نعمة الله تغفر وتحرر

نعمة الله تغفر وتحرر

مثل الفريسي والعشار

الاب انطونيوس مقار ابراهيم – راعي الاقباط الكاثوليك- في لبنان

نص الانجيل (لوقا 18: 9-14).

وَقَالَ لِقَوْمٍ وَاثِقِينَ بِأَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ أَبْرَارٌ، وَيَحْتَقِرُونَ الآخَرِينَ هذَا الْمَثَلَ: إِنْسَانَانِ صَعِدَا إِلَى الْهَيْكَلِ لِيُصَلِّيَا، وَاحِدٌ فَرِّيسِيٌّ وَالآخَرُ عَشَّارٌ. أَمَّا الْفَرِّيسِيُّ فَوَقَفَ يُصَلِّي فِي نَفْسِهِ هكَذَا: اَللّهُمَّ أَنَا أَشْكُرُكَ أَنِّي لَسْتُ مِثْلَ بَاقِي النَّاسِ الْخَاطِفِينَ الظَّالِمِينَ الزُّنَاةِ، وَلاَ مِثْلَ هذَا الْعَشَّارِ. أَصُومُ مَرَّتَيْنِ فِي الأُسْبُوعِ، وَأُعَشِّرُ كُلَّ مَا أَقْتَنِيهِ. وَأَمَّا الْعَشَّارُ فَوَقَفَ مِنْ بَعِيدٍ، لاَ يَشَاءُ أَنْ يَرْفَعَ عَيْنَيْهِ نَحْوَ السَّمَاءِ، بَلْ قَرَعَ عَلَى صَدْرِهِ قَائِلاً: اللّهُمَّ ارْحَمْنِي، أَنَا الْخَاطِئَ. أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ هذَا نَزَلَ إِلَى بَيْتِهِ مُبَرَّرًا دُونَ ذَاكَ، لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَرْفَعُ نَفْسَهُ يَتَّضِعُ، وَمَنْ يَضَعُ نَفْسَهُ يَرْتَفِعُ»

 مقدمة
تكشف بعض الامثال الواردة في انجيل لوقا، عن شمولية دعوة الله لكل البشر ولا سيما للفقراء والمساكين فالجميع مدعوون لدخول ملكوت الله كما تكشف لنا أن محبة الله تضم الناس جميعهم فهو الاله المحب والديَّان الرحيم[1]

مثل المديونين 7: 41-43 السامري الصالح 10: 25-37 ، الصديق اللجوج 11: 5-8 ، الغني الجاهل 12: 16- 21، التينة التي لا تثمر 6:13-9 الدخول من الباب الضيِّق واغلاقه 13: 24- 31 الاماكن على المائدة 14: 7- 11 برج الفلاح وحرب الملك 28:14-30 مثل الدرهم الضائع 6:15 -8 الاب الرحيم (الابن الشاطر) 15: 11-32 الوكيل الخائن 16: 1-8 لعازر والغني 16: 19- 31 العبد الذي لا يستحق 7:17-10 قاضي الظلم 18: 5-8  الفريسي والعشار 18: 9- 14. كما يتميز إنجيل لوقا في بعض الامثال بالثنائيات التي تبدو ظاهريًّا بدون لا فوارق، ولكن يوجد في حقيقة الامر  فارق جوهري مثل: المديونان (ص7)، والابنان (ص15) والمذنبان (ص23).  وفي مثلنا إنسانان.  هناك أوجه تشابه في الظاهر: كلاهما في الأصل إنسان، وفي ذات المكان (الهيكل)، والاثنان يصليان. أما في الجوهر فهناك اختلاف كبير.  فالوجود في مكان العبادة ليس دليلاً على الإيمان، ولا واسطة لنوال التبرير والغفران. فليس كل من يقول لى: يا رب، يا رب يدخل ملكوت السماوات.انما اذا اراد الانسان  الخلاص فعليه ان يرفع قلبة بانسحاق وخشوع يتوسل الخلاص من الله .

أمامنا واحد من الأمثال التي تُكلِّمنا عن نعمة الله الغافرة والمحررة، والتي تخلِّص وتبرِّر الخاطئ فقط عندما يأتي امام الله معترفاً بخطاياه، طالباً رحمته وغفرانه. “يا رب جميع ما أخطانا به اليك في هذا اليوم إن كان بالفعل او بالفكر او بالاهمال فاغفر واصفح لأجل اسمك القدوس[2]  وفي هذا المثل يتبين لنا الفارق بين كل ما هو ظاهر وما هو جوهري فيبدأ يسوع بالكلام عن قومٍ واثقينَ بأنفسهم أنّهم أبرار ويحتقرون الآخرين ويتحدث عن سيرة حياة شخصين، وعن نوعين من التعبد، وشكلين من الصلاة، وعن نتائج متباينة. ثم كان حكمه عليهما صريح ومزلزل وغير متوقع بالنسبة إلى مسامع الكتبة والفريسين فنطق بتبرير العشار الخاطئ الذي وقف بعيداً وقال “اللهم أرحمني انا الخاطيء” وأدان الفريسي المتدين المتباهي بحاله. أتى حكم يسوع بحسب نظرة الكتبة والفريسيين الذين كانوا يسمعونه جيداً ويحافظون على تطبيق نص الشريعة القائل “أذا وقعت خصومة بين أناس ومثلوا امام القضاء فليَحكمِ القضاء بينهم يُبَرئوا البارّ ويحكموا على المذنب” (تث 1:25).وفي الإطار عينه يقول سفر الامثال “مبرّر المذنب ومذّنب البريء كلاهما مكرهة الرب” (أم 15:17 السؤال هنا هو هل الله يبرّر الأشرار؟ الجواب ربما يفعل ذلك انطلاقاً من باب مراحمه الواسعة وفيض حنانه وبركاته وهو من لا يشاء موت الخاطئ مثلما ان يرجع ويحيا.

من هو الفريسي ؟ (رفعَ نفسه فتكبَّر وأُدين)

كلمة “فرِّيسي” كلمة عبريَّة تعني “المُعتزل” و”المُبتعد” عن الخطأة رجلٌ يهودي ينتسب إلى جماعةٍ دينية يهودية تحفظ الشريعة وتعلِّمها للشعب وتفرض على أعضائها أن يعتزلوا عن الناس الذين تعتبرهم خطأة، وتدعوهم إلى التمسُّك التامّ بأحكام الشريعة الموسويَّة وبفرائض سُنَّة الأقدمين، كالوضوء الكثير، وغسل الأسرَّة، والامتناع كُليَّاً عن العمل في يوم السبت، وأداء عُشْر دخلهم إلى الهيكل، والامتناع عن تناول بعض اللحوم النجسة، وغير ذلك من الأعمال التي تصفها بالتديُّن. ليس فيها صلة حقيقية مع الله، وهكذا يُظهر لنا هذا الفريسي انه راضٍ عن نفسه ويقول امام الله انه يشكره لانه ليس مثل هؤلاء الناس الخطأة الظالمين الفاسقين ولا مثل هذا العشار. انه ينظر من فوق ويعتبر الناس جميعًا خطأة، لكنه يظن نفسه مبرراً، وهو الغني بذاته المستغني عن الله. يرفع دعواه أمام محكمة السماء مظهراً تقواه وممارساته الدينية وأعماله الحسنة، هو الذي ضمن الله الى جانبه. يهتم بالمظهر من دون الجوهر لذلك امتلأ قلبه بالكبرياء والافتخار وطلب المجد والكرامة من الناس. مظهر خارجي لامع وجوهر داخلي فاسد. واكبر خطيئة يقترفها انه يحتفر الآخرين، انه يتكبر ويتعالى وينتفخ. هو بالحقيقة ليس بحاجة الى ان يُظهر امام الله أعماله الصالحة التي يعرفها الله، هو بحاجة لان يتوب وان يتواضع وان يتخشع ويطلب الرحمة كما فعل العشار

 من هو العشَّار؟ (وضع نفسه  فارتفع وتبررَ)

العشَّار هو يهودي. كان يجمع الضرائب والرسومَ المقدَّرة بعُشْرِ الدخل من أبناء وطنه. كره اليهود العشَّارين لأجل تعاونهم مع السلطة الرومانيَّة المُستَعمِرة ويختلسون اموال الناس فكلمة “عشَّار” كانت عند الشعب اليهودي مرادفة لكلمة “خاطئ” أيْ لصّ وخائن اجل هذا كان معتبرا مثالاً للخطأة في نظر اليهود مع هذا نراه يأتي هنا كتائب وهذا هو المهم. صحيح انه كان خاطئاً لكنه الآن قد تغير. ذهنيته كلها تغيرت كما تنسيته.

الفريسي وصلاته

دخل الهيكل واقترب من المَقدِس مُعتَمِدًا على بِرّه متباهياً بصفاته امام الله، ولم ير في نفسه سوى الصفات الحسنة والاخلاق الجيدة والتمسك بالشريعة ورسومها. وبدلاً من أن يَزِن نفسه بموازين الله ليرى مدى شروره ومعاصيه، قارن نفسه بالآخرين وافتخر بأنه أفضل منهم. لم يطلب من الله شيئًا، لذلك لم يَنَل منه شيئًا.

جعله كبرياؤه الديني المرتبط بالأصوام والصلوات والصدقات يحسب نفسه أفضل من الناس كلهم، بل وينتقد فيهم الشرور والخطايا. هو في نظر نفسه  من الأصحاء الذين لا يحتاجون إلى طبيب، ومن الأبرار غير المحتاجين إلى التوبة. (متى9: 12 ،13) مجدّ في صلاته نفسه وليس الله، متكبراً ومتعالياً في ذاته متناسياً أن الله يقاوم المستكبرين ويرفع المتواضعين.

العشار وصلاته

تمثل صلاة العشَّار التائب المتواضع إقرارًا إيمانيًا بضرورة الاعتراف بأننا خطأة وضعفاء وبأننا نتمرد على عظمة الله وجلاله بارتكابنا الخطيئة. وننسى ما قاساه يسوع من عذابات وإهانات فهو من تألم ومات لأجل خلاصنا من الخطيئة ومنحنا الحياة الابدية. وقف العشار الخاطئ يسأل رحمة الله وحنانه وغفرانه ملتمساً بتواضع نعمة التوبة الحقيقة الصادقة التي تُقدِّس حياتنا أمام عينَيْ الرب. السلوك في طريق الحياة الجديدة طريق نعمة الله بممارسة الفضائل المسيحيَّة والأخلاق الصالحة لنخلع “الإنسان القديم ونلبس الإنسان الجديد” (أفسس 4/22-24)هذا الانسان شعر في داخل ذاته أنه ليس اهلاً لأن يخاطب الله أو أن يتكلم معه سوى قوله ” ارحمني يا رب فأنا رجلٌ خاطئ لذا وقف بعيدًا عن محضر الله بسبب الخطية كآدم الذي طُرد من الجنة وطرح خارجاً. جاء هذا العشار برغبة داوود النبي قارعاً على صدره أي قلبه فمن الداخل  تخرج أفكار الزنى والفسق والقتل والسرقة والطمع والخبث والمكر والتجديف والكبرياء والجهل. تخرج هذه الشرور جميعها من الداخل وتنجس الإنسان» (مرقس7: 21-23). يطلب داوود الرحمة “أرحمني يا الله كعظيم رحمتك وكمثل كثرة رأفتك: ويتابع ب القول «أما أنا فبكثرة رحمتك أدخل بيتك. أسجد في هيكل قدسك بخوفك» (مز5: 4) كانت صلاته قصيرة كصلاة اللص التائب على الصليب “أذكرني يا رب متى جئت في ملكوتك فاستحق الجواب “اليوم تكون معي في الفردوس”. لم ينظر العشّار إلى الآخرين بل أدان نفسه بمعيار الله وأدرك انه كان مذنبا خاطئا واعتمد بالكامل على رحمة الله عكس الفريسي الذي اعتمد بالكامل على نفسه وعلى أعماله. صلى العشار  الى الله السخي المعطي أكثر مما نطلب أو نفتكر، صلاة خارجة من قلب مُتَّضع ومُنسَحِق، فصعدت إلى السماء وفي الحال نزلت الاستجابة رحمة ونعمة وتبريرًا وإيمانًا وعاد الى بيته مبرراً .

ماذا نتعلم من هذا المثل؟

نتعلم أن نتوجه الى الله بصفته وحده سامع كل صلاة ومستجيبًا لها وهو وحده القادر على كل شيء فَبه كان كل شيء وبغيره لم يكن شيء مما كان، فيه كانت الحياة والحياة كانت نورًا للناس  والمستحيل عند الناس هو غير مستحيل عند الله.

نحن مدعون اليوم إلى أن تكون صلاتنا بانسحاق وخشوع وليس بكبرياء وتعاظم وشموخ، وأن نصلي في كل مكان وكل زمان معترفين ومقرين بذنوبنا وخطايانا، ونثق فيه وحده هو من هو القدرة والمجد والسلطان على مغفرة الخطايا. فالله لا يحبّ الخطيئة ولا يمتدحها، إنما يحبّ الخاطئ ويقيم وزنًا لأمانته وصدقه في توبته. المهمّ هو أن ندرك  تماماً أنّنا بحاجة دائمة إلى الغفران والرحمة، لأنّنا لسنا كاملين بالرغم من دعوته لنا إلى أن نكون كاملين. هناك دومًا ما يستحقّ الحضور الإراديّ الصادق المتجرّد أمام الحبيب، كما نحن، علينا أن نتقدم منه خالعين ثوب العالم وشهواته ومظاهر الجسد وتعاظم المعيشة، حريصين على توبتنا أمامه، سالكين في درب النور، مستعدين لحمل إنجيله من دون حياء، جاهزين ومسلحين بسلاح الله الكامل ولابسين خوذة الخلاص ودرع الايمان.

احبائي ان حالتنا هي حالة الفريسي و العشار نفسها فنحن بالرغم من كل صفاتنا الحسنة و أعمالنا الجيدة (حالة الفريسي)،نحن خطاة و منفصلين عن الله بسبب خطايانا و محكوم علينا بالموت(حالة العشار).

 لكن هل نكون كالفريسي فنختبئ وراء أعمالنا ونتباهى بها امام الناس ونحتقرهم؟ هذا امر لم ولن يجدي نفعاً و لن يخلصنا و لن يصالحنا مع الله. لا بل إنه يجلب علينا الدينونة. أم نكون كالعشار فنأتي الى الله ونقف امامه بانسحاق قلب وبواضع ونعترف بكثرة خطايانا وبالحاجة الى محبة الله ورحمته لتفيض في قلوبنا بالمغفرة . لن تفيدنا اعمالنا مهما كانت حسنة وجيدة ومطلوبة منا طالما هي خالية من المحبة والاتضاع

وقفه مع الذات:

احبائي نملك في داخلنا الفريسي والعشار فإن كنا نريد أن ننال الحياة ويفيض الله فينا بروحه علينا أن لا نفتخر أو نتكابر وأن نأتي إليه وننحني امامه ونسكب ذاتنا ونقدم له اعمالنا وافكارنا ومشاريعنا واضعين حملنا كله عليه معترفين بالحمد والشكرٍ بنعمه وعطاياه، مقرين بذنوبنا، ناظرين الى الصليب حيث قدم يسوع ذاته لأجلنا وهناك على الصليب طُعن بالحربة فسال منه الماء والدم لطهارة نفوسنا من كل دنس الخطيئة ومنحنا الحياة بموته وقيامته وهذا ما نرجوه فنحن “ننتظر قيامة الاموات وحياة الدهر الآتي.”

علينا أن نتحلى بروح الاتضاع وأن لا ندع الخطيئة تجرنا الى الكبرياء وفي الوقت عينه أن لا نسمح للخطيئة  بأن تشعرنا بأننا لاشيء ولا قيمة لنا. مطلوبٌ منا بالحري أن نلتجئ دائمًا الى الله فهو من يغفر لنا خطايانا وهو من يمنحنا النعم والبركات لأنه الرازق والمعطي لذا فلنسبحه ونشكره ونمجده كل حين ونرفع اليه صلاتنا ليلاً ونهاراً ونجعل كلامه تلاوتنا على الدوام. دعونا نقر بضعفنا ونعترف بخطيئتنا كما فعل العشار من دون ان نتوقف هنا بل نشرع أبوابنا لعمل الله فينا فو لا يدعونا إلى ما لا يمكننا أن نكونه وإن طلب منا الكمال فلأن بإمكاننا أن نكون كاملين كما هو فنكتمل من فيض كماله لأن الأب يريد خير أولاده وإن بقي هو على أبوته.  
صحيح أن الفريسي دخل الهيكل ليصلي لكن صلاته كانت متمحورة حول ذاته، وبدل من أن يقرأ ذاته امام الله ليشكره قرأ ذاته امام نفسه ليسمو بذاته فوق الاخرين وكأنه في صلاته يهنئ نفسه. ليت كل واحد منا ينظر الى نفسه ويحسب ذاته آخر الكل مهما بلغ من درجات الفضيلة والنمو او المكانة والمركز، فالتعالي والتشامخ يسقطان صاحبهما إلى قاع الارض بينما يرفع الاتضاع صاحبه من هاوية الخطايا.
 ربما كان الفريسي محقًا فيما قاله في صلّاته وفي الواقع هو لم يكذب، لكنه حسب ان كل ما هو فيه وما يملكه أتى منه شخصياً ولا فضل لله فيما رُزق ووُهب. يريد الله الرحمة لا الذبيحة ولا يريد أن نذكره بفضائلنا واعمالنا الحسنة وبصفاتنا الجميلة، هو يعرفها، بل يريد أن نذكر له ضعفنا وخطايانا واحتياجاتنا كي يغفر ويرحم ويبرر ويحرر فلا داعي، اخوتي، إلى أن نسرد محاسن حياتنا امامه ولنلاحظ قول الرب لملاك كنيسة أفسس “أنا عارف أعمالك وتعبك وصبرك..” (رؤ2:2-3) أي لا داعي إلى أن تذكرني بأعمالك فأنا أعرفها. لا داعي إلى أن نقف أمام الله ونضع الأكاليل على رؤوسنا، بل ننتظر الحكم من الله، علينا أن نقول مع داوود النبي”خطيئتي أمامي في كل حين” ومن يذكر خطاياه ويتضع ينساها له الله.
عمومًا ما يجعل الإنسان ينساق وراء فكر الكبرياء، هو أن تكون له مواهب كثيرة ولكن فلنفكر هكذا [1] كل عطية صالحة هي من عند الله (يع17:1) إذًا فلنشكر على ما عندنا [2] المواهب كلها التي لي هي وزنات، وبقدر ما عندي من مواهب ووزنات، فأنا مطالب بأكثر فلنطلب عون الله إذا اكتشفنا أن لنا مواهب كثيرة.
حمل هذا المثل أخيرًا صورة رمزية عامة. يمثل الفريسي بوجه عام جماعة اليهود الذين حسبوا أنفسهم أبرارًا بالناموس من دون سواهم، أما العشار فيشير إلى جماعة الأمم التي اشتاقت إلى الخلاص رغم فقرها في المعرفة، وحرمانها من كل ما سبق فتمتع به اليهود من عهود ووعود وشريعة ونبوات[3] .
اخي الحبيب :
هل جلست مع نفسك قبل ذهابك إلي الهيكل؟ هل شعرت انك حقاً مشتاق الى لقاء الرب يسوع؟ هل التوبة هدف في حياتك أردت ان تحققه؟ هل انت مستعد أن تقف مع ذاتك وتقول بوضوح وصراحة من أنت كما فعل العشار وحقق هدف التوبة بقولة “أللهم أرحمني انا الخاطئ”. أنظر إلى الرب يسوع فتجده يفيض في قلبك بالحب والحنان ويقول لك ” من يقبل إلي لا أخرجه خارجا ” ( يو6 :37 )  .

 

 

——————————————————————————–

[1] -عن مقال للمتنيح الخوري داوود كوكباني تحت عنوان تعليم الامثال في انجيل القديس لوقا ضمن سلسلة دراسات بيبلية في الاناجيل الازائية من اشراف الاب بولس الفغالي

[2] من صلاة طلب المغفرة في الليتورجيا القبطية- 

[3] من تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي لانجيل القديس لوقا الفصل 18-