حتَّى مَتَى كانَ تؤمِنونَ :  تأمل في قراءات الأربعاء 21 مايو 2014 الموافق 26 بشنس 1730

حتَّى مَتَى كانَ تؤمِنونَ : تأمل في قراءات الأربعاء 21 مايو 2014 الموافق 26 بشنس 1730

حتَّى مَتَى كانَ تؤمِنونَ

تأمل في قراءات الأربعاء 21 مايو 2014 الموافق 26 بشنس 1730

الأب/ بولس جرس

عيد استشهاد توما الرسول

حتَّى مَتَى كانَ تؤمِنونَ 

نص الإنجيل

“الحَقَّ الحَقَّ أقولُ لكُمْ: إنَّهُ ليس عَبدٌ أعظَمَ مِنْ سيِّدِهِ، ولا رَسولٌ أعظَمَ مِنْ مُرسِلِهِ. إنْ عَلِمتُمْ هذا فطوباكُمْ إنْ عَمِلتُموهُ. لستُ أقولُ عن جميعِكُمْ. أنا أعلَمُ الذينَ اختَرتُهُمْ. لكن ليَتِمَّ الكِتابُ: الذي يأكُلُ مَعي الخُبزَ رَفَعَ علَيَّ عَقِبَهُ. أقولُ لكُمُ الآنَ قَبلَ أنْ يكونَ، حتَّى مَتَى كانَ تؤمِنونَ أنِّي أنا هو. الحَقَّ الحَقَّ أقولُ لكُمُ: الذي يَقبَلُ مَنْ أُرسِلُهُ يَقبَلُني، والذي يَقبَلُني يَقبَلُ الذي أرسَلَني”. ( يوحنا 13: 16-20)

نص التأمل

يريد السيد والمعلم العارف بما في النفوس من تساؤلات

وما يدور في العقول من شك وما يخالج القلوب من حيرة وإضطراب

ان يقول اليوم لتلاميذه آنذاك وعلى مر العصور: انه مازال يدعو

وهو يعرف أن من بين التلاميذ إلى اليوم، من يخونه ومن سوف يسلمه بقبلة غاشة

ومع ذلك فهو مازال يدعو لم يتجنب ولم ينبذ ولم يرفض من يريد أن يتبعه…

غريب امر يسوع فهو منذ البدء عالم بمن يتبعه عارف من سيسلمه

وعوضا عن أن يرفضه ويرزله ويطرده ويفضح نواياه

نراه يقربه إليه ويدعوه إلى جواره بل ويدعه

يغمس اللقمة معه في نفس الطبق الذي منه كان يأكل

بل يذهلنا وهو العارق أن نراه وقد إئتمنه على أملاكه وجعله وكيلا على ما يأتيه من مال وتبرعات

يتساءل الجميع في نفس واحد كيف ولماذا؟

فإذا كان يسوع عالما بكل شييء ولم يك محتاجا ان يسأله أحد

والكل يعرف انه خبير بالنفس البشرية عالم بما يعتلج داخلها

وأن  علمه من عند الاب الذي “يعرف ما انتم تحتاجون إليه حتى قبل ان تسألونه”

وهو نفسه “الذي يشرق شمسه على الأبرار والأشرار”…

هل انخدع المعلم؟ أم أساء التقدير؟

 لا لم ينخدع المعلم في يهوذا ولم يسيء الإختيار يوماً

لا لم يخطأ حين قبله تلميذا ولم يخف عنه من البداية  أمر خيانته

“لأنه كان من البدء عالماً بكل شيء عارفاً بمن سيسلمه”

وها هو اليوم  يسوع يستبق القولُ: أقولُ لكُمُ الآنَ قَبلَ أنْ يكونَ،…

حتَّى مَتَى كانَ تؤمِنونَ أنِّي أنا هو.

فلا يجب أن يهتز إيماننا:

–         امام خيانة يهوذا؛ فلاولاها ما تم الخلاص بالصليب

–        ولا إنكار بطرس ثلاث مرات؛ فلولاها ما تمحص أيمانه كصخرة بني عليها المسيح كنيسته

–        ولا شك توما؛ فلولاه ما نلنا نحن تلك الطوبى ” طوبى لمن آمن ولم ير”

–        لا يجب ان نتشكك لأن من تلاميذ المسيح من يخطأ او يتعدى او يخون

–        ولا بروز الهراطقة والمفسدين؛ فلولا هرطقاتهم ما انعقدت المجامع ولما صيغ قانون الإ يمان

–        ولا شذوذ بعض القساوسة أو إنحراف بعض الرهبان فلاولاهم ما فاح  عطر النساك والقديسين

–        ولا حتى جرائم راسبوتين ومغامرات الكاردينال ريشيليو او انحرافات الراهب ” كوكو”

لقد سبق الرب يسوع وانبأنا بأن مثل هؤلاء ” أبناء الهلاك” موجودون

وأن دينونتهم حاضرة… فوقت الحصاد حتما آت حيث سيُجمع الزؤان ويُحرق بنار لا تُطفاْ …

هكذا في الكنيسة هناك خدام وكهنة ورهبان وراهبات بل اساقفة وكرادلة وبابوات

أخطاوا ويخطئون يالأمس واليوم وإلى المجيء الثاني…

لكن بالأحرى يجب ان تتعلق قلوبنا وابصارنا بالذين يؤمنون ويتبعون:

أيصح ان ندخل قصرا بديعا ولا نرى فيه سوى مكان القمامة فحسب

  • فهل ننسى حب بطرس ونتذكر حقد يهوذا
  • هل ننسى إخلاص يوحنا حتى إلى الصليب ونذكر قبلة يهوذا الغاشة
  • هل نتغاضى عن إيمان الرسل ونتوقف امام شك توما
  • هل نتمسك بجبن التلاميذ وهروبهم وننسى شجاعة استشهادهم
  • هل نتوقف عند اضطهاد بولس للكنيسة وننسى جهاده في بناءها !!!!

لا  على الإطلاق …. كلا والف كلا فأبداً

                                    لن يصرفنا الباطل عن الحق

                                    ولن تعمينا الظلمة عن النور

                                    ولن يشغلنا فراغ نصف الكوب عمّا يحويه نصفه الآخر من خير وبركات…

فستظل الكنيسة إلى المجيء الثاني، مؤسسة إلهية بشرية ومركب خلاص حافلة:

                                  بالمؤمنين القديسين

                                 بالذئاب واللصوص المتسربلين بثياب الحملان

                                 بالقراصنة المتربصين الراصدين لكل تحركاتها…

فهل بعد هذا مازلتم تؤمنون بالرغم من اخطائنا وخطايانا؟

وهل سيجد ابن البشر متى عاد، إيمانا على الأرض ؟؟؟