البابا يطلب من مؤسسة السنة المئة للحبر الأعظم دعم الدراسات الإسلامية

مقابلة مع رئيس هذه المؤسسة

بقلم كوستانتينو كوروس

روما، الجمعة 05 فبراير 2010 (Zenit.org) – يؤكد الرئيس الجديد لمؤسسة "السنة المئة للحبر الأعظم" على أن بندكتس السادس عشر طلب منهم دعم الدراسات الإسلامية والعربية.

نقلت وكالة زينيت عن دومينغو سوغرانييس بيكيل قوله بأن هذا هو أحد المشاريع التي ستلتزم بها مؤسسته فيما تستمر في تعزيز فهم أفضل للعقيدة الاجتماعية للكنيسة الكاثوليكية.

ولد سوغرانييس في فرايبورغ بسويسرا على الرغم من أن عائلته إسبانية. تولى لفترة رئاسة الاتحاد المسيحي الدولي لرجال الأعمال الذي تعود عضويته فيه إلى سنة 1969.

بدأ يعمل لشركة التأمين الإسبانية MAPFRE سنة 1981 وسرعان ما أصبح نائب الرئيس التنفيذي. على الرغم من أن سوغرانييس تقاعد من منصبه التنفيذي سنة 2007، إلا أنه مستمر في الخدمة في مجلس إدارة هذه الشركة وغيرها من المنظمات.

في هذه المقابلة التي أجرتها زينيت معه، يتحدث الرئيس الجديد الذي انتخب في نوفمبر الفائت، عن عمل المؤسسة على حمل العقيدة الاجتماعية الكاثوليكية إلى عالم الأعمال.

زينيت: ما الذي يمكن فعله لكي تصبح العقيدة الاجتماعية للكنيسة مرجعاً لعالم الاقتصاد والمال؟

سوغرانييس: لحسن الحظ أن العقيدة الاجتماعية للكنيسة ليست كتاب وصفات بل مصدر تأمل وإلهام.

في المقام الأول، تطلب نصوص التعليم من العاملين في الاقتصاد بذل جهود شخصية في تغيير طريقة النظر إلى أهداف أعمالهم وأساليبها. إنها دعوة لكي تخاطب الرسائل العامة المؤمنين و"كل أصحاب النوايا الحسنة".

ولا توجد طرق مختصرة تتيح للمرء "تطبيق" العقيدة الاجتماعية من دون سلك هذا المسار الشخصي الطويل.

في هذا الصدد، ستستمر مؤسسة "السنة المئة للحبر الأعظم" بالإسهام في جهود النشر والمناقشة الأساسية لزيادة تأثير العقيدة الاجتماعية في البيئات الاقتصادية.

حالياً، تنعم كلمة الأب الاقدس في المسائل الاقتصادية والاجتماعية بسلطة تأثير كبيرة لأنه يسلط الضوء بلا كلل على محورية الإنسان وعظمة العمل المشترك للمصلحة العامة – وهو تفكير بعيد جداً عن رؤية الاقتصاد الميكانيكية أو الحتمية، تفكير يتوافق اليوم مع تطلعات المجتمع الكبيرة ويؤكد الاستنتاجات التجريبية للعديد من علماء الاقتصاد.

لذلك، فإن الإجابة عن سؤالك بسيطة: لا بد من الكشف عن "الكنز الخفي" للعقيدة الاجتماعية ومناقشته ضمن جماعات قادة اقتصاديين لاستقاء استنتاجات نظرية وعملية من دراسته. هذا ما تسعى المؤسسة إلى فعله.

زينيت: كيف تعمل مؤسسة "السنة المئة للحبر الأعظم" – بأعضائها الخمسمئة المتواجدين في اثني عشر بلداً – على توعية رجال الأعمال؟

سوغرانييس: إننا نسعى أولاً إلى زيادة عدد الأعضاء والتوسع إلى بلدان أخرى.

في سبيل إقناع رجال الأعمال، من الضروري أن نشاطرهم مخاوفهم. هنا، تعطينا الرسالة العامة "المحبة في الحقيقة" بعض الإرشادات المهمة حول دور المبادرة التي لم تحددها فقط الرغبة في كسب على المدى القصير (يختلف منطق رجل الأعمال عن منطق المستثمر السلبي) والتي لا بد من تنميتها اليوم بتطلعات جديدة وأبعاد جديدة للمصلحة العامة التي تجتمع فيها "قوانين" السوق والسياسة.

بغية فهم هذه الإرشادات بعمق وترجمتها إلى ديناميكيات اقتصادية ملموسة، نعتمد من جهة على مرشدينا الروحيين، ومن جهة أخرى على مجموعة دولية من علماء كبار مجتمعين في لجنة علمية يرأسها عالم اقتصاد إيطالي رفيع المستوى هو الأستاذ كوادريو كورتزيو ، نائب رئيس الأكاديمية اللينسيانية الوطنية. ويتم الكشف عن أعمالها في مؤتمرات دولية للمؤسسة، وفي العديد من الأحداث التي ينظمها الأعضاء على الصعيدين الوطني أو المحلي.

زينيت: تعتبر تنشئة الضمائر وفقاً لمنظور مسيحي مهمة أساسية تنجزها المؤسسة منذ نشأتها. ما هي البرامج والأهداف التي ترغبون في تحقيقها في هذا المجال خلال فترة رئاستكم؟

سوغرانييس: يتحمل أعضاء المؤسسة مسؤولية تنشئة أنفسهم في العقيدة الاجتماعية للكنيسة.

يمكنهم القيام بذلك في إيطاليا ضمن دروس تنظمها المؤسسة بالاشتراك مع جامعة اللاتران الحبرية. وتوجد في بلدان أخرى مؤسسات تقدم هذا النوع من التنشئة، وتخطط المؤسسة لوضع اتفاقيات معها خلال السنوات القليلة المقبلة لإنشاء شبكة من المراكز التربوية ووضعها تحت تصرف الأعضاء.

هذه الغاية تخدمها أيضاً اجتماعات منتظمة للأعضاء مع المساعدين الروحيين الذين تعينهم المجالس الأسقفية في مختلف البلدان.

إضافة إلى التنشئة النظرية، تسعى المؤسسة إلى تحقيق هدف ملموس يتمثل في جمع التبرعات لدعم المساعي والمؤسسات التي يختارها الأب الأقدس أو يضعها تحت رعايتنا. هكذا ينشأ واجب الالتزام لدى الأعضاء.

زينيت: ما هي المجالات الأخرى التي ستهتمون بها؟

سوغرانييس: بإشارة واضحة من الأب الأقدس بشخص رئيس إدارة إرث الكرسي الرسولي، الكاردينال أتيليو نيكورا، الذي يعتبر مرجع المؤسسة، سنسعى إلى دعم مؤسسة فاتيكانية أخرى هي المعهد الحبري للدراسات الإسلامية والعربية.

إنه معهد ذات أهمية أكاديمية عالية يعدّ علمانيين ورهبان للتعرف إلى العالم العربي والإسلام وفهمهما. نشأ المعهد الحبري للدراسات الإسلامية والعربية قبل أكثر من 100 سنة ويحظى بالاحترام في البيئات المسلمة. وقد طلب إلينا مساعدة مدرائه على تحديث منشآته وتقديم منح دراسية.

وهكذا نقترب من مجال ذات أهمية كبرى في العالم المعاصر: الحوار بين الأديان حول مسائل متعلقة بالأخلاقيات الاقتصادية والاجتماعية.

زينيت: يذكّر التقرير الأول الذي نشره مرصد الكاردينال فان توان الدولي حول العقيدة الاجتماعية للكنيسة في العالم، بالمبادرات العديدة لنشر خلاصة هذا التعليم. لقد نشأت مؤسسة "السنة المئة للحبر الأعظم" لهذه الغاية تحديداً. هل يمكنكم إيضاح مبادرات المؤسسة والتزاماتها في هذا المجال؟

سوغرانييس: تتجه كل جهودنا نحو جعل العقيدة معروفة وحث خبراء الاقتصاد والأخلاقيات الاجتماعية على التفكير مع أعضائنا لاستقاء التزام متجدد.

إلا أننا لا نعمل وحدنا! لحسن الحظ أن هناك العديد من المبادرات في العالم التي تعمل في هذا المجال عينه. ولا بد من فعل الكثير سعياً وراء التنمية الناتجة عن خبرات متنوعة مماثلة