متطلبات الحركة المسكونية

 

مقابلة مع أمين سر مجلس الوحدة الفاتيكاني

روما، الأربعاء 05 أكتوبر 2011 (Zenit.org)

إن صلاة المسيح خلال العشاء السري توضح مشيئته بأن تكون كنيسته متحدة. لكن الحركة المسكونية هي اكتشاف "كيفية وجوب فهم وتحقيق مشيئة المسيح هذه".

هذه هي الأفكار التي قدمها الأسقف براين فاريل، أمين سر المجلس الحبري لتعزيز وحدة المسيحيين.

تحدث الأسقف فاريل البالغ من العمر 67 عاماً إلى البرنامج التلفزيوني "حيث يبكي الله" الذي تنتجه الشبكة الكاثوليكية للإعلام المرئي والمسموع بالتعاون مع عون الكنيسة المتألمة.

س: صاحب السيادة، أنتم مواطن إيرلندي. كيف تتواجدون هنا في روما وتعملون لهذا المجلس؟

الأسقف فاريل: في البداية أردت أن أكون مرسلاً في أميركا اللاتينية، وانتهى بي المطاف في قضاء 25 سنة من حياتي هنا في روما. لقد كانت رحلة غريبة.

س: أنتم تعملون كأمين سر المجلس الحبري لتعزيز وحدة المسيحيين. هل كانت الوحدة دوماً مسألة عزيزة عليكم؟

الأسقف فاريل: أجل. ترعرعت مع أصدقاء أعزاء أنغليكان وميثوديين، ولطالما كنت مهتماً بمختلف أسباب عدم قدرتهم على المجيء إلى كنيستي وعدم قدرتي على الذهاب إلى كنيستهم، وبأسباب ضرورة وجود كنيستين مختلفتين. ولكن، كان ذلك اهتماماً طفولياً. عندما عدت إلى روما بعد عدة سنوات كنت فيها راهباً شاباً نشيطاً، كان يجب أن أختار موضوعاً لأطروحة الدكتوراه، فقررت اختيار شيء مرتبط بهذا المجال. حضرت الأطروحة في جامعة غريغوريانا، وقبل أن أنتهي منها أصبحت بمعنى ما كتاباً خال من الحياة، لأنني خلال تلك الفترة بدأت العمل في أمانة سر الدولة – في عالم مختلف كلياً – وبقيت هناك حتى نهاية حبرية البابا يوحنا بولس الثاني تقريباً. وكانت الأطروحة شبه منسية. وفجأة، في أحد الأيام، تحديداً قبل سنة ونصف من وفاة البابا، أرسلني لأكون أمين سر مجلس تعزيز وحدة المسيحيين، فعادت الأمور إلى سابق عهدها.

س: ما هي أهداف هذا المجلس؟

الأسقف فاريل: تأسس المجلس قبيل المجمع الفاتيكاني الثاني كأداة أراد من خلالها البابا يوحنا الثالث والعشرون أن يكون قلقه على وحدة الكنائس ضمن مناقشات المجمع الفاتيكاني الثاني. والمجلس الفاتيكاني الثاني، خلال الفترة التي كان فيها كل أساقفة العالم هنا، أدى دوراً فعالاً في ما أسميه تنشئة الأساقفة على الطبيعة الحقيقية للكنيسة وعلاقتنا الحقيقية مع كل المعمدين الذين كانوا يعتبرون عموماً قبل المجمع الفاتيكاني الثاني خارج الكنيسة. خلال سنوات المجمع الأربع، تعلم الأساقفة الكثير من خلال مناقشاتهم وحضور مراقبين من الكنائس الأرثوذكسية والجماعات البروتستانتية، حتى استطاعوا في نهاية السنوات الثلاث أن يؤكدوا عملياً وبالإجماع على وثيقة اعترفنا فيها بوجود شركة فعلية مع جميع المعمدين، مع جميع الكنائس والجماعات المسيحية الأخرى، شركة على الرغم من أنها غير تامة إلا أنها فعلية.

س: لقد جعل البابا بندكتس السادس عشر من هذا الحوار المسكوني – بخاصة مع الكنيسة الأرثوذكسية الروسية – أولوية في حبريته. لم هو أولوية لهذا البابا؟

الأسقف فاريل: دعني أبدأ بالتأكيد على وجود أولوية معينة مع الكنيسة الأرثوذكسية الروسية لأنها أكبر الكنائس الأرثوذكسية. لكن هذا الاهتمام والرغبة بشركة أعظم مع الأرثوذكس تشمل العالم الأرثوذكسي أجمع إذ أن حوارنا اللاهوتي مع الأرثوذكس لا يمكن إجراؤه مع كنائس أرثوذكسية مستقلة. لقد اتفقنا منذ البداية على وجوب إجرائه معها كلها لأنها كلها تشكل وحدة. لديها المبادئ عينها، والبنى عينها، ولديها التقليد عينه، والقيم الليتورجية عينها والجمال عينه. لذا، فهي تعمل كواحدة في الحوار اللاهوتي.

في غضون ذلك، تجمعنا علاقات ثنائية أو مباشرة مع كل من هذه الكنائس الأرثوذكسية المستقلة ومنذ المجمع الفاتيكاني الثاني، نمت هذه العلاقات بشكل كبير. كانت الوتيرة أسرع مع بعض الكنائس، وكانت العلاقة أعمق مع بعض الكنائس مقارنة بغيرها، وإنما نستطيع أن نقول أن هناك حالياً تواصلاً وتعاوناً وديين ومنفتحين ودائمين بشتى الطرق مع كافة الكنائس الأرثوذكسية من دون استثناء. عندما يقول البابا بندكتس السادس عشر أن الحوار مع الكنائس الأرثوذكسية هو فعلاً أولوية، فهذا واضح وإذا سألتموني عن السبب، سأذكر قربها الكبير منا. يجمعنا الإيمان عينه، والأسرار عينها، والخلافة الرسولية عينها؛ لذلك، نحن نعتبر أن كل أساقفتها وكهنتها هم أساقفة حقيقيون وكهنة حقيقيون. لذلك، قربنا منهم لا مثيل له مع أي جماعة مسيحية أخرى.

س: أين عجزنا عن بناء جسر؟ أين عجزنا عن بلوغ الوحدة؟

الأسقف فاريل: هذا سؤال تصعب الإجابة عنه بكلمات قليلة. فهو يتطلب مجلدات ومكتبات وسنوات من المناقشة لتحديد مكان وجودنا مع بعضنا البعض.

س: مضت حوالي ألفية من الانفصال…

الأسقف فاريل: سوف يستغرق وقتاً طويلاً تعلم العيش مع بعضنا البعض، والاعتراف ببعضنا البعض كإخوة وأخوات في الكنيسة عينها. وهذا يدفعني إلى إدراك عنصر بغاية الأهمية أعتبره ضرورياً جداً إذا أراد المرء أن يفهم المعنى الحقيقي للحركة المسكونية. الحركة المكسونية لا تشبه السياسات القائمة بين الحكومات والدولية حيث يوجد هدف مشترك ويمكن التوصل إلى تسويات حول كيفية بلوغ الهدف – حيث توجد استراتيجيات وتكتيكات وغيرها. الحركة المسكونية هي اكتشاف ما يريده الله وكيف يريده.

إننا نعلم أن مشيئة المسيح للكنيسة هي الوحدة؛ لقد صلى من أجل ذلك الليلة السابقة لموته. نحن نعلم أن هذه الوحدة انتهكت منذ البداية تقريباً. يقضي مجهودنا المسكوني بأن نكتشف اليوم كيف يجب أن تُفهم وتُحقق مشيئة المسيح هذه. كما يجب ألا يرتبط فقط بعلاقات شخصية. يجب أن يكون مرتبطاً بخاصة بما نسميه شركة. الشركة تعني المشاركة ومشاطرة كل هذه الهبات وكل هذه النعم التي نقلها المسيح للكنيسة من خلال الروح القدس. الحركة المسكونية هي أن نتلقى بشكل أفضل ما يريده المسيح أن يصبح مهماً في كنيسته. كما ترون، إنها مسألة عميقة وصعبة جداً. وهي لا تشمل فقط الفكر واللاهوت، وإنما بخاصة عيش الحياة المسيحية. تشمل بخاصة مدى عمق إيماننا.

في اليوم الذي سنجلس فيه معاً مع الأرثوذكس ونقول أن لا شيء يفرقنا، سنكون معاً وسيعتبر وجودنا معاً فعل إيمان. وإن حاولت تصور ذلك اليوم، أنا متأكد أنه سيكون نوعاً من الاحتفال الليتورجي العظيم الذي سنجاهر فيه بإيماننا. هذا يشمل الإنسان بكليته، يشمل حياتك؛ فتُلزم نفسك. من هنا، فإن الحركة المسكونية متطلبة جداً. إنها ليست فقط مسألة اتفاقيات هنا وهناك بين أفراد الكنيسة. هذا يعني أنه ينبغي على جسد الكنيسة بأسره أن يستوعب هذه الأمانة العظيمة للمسيح والإنجيل. هناك أعمال كثيرة لا بد من إنجازها.

***

هذه المقابلة أجراها مارك ريدمان لـ "حيث يبكي الله"، البرنامج التلفزيوني والإذاعي الأسبوعي الذي تنتجه الشبكة الكاثوليكية للإعلام المرئي والمسموع بالتعاون مع الجمعية الخيرية الكاثوليكية الدولية "عون الكنيسة المتألمة".

على شبكة الإنترنت: www.WhereGodWeeps.org