مريم المجدلية  رسولة الرحمة والرجاء

مريم المجدلية رسولة الرحمة والرجاء

اعداد ناجى كامل

– مريم المجدلية من أهم الشخصيات المسيحية المذكورة في العهد الجديد وتعتبر من أهم النساء اللاتى تبعن يسوع وصرن من  تلاميذه ( لوقا 8: 1-3 و23: 55-24: 1-12)  وكانت الشاهدة على قيامته وأول الذاهبين لقبره حسب ماذكره الانجيل، فإن مريم المجدلية قد زارت القبر خمس مرات في فجر أحد القيامة. وقد استغرقت أحداث هذه الزيارات -وبأكثر تحديد الزيارات الأربعة الأولى- الفترة ما بين ظهور أول ضوء في الفجر “إذ طلعت الشمس” (مر16: 2)، وتلاشى آخر بقايا ظلمة الليل “والظلام باق” (يو20: 1). وهي مدة لا تقل عن نصف ساعة في المعتاد يوميًا.

وكانت مريم المجدلية تذهب لزيارة القبر، ثم تعود إلى مدينة أورشليم بمنتهى السرعة، ثم تأتى إلى القبر مسرعة في زيارة تالية وهي تجرى ولأن موضع القبر كان قريبًا من أورشليم  لهذا لم تكن المسافة تستغرق وقتًا طويلًا  (يو 20: 1-18).

– أكرم السيد المسيح أمه العذراء  إذ لم يظهر لمريم المجدلية في زيارتها الأولى مع مريم أم يعقوب وسالومة. بل ظهر لها حينما حضرت مع أمه. وفي تلك الزيارة تم تنفيذ رغبة السيد المسيح بسرعة في إبلاغ تلاميذه كما ذكر القديس متى إذ خرجتا من القبر “راكضتين لتخبرا تلاميذه” (متى 28: 1-10)

– قد ولدت القديسة مريم المجدلية في بلدة مجدل وهي واقعة غرب بحر الجليل عند المدخل الجنوبي لسهل جنيسارت لذلك لقبت بالمجدلية، ولقد كانت بلدة مجدل نامية كثيفة السكان وكانت تشتهر بالصباغة ومصانع الغزل اليدوي وهذه الصناعة أنمت ثروة المجتمع في هذه المدينة أو يبدو أن مريم المجدلية كانت لها أسهم في هذه الصناعة لذلك خدمت السيد المسيح من ثروتها مع أخريات بما كان يحتاج إليه من أموال ،  وقد ركّز الانجيلي لوقا على الاهتمام الخاص الذي أولاه الرب يسوع للمرأة مع تعامله كما مع كل الناس بنفس القدر من الاحترام، فقد سجّل في انجيله خمسة احداث تضمنت التعامل مع النسوة، لم تُذكر في الاناجيل الاخرى، مشيراً الى ان رفقتهن قد قامت على أساس العمل الخلاصي الذي قدمه لهن، فقد سمح الرب يسوع للنساء أن يتبعنه في تبشيره وترحاله.

–  كان التقليد قد صنفها  على انها زانية و لكن لا يوجد فى الكتاب المقدس ما يدعم او ينفى هذا الراى ، كما عرفها بعض آباء الكنيسة خطأ على انها المرأة الخاطئة التى مسحت قدمى يسوع بالطيب فى بيت سمعان الفريسى وآخرون اعتقدوا انها مريم من بيت عنيا اخت مرثا و لعازر.

– لقد عاشت مريم المجدلية حياة ترف لأنها كانت من طبقة غنية وتنعم بظروف إجتماعية مريحة ولم يكن يعكر صفو حياتها إلا الشياطين السبعة الذين دخلوها ، لقد كانت الشياطين تتحكم في تصرفاتها فكانت تعاني معاناة قاسية ، لقد أفقدتها الشياطين التحكم في العقل والفكر النفسي.

كانت مريم المجدلية قد تبعت يسوع و  سمعت صوته  ذو السلطان والسلطة والقوة فأمر تلك الأرواح التي تعذبها أن تخرج منها ولا تدخلها ثانيا فإستراحت من أحزانها ، وأصبحت هادئة متزنة صارت بعدها إنسانة عاقلة تتحكم في أفعالها وتصرفاتها .

–  لقد أعطت السيد المسيح أفضل ما تملك وهو قلبها ،و صارت بعقل سوي وفكر ناضج لذلك كرست نفسها لأن تتبع المخلص الذي تدين له بكثير والكثير.

– لقد صارت القديسة مريم المجدلية من أتباع السيد المسيح ، بعد خلاصها من الأرواح الشريرة السبعة ، لانها  تحررت من عبودية الشيطان ، وقد تركت مريم المجدلية منزلها وصارت تخدم السيد المسيح وتلاميذه مع النساء الأخريات ،  مع كل هذا كانت توفر لهم المال من مالها الخاص الذي كان لازماً للخدمة ، وقد كرست وقتها أيضاً فلقد أصبحت تابعة للسيد المسيح تذهب معه في أسفاره الدائمة .(راجع لوقا 7: 36-50)

 

ظهور السيد المسيح لها:  –

لم تترك السيد المسيح حتى الدفن ، لذا أراد السيد المسيح أن يكافئها فكانت أول من رآه بعد قيامته في أول الأسبوع جاءت مريم المجدلية باكراً والظلام باق ، بينما كانت أشعة الشمس تنتشر فوق أورشليم ، كانت هي تسير ، كم كانت حزينة باكية وهي ذاهبة تفكر في مخلصها وتفكر من سيدحرج لها الحجر ومن معها حتى تضع له الحنوط والأطياب، وقد ناداها الرب القائم بإسمها فعرفته وانطلقت للبشارة بأنها رأت الرب فكان عليها أن تفرح لا أن تبكي وأن يدوم فرحها ،

ويضيف القديس يوحنا أن السيد أعطاها رسالة لتنقلها إلى الاخوة (يو 20: 11-18). من ضمن النساء اللاتي يُذكَرن في الإنجيل: “المرأة الخاطئة” (لو 7: التي لم يُذكَر اسمها، ومريم من بيت عنيا ومرثا أختها (لو 10: 38-43).

– وبحسب التقليد الشرقي فإنهن – بالإضافة إلى المجدلية – يُعتَبَرن ثلاثة أشخاص مختلفين، أما حسب التقليد الغربي فإن فكر القديس غريغوريوس الكبير في اعتبارهن شخصًا واحدًا (المرأة الخاطئة ومريم أخت مرثا ومريم المجدلية)، إلا أن رأي القديس أمبروسيوس بعد ذلك أن يُترَك هذا السؤال بدون إجابة.

 

مريم المجدلية بعد الصعود:  –

كانت مع التلاميذ والنسوة اللاتي إجتمعن مع الرسل في العلية ، من أجل الصلاة والتضرع وإنتظار حلول الروح القدس المعزي فنالت مواهب الروح القدس وبشرت مع التلاميذ وردت نساء كثيرات إلى الإيمان بالمسيح ،

– مريم المجدلية فى التقليد :

ويقال أن القديسة مريم المجدلية تبعت القديس يوحنا الحبيب إلى أفسس حيث تنيحت ودفنت في أحد الكهوف ، وقيل أن رفاتها أخذت من هناك مع رفات القديس يوحنا الحبيب الذي كان يسوع يحبه.

كما قيل ايضا فى التقليد إنها سافرت إلى رومية وعرضت شكواها على الأمبراطور طيباريوس قيصر في شأن الظلم الذي ألحقه بيلاطس البنطي بيسوع. وقد ورد أن طيباريوس عزل بيلاطس.  وقامت بشرح تفاصيل قصة محاكمة وصلب المسيح وقيامته لقيصر . إلا أنه لم يصدقها فطلب منها برهان قائلاً : عندما يتحول لون البيض الى أحمر سأصدق أن المسيح قام من الأموات . عندها أمسكت مريم بيضة وقالت  (المسيح قام ) فتحول لون البيضة الى الأحمر ! البيض يرمز الى القبر المغلق لكن في داخله حياة تنتظر وستخرج الى العالم بعد كسر غطاء البيض ، هكذا القبر الذي كان فيه المسيح الذي لا يموت خرج من القبر ، وكانت البيضة رمز عند الرومان في السنة الجديدة ، فصارت رمز للجنس البشري.

كذلك ورد أن مريم المجدلية بشرت في بلاد الغال (فرنسا) ثم انتقلت إلى مصر وفينيقيا وسوريا وبمفيليا وأماكن أخرى. وبعدما أمضت بعض الوقت في أورشليم انتقلت إلى أفسس حيث أنهت سعيها بنعمة الله.

وفي العام 899 م, نقل رفاتها إلى القسطنطينية بهمّة الأمبراطور لاون السادس .

– يقول التقليد ايضا  أن القديسة مريم المجدلية انطلقت بعد العنصرة للتبشير في بروفانس مع مرتا ولعازر، وأمضت آخر سنين حياتها في مغارة لا سانت بوم التي تدعى اليوم صخرة الرحمة ،

و مؤخراً، رفع البابا فرنسيس ذكرى القديسة مريم المجدلية إلى مستوى العيد الليتورجي، شأنها شأن ذكرى الرسل الاثني عشر. ويصادف عيدها في 22 يوليو.

 

نياحة القديسة مريم المجدلية : تنيحت بسلام في يوم 28 أبيب حسب التقويم الشرقى .

وبحسب التقليد الغربي، يُنظَر إلى القديسة مريم المجدلية كنموذج مذهل للإنسان التائب

 

– يقول قداسة البابا فرنسيس فى المقابلة العامة: الرجاء المسيحي يوم الأربعاء، 17 مايو 2017‏ فى ساحة القديس بطرس :

 

” ان تأمّلنا سنلتقي اليوم بتلك التي، وفقًا للأناجيل، كانت أولى من رأوا يسوع القائم: مريم المجدليّة. كانت قد انتهت للتو راحة السبت. ففي يوم الآلام لم يكن هناك وقت لإكمال طقوس التكفين؛ لهذا، ذهبنَ النساء في ذاك الفجر المحفوف بالحزن إلى قبر يسوع ومعهنّ الطيب المعطّر. وكانت هي أولى من وصلنَ: مريم المجدليّة، إحدى التلميذات اللواتي رافقنَّ يسوع منذ الجليل، واضعات أنفسهنّ في خدمة الكنيسة الناشئة. إن طريقها إلى القبر يعكس ولاء العديد من النساء اللواتي كرسنَّ سنوات من حياتهنَّ لزيارة المقابر، لتذكّر شخص عزيز قد رحل. إن الروابط الأصيلة لا تنقطع حتى بالموت: هناك من يستمرّ في محبّته، حتى ولو كان الشخص الذي يحبّه قد رحل للأبد

يصف لنا الإنجيل (يو 20، 1 – 2؛ 11 – 18) المجدليّة مشيرا مباشرة إلى أنها لم تكن امرأة تتحمّس بسهولة. في الواقع، بعد الزيارة الأولى إلى القبر، عادت بخيبة أمل إلى المكان الذي كان التلاميذ مختبئين فيه؛ أخبرتهم بأن الحجر قد دُحرِج عن باب القبر، وكان تفسيرها الأول هو التفسير الأبسط الذي يمكن إعطاءه: لقد سَرقَ شخص ما جسد يسوع. وبالتالي فالإعلان الأوّل الذي حملته مريم المجدلية لم يكن إعلان للقيامة، إنما لسرقةٍ قام بها مجهولون، فيما كانت كل أورشليم نائمة.

ثم تخبر الأناجيل عن ذهاب المجدلية الثاني إلى قبر يسوع. في هذه المرّة كانت خطواتها بطيئة، وثقيلة جدًّا. فقد كانت المجدلية تعاني مضاعفًا: أوّلا، وقبل كلّ شيء، بسبب موت يسوع، وثانيًا بسبب الاختفاء غير المبرّر لجسده. لقد كانت عنيدة، ذهبت ثم عادت مرّة ثانية… لأنها لم تقتنع

 

وبينما كانت منحنية بالقرب من القبر، وعيناها ملئ بالدموع، يفاجئها الله بشكل غير متوقّع. ويشير الإنجيلي يوحنا إلى مدى استمرار عماها: فهي لم تلاحظ وجود ملاكين يستجوبانها، ولم تشكّ حتى عندما رأت رجلًا خلفها، بل ظنّت أنه البستاني. غير أنها اكتشفت الحدث الأكثر إدهاشًا في تاريخ البشريّة عندما دعاها أخيرًا باسمها: “مريم!”

– يسوع يدعوها: “مريم “: إن ثورة حياتها، الثورة التي يجب أن تغيّر وجود كلّ رجل وامرأة، تبدأ باسم يتردّد صداه في حديقة القبر الفارغ. وتصف لنا الأناجيل مدى سعادة مريم: لأن فرح قيامة يسوع ليس فرح يُعطى بالقطّارة، بل إنّه كالشلّال يغمر الحياة بكاملها. إن الحياة المسيحيّة ليست مكسوّة بسعادة خجلة، إنما بفيض يجرف معه كلّ شيء. حاولوا أنتم أيضا أن تفكّروا، في هذه اللحظة، مع كلّ ما يحمل كلّ منّا في قلبه من خيبة أمل وانكسار، أن هناك إله قريب منّا، يدعونا باسمنا ويقول لنا: “قم، وكفّ عن البكاء، لأنني جئت لأحرّرك!”.

ترغب مريم المجدلية في معانقة ربّها، ولكنه الآن يتطلّع نحو الآب السماوي، بينما هي مرسلة لحمل البشرى للإخوة. وهكذا، أصبحت تلك المرأة، التي كانت تحت رحمة الشرّ قبل لقائها بيسوع (لو 8، 2)، رسولة الرجاء الجديد والأكبر. لتساعدنا شفاعتها على أن نحيا نحن أيضا هذه التجربة: أن نسمع، في ساعة البكاء والفراق، صوت يسوع القائم من بين الأموات يدعونا باسمنا، وأن نذهب، بقلوب يغمرها الفرح، لنعلن: “لقد رأيت الربّ! “(آية 18). لقد غيّرت حياتي لأنّي رأيت الربّ! إنّي الآن مختلف عن السابق، إنّي شخص آخر. لقد تغيّرت لأنّي رأيت الربّ. هذه هي قوّتنا وهذا هو رجاؤنا.

– شهادة مريم المجدلية هي إحدى أعظم شهادات الرحمة المنقولة في الإنجيل، حسبما يذكّر القديس لوقا (7: 36، 50) في سرده تفاصيل اللقاء بين يسوع والمجدلية

وفي 23 يوليو 2006، قال البابا الفخرى بندكتس السادس عشر عن مريم المجدلية: “ قصة مريم المجدلية تذكر الجميع بحقيقة أساسية: تلميذ المسيح هو من يتحلى بالتواضع خلال اختبار الضعف البشري فيطلب معونته، ويُشفى على يده ويبدأ باتباعه عن قرب، ليصبح شاهداً على قوة محبته الرحيمة الأقوى من الخطيئة والموت. “

 

كما تحدث قداسة البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقصية فى عظة له أثناء زيارته لهولندا  “هل قابلت المسيح” بكاتدرائية فيتوس فى لقائه مع أقباط أمستردام، قدم فيها ثلاثة نماذج من الشخصيات التى التقت السيد المسيح بعد القيامة، وهم مريم المجدلية وتلميذى عمواس ويوحنا الحبيب

 

حيث قال  “هل قابلت المسيح؟ ” وهناك شخصيات التقته بعد القيامة مثل، مريم المجدلية وهى كانت تبكى كثيرا بعد صلب السيد المسيح وفى يوم القيامة ذهبت مبكرا للقبر، وكانت تبكى و لم تستطع أن تميز السيد المسيح حين رأته وظنته البستانى، فسألته وهى ترجوه إن كنت قد أخذته فأخبرنى أين وضعته؟  أما هذا الذى ظهر أمامها وكأنه بستانى وهو شخص المسيح القائم فناداها بكلمة واحدة وهى اسمها إذ قال لها: يا مريم وفى هذه اللحظة عرفت المجدلية المسيح من صوته، طوبى لمن يعرف المسيح ويميز صوته ونحن نلتقى بأناس ونتعرض لمواقف كثيرة، فالله يرسل لنا صوته فهو يكلمنا مرة فى الإنجيل ومرة فى كتابات الآباء الروحية ومرة فى العظات والتعاليم، ومازال الله يكلمنا، ترى هل نحن نسمع صوته هل نحن نعرفه .

 

” لقد حملت مريم المجدلية رجاء القيامة للتلاميذ، ليحملوا هذا الخبر السار بدورهم للعالم بأسره. إن ‏المجدلية ‏ تعلمنا أنه علينا أن نثابر في سعينا للقاء القائم من بين الأموات؛ وألا نسمح لمرارة الموت والحداد بأن ‏تطفئ ‏ فينا توقنا للقاء يسوع؛ وأن ندع لقائه يبدل حزننا إلى فرح، ويحولنا لشهود له. إن لقاء القائم يقيمنا، كي ‏نقيم الآخرين من قبور الشك الموحشة.‏ ليبارككم الرب ‏جميعا ‏ويحرسكم من ‏الشرير” ‏