كشفته للأطفال الصغار
إختيار الله واختيارات البشر
الأب بولس جرس
أولاً: قراءات القداس
البولس: 2 تيموثاوس 1 : 12 – 2 : 10
فصل من رسالة القديس بولس الرسول إلى تلميذه تيموثاوس.بركتهما تكون مع جميعنا، آمين
2 تيموثاوس 1 : 12 – 2 : 10
12 لهذا السبب أحتمل هذه الأمور أيضا . لكنني لست أخجل ، لأنني عالم بمن آمنت ، وموقن أنه قادر أن يحفظ وديعتي إلى ذلك اليوم
13 تمسك بصورة الكلام الصحيح الذي سمعته مني ، في الإيمان والمحبة التي في المسيح يسوع
14 احفظ الوديعة الصالحة بالروح القدس الساكن فينا
15 أنت تعلم هذا أن جميع الذين في أسيا ارتدوا عني ، الذين منهم فيجلس وهرموجانس
16 ليعط الرب رحمة لبيت أنيسيفورس ، لأنه مرارا كثيرة أراحني ولم يخجل بسلسلتي
17 بل لما كان في رومية ، طلبني بأوفر اجتهاد فوجدني
18 ليعطه الرب أن يجد رحمة من الرب في ذلك اليوم . وكل ما كان يخدم في أفسس أنت تعرفه جيدا
1 فتقو أنت يا ابني بالنعمة التي في المسيح يسوع
2 وما سمعته مني بشهود كثيرين ، أودعه أناسا أمناء ، يكونون أكفاء أن يعلموا آخرين أيضا
3 فاشترك أنت في احتمال المشقات كجندي صالح ليسوع المسيح
4 ليس أحد وهو يتجند يرتبك بأعمال الحياة لكي يرضي من جنده
5 وأيضا إن كان أحد يجاهد ، لا يكلل إن لم يجاهد قانونيا
6 يجب أن الحراث الذي يتعب ، يشترك هو أولا في الأثمار
7 افهم ما أقول . فليعطك الرب فهما في كل شيء
8 اذكر يسوع المسيح المقام من الأموات ، من نسل داود بحسب إنجيلي
9 الذي فيه أحتمل المشقات حتى القيود كمذنب . لكن كلمة الله لا تقيد
10 لأجل ذلك أنا أصبر على كل شيء لأجل المختارين ، لكي يحصلوا هم أيضا على الخلاص الذي في المسيح يسوع ، مع مجد أبدي
نعمة ربنا يسوع المسيح فلتكن معكم ومعي، يا آبائي وأخوتي،آمين.
الكاثوليكون: يعقوب 2 : 5 – 13
فصل من رسالة معلمنا يعقوب .بركته تكون مع جميعنا،آمين.
5 اسمعوا يا إخوتي الأحباء : أما اختار الله فقراء هذا العالم أغنياء في الإيمان ، وورثة الملكوت الذي وعد به الذين يحبونه
6 وأما أنتم فأهنتم الفقير . أليس الأغنياء يتسلطون عليكم وهم يجرونكم إلى المحاكم
7 أما هم يجدفون على الاسم الحسن الذي دعي به عليكم
8 فإن كنتم تكملون الناموس الملوكي حسب الكتاب : تحب قريبك كنفسك . فحسنا تفعلون
9 ولكن إن كنتم تحابون ، تفعلون خطية ، موبخين من الناموس كمتعدين
10 لأن من حفظ كل الناموس ، وإنما عثر في واحدة ، فقد صار مجرما في الكل
11 لأن الذي قال : لا تزن ، قال أيضا : لا تقتل . فإن لم تزن ولكن قتلت ، فقد صرت مديا الناموس
12 هكذا تكلموا وهكذا افعلوا كعتيدين أن تحاكموا بناموس الحرية
13 لأن الحكم هو بلا رحمة لمن لم يعمل رحمة ، والرحمة تفتخر على الحكم
لا تحبوا العالم ولا الأشياء التي في العالم؛ لأن العالم يمضي وشهوته. أما الذي يصنع إرادة الله فيثبت إلى الأبد.آمين.
الإبركسيس اعمال 11 : 19 – 26
فصل من اعمال آبائنأ الرسل الأطهار الحواريين المشمولين بنعمة الروح القدس،،
بركتهم تكون معنا. آمين.
19 أما الذين تشتتوا من جراء الضيق الذي حصل بسبب استفانوس فاجتازوا إلى فينيقية وقبرس وأنطاكية ، وهم لا يكلمون أحدا بالكلمة إلا اليهود فقط
20 ولكن كان منهم قوم ، وهم رجال قبرسيون وقيروانيون ، الذين لما دخلوا أنطاكية كانوا يخاطبون اليونانيين مبشرين بالرب يسوع
21 وكانت يد الرب معهم ، فآمن عدد كثير ورجعوا إلى الرب
22 فسمع الخبر عنهم في آذان الكنيسة التي في أورشليم ، فأرسلوا برنابا لكي يجتاز إلى أنطاكية
23 الذي لما أتى ورأى نعمة الله فرح ، ووعظ الجميع أن يثبتوا في الرب بعزم القلب
24 لأنه كان رجلا صالحا وممتلئا من الروح القدس والإيمان . فانضم إلى الرب جمع غفير
25 ثم خرج برنابا إلى طرسوس ليطلب شاول . ولما وجده جاء به إلى أنطاكية
26 فحدث أنهما اجتمعا في الكنيسة سنة كاملة وعلما جمعا غفيرا . ودعي التلاميذ مسيحيين في أنطاكية أولا .
لم تزل كلمة الرب تنمو وتعتز وتثبت في كنيسة الله المقدسة. آمين.
المزمور 21 :
من تراتيل مزامير أبينا داود النبي،بركته تكون مع جميعنا، آمين.
1 لإمام المغنين . مزمور لداود . يارب ، بقوتك يفرح الملك ، وبخلاصك كيف لا يبتهج جدا
2 شهوة قلبه أعطيته ، وملتمس شفتيه لم تمنعه . سلاه
قفوا بخوف أمام الله، وانصتوا لسماع الإنجيل المقدس. فصل شريف من بشارة معلمنا لوقا الإنجيلي
بركته تكون مع جميعنا، آمين.
الإنجيل المقدس من بشارة لوقا 10 : 21 – 28
لوقا 10 : 21 – 28
21 وفي تلك الساعة تهلل يسوع بالروح وقال : أحمدك أيها الآب ، رب السماء والأرض ، لأنك أخفيت هذه عن الحكماء والفهماء وأعلنتها للأطفال . نعم أيها الآب ، لأن هكذا صارت المسرة أمامك
22 والتفت إلى تلاميذه وقال : كل شيء قد دفع إلي من أبي . وليس أحد يعرف من هو الابن إلا الآب ، ولا من هو الآب إلا الابن ، ومن أراد الابن أن يعلن له
23 والتفت إلى تلاميذه على انفراد وقال : طوبى للعيون التي تنظر ما تنظرونه
24 لأني أقول لكم : إن أنبياء كثيرين وملوكا أرادوا أن ينظروا ما أنتم تنظرون ولم ينظروا ، وأن يسمعوا ما أنتم تسمعون ولم يسمعوا
25 وإذا ناموسي قام يجربه قائلا : يا معلم ، ماذا أعمل لأرث الحياة الأبدية
26 فقال له : ما هو مكتوب في الناموس . كيف تقرأ
27 فأجاب وقال : تحب الرب إلهك من كل قلبك ، ومن كل نفسك ، ومن كل قدرتك ، ومن كل فكرك ، وقريبك مثل نفسك
28 فقال له : بالصواب أجبت . افعل هذا فتحيا
والمجد لله دائماً أبدياً، آمين.
ثانيًا: موضوع القراءات: إختيار الله واختيارات البشر
كثيراً ما تبدو اختيارات الله مخالفة لمواقفنا وإرادتنا واختياراتنا بل ومناقضة لتوقعاتنا، لكن بتأملنا في قراءات هذا الأحد المبارك وهو الثاني من توت، نستطيع التوصل إلى حقيقة رائعة: إن اختيارات الله مهما بلغت صعوبتها ومهما صاحبها من الألم والمشقة، تظل هي الأفضل دائماً فهي وحدها التي تؤدي إلى الخلاص بمعنى ” أن المر الذي يختاره الله لي خير من الحلو الذي اختاره لنفسي”
في قراءة البولس:
تعتبر وصية من الوصايا الأخيرة والثمينة التي يسلمها أب لابنه مستودعاً إياه خلاصة خبرته الرسولية وكاشفاً له سر الفرح الذي يحيا برغم ما يعاني من اضطهاد وقيود وآلام جسدية ونفسية. فهو مستعد لتحمل كل أنواع الألم دون أن يستحي منها حتى الم القيود وترحيله من بلد إلى بلد مع المجرمين وفاعلي الشر لأنه عارف بمن آمن، وهذه المعرفة تجعله يحتفظ بمعنوياته عالية برغم كل الصعاب والآلام بل ومن خلال هذه المضايق كما يسميها نراه يشجع ويثبت المختارين لينالوا الخلاص ويوجه لهم النصائح الثمينة حتى يصلوا إلى ما وصل إليه من فرح لا يعكر صفوه كدر ويثبت لديهم الإيمان الصادق المتوازن، بروح القوة والمحبة والفطنة. يشجعه علي عدم الخوف والإيمان ليحقق الإنتصار. يريد بولس الرسول الشيخ الأب ان يعطي دفعة الإيمان لابنه وتلميذه الغالي تيموثاوس (منير)، يريد ان يثبته على الثقة والإيمان بالرب (سهر)، يشجعه علي الجهاد الحسن.”أنت يا بني تقوى في نعمة المسيح يسوع، احفظ الوديعة الصالحة وأثبت في الإيمان اشترك في احتمال الآلام كجندي صالح، لا تخجل بالشهادة متكلا علي قدرة الله”.
في قراءة الكاثوليكون:
يحدثنا يعقوب الرسول عن سر الفرح الحقيقي الذي لا يقاس بمقاييس العالم ويقدم بعض المقاييس العالمية الزائفة ويقارنها بمقاييس الإيمان، أما اختار الله فقراء العالم وجعلهم أغنياء بالإيمان وورثة؟ فاختيارات الله مخالفة لاختيارات البشر ومقاييسهم للسعادة والفرح تختلف عن مقاييس الله:
اختار الله الفقراء ونحن نحتقرهم ونفضل عليهم ( الأثرياء)
اختار الله البسطاء ونحن نحابي الوجوه أي نفضل (الأقوياء)
اختار الله ناموس الحرية ونحن نفضل القانون والشريعة
الناموس يستعبد بلا رحمة والله يرحمنا ويغفر لنا
اختار الله الرحمة وجعلها تفتخر وتعلو على الدينونة
الرحمة فوق الدينونة لذلك نصلي ” كرحمتك يا رب وليس كخطايانا “
في قراءة الأعمال:
يحكي القديس لوقا عن الاضطهاد والمضايقات التي قابلت اليهود الذين آمنوا بالرب يسوع وكيف اضطروا إلى ترك منازلهم وبلادهم بسبب إيمانهم ” تبددوا من الضيق”… لكنهم “إجتازوا”، فالله كما عودنا دائما يخرج من الظلمة نوراً ومن الشدة والضيق فرحا لا يوصف أخرج من هذا الاضطهاد كنيسة جديدة قوية وعتيدة فكأن اضطهاد المؤمنين في كنيسة اورشليم يولد من جنبها من الدم الذي سال من شهدائها، كنيسة جديدة انتصارا وفرحاً تعالوا لنرى: في هذا البلد حيث فر المؤمنون الأولون سمي اتباع المسيح ب “المسيحيين”
اجتازوا إلى بلاد أخرى” أنطاكية”
اخذوا يكلمون إخوتهم من اليهود الساكنين هناك
تكلموا أيضا إلى اليونانيين عن يسوع وبشروهم بالخلاص
قبل اليهود واليونانيون الإيمان ونالوا مواهب الروح القدس
رآهم الرسول برنابا ففرح عندما رأى نعمة الرب الحالة بينهم
عزى الجميع بسرور ودعاهم إلى الثبات في الرب
ألا نلاحظ وجود التعزية والفرح والإيمان برغم الاضطهاد
في قراءةالمزمـور العشرين:
يعالج المزمور نفس موضوع قراءات هذا الأحد السعيد، فالملك سعيد وفرح ومتهلل ليس لقوته وجبروته وسلطانه الممتد إلى أقاصي البلاد بل يذكر أسبابا مختلفة للفرح برغم ما كان يعانيه من ضيقات خارجية وداخلية هذه الأسباب هي:
يا رب بقوتك يفرح الملك : قوة الله الأعلى من جميع قوى البشر
وبخلاصك يتهلل: خلاص الله مهما تحالفت قوى الظلام لتحارب النور
رغبة قلبه أعطيته: استجابة الله لرغبات قلب أبناءه الأبرار
وملتمس شفتيه لم تمنعه : وتحقيقه لكل ما يطلبون في الصلاة
في قراءة الإنجيل من لوقا الفصل الحادي والعشرين: 21-28
في تلك الساعة تهلل يسوع بالروح
“تلك الساعة” هي نادرة وقليلة في حياة يسوع والتلاميذ وقد حدثت حين عاد التلاميذ ” بفرح” وأخبروه بكل ما صنعوا من معجزات وما لاقوا من قبول لبشارة الإنجيل التي حملوها….إنها لحظة فرح وابتهاج فانتشار الإيمان بملكوت الله يجعل الشيطان يسقط من السماء بسرعة البرق…
لكن سر فرح يسوع اليوم لا يكمن في مجرد:
الانتصار على الشيطان في موقعة لأنه يمهد للنصر النهائي؛
ولا في انتشار الملكوت في اليهودية لأنه يمهد لنشره إلى أقاصي الأرض.
يمتد سر الفرح الذي يجتاح نفسه الطاهرة إلى ما هو أعمق:
تمجيد الأب السماوي القدوس الذي أخفى مقاصده:
عن الحكماء: الذين يتزينون بحكمة هذا العالم التي هي في عيني الله حماقة
والفهماء: أي الذين يعتقدون في أنفسهم القدرة على الفهم دون الآخرين
ويقصد بهؤلاء الكتبة الفريسيين ومعلمي الشريعة والكهنة واللاويين.
نعم لقد أتم الرب اختياراً جديدا تغنت به العذراء مريم في نشيدها:
انزل الأقوياء عن الكراسي ورفع المتواضعين
اشبع الجياع خيراً وصرف الأغنياء فارغين
واليوم يعلن حكمته للأطفال الصغار أي:
يعلن اختياراً مخالفا لاختيارات البشر بل ويخالف كل اختيار فهو من المزمور الرائع من أفواه الأطفال والرضع أخرجت سبحاً يحقق النبوة اليوم غذ يعلن لهؤلاء الصغار ما خفي من اشرار ملكوت ابيهم عن عيون جميع الذين يعتقدون أنفسهم حكماء وفهماء خبراء وعارفين…الله يريدنا مثل الأطفال:
نعرف كيف نفرح بلا تحفظ حين نكون مسرورين
نعرف كيف نبكي بكل جوارحنا حين نكون مجروحين أو مذنبين
نعرف كيف نغضب دون أن تغرب الشمس على غضبنا
نعرف كيف ننسى الألم ونصفح وكأن شيئاً لم يكن
نعرف أن نصرخ طالبين المعونة عندما نشعر بالعجز بلا خجل
نعرف كيف نصرخ طالبين الرحمة حين نتألم ونحن نعاقب
ونعرف أخيرا كيف نلقي بأنفسنا في الحضن الأبوي طالبين الصفح…
نعرف كيف نتلهف شوقا إلى ما هو جديد
نعرف ان نتقافز بل ونرقص فرحا مع كل تهليل
نعرف ان نعتذر بتواضع وبساطة حين نخطيء
نعرف كيف نطلب المشورة حين نكون محتارين مضطربين
نعرف كيف نحلم ونطمح ونعمل لمستقبل مشرق ونرفض اليأس والتشاؤم
نعرف كيف نطلب بدلال وإلحاح لأنا الأقرب إلى قلب الأب
نعرف كيف نعيش معتزين فخورين واثقين آمنين لأنا أبناء هذا الآب
نعرف كيف ننسب إليه كل خير وفرح في حياتنا وكأنه منا لنا
يريدنا الله كالأطفال:
لا نعرف الحقد لا نعرف الحسد ولا الخبث
لا نعرف الريا ولا نقبل الظلم
لا نقبل التربص ولا نراعي الحذر
يريدنا الله كالأطفال فرحين : منطلقين سعداء مبتهجين لا نحب الترقب ونمل الانتظار لأنا نعرف شيئاً واحدا، نعرف أن هناك من يعتني بنا.
في الرسالة : من خلال آلامهما( اختيار الله) يصل بولس وتيموثاوس بالصبر إلى الفرح والانتصار
في الكاثوليكون : ننتقل مع المسيح واختياراته العجيبة من عبودية الناموس إلى حرية وفرح أبناء الله
في أعمال الرسل: نرى كيف ولدت كنيسة أنطاكية من آلام واضطهاد اليهود لكنيسة أورشليم
في المزمور : نرى الملك في ضيقه يفرح بقوة الرب ويتهلل بخلاصه
وفي الإنجيل: نرى يسوع فرحا متهللا ببداية تحقيق هذا الخلاص من خلال طرق الله العجيبة والخاصة جداً