تأمل اليوم: مَن أنتم؟

تأمل اليوم: مَن أنتم؟

منطقية إبليس وحماقة البشر
تامل في قراءات الأربعاء, 20 نوفمبر 2013 –  11  هاتور 1730
الأب بولس جرس
نص القراءة
”  وكان الله يصنع على يدي بولس قوات غير المعتادة  حتى كان يؤتى عن جسده بمناديل أو مآزر إلى المرضى ، فتزول عنهم الأمراض ، وتخرج الأرواح الشريرة منهم  فشرع قوم من اليهود الطوافين المعزمين أن يسموا على الذين بهم الأرواح الشريرة باسم الرب يسوع ، قائلين : نقسم عليك بيسوع الذي يكرز به بولس  وكان سبعة بنين لسكاوا ، رجل يهودي رئيس كهنة ، الذين فعلوا هذا فأجاب الروح الشرير وقال : أما يسوع فأنا أعرفه ، وبولس أنا أعلم من هو ، وأما أنتم فمن أنتم  فوثب عليهم الإنسان الذي كان فيه الروح الشرير ، وغلبهم وقوي عليهم ، حتى هربوا من ذلك البيت عراة ومجرحين وصار هذا معلوما عند جميع اليهود واليونانيين الساكنين في أفسس . فوقع خوف على جميعهم ، وكان اسم الرب يسوع يتعظم وكان كثيرون من الذين آمنوا يأتون مقرين ومخبرين بأفعالهم وكان كثيرون من الذين يستعملون السحر يجمعون الكتب ويحرقونها أمام الجميع . وحسبوا أثمانها فوجدوها خمسين ألفا من الفضة هكذا كانت كلمة الرب تنمو وتقوى بشدة ( اعمال 19 : 11 – 20)
نص التأمل
حيث تتناول قراءة إنجيل قداس اليوم نص (لوقا 21: 12– 19) وهو نفس النص الذي تأملناه الاسبوع الماضي بعنوان ” أعطيكم فمًا وحكمة” افضل أن نلجأ إلى قراء أعمال الرسل حيث لمستني  اليوم اكثر من عبارة في هذا المقطع المملوء مجداً ساركز على هذه الجملة: ” أما يسوع فأنا أعرفه، وبولس أنا أعلم من هو، وأما أنتم فمن أنتم  ” وهي على لسان الروح الشرير الساكن في إنسان مريض … وكأن الشيطان نفسه يرفض منطق البشر الأحمق المعوج.
طبعا غريب مني ككاهن ان ابدي إعجابا بموقف من إبليس، فموقف كهذا قد يرفضه الكثيرون، ولكن تعالوا نتامله سويا لنخرج بعبرة قد تنأى بنا عن دوائر النقاش العقيم وسفسطة الكلمات الجوفاء. وتخرجنا من دائرة الحماقة والسطحية التي يقع فيها كثير من البشر في مجتمعنا ظنا منهم أنهم قادرون بخداعهم للناس ان يخدعوا الله ايضا فما الحال أنهم لا يستطيعوا حتى مواجهة إبليس …
لنبدأ القصة من أولها : اعطي الرب يسوع تلاميذه حين ارسلهم سلطانا على كل قوى الشر، وبالفعل نجح التلاميذ بجدارة وحققوا من المعجزات ما يفوق عدد معجزات الرب نفسه كإقامة الموتي لبطرس وبولس وشفاء المقعدين وطرد الأرواح الشريرة…كل ذلك باتباع نهج معلمهم الإلهي؛ بل وصل الأمر ان مجرد مرور ظل بطرس كان كفيلا بأن يحرر المأثورين ويشفي المرضى ويقيم الموتي … كما “كان الله يصنع على يدي بولس قوات غير المعتادة  حتى كان يؤتى عن جسده بمناديل أو مآزر إلى المرضى ، فتزول عنهم الأمراض ، وتخرج الأرواح الشريرة ” … لهذه الدرجة كان الروح حالا في التلاميذ ولذلك الحد بلغت قوة إيمانهم وثقتهم بمن أرسلهم فقهرت المستحيل سحقت إبليس تحت أقدامها وغلبت الكفر وانتصرت على الجهل وقهرت المرض وتفوقت على العجز وحررت الإنسان من كل ما يعوق تحقيق إنسانيته كاملة… نفس منهاج وخط سير المعلم الإلهي وهذا رائع وعظيم وممدوح ومطلوب…
نستخلص مما سبق أن هذا هو سر المعجزات “فالمعجزة ليست إختراعا بل هي تطبيق“….
تطبيق :
ü     للتسليم المطلق للحياة وجودا وإرادة وكيانا
ü     لطهارة الحياة وحياة الطهر والتكريس الكامل
ü     لعمق المحبة الشامل وحب يسوع فوق كل شيء
ü     لسخاء العطاء وتواضع القبول
ü     للسير الحثيث على درب الرب حاملين صليبه بفرح ورضى وقبول
ü     لإعتبار كل شيء خسرانا لنربح المسيح
بهذه الطريقة  وبذات النهج وبنفس القة في الاقتداء والتمثل والتطبيق الحياتي…صار الرسل قديسين مقتدرين في القول والعمل، وباتوا بإيمان وثقة أمناء وأوفياء  لكل ما تعلموا و رأوا  وسمعوا من الرب …
الغريب ان بعض أبناء جيلهم حاول أن يقلدهم في القول فصاروا يعزّمون على الأرواح باسم الرب يسوع مثلهم؛ ظانين “أنهم بالصوت غالبون وبالقول وحده لمنصرين” متجاهلين ابسط قواعد الحقيقة وهي أن الإيمان والرجاء والمحبة والصدق والطهر والعدل والاستقامة هم أساس المعجزات وأصل كل القدرات ومصدر كل السلطات… 
نفس السطحية وذات البلاهة وعين التدين الخارجي الذي نعيشه اليوم ونعاني منه في مجتمعنا الشرقي والعربي بل للسف الشديد احيانا في كنائسنا  فنظن  ان الدين مظهر والعبادة طقوس والصلاة كلمات والتقوى تجارة … متصورين أن لدينا القدرة على أن نخدع الناس أجمعين والحقيقة أننا أضعف حتى من أن نخدع أنفسنا  والحكمة تأتينا اليوم على فم إبليس ” أما يسوع فأنا أعرفه، وبولس أنا أعلم من هو، وأما أنتم فمن أنتم “.؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
عزيزي
ü     امام المسيح صرخت الأرواح: ما لنا ولك ايها المسيح أأتيت لتهلكنا
ü     وأمام الرسل شهد الرب: رأيت الشيطان ساقطا من السماء مثل البرق
ü     وأمام الكنيسة قال المعلم: أعطيكم سلطانا أن تدوسوا الحيات والعقارب وكل قوة العدو
ü     وامام المؤمنين به: اعطيكم قوة وحكمة لا يستطيع جميع مقاوميكم ان يغلبوها
ü     وأمامك أنت: “أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني”
تذّكر دوما أن المعجزة “مجرد تطبيق ”
فعندما تصير  مثله ومثلهم  بالتأكيد سيمنحك روحه
وحينئذ ستصبح انت نفسك قادر على إجتراح المعجزات بنفس البساطة والثقة
وحينها لن يقول لك الشيطان ولا أي كائن آخر ” من أنت”
وستنتهره وعليه ستتغلب لأنك لن تكون انت الحي بعد بل المسيح حي فيك……..