من جوف الحوت

من جوف الحوت

اليوم الثاني من صوم يونان

تأمل في قراءات الثلاثاء 11 فبراير2014  الموافق السابع عشر من شهر أمشير1730

الأب/ بولس جرس

صوم يونان النبي

السنكسار

استشهاد القديس انبا مينا الراهب

في مثل هذا اليوم استشهد القديس مينا الراهب . ولد هذا القديس بإحدى بلاد أخميم من أبوين مسيحيين يعيشان علي الفلاحة . ومنذ حداثته مال قلبه إلى ذهد العالم ، فترهب بأحد أديرة أخميم وأقام مدة يصوم يومين يومين ناسكا في طعامه وشرابه ثم انتقل إلى بلاد الاشمونين وأقام في دير هناك ست عشرة سنة لم يغادر خلالها الدير . فلما ملك العرب البلاد وسمع بأنهم ينكرون إن يكون لله ابن من طبيعته وجوهره مساو له في الأزلية ، عز عليه هذا القول واستأذن رئيس الدير وذهب إلى الأشمونين وتقدم إلى قائد العسكر وقال له أحقا تقولون إن ليس لله ابن من طبيعته وجوهره ؟ فقال له : نعم نحن ننفي عن الله هذا القول ونتبرأ منه . فقال له القديس إنما يجب إن نتبرأ منه إذا كان ذلك عن طريق التناسل الأبوي ولكن اعتقادنا إن الرب يسوع اله من اله ، نور من نور . فقال له هذا في شريعتنا كفر. فقال له القديس اعلم إن الإنجيل يقول الذي يؤمن بالابن له حيوة أبدية والذي لا يؤمن بالابن لن يري حيوة بل يمكث عليه غضب الله . فغضب القائد من هذا القول وأمر جنوده فقطعوا القديس بالسيوف أربا وطرحوه في البحر. فجمع المؤمنون أجزاء جسده وكفنوه ودفنوه ورتبوا له تذكار في مثل هذا اليوم. صلاته تكون معنا دائما أبديا امين .

نص الإنجيل

“وفيما كانَ الجُموعُ مُزدَحِمينَ، ابتَدأَ يقولُ:”هذا الجيلُ شِرِّيرٌ. يَطلُبُ آيَةً، ولا تُعطَى لهُ آيَةٌ إلا آيَةُ يونانَ النَّبيِّ. لأنَّهُ كما كانَ يونانُ آيَةً لأهلِ نينَوَى، كذلكَ يكونُ ابنُ الإنسانِ أيضًا لهذا الجيلِ. مَلِكَةُ التَّيمَنِ ستَقومُ في الدِّينِ مع رِجالِ هذا الجيلِ وتدينُهُمْ، لأنَّها أتتْ مِنْ أقاصي الأرضِ لتسمَعَ حِكمَةَ سُلَيمانَ، وهوذا أعظَمُ مِنْ سُلَيمانَ ههنا! رِجالُ نينَوَى سيَقومونَ في الدِّينِ مع هذا الجيلِ ويَدينونَهُ، لأنَّهُمْ تابوا بمُناداةِ يونانَ، وهوذا أعظَمُ مِنْ يونانَ ههنا!”ليس أحَدٌ يوقِدُ سِراجًا ويَضَعُهُ في خِفيَةٍ، ولا تحتَ المِكيالِ، بل علَى المَنارَةِ، لكَيْ يَنظُرَ الدّاخِلونَ النّورَ. سِراجُ الجَسَدِ هو العَينُ، فمَتَى كانَتْ عَينُكَ بَسيطَةً فجَسَدُكَ كُلُّهُ يكونُ نَيِّرًا، ومَتَى كانَتْ شِرِّيرَةً فجَسَدُكَ يكونُ مُظلِمًا. اُنظُرْ إذًا لِئلا يكونَ النّورُ الذي فيكَ ظُلمَةً. فإنْ كانَ جَسَدُكَ كُلُّهُ نَيِّرًا ليس فيهِ جُزءٌ مُظلِمٌ، يكونُ نَيِّرًا كُلُّهُ، كما حينَما يُضيءُ لكَ السِّراجُ بلَمَعانِهِ”. (لوقا 11: 29 – 36).

الفصل الثاني من سفر يونان النبي

صلاة يونان

“فصَلَّى يونانُ إلَى الرَّبِّ إلَهِهِ مِنْ جَوْفِ الحوتِ، وقالَ:”دَعَوْتُ مِنْ ضيقي الرَّبَّ، فاستَجابَني.صَرَختُ مِنْ جَوْفِ الهاويَةِ، فسَمِعتَ صوتي. لأنَّكَ طَرَحتَني في العُمقِ في قَلبِ البِحارِ، فأحاطَ بي نهرٌ. جازَتْ فوقي جميعُ تيّاراتِكَ ولُجَجِكَ. فقُلتُ: قد طُرِدتُ مِنْ أمامِ عَينَيكَ. ولكنني أعودُ أنظُرُ إلَى هيكلِ قُدسِكَ.قد اكتَنَفَتني مياهٌ إلَى النَّفسِ. أحاطَ بي غَمرٌ. التَفَّ عُشبُ البحرِ برأسي. َزَلتُ إلَى أسافِلِ الجِبالِ. مَغاليقُ الأرضِ علَيَّ إلَى الأبدِ. ثُمَّ أصعَدتَ مِنَ الوَهدَةِ حَياتي أيُّها الرَّبُّ إلَهي. حينَ أعيَتْ فيَّ نَفسي ذَكَرتُ الرَّبَّ، فجاءَتْ إلَيكَ صَلاتي إلَى هيكلِ قُدسِكَ. الذينَ يُراعونَ أباطيلَ كاذِبَةً يترُكونَ نِعمَتَهُمْ. أمّا أنا فبصوتِ الحَمدِ أذبَحُ لكَ، وأوفي بما نَذَرتُهُ. للرَّبِّ الخَلاصُ”. وأمَرَ الرَّبُّ الحوتَ فقَذَفَ يونانَ إلَى البَرِّ.”

نص التأمل

من جوف الحوت

التَفَّ عُشبُ البحرِ برأسي. َزَلتُ إلَى أسافِلِ الجِبالِ…ثُمَّ أصعَدتَ مِنَ الوَهدَةِ حَياتي أيُّها الرَّبُّ

تختلف اوضاع الصلاة واماكنها حسب الأديان والطوائف والأزمان

لكن ابدا لم تسمع في الأرض صلاة كصلاة يونان

ارجو إعادة قراءة النص، إنه وصف تفصيلي لرجل في غواصة شفافة

يشعر بالضغط الهائل للمياه كلما غاص إلى العمق ويرى أعماق الجبال من الأسفل

يتنفس في بطن الحوت لأن معدة الحوت لا يمكن علميا وعمليا ان تمليء وإلا نفق وغرق

فهناك كمية من الهواء تكفي للبقاء سابحا وكمية من المياه تكفي للطفو والتنفس…

ولا تبدأ عملية الهضم في هذه النوعية من الكائنات فورا كالبشر بل تأخذ اياماً

إلى جانب العناية الإلهية التي حركت الحوت وارسلته

فهو كحوت لم يك في عملية صيد وقنص

بل كان رسولا ومنفذا لإرادة إلهية قاومتها وعصتها إرادة يونان البشرية

ما علينا من الحوت فلنعد إلى يونان وخواطره في هذه الرحلة العجيبة:

دَعَوْتُ مِنْ ضيقي الرَّبَّ: بالطبع ليس هناك ضيقة أبشع من ان تكون في طريقك كي تُهضم بعدما تم ابتلاعك

فاستَجابَني: الفاء للإستئناف أي أن نتيجة الدعوة المباشرة كانت الإستجابة وهي في صيغة الماضي وليس المستقبل!

صَرَختُ مِنْ جَوْفِ الهاويَةِ: جوف الهاوية ..رهيب ليست الهاوية فحسب بل اعماق جوفها من يسمعك وقد إبتُلعت

فسَمِعتَ صوتي: غريب إحساسك كيف علمت انه يسمع بل وقد سمع صوت صرختك!!!!

لأنَّكَ طَرَحتَني في العُمقِ في قَلبِ البِحارِ:: الرب هو فاعل هذا وليس آخر غيره هو أراد

فأحاطَ بي نهرٌ : ما علاقة البحر بالنهر …تعبيرعن قوة اندفاع المياه في اتجاه جوف الحوت مع حركة الإبتلاع

جازَتْ فوقي جميعُ تيّاراتِكَ ولُجَجِكَ: فوقي بمعنى أنه في الأسفل في العماق لكنه يشعر بشدة اللجج والتيارات

فقُلتُ: قد طُرِدتُ مِنْ أمامِ عَينَيكَ: تعبير عن النهاية والموت فالوجود امامه حياة والبعد عنه موت وفناء

ولكنني أعودُ أنظُرُ إلَى هيكلِ قُدسِكَ: ما هذا الخيال ايها النبي، لعله تأثير الضغط في قاع البحر! عن أي هيكل تتحدث

قد اكتَنَفَتني مياهٌ إلَى النَّفسِ:  مازالت هناك إمكانية التنفس

أحاطَ بي غَمرٌ: الغمر هو المياه الكثيرة وقد ورد في سفر التكوين لوصف الأرض قبل عملية الخلق

التَفَّ عُشبُ البحرِ برأسي: وصف تفصيلي لعالم البحار ، فالحوت كل شيء يبتلع في طريقه ويترك عملية الهضم للمعدة

نَزَلتُ إلَى أسافِلِ الجِبالِ: صورة مجسمة من موقع الحدث وإرسال مباشر من أعماق البحار حيث ابتلعه الغمر

مَغاليقُ الأرضِ علَيَّ إلَى الأبدِ: هناك شعور باليأس للحظة مما دفعه  ليتساءل هل هذه النهاية استغلق الهاوية فاها؟

 ثُمَّ: ثم هل انتهى الحدث؟

أصعَدتَ: اصعدت هل القصة في الماضي؟ انت ما زلت في بطن الحوت لكن بصلاتك وايمانك تحقق المراد

مِنَ الوَهدَةِ حَياتي: فتعود إلى الحياة من الهاوية من الغمر من اللجج من جوف الحوت وتولد من جديد

أيُّها الرَّبُّ إلَهي: ومن آخر يمكن ان تتخيل ان يسمعك من حيث انت ” انت بين يدي ربك” فان لم يسمعك فوداعا يونان

حينَ أعيَتْ فيَّ نَفسي ذَكَرتُ الرَّبَّ: أما كان يحب أن تتذكره قبلا وتتبع مشيئته وتنفذ ما طلبه منك قبل ان تعيي؟

فجاءَتْ إلَيكَ صَلاتي: ما يعجبني ويدهشني هو تلك الثقة انه هناك وقدسمع صلاتك وبلغت إليه رسالتك من عمق اليم

إلَى هيكلِ قُدسِكَ: مقر الله على الأرض منذ أنشا سليمان الهيكل وفيه يتلقى كل الطلبات حتى من الخطأة

الذينَ يُراعونَ أباطيلَ كاذِبَةً يترُكونَ نِعمَتَهُمْ: يقارن حياته بحياة الأشرار ويأبى ان يكون مثلهم

أمّا أنا: طوبى لإيمانك ايها البار فمازلت بعد في بطن الحوت تحاول العيش لكنك واثق أن من تدعوه وتناجيه سينقذك

فبصوتِ الحَمدِ أذبَحُ لكَ، وأوفي بما نَذَرتُهُ: بل وستقف أمامه في الهيكل وترنم بالحمد وتقدم ذبيحة وتوفي العلي نذورك

للرَّبِّ الخَلاصُ: طبعا ومن غيره يخلص…ملعون من اتكل على زراع بشر.