوحنا والمسيح وفيض من الروح القدس اعطى البشرية نشيد مريم الخالد ، نشيد الكنيسة ، نشيد العذراء.

تعالوا اليوم نعيش القسم الاخير من الفصل الاول لهذا الكاتب الملهم والمدعم من الروح القدس يحدثنا عن ميلاد يوحنا المعمدان "اعظم مواليد النساء "حسب تعبير يسوع المسيح نفسه.

* اما اليصابات : العجوز العاقر زوجة زكريا التى حملت بمعجزة إلهية

* ولدت ابنا : اعطيت حسب مواعيد الله ما سبق ووعد به برغم استحالة

   تحقيقها بشريا .تمت المواعيد برغم صعوبات ومخاطر الحمل فى هذه السن إلا ان عمل الله يتم ويسند ضعف البشر الذين ينالون المواعيد ويحفظون  كلمته و يستظلون بالروح القدس و لاننسى ان مريم هناك حيث ذهبت واليصابات فى شهرها السادس وظلت عندها ثلاثة اشهر اى إلى الشهر  التاسع حيث اتمت حملها لتلد ابنها الموعود به و المبشر به من الرب.

* عظم الرب رحمته لها: ليس عن استحقاق أو قدرة شخصية كما فى الرسالة والقراءات انما حسب رحمة الله واختياره ودعوته  وتخطيطه.

* سمع جيرانها واقاربها : عرفنا ان اليصابات قد اختبأت لخمسة اشهر "هكذا صنع الرب بى لينزع عارى بين الناس " لوقا 1/25، وها هم قد سمعوا بالحبل و الولادة و المعجزة فجاؤا ليفرحوا معها و يعظموا الرب على معجزاته.

* وارادوا ان يسموه زكريا : من العادات المحببة لدى العائلات الكبرى توارث الاسماء وهذا ليس بغريب فى الشرق .. لكن الهدف هنا مختلف فليس الامر مجرد اختيار اسم للطفل فليس هذا الطفل طفلا عاديا .. لقد سبق الملاك و سما الطفل قبل ان يحبل به فى البطن" ستلد إمرائتك اليصابات ابنا تسميه يوحنا "

* ليس الامر مجالا للمجاملة وليس هذا الطفل استكمالا لسلالة زكريا ،انه بداية سلالة جديدة انه يوحنا الذى سيتقدم امام الرب بروح إيليا وقوته …انه اعظم  مواليد النساء انه حنان الله الذى ذكررحمته …وحيث ان زكريا معاقب  بالصمت فقد انعقد لسانه بعد رؤية الملاك ..آن الآوان لهذا اللسان ان ينطق  فى تسبحة عذبه تنشدها الكنيسة فى صلوات الساعات يوميا ..

* وتحدث الناس ما عسى ان يكون هذا الطفل "تعجب وحيرة و انبهارو خوف!

 ملاحظات على وجود الانسان فى حضرة الله حيث لا يستطيع عقلها المحدود ان  يدرك ويستوعب تلك المقاييس فيفيض بالتساؤل و ينتشر الكلام ويصمت الناس إلى حين "يحفظها فى قلبه " دعنا ننظر لنرى…

 

نشيد زكريا :

* وإمتلأ ابوه زكريا من الروح القدس : آلم نقل اننا فى حضرة الله وإن هذه

  العائلة قد تقدست بالكامل بحلول الروح القدس تقدست الام لدى دخول مريم  فامتلآت اليصابات من الروح القدس،تقدس يوحنا وهو فى بطن امه: تحرك الجنين وارتكض بتهليل فى بطنها ،وتقدس زكريا ابوه: وإمتلأ ابوه زكريا من الروح القدس.

* فتنبأ وقال: الروح القدس هومصدر كل نبؤة ووحى وإلهام

* تبارك الرب إله إسرائيل :هذه تسبحة الانبياء والكهنة وكل الشعب وقد

   تكررت فى الكتاب المقدس الآف المرات فى كلا العهدين.

* تفقد: فعل مقصور إستخدامه فى الكتاب المقدس على الله وحده فهو الآب

  القادر على الافتقاد بقصد الرعاية والحماية و العناية.

*إفتدى شعبه : تفقد فى المضارع بمعنى الحضور وإفتدى فى الماضى بمعنى  تمام الخلاص فمجرد حضور الله فى وسط شعبه كما فى العديد من المزامير يعنى خلاص البار وهلاك الشرير وإنقاذ البرئ وإبادة الشر وانتصار الخير.

*فاقام لنا مخلصا قديرا: فاقام فى الماضى بمعنى إتمام الفعل ،مخلصا :تطلق على يسوع وحده وهو الذى اشار اليه يوحنا ابن زكريا "هوذا حمل الله الذى يحمل (يخلص) خطيئة العالم والله وحده هو المخلص و ليس باحد غيره الخلاص ، وقد قام المخلص فى وسط شعبه.

* فى بيت داود عبده: ليس زكريا من بيت داود ولا اليصابات انهما من اسباط الكهنوت وليس لهم علاقة بسبط يهوذا ابو يسى ابوداود ابو المخلص.. ولكن الكاهن يعرف ان الخلاص ياتى من إسرئيل من يهوذا ويخرج من جزع يسى (كما تنبأاشعيا) وقد درس الكتاب المقدس وحفظ اقوال الأنبياء عن المخلص وها هو بالروح القدس يلتمس حلوله فى العالم ..زكريا لا يتكلم عن ولده وفلذة كبده وفرحة شيخوخته، زكريا ينشد لطفل لم يولد بعد ، يالك من عظيم ايها الكاهن يا كاهن العلى يا ابا اعظم مواليد النساء .. طوبى لك يا زكريا.

* خلاصا من اعدائنا و من ايدى جميع مبغضينا:لا نريد ان نتصور الامر

   كمعركة عسكرية من معارك يشوع بن نون او داوؤد، إنها معركة من     نوع اخر، "معركتنا ليس ضد لحم ودم"انها المعركة الازلية منذ الدهر معركة الخير والشر معركة ضد رئيس هذا العالم لن يستطيع ان يحسمها سوى رئيس  وسلطان عالم النور الذى وحده يقدر ان يحقق النصر على جميع مبغضينا و "يخلصنا" من جميع اعدائنا … يسوع .

 * رحمة لابائنا وذكرا لعهده المقدس و للقسم الذى اقسمه لابراهيم ابينا:

   افتكاره رحمة .. هكذا نقول ..ونتذكروعوده ولم ينسى شعبه الجالس فى

   الظلمة وظل الموت فنزل وافتقده كعظيم رحمته وصدق عهوده التى وأن

   تأخرت وتأتى و لن تخيب ابدا.

* حتى نعبده غير خائفين فى قداسة وتقوى: ليس النصر المحقق هنا بغرض  التباهى ولا فرض السيطرة على عدو كثيرا ما يذلنا وارعبنا واسقطنا فى الوحل ومرغ كرامتنا فى التراب وفصلنا عن مصدر قوتنا وجعلنا نختبئ فزعين "سمعت صوتك فاختبأت " النصر هنا للسلام والامان النصر هنا للفرح والقداسة والبر والعدل …انه نصر ابناء الله على قوى الشر.

* وانت ايها الطفل: اخيرا يتذكر زكريا ابنه ،فقد كان القسم الاول عن ابن

   آخر"ابن الله" الذى فى بطن مريم ..اما ابنه فيتوجه اليه بصيغه المخاطب "انت" .

* نبى العلى تدعى: هذه هى رسالتك فى الحياه وتلك هى دعوتك فيا لعظم

   الشرف الذى نلته .

* لانك تتقدم الرب لتهئ الطريق له: ألم يخبرك الملاك" سيسير امامه بروح ايليا وقوته ..يهئ للرب شعبا مبررا" .

* وتعلم شعبه ان الخلاص فى غفران الخطايا :هكذا فعل يوحنا فى البرية فكان يتقدم اليه الشعب قائلين له"ماذا نفعل لنخلص من خطايانا؟" فكان يقول لهم"توبوا واعتمدوا" وكان زكريا قد طوى الزمان فأخبر بما نال الشعب من وعود من عهد ابراهيم ثم انطلق إلى المستقبل ليرى ابنه يعمد فى البرية ويقبل إليه الشعب بجميع فئاته ..فيعدهم بمجئ الآتى "يأتى بعدى من كان قبلى من هو اعظم منى انا اعمدكم بماء اما هو فبالروح القدس و النار" .

 * لأن إلهنا رحيم روؤف يفتقدنا مشرقا من العلى : يعود إلى تسبيح الله وقد  رسم طريق إبنه الوليد فى كلمات تعبر عن حياته ودعوته و رسالته …ومن خلالها يستطيع ان يتذوق رحمة الله ورأفته وحبه وحنانه الذى جعله ينزل من العلاء إلى الارض المظلمة النفس فيشرق فيها نورا جديدا وشمسا لا تعرف مغيبا.

* ويهدى خطانا إلى طريق السلام : هذه الكلمات الوجيزة ايضا هى تلخيص

   لرسالة الانجيل، فالانجيل وحياة يسوع وبشارته والآمه وموته وقيامته وكل كلمة من كلماته انما هى نور " كلمتك مصباح لخطاى ونور لسبيلى " على هوى تلك الكلمات سارت البشرية وتقدمت من جيل إلى جيل ومازالت كلماته نور وحياه تشرق فى ظلمة العالم وتهدى ذوى الارادة الصالحة إلى طريق  السلام . 

رسالة اليوم:أيها الجلوس فى الظلمة، أيها الاسرى فى ظلال الموت ،باركوا الرب فقد اقام لكم مخلصا كما وعد من قديم الزمان اعبدوه ببر وقداسة وتقوى وتوبواعن خطاياكم فتخلصون وإلى طريق الراحة والسلام تصلون.

الاب / بولس جرس