مع يوحنا بولس الثاني نحو الرجاء

مع يوحنا بولس الثاني نحو الرجاء

 في كتابه الرائع “العبور إلى الرجاء” يعطينا القديس البابا الراحل يوحنا بولس الثاني أضواءاً وآفاقاً واسعة تنيرنا وترافقنا لنتعمق في موضوع “الرجاء” الشائك .. في عالمنا المعاصر.. ووسط الأحداث المؤلمة والغامضة التي يعيشها .. خاصة في الشرق الأوسط.

وفي آخر الكتاب يُركزّ قداسته على نص المزمور 111 الذي يقول: ” رأس الحكمة مخافة الله ” ويشرحه بعمق ووضوح ليقودنا إلى ممارسة فضلية “الرجاء” بالرغم من كل شىء ويدعونا أن تكون هذه الفضلية ” كالنجم الساطع ” في ظلمات مسيرة حياتنا الشخصية والإجتماعية. ويجدر القول أن قداسته بدأ رسالته البابوية في الكنيسة – عند توليه الرئاسة – بكلمات المسيح: ” لا تخافوا” التي وجهها للجموع الغفيرة في ساحة القديس بطرس بالفاتيكان. وكان طيلة حياته قدوة لنا في إيمانه ورجائه الوطيد المقرون بالشجاعة والمحبة الرسولية لجميع الشعوب كان مثالاً لنا خاصة في صبره البطولي في آلامه ومرضه الطويل.

وكما عاش قداسته فضيلة الرجاء .. يوضحه لنا عندما يفسّر بعمق كلمة “مخافة الله” فيقول: “إنها مخافة بنوية لا مخافة عبودية”.. أعني علاقة حب واحترام الإبن نحو أبيه. وهذه العلاقة الأبوية والبنوية ” تطرد الخوف ” كما يقول يوحنا الحبيب في (1يو4: 18-19).

ويختم قداسته حديثه بهذه الكلمات الرائعة : “مخافة الله ليست هدامة أبداً .. بل بالعكس هى دائماً خلاقه .. أعني تحت الناس، بقوة الروح القدس، أن يُقْدِموا إلى هذا العمل البناء بروح المسئولية المقرونة بالمحبة والبذل والعطاء التي تجعلهم مسيحيين حقاً .. لأن بهم يتعلق مستقبل العالم وسعادة الإنسان ” وقد صدق ما قاله André Malraux وفي هذا الصدد: “إن القرن الحادي والعشرين قد يكون للتديُن وقد لا يكون” .. أما البابا الذي بدأ حبريته بكلمة: “لا تخافوا” .. يحاول من جهته أن يبقى أميناً كلياً لكلامه . . لأنه كان طيلة حياته . . ورغم مرضه وآلامه . . حاضراً دائماً لخدمة الإنسان والأمم والبشرية جمعاء بروحانية هذه الآية الإنجيلية وبالمسيح صخرة رجائه!

” المحبة ترجو كل شىء . . وتصبر على كل شىء ” (من نشيد المحبة لبولس الرسول)

الأب / يوسف المصري