الشهيدة بربارة

الشهيدة بربارة

إعداد وتجميع – مراسل الموقع من القاهرة – ناجى كامل

نشأتها :

بربارة من ابوين وثنيين توفيت والدتها وهي صغيرة، كانت من عائلة من الطبقة الأرستقراطية، من آسيا الصغرى (تركيا حاليا)، ولدت في أوائل القرن الثالث في عهد الملك الطاغي مكسيمانوس الذي تولى الملك سنة 236م، وكانت وحيدة والدها ويخاف عليها لأن كانت تتصف بجمال فائق.

سيرتها:

كان والدها ديسقورس شديد التمسك بالوثنية حيث ملأ القصر بالأصنام وكان يكره المسيحين، تذكر مصادر أن القديسة بربارة تعلمت العلوم والتاريخ والفلسفة، مما قادها البحث عن الإله الحقيقي.

كان خدامها المسيحيون قد أخبروها عن العالم الكبير في ذلك العصر وهو أوريجانس فاشتاقت أن تلتقي به وبالفعل التقت به وحدثها عن الانجيل وتعلق قلبها بالسيد المسيح فنذرت حياتها للمسيح، ونالت المعمودية دون أن تفاتح والدها، وقررت أن تعيش بتولاً تكرس حياتها للعبادة.

تقدم لها كثيرون من بينهم شاب غني ابن أحد أمراء المنطقة ففاتحها والدها في الأمر أما هي فبحكمة اعتذرت عن الزواج. وإذ كان والدها مسافرًا لقضاء عمل ولحين عودته لعلها تكون قد استقرت في تفكيرها. طلبت منه أن يبني لها حمامًا قبل سفره، فلبَّى طلبها، وفتح لها نافذتين لزيادة الإضاءة، أما هي فحولت الحمّام إلى بيت صلاة القصر كما فتحت نافذة ثالثة في الحمام، إذ حطمت كل الأوثان بل وأقامت صليبًا على الحمام.

عذاباتها:

عندما رجع والدها من السفر سألها عن سبب التغيير الذي حصل، وكانت تبشره بالإيمان بالثالوث، وبالله الواحد، فاشتّد غضبًه وأخذ يوبخها، أما هي فلم تبالِ بل كانت تتحدث معه عن إيمانها وبتوليتها، فثار الوالد وهمّ ليضربها بالسيف، فهربت من أمام وجهه وانطلقت من باب القصر، وكان أبوها يركض وراءها، قيل أن صخرة عاقتها في الطريق لكن سرعان ما انشقت الصخرة لتعبر في وسطها، ثم عادت الصخرة إلى حالها الأول. أما والدها إذ رأى ذلك لم يلن قلبه الصخري بل صار يدور حول الصخرة حتى وجدها مختبئة في مغارة، وصار يضربها بعنفٍ، ورجع بها إلى بيته وهناك وضعها في قبوٍ مظلم. روى ديسقورس للحاكم ما جرى وطلب منه أن يعذبها، لكن إذ رآها مرقيان تعلق قلبه بها جدًا وصار يوبخ والدها على قساوته ويلاطفها ويعدها بكرامات كثيرة إن أطاعت أمر الملك وسجدت للأوثان، أما هي ففي شجاعة تحدثت معه عن إيمانها بالسيد المسيح.

جُلدت القديسة بربارة حتى سالت منها الدماء، كما كانوا يمزقون جسدها بمخارز مسننة بينما هي صامتة تصلي. ألبسوها مسحًا خشنة على جسدها الممزق بالجراحات، وألقوها في سجنٍ مظلمٍ. إذ كانت تشعر بثقل الآلام، ظهر لها السيد المسيح نفسه وعزاها كما شفاها من جراحاتها، ففرحت وتهللت نفسها. استدعاها الحاكم في اليوم التالي ففوجئ بها فرحة متهللة، لا يظهر على جسدها أثر للجراحات فازداد عنفًا، وطلب من الجلادين تعذيبها، فكانوا يمشطون جسدها بأمشاط حديدية، كما وضعوا مشاعل متقدة عند جنبيها، وقطعوا ثدييها؛ ثم أمر الوالي في دنائة أن تساق عارية في الشوارع. صرخت إلى الرب أن يستر جسدها، فسمع الرب طلبتها وكساها بثوب نوراني. رأتها صديقتها يوليانة وسط العذابات محتملة الآلام فصارت تبكي بمرارة، وإذ شاهدها الحاكم أمر بتعذيبها مع القديسة بربارة، وبإلقائها في السجن، فصارتا تسبحان الله طول الليل

قسوة الأب:

أمر مرقيان الحاكم (مركيانوس) بقطع رأس بربارة وصديقتها يوليانة بحد السيف، فأخذوهما إلى الجبل خارج المدينة وكانتا تصليان في الطريق. وإذ بلغتا موضع استشهادهما طلب ديسقورس أن يضرب هو بسيفه رقبة ابنته فسُمح له بذلك، ونالت مع القديسة يوليانة إكليل الاستشهاد،

وبعد تنفيذ الحكم وقطع رأسي الشهيدتين وما إن نزل ديوسقورس من الجبل حتى سقطت صاعقة من السماء وأحرقته ولم يكتفي الغضب عليه فقط بل على مركيانوس الذي أصابته الصاعقة نفسها كعلامة سابقة للنار الأبدي وبعد ذلك تسلم رجل مسيحي جسد الشهيدتين ونقلت حيث دفنهما بكل وقار فكل المجد والإكرام والتقدير لعذابات الشهيدة بربارة أمين.

إستشهادها :

استشهدت القديسة بربارة في 4 ديسمبر سنة 303 م وجسدها موجود حاليًا في كنيسة باسمها بمصر القديمة. وقد رأى بعض المؤرخين انها استشهدت بهليوبوليس بمصر للقديسة بربارة منزلة مرموقة بين القديسات في بلاد الشرق والغرب، يقول التقليد المتوارث منذ العصور القديمة ” أن المكان الذى بنيت عليها كنيسة باسمها هو مكان سكن القديسة بربارة بعد هربها من والدها الذي كان يضطهدها لاعتناقها المسيحية، وفيما بعد أصبح مكان سجنها وتعذيبها، ومن ثم أصبح ديراً وكنيسة باسمها. وبحسب الرواية :إن السيد المسيح كان قد ظهر للقديسة بربارة في هذا الكهف بالذات الذي كان مكان سجنها ليشجعها، وبالتالي هذا المكان مقدس لأن السيد المسيح قد ظهر فيه. ثم هنالك مجموعة من الصلبان والأحرف اليونانية المحفورة على الحجارة بكثرة في ذلك الموقع. مما يثبت قدسية المكان، حيث كانت من عادة الحجاج في قديم الزمان أن يكتبوا أو يحفروا عبارات وصلبان على حجارة وجدران الأماكن التي يعتبرونها مقدسة ويحجون إليها كنوع من التبارك من ذلك المكان المقدس

– المراسيم في بلاد الشرق :

جرت العادة في بلادنا الشرقية أن يحتفل المسيحيون بعيدها بكل غبطة وفرح.. فيأكلون بهذه المناسبة أصناف الحلويات ولاسيما القمح المسلوق المخلوط بالرومان ويرمز القمح المسلوق الى الابتهاج والفرح بانتصار هذه القديسة،والرومان إشارة للدم الذى تناثر على جسد القديسة الذي تناثر.

– عيد القديسة بربارة:

تعيد لهما ( القديسة بربارة والقديسة يوليانة ) الكنيسة القبطية في 8 كيهك، وتعيد لهما الكنيسة الغربية واليونانية في 4 ديسمبر.

كما أجمعت الكنائس الرسولية عامة والمشرقية منها خاصة على تكريم القديسة بربارة والتشفع لها واخذ العيد طابعا مميزا واحتفاليا تذكارا ليوم استشهادها.

صلواتها وبركاتها تكون معنا آمين.