رسالة البطريرك فؤاد بطرس الطوال في عيد الميلاد المجيد 2010

أحيي جميع الصحفيين الحاضرين هنا واشكرهم على دورهم الإعلامي وعن دفاعهم عن حقيقة الحدث وقدسية الحقيقة، وأحييكم بكلمات رسالة السينودس الذي أقر بالدور الريادي للصحفيين: "إننا نقدّر دور وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية. ونشكركم أيها الإعلاميون والإعلاميات على تعاونكم مع الكنيسة في نشر تعاليمها وأخبارها" (رسالة السينودس 4 – 4).

 

أود بمناسبة الأعياد الميلادية ورأس السنة أن أقدم أفضل تمنياتنا لجميع سكان الأرض المقدسة: الأردن وفلسطين وإسرائيل. وأرغب في هذه الرسالة أن أتذكر حوادث العام الماضي بحلوها ومرها، وأن نفكر باستقبال عام جديد بكل ما يحويه من آمال ومخاوف.

 

أحيي الأساقفة الحاضرين هنا، سيادة المطران جاشينتو ماركوتسو، النائب البطريركي في إسرائيل، والأسقف الجديد والنائب البطريركي للقدس والأراضي الفلسطينية، المطران وليم شوملي الذي سيم أسقفاً في شهر أيار الماضي والذي يضع طاقاته الجديدة في خدمة الأرض المقدسة. كما أحيي الأب ديفيد نيوهاوس، النائب البطريركي في إسرائيل للجماعة المسيحية الناطقة بالعبرية وأشكر له خدماته الجلية.

 

كما فعلت في العام المنصرم أرغب أن أُقَيِّم الأحداث التي عشناها في هذه المنطقة من العالم، وسأركز على النقاط الإيجابية بدون أن أغفل عن الآلام والمخاوف التي تساورنا:

 

1) نشكر قداسة البابا لإقامة سينودس الأساقفة من أجل الشرق الأوسط، في روما من 10 إلى 23 أكتوبر. وضعنا خلاله يدنا على جراحنا الدينية والبشرية والسياسية. كما أعلنّا للملأ التزام المؤمنين بروح الانتماء لكنيستهم وأوطانهم دون خوف او قنط. فلا نركز على العدد، بل على الحضور والدعوة للتعاون والمشاركة والدور الرائد المطلوب منّا، والعمل مع سكان المنطقة لما فيه المصلحة العامة. ولقد ركّز السينودس على أهمية الحوار المسكوني والحوار ما بين الأديان ونتمنى أن يقوى هذا الحوار ليس فقط على مستوى الأكاديميين ورجال الفكر، ولكن أن يتحول إلى حوار حياة لمختلف طبقات المجتمع. ندد السينودس بكل ما يُعاكس هذا الحوار وهو "العنف والإرهاب من أي جهة أتى وبكل تطرف ديني." وشجب كل أشكال العنصرية – اللاسامية واللامسيحية والاسلاموفوبيا" (رسالة السينودس 11).

 

2) لقد ازداد بشكل ملحوظ عدد السياح والحجاج إلى الأراضي المقدسة. مع نهاية شهر تشرين الثاني 2010 بلغ العدد ثلاثة ملايين وسوف يرتفع ليصل ثلاثة ملايين و400 ألف زائر، مع نهاية هذا العام وهو رقم قياسي بالنسبة للسنوات الماضية. وإن دل ذلك على شيء فإنما يدل على البُعد الشامل لمدينة القدس وبيت لحم والناصرة ولحسن الاستقبال الذي يقوم به سكان وشعوب هذه المنطقة وكنائسها ووزارة السياحة فيها.

 

3) أريد أن أشير إلى تحسن ملحوظ في مواضيع تأشيرات دخول للرهبان والراهبات والإكليريكيين والمتطوعين. وأريد أن اشكر كل الذين بذلوا جهدا للوصول إلى هذه النتيجة. ونبقى بانتظار تحسن الاوضاع على نقاط التفتيش المختلفة.

 

4) في السابع من هذا الشهر بدأت المحادثات الثنائية بين الكرسي الرسولي ومنظمة التحرير الفلسطينية لتنفيذ الاتفاقية الثنائية التي وقعت عام 2000 حول الكنيسة الكاثوليكية في الأراضي الفلسطينية والمواضيع المالية والضريبية. نحن نصلي من اجل نجاح هذه الاتفاقيات.

 

5) في شهر نوفمبر تشرين الثاني الماضي قمت بزيارة بعض دول أمريكا الجنوبية منها الأرجنتين والتشيلي وكولومبيا وهندوراس. وكان لي لقاءات مع أساقفة هذه البلاد والسلطات المدنية العليا ومع الجالية العربية من أصل فلسطيني ويبلغ عدد أفرادها في تشيلي فقط أكثر من 400، ألف معظمهم من منطقة بيت لحم. وكانوا قد هاجروا بين السنوات 1900 و1950 بسبب الصعوبات الاقتصادية والأمنية. لقد دعوتهم لزيارتنا، وهم مستعدون لأن يدعموا مشاريع أخوتهم في الأرض المقدسة. ومن بين مشاريع البطريركية اللاتينية الحالية أريد أن أذكر مستشفى جبل داود الجديد الذي سيحمل اسم "بندكتس السادس عشر" وجامعة مادبا التي ستفتح أبوابها في تشرين أول القادم، وكنيسة المغطس على نهر الأردن ذكرى لعماد السيد المسيح.

 

6) لقد شعرنا بقلق كبير للحريق الهائل الذي التهم غابات ومساحات شاسعة في منطقة حيفا. نقدم عزاءنا لعائلات ضحايا هذا الحريق ونعبر عن إعجابنا بشجاعة الذين قضوا حتفهم وهم يقومون بواجبهم. كان هذا الحدث المحزن مناسبة لتضامن دولي كبير. ونحن نُشيد بدور السلطة الوطنية الفلسطينية التي وضعت كل طاقاتها لإطفاء الحريق ونأمل أن يكون هذا التعاون بذرة لتعاون أكبر متى تمت المصالحة بين الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي بحلول سلام عادل ودائم.

 

7) لقد تألمنا لفشل المحادثات المباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين. لا يجوز أن نتوقف عند هذا الفشل أو نشعر باليأس. اذ نؤمن بأن هنالك رجالا ذوي إرادة طيبة من الطرفين ومن الجماعة الدولية يريدون وضع طاقاتهم في خدمة السلام. ونأمل أن يكون لأوروبا دور أكبر في مسيرة السلام.

 

واذ نؤمن بأن لا شيء مستحيل لدى الله، نتمنى أن تتحقق رسالة الميلاد، "المجدُ لله في العلى وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة".

 

8) لقد صُعِقنا للمذبحة التي تمت في بغداد داخل كنيسة سيدة النجاة، والضحايا الذين سقطوا هم امتداد لآلاف ضحايا العنف والأصولية التي تضرب أينما كان. أتبنى عن طيبة خاطر كلمات البابا بندكتوس السادس عشر: "أجدد ندائي كي تكون تضحية هؤلاء الأخوة والأخوات بذرة سلام وولادة جديدة وكي يجد جميع الذين يعملون من أجل المصالحة والتآخي والتضامن دافعا للعمل من أجل تحقيق الخير."

 

أيها الأصدقاء أريد أن أنهي رسالتي متمنيا أن يستتب السلام وأن تتم المصالحة بين الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني.

 

فلتغمركم أفراح الميلاد وكل عام وأنتم بخير.