في اجتماع شباب الايبارشية البطريركية
الدستور كلمة فارسية الأصل تعني (الأساس أو القاعدة) و هي تحمل نفس المعنى في اللغة العربية. دستور الدولة هو بطاقة هويتها والأساس أو الشكل العام الذي ينظم سياساتها المجتمعية وأسلوب حكمها من حيث (شكل الدولة – نظام الحكم – السلطة التشريعية – السلطة التنفيذية).
– أول محاولة لإنشاء دستور في مصر كانت عام 1882 لكنها لم تكن محاولة ناجحة لأن الدولة كانت تحت الاحتلال البريطاني وبلا حاكم حقيقي، والدولة المُستَعمَرة لا حقّ لها في دستور ينظم شكلها بعيداً عن نظام الدولة المُستعمِرة لها.
– أول دستور حقيقي لمصر كان عام 1923 على عهد الملك فؤاد الأول، تلاه دستور 1956 بعد قيام ثورة يوليو، ثم دستور 1971 بعد ثورة التصحيح ثم تعديل دستوري عام 1980 بشأن مصادر التشريع.
نختص في الحديث بدراسة مراحل تغيير الدستور المصري بشأن الاعتقاد الديني و وضع الأقليات الدينية في البلاد.
دستور 1923:
مادة 12 ، 13 : تكفل الدولة الحريّة المُطلَقة في الاعتقاد.
كانت المادتان السالف ذكرهما تلخصان وضع الدين في الدولة بأنه حرية اعتقاد شخصي ولكن لا دخل له في شكل الدولة أو تشريعاتها مما حفظ الشكل العلماني للدولة، وهذا كان الوضع المميّز للدين حيث يكون كأمر شخصي (حقوقي) بين كل إنسان و ذاته.
دستور 1956:
مادة 3 : الإسلام دين الدولة و اللغة العربية لغتها الرسمية.
يبدو واضحاً هنا بداية حالة التمييز الديني وذلك بجعل دين الأغلبية هو دين الدولة بصرف النظر عن وجود أقليات تعتنق ديانات أخرى – مثل المسيحيين و اليهود وقتها – وإن كانت النزعة الطائفية قد غُرِست في أذهان العامة ولم تكن قد عرفت طريقها بعد بقوة في التعاملات المجتمعية ويُلاحظ أن وجود هذه المادة كان غرضه إضفاء نزعة القومية العربية على مصر. إلا أن الأخطر بدأ بعد الحقبة الناصرية.
دستور 1971: (ثورة التصحيح و التخلُّص من مراكز القوى).
مادة 2 : الإسلام دين الدولة و اللغة العربية هي اللغة الرسمية و الشريعة الإسلامية (مصدر) للتشريع.
من هنا بدأ المدّ الديني للدولة ولكن على استحياء حيث أصبحت الشريعة الإسلامية مصدر من بين مصادر أخرى للتشريع.
تعديل دستوري 1980:
مادة 2 : الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الإسلامية (مصدر رئيسي) للتشريع.
عندها عَلَتْ النبرة الدينية وازدادت تدخلاً في التشريع وإن كانت العبارة مطاطة (مصدر رئيسي) – ولكنه ليس الوحيد – إلا أنها أضفت مزيداً من الصلاحيات للشريعة الإسلامية، لأنه كونها مصدر رئيسي للتشريع فهذا يعني أنه لا مجال لأي قانون مهما كان ضرورياً إذا اختلف مع الشريعة الإسلامية.
ويضيف أ. يوسف فايز أنه قد تم إجراء استفتاء على هذا التعديل – مما يوضح قيمة التصويت الانتخابي الذي يهمله المسيحيين غالباً فيما عدا المهتمين بالسياسة أو المشتغلين بها منهم – و صاحب هذه المرحلة من تاريخ مصر حالة فوضى شعبية عارمة و بداية للإحتقان الطائفي.
مرحلة إضافة مبدأ المواطنة كمادة أولى بالدستور المصري:
لتلافي التصادم مع الجهات الحقوقية الدولية تم إضافة مبدأ المواطنة كمادة أولى في الدستور و بذلك أصبحت سابقة على مادة دين الدولة مادة 2. إلا أن تفعيلها مازال يواجه مشكلات فكرية و اجتماعية مما نشهدها هذه الأيام.
بنبذة عن تاريخ الدستور المصري